تُمثل الفواكه والخضراوات جزءًا أساسيًا من الحمية الغذائية للإنسان، وهي تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على صحته، ويُعزى هذا الدور إلى احتوائها على جزيئات مُميزة فعّالة ومؤثرة في وظائف الجسم، وتندرج الكاكا ضمن أبرز الفواكه التي تتمتع بخواص قوية مضادة للأكسدة.[1]
فاكهة الكاكا
تُسمى فاكهة الكاكا (Persimmon) -والتي يُطلق عليها كذلك اسم فاكهة شارون (Sharon fruit)- علميًا بـــ (Diospyros kaki)، وهي من الفواكه الاستوائية المميزة بمذاقها الحلو، وتنتمي شجرة الكاكا إلى أشجار الفصيلة الأبونوسية (Ebenaceae tree family)، وتنتشر زراعتها في المناطق الدافئة من العالم، كالصين، واليابان، والبرازيل، وتركيا، وإيطاليا،[2] ويسمي البعض الكاكا بالفل الياباني (Japanese phal)، كما يُطلق عليها لقب طعام الآلهة، وقد دخلت الكاكا في البداية إلى اليابان، ومنها انتقلت زراعتها إلى أوروبا والمناطق الأخرى في الفترة الواقعة بين القرن السابع والقرن السابع عشر، أما أصول الكاكا، فيُعتقد أنها ترجع إلى منطقة آسيا، وأنّها زُرعت قبل ميلاد المسيح.[3]
تتميز ثمار فاكهة الكاكا بشكلها المُستدير، ويتفاوت لونها بين الأحمر والأصفر وهذا تبعًا لمحتواها من مركبات الكاروتين (Carotene)، أما لب الكاكا (Pulp) فلها لون يتراوح بين البرتقالي والأحمر، وهي ذات قوام لزج وخشن بعض الشيء، وتتكون رئيسيًا من الصمغ (Mucilage) والبكتين (Pectin).[4]
إنتاج الكاكا وأجزاؤها
شجعت الفوائد الصحية التي تتمتع بها الكاكا على انتشار استهلاكها في العديد من الدول الصناعية،[2] وفي عام 2007 تخطى الإنتاج العالمي من الكاكا ما يُقارب 3.3 مليون طن، إذ تصدرت الصين قائمة البلدان المُنتجة للكاكا بنسبة بلغت 70%، تلتها كوريا بنسبة 10%، وأخيرًا اليابان بنسبة بلغت 7%، وعلى الرغم من أنّ المجتمعات الأوربية لا تمتلك معرفة عميقة بالكاكا، فإنّ الطلب على الكاكا في هذه المجتمعات تزايد كثيرًا في الآونة الأخيرة بفعل إدراكها لبعض فوائدها الصحية الخفية، هذا وتُصنّف منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط على أنّها بيئة ملائمة لإنتاج الكاكا، إذ وصل إنتاجها في هذه المنطقة ما يُقارب 110.000 طن.[1]
شجرة الكاكا من الأشجار متوسطة الارتفاع، ولها أوراق عريضة خضراء تتحول إلى اللون البرتقالي، أو الأصفر، أو الأحمر في فصل الخريف، أما ثمار الكاكا فيمكن وصفها بأنها ثمار لُبيّة تتخذ أشكالًا مختلفة، كالشكل المُسطح أو الكروي، وتُصنف ثمار الأنواع المختلفة من الكاكا تبعًا لتغير لونها، وطريقة تلقيح الأزهار، وطبيعة اللب، ومدى بقاء الطعم القابض فيها، ويُقصد بالطعم القابض الإحساس بجفاف في الفم ناتج عن ارتباط مركبات التانين الذائبة في الفاكهة مع بعض البروتينات الموجودة في اللعاب بطريقة تحُول دون ترطيب الفم.[3]
القيمة الغذائية والسعرات الحرارية في الكاكا
تتباين القيمة الغذائية بين الأصناف والأشكال المختلفة للكاكا، فمثلًا يشير التركيب الغذائي لفاكهة الكاكا اليابانية المُجففة إلى احتوائها على كمية من الماء بما يُقارب 23.01 غرام، وكمية من السعرات الحرارية تُقدر بــــ 274 سعر حراري، وكمية من البروتينات تُقدر بــــ 1.38 غرام، وكمية من الدهون تُقدر بــــ 0.59 غرام، وكمية من الكربوهيدرات تُقدر بــــ 73.43 غرام، وكمية من الألياف الغذائية تُقدر بـــ 14.5 غرام، وفي المقابل يشير التركيب الغذائي لفاكهة الكاكا الطازجة إلى احتوائها على 80.32 غرام من الماء، و70 سعر حراري، و0.58 غرام من البروتينات، و0.19 غرام من الدهون، و18.59 غرام من الكربوهيدرات، و3.6 غرام من الألياف الغذائية.[1]
تتميز فاكهة الكاكا كذلك بمخزونها الوفير في عددٍ من المعادن الهامة لجسم الإنسان، إذ إنّ تناول حبة واحدة من فاكهة الكاكا -التي يتراوح وزنها بين 200 إلى 400 غرام- تزوّد الجسم بنسبة تتراوح بين 1-10% من احتياجات الجسم اليومية من الكالسيوم، ونسبة تتراوح بين 1-30% من احتياجاته من النحاس والبوتاسيوم، ونسبة تتراوح بين 1-15% من احتياجاته من الحديد والمغنيسيوم، ونسبة تصل حتى 1% من احتياجاته من الصوديوم، وحتى 4% من احتياجاته من الزنك.[4]
إضافةً إلى ذلك تحتوي الكاكا على عددٍ من الأحماض العضوية، التي وعلى الرغم من انخفاض كميتها نسبةً إلى كمية السكريات الموجودة في الكاكا، فإنّها تؤثر بدرجة كبيرة في مذاق هذه الفاكهة، هذا وتزداد النسبة بين الأحماض العضوية والسكريات مع زيادة المذاق الحلو للفاكهة، بينما تقل مع زيادة المذاق المُر لها،[3] كما تحتوي الكاكا على كميات كبيرة من مركبات العفص المركزة (Condensed tannins)، إذ إنّ هذه المركبات هي المسؤولة عن طعم الكاكا القابض، ولا بُد من الإشارة إلى أنه في المراحل المتقدمة من نضج الكاكا، يقل محتواها من هذه المركبات، وينخفض معها المذاق المر.[4]
فوائد الكاكا الصحية
يرتبط استهلاك الخضراوات والفواكه عمومًا بالعديد من الفوائد الصحية لشرائح المجتمع المختلفة كالحوامل وغيرهن، والكاكا أحد الفواكه التي أُشير لفوائدها في العديد من الدراسات العلمية،[5] ومن فوائد الكاكا التي خضعت للبحث والدراسة ونُشرت في المجلات المختلفة:
- فوائد الكاكا للحامل: في دراسة سريرية أُجريت على 17610 امرأة حامل، ونُشرت في مجلة (Nutrition journal) سنة 2020، لوحظ أنّ تناول الحامل لعدد من الخضراوات والفواكه والتي كانت فاكهة الكاكا من ضمنها، ارتبط بزيادة وزن وليدها وتجنب خطر ولادة أطفال بأوزان متدنية.[5]
- فوائد الكاكا لمرض السكري: يُعد ارتفاع مستوى السكر في الدم أحد أبرز المضاعفات الناتجة عن الإصابة بمرض السكري، وفي هذا الإطار ظهرت بعض الدراسات التي بحثت في أضرار الكاكا لمرضى السكري وفوائدها، وقد أشار أحد الأبحاث الذي تناول العلاقة بين الكاكا والسكري، وأُجري على عددٍ من جرذان التجارب إلى أنّ تناول أوراق الكاكا مع كمية من النشا أدى إلى إنقاص مستويات السكر في الدم لديها وبدرجة تناسبت مع الجرعة المُستخدمة.[1]
- فوائد الكاكا للسمنة، وهل فاكهة الكاكا تزيد الوزن؟ في تجربة أُجريت سنة 2015، وبحثت في فوائد الكاكا للنساء، لوحظ أنّ تناول النساء البدينات لما يُقارب 200 مل من خل الكاكا (Persimmon vinegar) المُخفف لخمسة أضعاف ولمدة 6 أسابيع أدى إلى نُقصان في أوزانهن.[3]
- فوائد الكاكا للرجال: في دراسة أُجريت سنة 2022 على عدد من جرذان التجارب من الذكور ممن تناولت أطعمة ذات محتوى مرتفع من الدهون أدت إلى تراكم الدهون على الكبد لديها، لوحظ أنّ التناول اليومي لمُستخلصات الكاكا بالتركيزين50، 100 مغ/كلغم من وزن الجسم أدى إلى تخفيف كمية الدهون التي تراكمت على الكبد.[3]
استخدامات الكاكا، وهل لها أضرار؟
للكاكا استخدامات عديدة، إذ عمد بعض الخبراء إلى إضافة هريس الكاكا بتراكيز مختلفة تراوحت نسبتها بين 33.3% و83.3% إلى بعض أصناف الكعك “الكب كيك” (Cupcake)، وهذا بُغية تحسين خواصها الغذائية وتلك المضادة للأكسدة، ومن ناحيةٍ ثانية استُخدمت بعض مخلفات الكاكا كالقشور في صناعة خل الكاكا، وهي التي غالبًا ما كانت تنتج عن عمليات تصنيع الكاكا أو استهلاكها،[4] على صعيد آخر استخدم البعض دقيق الكاكا كبديل عن دقيق القمح في صناعة أصناف من الكعك خالية من الجلوتين، إذ تُعد مثل هذه الأصناف ملائمة للمرضى الذين يعانون من الداء البطني (Celiac disease).[3]
أما أضرار الكاكا فأشارت إليها دراسة أجريت في إسبانيا كشفت عن بعض الحالات التي ظهرت فيها أعراض الحساسية من الكاكا، ومنها حالة كانت لمرأة تبلغ 34 عامًا أصيبت ببعض الأعراض التحسسية كظهور طفح جلدي عام (Generalized urticaria) والتهاب في الجيوب الأنفية (Rhinitis)، وهذا بعد تناولها لحبة كاملة من الكاكا الطازجة بدقائق.[2]