يُمثل الفلفل الحار إحدى أهم السلع الاقتصادية في العالم، وإضافة إلى كونه أحد أبرز المكونات الغذائية التي تُستخدم في بعض دول العالم كالهند، فإن للفلفل الحار العديد من الفوائد الصحية ، هذا وتواجه زراعة الفلفل الحار بعض التحديات كتعرض محصول الفلفل الحار لبعض الآفات الزراعية.[1]
الفلفل الحار
يُمثل الفلفل الحار (Chilli) (Capsicum annum L) أحد أهم المكونات التي تُستخدم في الطهي في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية على حد سواء، ويتصدر الفلفل المرتبة الرابعة بالنسبة لزراعته عالميًا، ويتوزع ما يقارب 400 نوع مختلف من الفلفل في أنحاء العالم، ومن أشهر أنواع الفلفل الحار النوع المسمى بكارولاينا ريبر(Carolina reap) وهو أكثر أنواع الفلفل حدة في الطعم،[1] وينتمي الفلفل الحار إلى العائلة الباذنجانية (Solanaceae)، وتتباين الأنواع المختلفة من الفلفل الحار في شكلها بدرجة كبيرة، وقد أدى هذا التنوع الهائل في أشكال الفلفل الحار إلى صعوبة في تصنيفها، لذا يُجرى تصنيف الفلفل الحار تبعًا لدرجة طعمه اللاذع، ولونه، ونكهته، واستخداماته، إضافة إلى شكل الثمار وحجمها لتسهيل توزيعها للأغراض التجارية.[2]
يُشار إلى أنّ النشأة الأولى لأصول نبات الفلفل الحار كانت في منطقة شمال حوض الأمازون، ومن خلال الانتشار الجغرافي الطبيعي ظهر الفلفل الحار كذلك في وسط وجنوب أمريكا، هذا ويُعتقد أنّ الفلفل الحار من النوع تشيلتيبين (Chiltepin pepper) كان النوع الأول الذي عرفه البشر، لذا يسميه البعض بالفلفل الحار الأم (Mother chili)، وقد عرفت بعض الحضارات القديمة كحضارة الإنكا (Inca) الفلفل الحار وعمدت إلى تداوله، بل تمادَت في تقديسها له إلى حدّ عبادته أيضًا، كما كانت حضارة الأزتيك (Aztec) مُغرمة بالفلفل الحار إذ أدخلته ضمن جميع وجباتها الغذائية، وكان لها السبق في صناعة أول شوكولاتة من الفلفل.[3]
زراعة الفلفل الحار وإنتاجه
استفاد البشر من أحد أنواع الفلفل الحار التي كانت تنمو بريًا في منطقة حوض الأمازون في إنتاج ثلاث سلالات رئيسية من الفلفل الحار، وقد عكف البشر في البداية إلى زراعة الفلفل الحار إلى جانب بعض المحاصيل الأخرى بُغية حماية هذه المحاصيل من التلف الذي قد تتسبب به العصافير، هذا ويعود الفضل في انتشار الفلفل الحار في الهند إلى رحلات الرحالة كولومبوس الذي جلب معه بذور الفلفل الحار من إسبانيا إلى أوروبا، ومنها إلى الهند،[1] وحاليًا تحتل الهند المركز الأول عالميًا بإنتاج الفلفل الحار وتصديره إلى العديد من البلدان، كالولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والمملكة المتحدة، والسعودية، وماليزيا، وألمانيا، وغيرها من دول العالم، وتُقدر نسبة إسهام الهند في الإنتاج العالمي للفلفل الحار ب 38%.[3]
تنمو الأنواع المختلفة من نبات الفلفل الحار كأعشاب أو كشجيرات صغيرة تصل لطول قد يبلغ 2.5 متر، وتمتلك ساقًا شديدة التفرع، ولها جذر رئيسي متين وبضعة جذور فرعية، والجدير بالذكر أنّ ثمار الفلفل الحار تُصنف ضمن مجموعة الخضراوات، ويُنظر إلى الفلفل الحار على أنه من المحاصيل المُعمرة التي يمكن زراعتها على مدار السنة، و تمثل الفترة الواقعة بين شهري كانون الأول وآذار موسم الحصاد الرئيسي للفلفل الحار، والذي يصل إلى ذروته بين شهري شباط ونسيان، ولا بُد من الإشارة إلى أنّ هناك بعض القيود التي تقف حائلًا أمام إنتاج الفلفل الحار في البلدان الاستوائية وشبه الاستوائية، وأبرزها تعرضه لمرض التبقع الفحمي (Anthracnose) الذي يتسبب بخسارة كبيرة في المحصول.[1]
القيمة الغذائية للفلفل الحار
يحتوي الفلفل الحار على وفرة من المعادن، كالبوتاسيوم، و الحديد، والمغنيسيوم، والكالسيوم، والفوسفور، وعلى عدد من الأحماض الأمينية التي يحتاجها الجسم للنمو، كما أنه يحتوي على مجموعة من الفيتامينات، كفيتامين (C)، وفيتامين (E)، ومجموعة فيتامين (B)،[4] ويمتاز الفلفل الحار بأنه أحد المصادر الرئيسية لمركبات الكاروتينويد (Carotenoids) وهي المركبات الخام التي يُصنع منها فيتامين (A)،[2] وهنا تبرز فوائد الفلفل الأحمر الحار، فهو يحتوي على كمية من فيتامين A تفوق الكمية الموجودة في الجزر، بينما تكمن فوائد الفلفل الأخضر الحار في احتوائه على كمية من فيتامين C تفوق تلك الموجودة في الحمضيات.[1]
يوجد في الفلفل الحار أيضًا بعض المركبات الفعالة وأبرزها مركب الكابسيسين (Capsaicin)، وهو من جُملة المركبات التي تمنح الفلفل الحار مذاقه المميز، وهو كذلك المسؤول عن شعور الإنسان بالحرقة بعد تناول الفلفل الحار بمدة قد تصل إلى بضعة ساعات في بعض الأحيان، كما يحتوي الفلفل الحار على بعض المركبات عديدة الفينولات (Polyphenolic compounds) كمركبات الكوارسيتين (Quercetin).[2]
فوائد الفلفل الحار وأضراره
يحتوي الفلفل الحار على كميات تتراوح بين المتوسطة والعالية من المركبات الكيميائية النباتية والتي تمنحه بعض الخواص العلاجية وما يُرافقها من فوائد الصحية،[2] من فوائد الفلفل الحار:
- فوائد الفلفل الحار للرجال: يُسهم الفلفل الحار في وقاية الرجال من الإصابة بسرطان البروستات، ويُعزى هذا الأثر إلى تمتعه بعدد من الخواص المضادة للأكسدة والمضادة للالتهاب.[3]
- فوائد الشطة: في دراسة نُشرت في مجلة (Medical Journal)، لوحظ أنّ تناول أصناف الأغذية الحارة، -ولا سيما الشطة المُصنعة من الفلفل الحار- يقلل من خطر الإصابة بالأورام السرطانية.[4]
- فوائد الفلفل الحار للمفاصل: يُمكن الاستفادة من الفلفل الحار في التخفيف من آلام المفاصل وذلك باستخدامه موضعيًا على الجلد.[3]
- فوائد الفلفل الحار للدوار: يُسهم الفلفل الحار في التخفيف من آلام الرأس والشقيقة[3]
- فوائد الفلفل الحار في إنقاص الوزن: في دراسة حديثة، لوحظ أنّ لمركب الكابسيسين الموجود في الفلفل الحار دور في عملية توليد الطاقة في الجسم (Thermogenesis)، مما يشير إلى أنّ استهلاك الفلفل الحار يزيد من كمية الطاقة التي يصرفها الجسم، وبالتالي فإنه يحافظ على الوزن وتجنب الإصابة بالسمنة.[2]
أما عن أضرار الفلفل الحار، فقد لوحظ أنّ مركب الكابسيسين الموجود في الفلفل الحار قد يسبب للبعض بحالة من التهاب الجلد التماسي (Contact Dermatitis)، ويُعد علاج حساسية الجلد من الفلفل الحار هذه صعبًا نوعًا ما لما تسببه من ألم مستمر،[5] ومن ناحية ثانية وضمن البحث عن أضرار الشطة المصنعة من الفلفل الحار لوحظ أنّ استهلاكها المفرط قد يرفع من خطر الإصابة بأمراض المرارة لدى شعوب بعض البلدان.[4]
استخدامات الفلفل الحار
يُستخدم الفلفل الحار كحبة كاملة أو مسحوقة في الطهي لاسيما عند إعداد المأكولات الهندية، فهو يسهم في إضفاء نكهة لاذعة مثيرة لبراعم التذوق.[1]
من الجدير بالذكر أن أُولى استخدامات الأولى للفلفل الحار كانت لأغراض طبية وذلك قبل أن يدخل كمكّون في الطهي، فاستخدمته الشعوب المايانية (Mayans) لعلاج الربو، والسعال، وآلام الحلق، وفي كولومبيا استخدمت مجموعات التوكانو (Tukano) الفلفل الحار في التخفيف من بعض أنواع دوار الرأس، كما مزجت بعض الشعوب الفلفل مع دقيق الذرة للحصول على منتج عرف باسم تشيلاتولي (Chillatolli) الذي درج استعماله كحمية علاجية لعلاج نزلات البرد، وقد استفاد الهنود في المكسيك من الفلفل الحار في علاج الجروح الملتهبة، كما لجأ البعض إلى هرس ثمار الفلفل الأحمر الحار، واستخدموها موضعيًا في علاج فطريات القدم الرياضي (Athlete’s foot fungus)، بالإضافة إلى ما سبق، استُخدم المشروب المُصنّع من مغلي ثمار الفلفل الأخضر في علاج لسعات الأفاعي.[2]
في بعض دول أوروبا كالبرتغال كانت تُجرى زراعة الفلفل الحار بدايةً في حدائق الأديرة للزينة، غير أنّ رجال الدين هناك اكتشفوا الخواص الحسية اللاذعة للفلفل الحار، فعمدوا إلى استخدامه كبديل زهيد الثمن للفلفل الأسود.[3]