الورم القحفي البلعومي: ما مدى خطورته؟ وهل يمكن علاجه؟ وما هي الأعراض التي تُدلل عليه؟

الورم القحفي البلعومي من الأورام الحميدة النادرة التي تُصيب الدماغ، لتتسبّب بمجموعة واسعة من الأعراض تبًعا لموقع الورم، ويُعدّ علاجها تحديًا للأطباء بسبب موقع الورم، وزيادة خطر عودة الإصابة به مرةً أُخرى بعد العلاج.

الورم القحفي البلعومي (Craniopharyngioma)، هو ورمٌ يُصيب الخلايا الطلائية غير الدبقية (Non Glial - Epithelium) الموجودة في الجهاز العصبي المركزي لدى الأطفال والبالغين، ويظهر في منطقة سيلار (Sellar) وفوق سيلار (SupraSellar) في دماغ الإنسان،[1] تحديدًا من بقايا القناة القحفية البلعومية (craniopharyngeal duct) أو من شق راثكي (Rathke cleft) في هذه المنطقة.[2]

صنفت منظمة الصحة العالمية الورم القحفي البلعومي على أنه ورمٌ حميد من الدرجة الأُولى،[3] لكنه يسلك سلوك الورم الخبيث، إذ يمتد ويغزو المناطق الحيوية المُحيطة به، وتُعد منطقة الـسُّويقة النخامية (Pituitary stalk) التي تصل ما بين الغدة النخامية ومنطقة تحت المهاد أكثر المواقع التي ينشأ بها هذا الورم،[2] وهو يمتد أو يتنشر ليصل إلى الغدة النخامية، ومنطقة التقاطع العصبيّ البصري (Optic Chiasm)، والبطين الثالث في المخ (Third Ventricle)، والأوعية الدموية الكبيرة في المخ.[3]

ما هي منطقة سيلار (Sellar)؟

تمثل منطقة سيلار (Sellar Region) الإطار العظمي الأساسي للعديد من الأجزاء الحيوية الهامّة في الدماغ مثل الغدة النخامية، مما يجعلها منطقة معقدةً على الصعيد التشريحي، كما أن منطقة سيلار بها العديد من الأوعية الدموية، والأعصاب المهمة، بالإضافة إلى سائل الدماغ والحبل الشوكي (CerebroSpinal Fluid).[4][5]

توجد منطقة سيلار في منتصف الجمجمة تقريبًا، إذ يُحيط بها الهيكل العظمي للجمجمة، وتشتمل هذه المنطقة على الجزء العظمي من تركيب يُسمى سيلا تورسيكا (The Sella Turcica)،[5] وهذا الجزء العظمي يحتوي على الغدة النخامية (The Pituitary Gland)، وهي إحدى أهم الغدد الصماء الموجودة في الجسم، وتتحكم في باقي الغدد عن طريق الهرمونات التي تُفرزها.[4]

تتكون الغدة النخامية من فصّين -فص أمامي وفص خلفي- وهما مسؤولان عن إفراز عدّة هرمونات، فالفص الأمامي (Frontal Lobe) مسؤول عن تصنيع وإفراز هرمون النمو (Growth Hormone)، وهرمون الكورتيكوتروبين (Corticotropin)، بالإضافة إلى الهرمونات الجنسية، مثل الهرمون المسؤول عن تحفيز البويضات (Follicle-Stimulating)، والهرمون المسؤول عن تكوين الجسم الأصفر (Luteinizing Hormones)، والهرمون المسؤول عن إنتاج الحليب (Prolactin)، والهرمون المسؤول عن تحفيز تصنيع هرمونات الغدة الدرقية (ThyroTropic Hormone).[4][6]

أما الفص الخلفي (Posterior Lobe)، فهو المسؤول عن إفراز هرمونين اثنين؛ أوكسيتوسين (Oxytocin) والهرمون المضاد لإدرار البول (AntiDiuretic Hormone)، اللذان يُنتجان من جزء الدماغ المُسمى تحت المهاد (Hypothalamus)، الذي يتحكم بدوره في تحفيز وتثبيط الغدة النخامية، ويتصل بالغدة النخامية عن طريق ما يُسمى بالقمع (Infundibulum)،[4][6] بالإضافة إلى ذلك فإن منطقة التقاطع العصبيّ البصري تمر أمام الغدة النخامية.[4]

إحصائيات حول الورم القحفي البلعومي

يُصيب الورم القحفي البلعومي 0.5 إلى 2.5 حالة من كل مليون شخص كل عام على مستوى العالم، ومُتوسط الإصابة به تقريبًا -سواءً لدى الأطفال أو البالغين- يتراوح ما بين 1.2% إلى 4.6% من مجموع الأورام التي تُصيب الدماغ،[7] وعند تفصيل هذه النسبة يتبيّن أن هذا الورم يُمثل ما بين 6% إلى 13% من أورام الدماغ التي تُصيب الأطفال، وتقل هذه النسبة لتصل إلى 1% إلى 3% لدى البالغين.[1]

تُعد اليابان أكثر الشعوب إصابةً بهذا الورم لأسبابٍ غير معروفة حتى الآن، إذ يصل معدل الإصابة لديهم كل عام إلى 3.8 حالة من كل مليون طفل،[7] وعلى الرغم من أن هذا الورم يُعد من أورام مرحلة الطفولة إلى أن ما يقارب نصف الحالات شُخصت بعد البلوغ.[3]

أنواع الورم القحفي البلعومي

يُقسم الورم القحفي البلعومي تِبعًا للتصنيف المرَضي (Pathological Classification) إلى نوعين:[1]

  • ورم قحفي بلعومي آدمي (Adamantinomatous Craniopharyngioma)

ينشأ الورم القحفي البلعومي الآدمي في القناة القحفية البلعومية التي لم تلحتم بالكامل أثناء تطور الجنين، وقد تنشأ نتيجة حدوث طفرة جسدية في جين (CTNNB1)،[3][8] ويُمثل هذا النوع من الأورام القحفية نحو أكثر من 80% من الحالات،[1] وهو ينتشر تحديدًا بين الاطفال، لكنه يمكن أن يصيب البالغين أيضًا،[3] ويُشخّص لدى الفئات العُمرية بين 5 إلى 15 عامًا وبين 45 إلى 60 عامًا بمعدل أعلى عمّا سواهم.[7]

  • ورم قحفي بلعومي حليمي (Squamous Papillary Craniopharyngioma)

ينشأ الورم القحفي البلعومي الحليمي نتيجة حدوث تغير في خلايا الغدة النخامية، ونموها بصورة غير طبيعية لتكوين الورم،[3] وقد ينتج عن طفرة جسدية في جين (BRAF)،[8] ويمثل الورم القحفي البلعومي الحليمي أقل من 20% من الحالات،[1] كما يُشخص لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين العقدين الخامس والسادس.[7]

أعراض الورم القحفي البلعومي

ينبغي الإشارة إلى أن تشخيص الورم القحفي البلعومي يتأخر كثيرًا، وذلك لأن الورم ينمو ببطء شديد، ولا تبدأ الأعراض في الظهور إلا حينما يكبر حجمه ويبدأ بالضغط على المناطق الحيوية المحيطة به،[3] بالإضافة لذلك فإن الأعراض الأُولى التي تظهر على المريض تتمثّل بالشعور بالغثيان أو الصداع، وتنجم هذه الأعراض عن زيادة الضغط داخل الدماغ.[7][8]

ويتسبب الورم القحفي البلعومي بمجموعة من الأعراض تبعًا للمنطقة التي يواجهها بالضغط، فقد يُسبب مشاكل في الرؤية إذا ضغط الورم على العصب البصري،[7][8] وقد يؤدي إلى حدوث خللٍ في إفراز هرمونات الغدة النخامية، إذ يقل إفراز هرموناتها بدرجاتٍ متفاوتة.[8]

ينتج عن الضغط على الغدة النخامية العديد من الأعراض تبعًا للهرمون المٌتأثر،[8] وتشمل هذه الأعراض:[3]

  • انخفاض الرغبة الجنسية لدى الذكور، وانقطاع الدورة الشهرية لدى الإناث نتيجة نقص مستوى الهرمونات الجنسية.
  • زيادة الوزن والإرهاق في حالة حدوث خلل في هرمون النمو.
  • فقدان الوزن، وانخفاض ضغط الدم، وآلام المفاصل، والدوخة في حالة انخفاض مستوى هرمون الكورتيكوتروبين.
  • عدم تحمل البرودة، وزيادة الوزن، والإمساك بسبب نقص الهرمون المُحفّز للغدة الدرقية.
  • الإصابة بمرض السكري الكاذب (Diabetes Insipidus)، بسبب نقص إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول.

كيفية علاج الورم القحفي البلعومي

يُعد علاج الورم القحفي البلعومي صعبًا للغاية، ويرجع ذلك إلى موقع الورم والأعضاء المهمة المُحيطة به، ومدى انتشاره، وعلى الرغم من ذلك يوجد العديد من الخيارات المُتاحة لعلاجه، منها الجراحة، والعلاج باستخدام مواد سميّة لتقليص حجم الورم -تُحقن داخل كيس الورم- (Intracystic Therapy)، كما تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة عودة ظهور الورم بعد العلاج تبلغ 50% تقريبًا.[3]

كتابة: دكتور محمد نصار - الأربعاء ، 13 كانون الأول 2023
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Marc C. Chamberlain. (2021). Craniopharyngioma. Retrieved from https://bestpractice.bmj.com/topics/en-gb/732
2.
George I Jallo. (2022). Craniopharyngioma. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1157758-overview#a1
3.
Ortiz Torres M, Shafiq I, Mesfin FB. (2023). Craniopharyngioma. [Updated 2023 Apr 24]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK459371/#:~:text=Craniopharyngiomas%20are%20rare%2C%20benign%20tumors,ventricle%2C%20and%20major%20blood%20vessels

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري جراحة الدماغ والأعصاب أونلاين عبر طبكان
احجز