على الرغم من الإجراءات والعلاجات التي طُوّرت للسيطرة على مرض السُل إلا أنّه ما زال يحتل مراكز مُتقدّمة في قوائم منظمة الصحة العالمية كواحد من أكثر مُسبّبات الوفاة حول العالم، وهو عبارة عن مرض مُعدي يُصيب الجهاز التنفسي تحديدًا نتيجة استيطان أحَد أنواع البكتيريا المُسمّاة بالمُتفطّرة السُليّة للرئتين، إلا أنها قد تنتقل بعد ذلك إلى أجزاء وأعضاء أُخرى من الجسم ممّا قد يرفع معدل الخطورة لدى الأشخاص المصابين.
طُوّرت العديد من المُضادّات الحيويّة التي تستهدف البكتيريا المُسبّبة لمرض السل، وقد أبلَت حسنًا في مكافحة المرض والقضاء عليه، على أن يلتزم المريض بتناول الأدوية على فترات زمنيّة لا تقِل عن 6 أشهر أو حسب ما يصِفه الاختصاصي.[1][2]
أسباب مرض السل وطرق انتقاله
تتسبّب البكتيريا المعروفة باسم المُتفطّرة السُليّة Mycobacterium tuberculosis بالإصابة بمرض السل، وهي تنتقل من الشخص المُصاب للسليم من خلال انتشارها عبر جزيئات الهواء الملوثة بعُطاس أو سُعال الشخص المصاب، ويمكن لأي شخص سليم أن يلتقط العدوى بمرض السل عبر التعرُّض لهذه المؤثرات لفترات طويلة، فمثلًا ترتفع نِسَب الإصابة بمرض السل عند الاحتكاك عن قُرب مع المرضى بصورة مُكرّرة نتيجة مكوثهم في مكانٍ واحد أثناء العمل أو في المنزل.[3]
قد يكون مرض السل لدى البعض خاملًا بحيث لا تظهر أعراضه قبل فترة طويلة من الزمن، أو قد يكون نشِطًا لدى البعض الآخر ما يُسبّب ظهور بعض الأعراض المُزعجة التي تستدعي أخذ العلاج المناسب، لكن مجموعة من العوامل قد ترفع من معدل الإصابة بمرض السل النشِط حال تعرُّض أصحابها لها[4]، منها:[3][4]
- الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV، الذي يجعل جهاز المناعة ضعيفًا ما يُصعّب مهمّته في مقاومة البكتيريا المُسبّبة للسُل.
- الإصابة ببعض الأمراض المُزمنة، مثل: مرض السكري أو مرض الكُلى الحاد.
- الإصابة بمرض السحار السيليسي أو السحار الرملي.
- بعض أنواع السرطان، مثل أورام الرأس والرقبة.
- تدخين السجائر.
- الخضوع لعملية زراعة عضو معيّن.
- الخضوع للعلاج الكيميائي لدى مرضى السرطان.
- الخضوع لبعض أنواع العلاجات التي تستهدف بعض أمراض المناعة الذاتية، مثل: التهاب المفاصل الروماتيدي ومرض كرون.
أعراض مرض السل
قد يلتقط بعض الأشخاص البكتيريا المُسبّبة للسل دون أن تظهر عليهم أي أعراض تُدلّل على إصابتهم، إذ تحتضن أجسامهم المرض بالوضع الخامل لفتراتٍ طويلة قد تصِل أحيانًا لأشهر عديدة وربما لسنوات، وفي الحالات التي تبدأ الأعراض معها بالظهور فإنّ مرض السل يكون قد تحوّل للوضع النشِط داخل الجسم خصوصًا في الجهاز التنفسي، لكنه قد يجتاح أجهزةً وأعضاءً أُخرى داخل الجسم (العظام والمفاصل، الجهاز الهضمي، المثانة، الجهاز التناسلي، الدماغ) مُسبّبًا أعراضًا مختلفة ترتبط بالعضو المُصاب.[5]
تضُم أعراض مرض السل التي قد يعاني منها المُصاب:[5][6]
- السعال المصحوب بالدم أو البلغم، غالبًا يستمر السعال لفترة تُجاوز الثلاثة أسابيع.
- ألَم مع السعال أو مع التنفُّس.
- الحمّى.
- التعرُّق الليلي.
- فقدان الشهيّة للطعام.
- الشعور بالإجهاد والإرهاق بدون سبب واضح.
- انخفاض الوزن.
تشخيص مرض السل
يمكن تشخيص الإصابة بمرض السل عبر الخضوع لسلسلة من الفحوصات:[1][6]
- اختبار المُشتق البروتيني المُنقّى (PPD) Purified Protein Derivative ؛ وهو أحد فحوصات الجلد التي قد تكشف عن الإصابة بمرض السل لكن بدقّة منخفضة.
- فحوصات الدم.
- تصوير منطقة الصدر بالأشعة السينيّة : يُجرى هذا الفحص في حال كانت نتائج فحص الجلد أو فحص الدم إيجابية، إذ يكشف عن وجود أي نقاط صغيرة في الرئتين عبر الصور الإشعاعيّة الظاهرة.
- فحوصات للكشف عن البكتيريا (العُصيّة المُقاومة للحمض Acid-fast bacillus) عبر تحليل البلغم والمُخاط المأخوذين من داخل الرئتين.
في حال عدم نجاعة أي من الفحوصات السابقة في التحقُّق من الإصابة بمرض السل سواءً كان خاملًا أو نشِطًا، فإنّ سلسلة أُخرى من الفحوصات الأدّق تُستكمل في سبيبل الوصول لنتائج مُحقّقة، مثل:
- تصوير الصدر بالأشعة المقطعيّة المحوسبة CT-scan.
- تنظير القصبات.
- خزعة من الرئتين.
علاج مرض السل
يلجأ اختصاصيي الأمراض الصدرية إلى وصف المُضادات الحيوية لعلاج مرضاهم ممّن يُعانون من مرض السل، ويختلف نوع المضاد الحيوي وفترة استعماله تِبعًا لنوع مرض السل (خاملًا كان أم نشطًا) وعلى الوضع الصحي العام للمريض وعمره، مثلًا في حال كان مرض السل خاملًا فيكفي استعمال نوع من واحد من المضادات الحيوية، بينما يحتاج المريض أكثر من نوع في حال كان السل نشِطًا لديه، غالبًا يبدأ المريض بالتحسُّن بعد ما يُقارب الأُسبوعين من بدء العلاج، إلا أنّ شفاء المريض من مرض السل يتطلّب التزامه بتناول المضادات الحيوية الموصوفة لفترة لا تقِل عن 6 أشهر، أو ربما تزيد عن ذلك وفقًا لِما يُقرّره الاختصاصي.
تجدُر الإشارة إلى أنّه على المريض إكمال تناول المضادات الحيوية ضمن الفترة المُحدّدة دون تقصيرٍ أو إهمال حتى بعد الشعور بتحسُّن ملحوظ؛ تجنبًا لتحوُّل البكتيريا لتصبح مُقاومة للمضاد الحيوي ما يجعل التخلُّص منها أمرًا أصعب، خصوصًا لدى أُولئك المُصابين بأمراضٍ أُخرى قد تُخفّض من مستوى المناعة لديهم مثل فيروس نقص المناعة البشري HIV، لِذا من الممكن إخضاع المريض للرقابة العلاجيّة أثناء فترة تناول المضاد الحيوي للتحقُّق من إكمال تناوله للدواء.
نظرًا لطول فترة تناول الدواء، فإنّ مجموعة من المشاكل قد تؤثّر على الكبد في بعض الحالات، ما يؤدي إلى ظهور بعض الآثار الجانبيّة التي يجب أن يعيها المريض ويُعلِم طبيبه بها حال الشعور بها، منها: اصفرار وشحوب الجلد (اليرقان)، الحمّى، تحوُّل لون البول ليصبح داكنًا، الاستفراغ، الإسهال.[3][5]
المراجع
- Tuberculosis (TB). (2020). WebMD. Retrieved from https://www.webmd.com/lung/understanding-tuberculosis-basics#3
- World Health Organization. (2021). Tuberculosis. Retrieved from https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/tuberculosis
- Mclntosh J. (2021). All you need to know about tuberculosis (TB). Medical News Today. Retrieved from https://www.medicalnewstoday.com/articles/8856
- American Lung Association. (2020). Learn about tuberculosis. Retrieved from https://www.lung.org/lung-health-diseases/lung-disease-lookup/tuberculosis/learn-about-tuberculosis
- National Health Services. (2019). Tuberculosis (TB): Symptoms. NHS. Retrieved from https://www.nhs.uk/conditions/tuberculosis-tb/symptoms/
- Nall R. (2021). Tuberculosis. Health line. Retrieved from https://www.healthline.com/health/tuberculosis