يؤدي الجهاز التنفسي عدة وظائف حيوية في جسم الإنسان فهو المسؤول عن إمداد خلايا وأنسجة الجسم بالأكسجين والتخلُّص من غاز ثاني أكسيد الكربون، إضافةً إلى عدة وظائف أُخرى مثل: حماية الجسم من استنشاق أي أجسام غريبة وضارة، وتهيئة الهواء المُستَنشق ليكون ملائمًا لدرجة الحرارة ومستوى الرطوبة في الجسم، وتُعَد الرئتان من أهم الأعضاء التي يتسنى من خلالها أداء وظائف الجهاز التنفسي.[1]
تشريح الرئتين
تُشكّل الرئتان جزءًا كبيرًا من الجهاز التنفسي، ويُعد التجويف الصدري هو مكان الرئتين، إذ تتواجد واحدة على كل جانب منه، ويجدر بالذكر أنّ لون الرئتين لدى حديثي الولادة يكون مائلًا للون الوردي، في حين يصبح لونهما داكنًا أكثر مع تقدُّم العمر نتيجة عملهما الدؤوب في ترشيح أجزاء الكربون من الممرات الهوائية، وقد يصبح لونهما داكنًا عن المُعتاد في حال تعرُّضهما للضرر، كالذي يسببه التدخين، يختلف حجم وشكل الرئة اليسرى واليمنى، إذ يصل وزن الرئة اليُمنى لدى الإنسان ما يَقرب من 625 جرامًا، في حين يصل وزن الرئة اليسرى 565 جرامًا،[2][3] تتخذ كل رئة من الرئتين شكلًا مخروطيًّا، وتتكون كل منهما من عدّة أجزاء :[2][4]
- قمَّة الرئة (Apex): الطرف العلوي للرئة، الذي يمتد ليعلو أول ضلع من القفص الصدري.
- قاعدة الرئة (Base): التي ترّتكز على الحجاب الحاجز.
- الفصوص (Lobes): يختلف عدد الفصوص في كل رئة من الرئتين، إذ تتكون الرئة اليُمنى من ثلاثة فصوص، في حين تتكون الرئة اليسرى من فصين اثنين فقط، فهي تختلف في تركيبها وما تحتويه من أنسجة، عن تلك الموجودة في اليُمنى، وذلك حتى تُتِيح حيزًا لتواجد القلب في الجهة اليسرى.
- النُقير (Hilum): تتواجد منطقة النقير في كل رئة من الرئتين على السطح المَنصفي منهما، تحديدًا بين الفقرات الصدرية الخامسة والسابعة، وتُشكّل منطقة النُقير الجذر الذي تدخل وتخرج منه الأعصاب والأوعية الدموية والممرات الهوائية من وإلى الرئة، إذ يمر من منطقة النقير في كل رئة القَصبَة الهوائية (Bronchus) والشريان الرئوي والأوردة الرئوية (وريدين في كل رئة) والأوعية الدموية القَصَبية والأوعية والعقد الليمفاوية والنسيج الضام والضَّفيرة الرئوية اللاإرادية (فروع عصبية) (Pulmonary Autonomic Plexus).
تتكون كل رئة من ثلاثة أسطح:[4][5]
- السطح الضلعي (Costal): وهو سطح أملس ومحدَّب، ويقع في مواجهة الجدار الداخلي للصدر.
- السطح المنصفي (Mediastinal): السطح المواجه للناحية الجانبية من المنصف الصدري (Mediastinum) (منطقة بين الرئتين، يوجد بها القلب والمرىء والقصبة الهوائية الرئيسية (Trachea) والعقد اللمفاوية).
- السطح الحجابي (Diaphragmatic): وهو سطح مقعَّر، يُشكّل قاعدة الرئة، ويقع بمواجهة الحجاب الحاجز.
كما أن لكل رئة من الرئتين ثلاثة حدود:[4]
- الحد الأمامي (Anterior): الذي يتكون من التقاء السطح الضلعي والسطح المنصفي من الأمام، ويتميز الحد الأمامي في الرئة اليسرى بوجود الثلمَة القلبية (Cardiac Notch)، حيث تتواجد قمَّة القلب.
- الحد السفلي (Inferior): الذي يفصل بين قاعدة الرئة والسطحين الضلعي والمنصفي.
- الحد الخلفي (Posterior) الناتج عن التقاء السطح الضلعي والمنصفي من الجهة الخلفية.
تُحاط الرئتين بجدار الصدر الذي يتكون من الضلوع والعضلات فيما بينهم، كما يفصل الحجاب الحاجز (Diaphragm) الرئتين عن التجويف البطني، ويُغطي الرئتين غشاءٌ رقيق يُعرف باسم الجَنبَة (Pleura)، الذي يوفّر الحماية للرئتين، كما أنه مسؤول عن إفراز سائل يُقلل الاحتكاك، ويُسهّل حركة الرئتين في الصدر أثناء التنفس،[6] وتتكون الجنبة من طبقتين:[6]
- الطبقة الداخلية المُواجهة للرئة.
- الطبقة الخارجية المُبطِنة لجدار الصدر.
وظيفة الرئتين
تتمثل وظيفة الرئتين الرئيسية في إمداد الجسم بالأكسجين، بالإضافة إلى تخليصه من الغازات الأُخرى التي لا يحتاجها، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، خلال عملية يتكرر حدوثها قُرابة اثني عشر إلى عشرين مرة في الدقيقة،[3] تتضمن هذه العملية سلسلة من الخطوات:[3][6]
- يدخل الهواء الجسم أثناء الاستنشاق، عبر فتحة الفم أو الأنف.
- ينتقل الهواء خلال البلعوم ثم الحنجرة، وصولًا إلى القصبة الهوائية الرئيسية التي تنقسم بدورها إلى قصبتين هوائيتين إحداهما تؤدي إلى الرئة اليمنى والأُخرى إلى الرئة اليُسرى، لتنقسم كلٌ منهما مرةً أُخرى إلى قصيبات أو شُعب هوائية أصغر وأصغر تنتهي بأكياسٍ هوائية صغيرة تُعرَف بالأسناخ أو الحويصلات الهوائية (Alveoli)، التي يتراوح عددها لدى الإنسان البالغ بين 300 إلى 500 مليون حويصلة، وتتمتع الحويصلات بقدرتها على التمدد والانكماش أثناء عمليتي الشهيق والزفير بفعل المواد الفاعلة في السطح الرئوي (Pulmonary Surfactants)، وهي التي تنتجها الرئة لتُغلّف الحويصلات من الخارج.
- يحدث تبادل الغازات بوصول الهواء إلى الحويصلات الهوائية، إذ ينتقل الأكسجين من الحويصلات الهوائية إلى الشعيرات الدموية الدقيقة التي تحيط بها، ليغادر الدم المُحمَّل بالأكسجين الرئة وصولًا للقلب، الذي يؤدي دوره في ضخ الدم المُحمّل بالأكسجين إلى خلايا وأنسجة الجسم، كما ينتقل ثاني أكسيد الكربون الناجم عن العمليات الحيوية في الجسم من الدم في الشعيرات الدموية إلى الحويصلات، لتتخلص منه الرئة أثناء عملية الزفير.
تلعب الرئتين أيضًا دورًا في حماية الجسم:[6][7]
- تفرز الرئة سائلًا مُخاطيّا سميكًا (Mucus)، ليمنع مرور الأجسام الضارة التي قد تدخل الجسم عن طريق الأنف، مثل: الأدخنة والمُلوثات، والبكتيريا، والفيروسات، ثم تُسهم الأهداب (Cilia) المُبطِنة للقصبات الهوائية -من خلال حركتها السريعة في طرد المخاط- وما يحمله من أجسام ضارة خارج الجهاز التنفسي.
- تحتوي الحويصلات الهوائية على خلايا مناعية تُعرف بالبلاعم (الخلايا البلعميّة الكبيرة) (Macrophages)، إذ تلتهم الجراثيم وتقضي عليها لتحمي الرئتين من الإصابة بالعدوى.
التغذية الدموية للرئتين
تتصل الرئتان بعدّة شرايين وأوردة تمكنها من أداء وظيفتها:
الشرايين الرئوية
ينبثق الجذع الرئوي (Pulmonary Trunk) من البطين الأيمن في عضلة القلب، ويتفرع إلى الشريان الرئوي الأيمن (Right Pulmonary) والشريان الرئوي الأيسر (Left Pulmonary)، وينقسم الشريان الرئوي الأيمن بدوره إلى الشريان الرئوي الأيمن العلوي (Right Superior) والشريان الرئوي الأيمن السفلي (Right Inferior)، كما ينقسم الشريان الرئوي الأيسر إلى الشريان الرئوي الأيسر العلوي (Left Superior) والشريان الرئوي الأيسر السفلي (Left Inferior).[2]
يتدفق الدم غير المُحمّل بالأكسجين (المُحمل بثاني أكسيد الكربون) تحت ضغطٍ منخفض، خلال الشرايين الرئوية من عضلة القلب ليصل إلى الرئتين، ويحصل تبادل الغازات هناك.[2]
وتُغذّى الرئتان والأنسجة الداعمة لها بالدم المُحمل بالأكسجين بواسطة الشرايين الشُعَبية (Bronchial Arteries)، إذ تحتاج الرئتان كغيرها من أعضاء الجسم إلى الأكسجين لأداء عملها.[2]
الأوردة الرئوية
ينتقل الدم المُحَمّل بالأكسجين من الشعيرات الدموية المُحيطة بالحويصلات الهوائية في الرئة، عبر الأوردة الرئوية باتجاه الأُذين الأيسر، ومنه إلى البطين الأيسر من عضلة القلب، لتضخّه إلى أنسجة وخلايا الجسم،[8] وتتضمن الدورة الدموية الرئوية أربعة أوردة رئيسيّة:[8]
- الوريد الرئوي الأيمن العلوي (Superior Right Pulmonary Vein): الذي يحمل الدم من الفصين العلوي والأوسط من الرئة اليمنى.
- الوريد الرئوي الأيمن السفلي (Inferior Right Pulmonary Vein): الذي يحمل الدم من الفص السفلي للرئة اليمنى.
- الوريد الرئوي الأيسر العلوي (Superior Left Pulmonary Vein): الذي يحمل الدم من الفص العلوي من الرئة اليسرى.
- الوريد الرئوي الأيسر السفلي (Inferior Left Pulmonary Vein): الذي يحمل الدم من الفص السفلي من الرئة اليسرى.
العقد اللِمفاوية في الرئتين
تحتوي الرئتان على عددٍ من العقد الليمفاوية المسؤولة عن تصريف ما تنتجه الرئتين من سوائل:[6]
- العقد اللمفِية العَضُديّة (Bronchial): تتواجد في الرئتين بالقرب من نهايات الشُعب الهوائية.
- العقد اللمفِية النقيرِية (Hilar): تتواجد عند موضع انقسام القصبة الهوائية الرئيسية إلى القصبتين الهوائيتين.
- العقد اللمفية المنصِفية (Mediastinal): تتواجد بمحاذاة القصبة الهوائية الرئيسية، في المنطقة الفاصلة بين الرئتين.
- العقد اللمفية تحت الجؤجؤ (Subcarinal): تتواجد أسفل القصبة الهوائية الرئيسية، عند موضع انقسامها للقصبتين اليُمنى واليسرى.
أمراض الرئتين
تتعدد الأمراض التي قد تصيب الرئتين، إذ من الممكن أن لا تُشكّل هذه الأمراض قلقًا ويُشفى منها المريض بعد فترة، أو قد يستمر بعضها مدى الحياة:[3][8]
- الربو Asthma.
- داء الأميانت (داء الأسبستوس) (Asbestosis).
- توَسُّع القَصبات (توسُّع الشُّعَب) (Bronchiectasis).
- التهاب الشعب الهوائية (Bronchitis).
- الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
- كوفيد-19.
- مرض الخانوق (Croup).
- التليف الكيسي (Cystic Fibrosis).
- الإنفلونزا.
- سرطان الرئة.
- ورم المتوسطة (Mesothelioma).
- الالتهاب الرئوي (Pneumonia).
- التليف الرئوي.
- العُقيدات الرئوية (Pulmonary Nodules).
- الفيروس المخلوي التنفسي (Respiratory Syncytial Virus RSV).
- الدّرن (السُّل) (Tuberculosis).
- تضيق الأوردة الرئوية (Pulmonary Vein Stenosis).
- انسداد الأوردة الرئوية (Pulmonary Vein Obstruction).
- ارتفاع ضغط الدم الرئوي (Pulmonary Venous Hypertension).
- جلطات الاوردة الرئوية (Pulmonary Vein Thrombosis).