اليود في الطعام: ما أبرز مصادره الغذائية؟ وكم تبلغ الحاجة اليومية منه؟

يعدّ اليود من المعادن التي ينبغي تلبية احتياجات الجسم منها من المصادر الغذائية التي تحتوي عليه طبيعيًا أو تلك المُدعّمة باليود، إذ إنّ له دورٌ أساسيٌ في تنظيم بعض هرمونات الجسم ونمو الجنين في الرحم، أمّا نقص مستوياته فقد يؤثّر في عمل الغدة الدقية مُسببًا عديد المشاكل التي ينبغي معها مراجعة الطبيب المُختص لتجنب تفاقم المشكلة والسيطرة على اليود باتباع الوسيلة الأنسب.

اكتشف العالم كورتوا (Courtois) اليود عام 1811 ميلادي، إذ لاحظ أثناء تحضيره للبارود من بعض الطحالب البحرية تطاير أبخرةٍ بنفسجية اللون، عُرِفَت لاحقًا باليود، وينتشر اليود في البيئة بكثرة وبكمياتٍ متفاوتة، إلّا أنه يوجد بكمياتٍ ضئيلة في معظم الأطعمة، مما قد يؤدي إلى إصابة البعض بنقص مستوياته في الجسم.[1]

اليود

يُمثّل اليود أحد العناصر النزرة التي تدخل كمكونٍ أساسي في تصنيع هرمونين تفرزهما الغدة الدرقية، هما هرمون الثايروكسين ((T4) Thyroxine) وهرمون ثلاثي يود الثيرونين ((T3) Triiodothyronine)، ويُعدّ هذين الهرمونين ضروريين لعمل الكبد، والكليتين، والعضلات، والدماغ، والجهاز العصبي المركزي، كما يُسهم اليود في تنظيم عمليات الأيض في الجسم، ويلعب دورًا هامًا في التطور العصبي للجنين وللطفل.[2]

يحتوي جسم الإنسان البالغ على 15-20 ملغ من اليود، يتركّز 70%-80% منه في الغدة الدرقية، وتتخطّى نسبة امتصاص اليود في الشخص الطبيعي حاجز 90%، يدخل اليود إلى الجسم بأشكالٍ كيميائية مختلفة، فمثلًا يمتص الجسم الأيوديد (Iodide) بطريقة سريعة وشبه كليّة في كل من المعدة والإثني عشر، بينما يُختزل الأيودات (Iodate) -المُستخدم في تدعيم الملح باليود- في الأمعاء ويُمتص على شكل أيوديد،[1] وبعد دخوله إلى مجرى الدم يتكدّس اليود في الغدة الدرقية أو يُطرح عن طريق الكليتين، إذ تتراكم كميات ضئيلة منه في الغدد اللعابية، أو الثديية، أو الضفيرة المشيموية (Choroid plexus).[2]

أين يوجد اليود؟ وكم تبلغ الاحتياجات اليومية منه؟

يُعدّ الاتزام بحمية غذائية متوازنة ومتنوعة الطريقة الأمثل لتلبية احتياجات الجسم من العناصر الغذائية،[3] وتُقدّر الاحتياجات اليومية من اليود تبعًا للمعهد الأمريكي للطب (U.S Institute of Medicine):[1][3]

الفئة العُمرية

الحاجة اليومية من اليود

الرُضّع منذ الولادة حتى 6 أشهر

110ميكروغرام يوميًا

7 أشهر حتى 12 شهر

130 ميكروغرام يوميًا

سنة حتى 3 سنوات

90 ميكروغرام يوميًا

8-4 سنوات

90 ميكروغرام يوميًا

13-9 سنة

120 ميكروغرام يوميًا

للذكور من 14 سنة أو أكبر

150 ميكروغرام يوميًا

للإناث من 14 سنة أو أكبر

150 ميكروغرام يوميًا

للحوامل

220 مكروغرام يوميًا

للمرضعات

290 ميكروغرام يوميًا

تحتوي معظم الأغذية والمشروبات على كميات قليلة من اليود، وعمومًا تحتوي الحصة الواحدة من الطعام ما بين 3-80 ميكروغرام من اليود، ويتأثر محتوى الطعام من اليود بالطريقة المُتبعة في إنتاجه، كاحتواء ماء الري، أو الأسمدة، أو علف الماشية على مركبات اليود،[1] ومن الأغذية التي تحتوي على اليود:[1][3]

  • ملح الطعام المُدعّم باليود، إذ يُعد المصدر الرئيسي لليود في الطعام.
  • بعض أنواع الطحالب البحرية، وهذا يُفسر ارتفاع كمية اليود المتناولة لدى قاطني السواحل في اليابان- تتراوح بين 50-80 ملغ يوميًا- إذ تتضمن أنظمتهم الغذائية على كمياتٍ كبيرة من الطحالب.
  • المأكولات البحرية، مثل سمك القدّ (Cod)، وسمك باس البحر (Sea bass)، وسمك الحدوق (Haddock).
  • بعض الأعشاب البحرية القابلة للأكل (Kelp).
  • منتجات الألبان، إذ تُشكل أحد مصادر اليود الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية.

نقص اليود

يعدّ نقص اليود من أكثر أنواع نقص العناصر الغذائية شيوعًا، وتُقدّر نسبة الأشخاص المصابين بنقص اليود في العالم بِـــ 35-45%، أمّا النساء في عمر الإنجاب فهُنّ الفئة الأكثر عُرضة للإصابة بنقصه في بعض البلدان،[2] ومن مضاعفات نقص اليود:[1][2]

  • لدى جميع الأعمار:

يؤدي نقص اليود ضمن مستوى متوسط إلى تضخم في الغدة الدرقية (Goiter)، وتَشكُّل عقيدات حميدة فيها.

  • لدى الأجنة:

يؤدي نقص اليود في هذه الحالة إلى إجهاض الجنين، أو ولادته متوفيًا، أو ولادته بتشوهاتٍ خلقية.

  • لدى حديثي الولادة:

يمكن لنقص مستويات اليود أن تؤدّي إلى الوفاة أو الإصابة بمتلازمة نقص اليود الخلقي (Endemic cretinism) لدى حديثي الولادة.

  • لدى الأطفال:

يؤدّي انخفاض مستوى اليود إلى تضخم في الغدة الدرقية، وتدهور في القدرات العقلية والبدنية عند الأطفال المُصابين، والإصابة بالصمم، والإصابة بمتلازمة نقص اليود الخلقي.

  • لدى البالغين:

يؤدي النقص الشديد في اليود إلى تضخم الغدة الدرقية عند البالغين، والإعاقة الذهنية، وضعف في الخصوبة، وقصور في نشاط الغدة الدرقية.

فوائد اليود ومكمل اليود الغذائي

ينتشر استخدام اليود في كل من الصناعات الغذائية والدوائية، إذ إنّه يُشكل عنصرًا فعّالًا في العديد من الأدوية، كما أنه يدخل في تركيب بعض المواد المُستخدمة في فحوصات التصوير الإشعاعية،[4] ومن فوائد اليود ومكملاته:[4][5]

  • تُستخدم بعض نظائر اليود (Iodine isotopes) في إجراء التصوير الومضي (Thyroid Scintigraphy) لتقييم وظيفة الغدة الدرقية وتقصّي أثر الخلايا السرطانية المُنتشرة فيها.
  • يُستخدم اليود كمُكوّن للمادة الملونة –بنوعيها الفمويّة والوريديّة- عند إجراء بعض أنواع التصوير التشخيصية، كالتصوير الطبقي (Computed tomography(CT)).
  • تُحسّن مكمّلات اليود من قدرات بعض الأطفال الإدراكية، وذلك وفقًا لدراسة سريرية أُجريت عام 2009 ميلادي في نيوزلندا على 184 طفلًا تراوحت أعمارهم بين 10-13 عامًا، وقد أدى تناول مُكمّل اليود بتركيز 150 ميكروغرام يوميًا لمدة 28 أسبوعًا إلى رفع مخزون اليود لدى هؤلاء الأطفال بالإضافة إلى تحسين مقاييس التحليل الإدراكي لديهم.
  • الحد من أعراض الثدي الكيسي (Fibrocystic breast disease)، وتتّسم هذه الحالة بتشكُّل كتل ليفية حميدة ولكنها مؤلمة، وقد وجدت دراسة سريرية أجريت على 56 امرأة تعاني من هذه الحالة أن معدل الألم قد انخفض لدى 65% من النساء اللواتي تناولن مكملات اليود بتركيز 70-90 ميكروغرام/ 12 كيلو غرام من وزن الجسم يوميًا ولمدة 6 شهور.

زيادة اليود في الجسم

يصعُب تعريف زيادة اليود في الجسم بدقة، إلا أن زيادة تركيز اليود في البول عن 299 ميكروغرام/لتر قد يشير إلى وجود فائضٍ منه في الجسم،[2] ومن مُسبّبات زيادة اليود:[6]

  • زيادة استهلاك اليود، فعلى الرغم من تدني محتوى اليود في معظم الأغذية، إلا أن بعض الأعشاب البحرية ذات محتوى مرتفع من اليود، والإفراط في تناولها يزيد من نسبته في الجسم.
  • تدعيم ملح الطعام بكميات قد تفوق النسبة المسموحة منه.
  • تناول مكملات اليود أثناء الحمل، مع كثرة استهلاكه من مصادره الأُخرى.

ينجُم عن زيادة اليود في الجسم إصابة الغدة الدرقية ببعض الاعتلالات كالتهاب الغدة الدرقية (Thyroiditis)، أو فرط في نشاطها (Hyperthyroidism)، أو قصور في نشاطها (Hyperthyroidism)، وقد تؤدي زيادة تناول اليود إلى إصابة مُستقبلات الضوء البصرية وظهارة الشبكية الصباغية (Retinal pigment epithelium) بالتلف الدائم، بالمقابل تندر الإصابة بتسمم اليود الحادّ، كما يصعُب تشخيصه في العادة، إذ يرافقه أعراضٌ غير محددة كالتقيؤ والإسهال.[4]

كتابة: اختصاصية التغذية وعلوم الغذاء أروى الخطيب - الإثنين ، 18 أيلول 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب
آخر تعديل - الإثنين ، 18 أيلول 2023

المراجع

1.
Zimmermann MB. (2009). Iodine deficiency. Endocr Rev 30: 376–408, 2009. Retrieved from https://doi.org/10.1210/er.2009-0011
2.
Hatch-McChesney A, Lieberman HR. (2022). Iodine and Iodine Deficiency: A Comprehensive Review of a Re-Emerging Issue. Nutrients 14: 3474. Retrieved from https://doi.org/10.3390/nu14173474
3.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2023). Iodine in Diet. Retrieved from https://medlineplus.gov/ency/article/002421.htm

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري تغذية وحمية أونلاين عبر طبكان
احجز