دوالي الخصية: ما أسبابها؟ وأعراضها؟ وطرق علاجها؟

ما هي دوالي الخصية؟

قبل الشروع بتعريف دوالي الخصية لا بُدّ من فهم التشريح الدقيق للخصيتين والتغذية الدموية للمنطقة، الخصية هي الغُدة التناسُلية الذكريّة المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المَنوية، والهُرمونات الذُكورية (الأندروجين Androgen)، وتُحاط الخصيتان بغشاءٍ مرن يُدعى كيس الصَفن (Scrotum)، ويفصل بينهما الحاجِز الصفنيّ (Scrotal Septum)، تنقل شرايين الخصية الدم المُحمل بالأكسجين إلى الخصيتين، بينما يُصرّف الدم من الخصيتين عبر شبكة من الأوردة تقع في كل خصية، تُدعى الضفيرة الدوالية (Pampiniform Plexus) والتي تُشكّل الوريد الخصوي، يَصُب الوريد الخصوي الأيمن في الوريد الأجوف، بينما يَصُب الوريد الخصوي الأيسر في الوريد الكَلَويّ الأيسر.^[2]

تُعرّف دوالي الخصية على أنها تمدد وتضخم الشبكة الوريدية (الضفيرة الدوالية) في الخصية، وغالبًا ما تحدثُ في الخصية اليُسرى، ويرجع ذلك إلى التشريح الوريدي للخصيتين؛ فكما ذُكر سابقًا، يَصُب الوريد الخصوي الأيمن في الوريد الأجوف ويُعد مُنخفض الضغط نسبيًا إذا ما قُورنَ بالوريد الكلوي الأيسر الذي يَصبُ فيه الوريد الخصوي الأيسر، فارتفاع الضغط في الوريد الخصوي الأيسر يُسبب ظهور الدوالي فيها بنسبةٍ أعلى.^[3]

أعراض دوالي الخصية

غالبًا ما تكون دوالي الخصية دون أعراض،^[4] ولكن قد يشتكي بعض الذكور من مجموعة أعراض ودلالات تشير إلى الإصابة بها:

• الشعور بالألم، قد يكون الألم خفيفًا أو شديدًا، أو كنبضات في الخصيتين، أو كيس الصفن، أو أعلى الفخذ، ونادرًا ما يشعر المريض بألم حادٍ وشديد.^[4]
• ظهور الدوالي كما لو أنّها كيس من الديدان.^[5]
• ضمور الخصية المُصابة بالدوالي.^[6]

درجات دوالي الخصية

يُشخِّص الطبيب المختص دوالي الخصية من خلال إجراء عددٍ من الفحوصات، منها الفحص السريري للخصية بطريقة تُدعى مُناورة فالسالفا (Valsalva Maneuver)،^[6] وهي مُحاولةٍ إخراج الزفير من مجرى التنفس وهو مُغلق، ممّا يُسبب تغيُرات في الضغط داخل الصدر والبطن،^[7] كما تُجرى فحوصاتٍ أُخرى، كفحص الموجات فوق الصوتية غير الملونة (Grey‐Scale US)، وفحص دوبلر الفوق صوتيّ المُلون (Color Doppler US)،^[6] ويجب أن يتضمّن تقرير الأشعة فوق الصوتية معلوماتٍ هامة لتقييم حالة المريض، أبرزها:^[8]

• حجم الخصية وشكل أنسجتها.
• وجود تشوهات في الخصية والمنطقة المُحيطة بها، غير تلك المرتبطة بدوالي الخصية.
• تأكيد وجود دوالي الخصية وموقع الأوردة المُنتفخة.
• قُطر أكبر وريد، بصرف النظر عن موقعه، ويُقاس أثناء وقوف المريض، وأثناء فحص فالسالفا.
• تغيُرات تدفق الدم في الأوردة الموجودة في الخصية أثناء وقوف المريض، أو استلقائه، أو خلال فحص فالسالفا.

من نتائج الفحوصات السابقة تُحدد درجة دوالي الخصية بناءً على حجم تضخم الأوردة،^[6] وتُقسّم درجات دوالي الخصية بناءً على تصنيف العالِمَين دوبين وأميلار (Dubin and Amelar):^[9]

• الدرجة الأولى: يُمكن ملاحظة انتفاخ الأوردة فقط عند إجراء مُناورة فالسالفا.
• الدرجة الثانية: تكون دوالي الخصية ملموسة دون إجراء مناورة فالسالفا.
• الدرجة الثالثة: يمكن الشعور بدوالي الخصية ورؤيتها، وتكون الأوردة كبيرة وواضحة دون إجراء مناورة فالسالفا.

أسباب دوالي الخصية

لا تزال أسباب الإصابة بدوالي الخصيتين غير معروفة بدقّة، ولكن يُعتقد بأن أحد أسبابها احتشاء الدم الوريدي في الوريد المنوي الداخليّ (Internal Spermatic Vein)، مما يُسبّب احتقانًا وريديًا في كيس الصفن،^[3] وأما الأسباب التشريحية لإصابة الخصية اليُسرى بالدوالي فلها عدة فرضيّات:

• فرضية كسارة الجوز (Nutcracker syndrome): قد تتشكّل الدوالي في الخصية اليُسرى نتيجةً لانسداد الوريد الكلوي الأيسر (والذي يُعد مَصب الوريد الخصوي الأيسر كما ذُكر سابقًا)، بسبب الضغط الميكانيكي الواقع عليه من الشريان الأبهر البُطيني (Abdominal Aorta) والشريان المساريقيّ العلوي (Superior Mesenteric Artery).^[10]
• خلل في الصمامات الارتجاعية (Anti-reflex Valves) الموجودة في الأوردة.^[11]
• وجود انحناء في منطقة التقاء الوريد الخصوي والوريد الكلوي الأيسر.^[3]

وتتضمّن الأسباب النادرة لدوالي الخصية:^[3]

• تخثُر الأوردة العميقة (Deep Vein Thrombosis).
• التشوهات الشريانية الوريدية الكلوية.
• جلطات في الضفيرة الدوالية في الخصية.
• التدخين.

دواعي علاج دوالي الخصية

لا تتطلّب مشكلة دوالي الخصية العلاج دائمًا،^[12] فوفقَا لجمعية المسالك البولية الأمريكية (American Urological Association) فإنّ دواعي علاج دوالي الخصية تشمل:^[12]

• دوالي الخصية المحسوسة والملموسة أثناء الفحص السريري لكيس الصفن.
• عدم قدرة الزوجين على الإنجاب.
• خصوبة الزوجة الطبيعية، أو وجود سبب يمنع الحمل، ولكن يُمكن علاجه.
• وجود خصائص غير طبيعية للسائل المنوي للمريض، أو ظهور نتائج غير طبيعية لوظائف الحيوانات المنوية.

كما تتضمن دواعي العلاج منع ضمور الخصية لدى المراهقين الذين يُعانون من الدوالي واستعادة حجمها الطبيعي، والتخفيف من الألم، والمُحافظة على الخصائص الوراثية للحيوانات المنوية، وتعزيز وظائف الخصية لدى المرضى المُصابين بقصور الغدد التناسلية (Hypogonadism) الناجم عن دوالي الخصية.^[13]

علاج دوالي الخصية

تندرج التدخلات العلاجية لدوالي الخصية ضمن فئتين؛ الجراحة بأنواعها، والانصمام الوريدي (Venous Embolization)، وعلى الرُغم من فعالية كلتا الطريقتين، فإن أغلب أطباء المسالك البولية يفضلون الخيار الجراحي، وذلك لانخفاض مُضاعفات العلاج.^[12]

• الجراحة

تهدف جراحة دوالي الخصية إلى إصلاح مشكلة الدوالي من الخصية وهو ما يُعرف بـِ (Varicocelectomy)، وتُجرى الجراحة بتخدير المريض، ومن ثمَ يَشُق الطبيب جُرحًا في منطقة أسفل البطن، ويربط الأوردة المنتفخة، ممّا يوجه تدفق الدم إلى الأوردة السليمة، وقد تُجرى العمليات الجراحية باستخدام المنظار الجراحي أيضًا.^[14]

في أغلب الحالات يُغادر المريض المستشفى في ذات اليوم الذي تُجرى فيه الجراحة، ويُنصح بوضع كمادات ثلج على المنطقة المُصابة للتخفيف من التورم.^[14]

• الانصمام الوريدي

يُعد الانصمام الوريدي من الخيارات العلاجية ذات التدخل المحدود إذا ما قُورنت بالجراحة، وتُجرى بإعطاء المريض مُهدئًا بالوريد وتخديرًا موضعيًا، وبعدها يُدخل أنبوب القسطرة من خلال وريد الفخذ (Femoral vein) (في حال دوالي الخصية اليُسرى) أو الوريد الوداجي الباطني (Internal Jugular Vein) (في حال دوالي الخصية اليُمنى)، وصولًا إلى الضفيرة الدوالية، وبعدها تُغلق الأوردة المنتفخة باستخدام دعامات صلبة تُوضع فيها، أو باستخدام مواد تُسبّب تصلُّب الأوردة، مثل كبريتات تتراديسيل الصوديوم (Sclerosing Tetradecyl Sulfate)، وبعد 3-6 شهور من إجراء العملية، يُصوّر المريض بالأشعة الفوق صوتية، لتحديد مدى نجاح هذا الإجراء الطبي.^[13]

يتضمّن العلاج الانصمام الوريدي مُضاعفاتٍ عديدة، كالحساسية، أو إصابات في الشرايين المحيطة، أو التهاب الوريد الخُثاري (Thrombophlebitis)، أو هجرة الدعامات الصلبة من موقعها، لذا يُلجأ إلى هذا التدخل العلاجي في حالات الإصابة بدوالي الخصية المُتكررة بعد علاجها بالطرق الجراحية.^[15]

عوامل نجاح عملية الدوالي

يمكن التنبؤ بنسبة نجاح العلاج الجراحي تِبعًا لعددٍ من المُتغيرات:^[4]

• درجة دوالي الخصية؛ تقل نسبة نجاح العمليات الجراحية كلما زادت درجة الدوالي.
• شدة الألم؛ تزداد نسبة التعافي من دوالي الخصية لدى الأشخاص الذين يُعانون من ألمٍ طفيف.
• مدة الألم؛ المرضى الذين يُعانون من الألم لفتراتٍ طويلة قبل إجراء العملية الجراحية أظهروا تحسنًا ملحوظًا ونسب نجاح عالية.
• مؤشر كتلة الجسم؛ كلما زاد مؤشر كتلة الجسم قلت احتمالية نجاح عمليات الدوالي الجراحية.