جراحة الإنزلاق الغضروفي

ما هو الانزلاق الغضروفي؟

تتوسّد عظام العمود الفقري أقراص غضروفيّة تحمي العظام من أن تحتّك ببعضها بعضًا وتهيِّىء لها حريّة الحركة؛ لكن قد يحدث بأن تنزلق أيّ من هذه الأقراص الغضروفيّة من موقعها لتشكّل ضغطًا على القناة العصبيّة، ما يتسبّب بألَم قد يترافق مع خدَر وتنميل إمّا في منطقة الظهر والساقين أو الذراعين.

يغلُب أن يكون الانزلاق الغضروفي في الفقرات الرقبيّة أو الفقرات القطَنيّة (أسفل الظهر)؛ إذ إنّ منطقة أسفل الظهر يقع على عاتقها حمل الجزء الأكبر من وزن الجسم، إضافة إلى أنّها تُعدّ محورًا أساسيًّا للحركة اليوميّة، ويُشاع تسميتها بديسك الرقبة أو ديسك الظهر نسبةً إلى القرص المُنزلِق.

عادةً ما تتدرّج العلاجات في سبيل التخلُّص من الانزلاق الغضروفي، لتشمل الحلول المبكّرة كُل من مسكّنات الألم، العلاج الطبيعي للمنطقة المُصابة أو أخذ قِسطٍ من الراحة، إلّا أنّ استمرار الشعور بالألم يحتّم اللجوء للحل الجراحيّ بما يعرَف بعمليّة الديسك أو عملية إصلاح الانزلاق الغضروفي.

أسباب الانزلاق الغضروفي

تُعزَى أسباب الانزلاق الغضروفي لعديد العوامل التي تختلف من شخصٍ لآخر، منها:

  • التقدُّم في السّن؛ إذ إنّ الأقراص الغضروفيّة قد تنحلّ شيئًا فشيئًا وبشكلٍ تدريجيّ لدى البعض مع تقدُّم في السّن، يرافق ذلك ضعف الأربطة التي تحافظ على بقاء الأقراص في أماكنها، ما يُعرّض الشخص لخطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي نتيجة أيّ حركة عنيفة أو التواء.
  • عوامل وراثيّة؛ إذ من الممكن أن يكون البعض عُرضة أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي إذ ما كان العديد من أفراد العائلة قد سبق وأن تعرّضوا لمشكلة "الديسك".
  • حَمل أشياء ثقيلة أو بطريقة خاطئة.
  • حركة مفاجئة تتضمّن التواء العمود الفقري.
  • السُمنة أو زيادة الوزن.

متى يتّم اللجوء لعمليّة الانزلاق الغضروفي؟

يمكن أن يتقرّر إجراء عملية الانزلاق الغضروفي بعد تشخيص جرّاح العظام والمفاصل لحالة المريض، وذلك في الحالات التالية

  • فشل الأدوية والعلاجات الطبيعيّة في تخليص المريض من الألم والأعراض المرافقة للانزلاق الغضروفي.
  • ألم شديد في الساقين يفوق ألم الظهر، وهو ما يُعرَف بألم العصب الوِركي أو عرق النِسا.
  • ألم، ضعف وتنميل في الساقين أو القدمين.
  • فقدان الإحساس بالمنطقة التناسليّة، ضعف في الساقين وفقدان السيطرة على عمليّات التبوُّل والإخراج، وهي عبارة عن مجموعة أعراض تنجُم عن الضغط الحاصل على حزمة الأعصاب في أسفل العمود الفقري، وتُعرَف هذه الحالة باسم متلازمة ذيل الفرس.
  • صعوبة عند الوقوف أو المشي.

التحضيرات والفحوصات قبل عملية الانزلاق الغضروفي

تتضمّن الفحوصات التشخيصيّة السابقة لعملية الانزلاق الغضروفي مجموعة من الإجراءات التي يجريها طبيب العظام للتحقُّق من طبيعة الإصابة وتحديد نوع العلاج الأفضل، وتشمل هذه الفحوصات كل من التالية:

  • معرفة التاريخ المَرضي.
  • الفحص السريري، يتضمّن التحقُّق من الاستجابة العصبيّة للمريض بتقييم ردود الفعل، قوّة العضلات والقدرة على المشي.
  • إجراء فحص رفع الساق باستقامة Straight leg raise، غالبًا ما يُجرى للأشخاص دون سنّ 35 عامًا.
  • التصوير بالأشعة السينيّة X-ray لمفاصل وفقرات العمود الفقري.
  • تصوير الحبل الشوكي وجذور الأعصاب والمناطق المحيطة بها بالرنين المغناطيسي MRI.
  • التصوير بالأشعة المقطعيّة المحوسبة CT scan، بغرض إظهار شكل وحجم القناة العصبيّة بما تحويه وبما يُحيط بها.
  • تصوير نخاع العظم Myelogram بالأشعة السينيّة X-rays للكشف عن مواقع الضغط على الأعصاب، وذلك بحقن السائل النخاغي الشوكي المحيط بالقناة العصبيّة بمادّة صبغيّة مشعّة.
  • إجراء تخطيط لكهربيّة العضلات Electromyography ؛ لقياس سرعة النبضات الكهربائية على امتداد الأعصاب والعضلات.

خطوات عملية الانزلاق الغضروفي

تهدف عمليّة الانزلاق الغضروفي إلى تخفيف الضغط على الأعصاب نتيجة انزلاق الأقراص الغضروفيّة من مكانها، ولإتمام هذا الهدف يختار جرّاح العظام واحدة من العمليّات المتاحة لعلاج الانزلاق الغضروفي وتخليص المريض من الألم تبعًا لِما تستدعيه حالته، تاليًّا أنواع عمليّات الانزلاق الغضروفي وكيفيّة إجراء كل منها:

  • عمليّة استئصال القرص "الديسك" Discectomy

هي من أكثر عمليّات الانزلاق الغضروفي شيوعًا، وتتّم عبر إجراء شق في منطقة الظهر أو الرقبة من ثمّ إزالة القرص الضاغط على جذور الأعصاب والمُسبّب للألم، قد يكون الاستئصال جزئيًّا أحيانًا بحسب الحالة.

بات من الممكن إجراء عملية الديسك مجهريًا بما يُعرَف باسم Microdiscectomy ؛ إذ لا يتطلّب الإجراء أكثر من شقٍّ صغير لتمرير أدوات مجهريّة تساعد الجرّاح في إتمام المهمّة واستئصال جزئي أو كلّي للقرص المنزلق.

  • استئصال الصفيحة الفقريّة Laminectomy

يستأصل جرّاح العظام عبر هذا الإجراء الصفيحة الفقريّة لتخفيف الضغط على الأعصاب المُتضرّرة جرّاء الانزلاق الغضروفي، يمكن أن يُستأصَل جزء من الصفيحة الفقريّة بما يُعرَف بــِ Laminotomy.

تتكوّن فقرات العمود الفقري من الصفائح الفقريّة التي تقدّم الحماية للنخاع الشوكي الممتدّ داخلها، ويلجأ جرّاحي العظام إلى إزالتها أو بَضعها أحيانًا للتخفيف من الألم الناجم عن انزلاق القرص الغضروفي، قد تُجرَى هذه العمليّة لفقرات الرقبة أو أسفل الظهر تبعًا لمكان الإصابة والألم.

  • دمج الفقرات Spinal fusion:

هو إجراء جراحي يتطلّب تخديرًا كاملًا للمريض، ويلجأ الاختصاصي من خلال هذا الإجراء إلى دمج فقرتين أو أكثر من العمود الفقري بحيث يحُدّ من حركتها تمامًا ليخفّف الألم لاحقًا، يُستخدَم لغايات دمج الفقرات إمّا طعوم عظميّة من المريض أو من مانح، أو باستخدام قضبان معدنيّة أو بلاستيكيّة تشكّل دعامات للفقرات وتثبّتها.

عادةً ما تُجرَى عمليّة دمج الفقرات بعد استئصال القرص "الديسك" أو بعد استئصال الصفائح الفقريّة، وينجُم عنها تثبيت كامل ودائم للفقرات التي خضعت للدمج.

  • عملية استبدال القرص الغضروفي: 

يشمل هذا الإجراء الجراحي استبدال القرص الغضروفي المُتضرّر بآخر صناعي معدني أو بلاستيكي غالبًا، يُشترَط أن لا يُعاني المريض من أيّ مشكلة صحيّة تُعيق إتمام استبدال القرص الغضروفي مثل هشاشة العظام والتهاب المفاصل، أيضًا يجب أن لا يتعدّى عدد الأقراص المُصابة عن القرص الواحد فقط، لِذا فإنّ أعداد الأشخاص المرشّحين لإجراء عملية استبدال القرص الغضروفي تعدّ محدودة جدًا.

عمليّة استبدال الديسك بآخر صناعي تُجرَى عند تلَف أحَد الأقراص الغضروفيّة في منطقة أسفل الظهر، وتتّم عبر إجراء شق في منطقة البطن، يحتاج المريض لأن يبقى عدّة أيام في المستشفى يستطيع بعدها العودة لمنزله.

تجدر الإشارة إلى أنّ المريض قد يحتاج لإجراء عمليّة واحدة من المذكورة أعلاه، ولكن في بعض الحالات قد يدمج الاختصاصي بين أكثر من نوع من عمليّات الانزلاق الغضروفي في ذات الإجراء.

مضاعفات عملية الانزلاق الغضروفي

تعد عملية الانزلاق الغضروفي من الجراحات الآمنة والتي نادرًا ما تتضمّن مضاعفات خطِرة، إلّا أنّ بعض المرضى قد يتعرّضون لبعض المخاطر والمضاعفات حالها كأيّ عمليّة جراحيّة أُخرى، منها:

  • الالتهابات، ما قد يستدعي تناول المضادات الحيويّة لعلاجها.
  • النزيف.
  • إصابة أحَد الأعصاب أو النخاع الشوكي أثناء العمليّة ما قد يتسبّب بتلفها.
  • الإضرار بأحَد الأقراص الغضروفيّة الأُخرى.
  • تسريب من السائل النخاعي الشوكي.
  • فشل العمليّة في تخليص المريض من الألم، أو ربمّا تؤتي العمليّة أُكلها لفترة ليعود الألم مرة أُخرى بعد فترة، وهو يحدث لدى 5% من المرضى.
  • تكوُّن أنسجة نَدَبيّة في موقع الجراحة، ما قد يتسبّب بضغط على الأعصاب وعودة الألم مرة أُخرى.
  • رد فعل تحسُّسي ناجم عن التخدير، مثل صعوبة التنفس وغيرها

بعد عمليّة الانزلاق الغضروفي

يبقى المريض في المستشفى إلى حين الاطمئنان على حالته الصحيّة، غالبًا يبقى ليوم واحد، لكن قد تطول فترة بقاؤه في المستشفى أو حتى قد تقصُر ليتمكّن من الخروج في ذات اليوم أحيانًا، يعتمد ذلك على الوضع الصحّي للمريض وتوصية الجرّاح المسؤول.

فترة التعافي بعد عملية "الديسك"

تعد عملية الديسك من العمليّات الناجحة التي تستطيع تخليص المريض في كثيرٍ من الحالات من الألم الذي يشعر به نتيجة انضغاط الأعصاب القريبة من القرص المُنزلق، وغالبًا ما تتراوح فترة التعافي اللازمة حتى يتمكّن بعدها المريض من العودة لعمله وحياته المُعتادَة بين 1 إلى 4 أسابيع، قد تطول في بعض الحالات اعتمادًا على الوضع الصحّي للمريض.

يتجنّب المريض خلال فترة التعافي مجموعة من الأنشطة التي قد تتسبّب بانتكاسته، إذ يجب أن يحذر حمل الأشياء الثقيلة أو ليّ العمود الفقري أثناء الحركة اليوميّة، إضافة إلى تجنُّب الجلوس لفترات طويلة.

غالبًا ما يساهم العلاج الطبيعي أو الوظيفي بإشراف متخصّصين بمساعدة المريض على إعادة تأهيل العمود الفقري واستعادة الحركة الطبيعيّة خلال فترةٍ أقصر. 

يتوجَّب على المريض أيضًا الالتزام بالمواعيد المُقرّرة مع طبيبه للتحقُّق من نجاح عمليّة إصلاح الانزلاق الغضروفي وتجنُّب أيّ مضاعفات ممكنة.

نصائح بعد عملية الانزلاق الغضروفي

يمكن لمجموعة من الممارسات التي قد يفعلها المريض بعد عمليّة الانزلاق الغضروفي، إمّا أن تزيد من فرص الشفاء والتعافي السريع، أو قد يحدث العكس أحيانًا عند اتبّاع عادات خاطئة، تاليًا أبرز النصائح التي قد يُوصي بها جراّح العظام لتعزيز فرص الشفاء:

  • تجنُّب الأعمال الشاقّة والمُجهدة أو الرياضات العنيفة لِما يقارب 12 شهرًا.
  • تجنب حمل الأوزان الثقيلة.
  • تجنُّب الخمول وقلّة الحركة المفرطة، غالبًا ما يُنصَح بالمشي لفترات قليلة خلال الأيام الأُولى التالية لعمليّة الانزلاق الغضروفي، من ثمّ يمكن رفع وتيرة الحركة.
  • الاعتناء الجيّد والصحيح بجرح العمليّة وتنظيفه كما ينبغي.
  • الالتزام بجلسات العلاج الطبيعي مع الاختصاصي للمساعدة في إعادة تأهيل المنطقة المُصابة، وتقوية عضلات الظهر والساقين وإعادة المرونة لهما بالطريقة الأكثر فاعليّة.
  • الالتزام بالمواعيد المقرّرة مع الاختصاصي والتقيُّد بتعليماته قدر الإمكان، مثل تناول الأدوية الموصوفة في مواعيدها المحدّدة وغير ذلك ممّا قد يعزّز من فرص التعافي السريع بعد العمليّة.

مقالات ذات صِلة

 

----------------

آخر تحديث: 14 أكتوبر 2021

----------------

المراجع

  1. Swiner C. 2020. When do I need surgery for a herniated disk? Retrieved from https://www.webmd.com/back-pain/surgery-for-herniated-disk#2-7
  2. Haines C. 2018-a. What’s a herniated disc, pinched nerve, bulging disc…? https://www.spine-health.com/conditions/herniated-disc/whats-a-herniated-disc-pinched-nerve-bulging-disc
  3. Pietrangelo A. 2019. Herniated disc surgery: What to expect? Retrieved from https://www.healthline.com/health/bone-health/herniated-disk-surgery
  4. American Association of Neurological Surgeons. (n.d.). Retrieved from https://www.aans.org/en/Patients/Neurosurgical-Conditions-and-Treatments/Herniated-Disc
  5. Mayo Clinic. 2019. Herniated disk. Retrieved from https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/herniated-disk/diagnosis-treatment/drc-20354101
  6. Gonzalez A. 2019. What to know about herniated disc surgery? Retrieved from https://www.medicalnewstoday.com/articles/326780
  7. Bohinski R. 2021. Lumbar discectomy. Retrieved from https://www.mayfieldclinic.com/pe-lumdiscectomy.htm
  8. Bjerke B. 2020-b. Postoperative care for lumbar microdiscectomy surgery. Retrieved from https://www.spine-health.com/treatment/back-surgery/postoperative-care-lumbar-microdiscectomy-surgery
  9. University of Michigan Health. 2020. Lumbar herniated disc: should I have surgery? Retrieved from https://www.uofmhealth.org/health-library/aa6282
  10. Park D. 2018. Herniated disk in the lower back. Retrieved from https://orthoinfo.aaos.org/en/diseases--conditions/herniated-disk-in-the-lower-back/

أهم مقدمي العلاج

اطلب استشارة