إنزيمات القلب: ماذا يعني ارتفاع إنزيمات القلب؟ وهل هي حالة خطيرة؟

ينجم عن تعرُّض عضلة القلب للضرر أو الإجهاد ارتفاع مستوى إنزيمات القلب في الدم، وقد يُستخدم فحص مستوى إنزيمات القلب في تشخيص بعض مشكلات القلب والسيطرة عليها، كما يُعطى لتحليل إنزيم التروبونين الأولوية للكشف عن تضرر عضلة القلب، فهو من إنزيمات القلب الأكثر حساسية في الكشف عن إصابات القلب.

تُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية واحدةً من الأسباب الرئيسية لحدوث الوفاة قبل الأوان وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في العديد من دول العالم، كما يُشار أيضًا إلى شيوع حالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية عالميًّا خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ تضاعف انتشار أمراض القلب والأوعية الدموية تقريبًا من 271 مليون حالة في عام 1990 ميلادي إلى 523 مليون حالة في عام 2019 ميلادي، كذلك ازدادت أعداد الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية من 12.1 مليون وفاة في عام 1990 ميلادي إلى 18.6 مليون وفاة في عام 2019 ميلادي.[1]

يُذكر بأنّ حوالي أكثر من 3 مليون شخص يُصاب سنويًّا باحتشاء عضلة القلب ذات مقطع (ST) مرتفع (STE-MI) -نوع خطير من أنواع احتشاء عضلة القلب-، وهو من الأسباب الرئيسية لحدوث الوفاة عالميًّا،[2] وهذا ما يستدعي اتباع نهجٍ مدروس واستخدام أدواتٍ فاعلة لتشخيص مشكلات القلب في مراحلها الأُولى، وتقديم العلاج الملائم للمصاب قبل تفاقم حالته الصحية.[3]

ما هي إنزيمات القلب؟

إنزيمات القلب (Cardiac enzymes) أو المؤشرات الحيوية القلبية (Cardiac biomarkers)، هي مصطلح واسع يشمل عددًا من مكونات الخلايا العضلية داخل الخلوية التي يمكن الكشف عن وجودها في مصل الدم، وقد تُقاس مستوياتها في ظروفٍ معينة، كما في حالات التهاب عضلة القلب، وتعرضه للإصابه، ونقص التروية الدموية لعضلة القلب، إذ يتسبّب تعرض القلب للضرر أو الإجهاد بارتفاع مستوى إنزيمات القلب.[4][5]

يعود تاريخ استخدام تحليل مستوى إنزيمات القلب إلى فترة منتصف القرن الـ 20، إذ استُخدمت إنزيمات القلب لتقييم الحالة الصحية للمريض في حالة وجود شكوك حول إصابته باحتشاء عضلة القلب الحاد (Acute myocardial infarction)، وذلك رغم اختلاف المؤشرات الحيوية المُستخدمة وقتها عن المؤشرات الحيوية القلبية المستخدمة في الوقت الحاضر.[6]

إنزيمات القلب هل هي خطيرة؟

لا تُعد إنزيمات القلب بحدّ ذاتها مصدرًا للخطورة، إذ توجد هذه الإنزيمات في بعض الخلايا العضلية في الجسم كإحدى مكوناتها، كما أنّها قد تتواجد في مصل الدم خلال ظروف معينة،[5] مع ذلك، تُستخدم إنزيمات القلب كواحدة من الأدوات المهمة في إجراء التشخيص الدقيق لحالات متلازمة الشريان التاجي الحادة (Acute coronary syndrome)‏، والتمكّن من السيطرة عليها والتنبؤ بانعكاس آثارها على المصاب،[4] وتعبّر متلازمة الشريان التاجي الحادة عن مجموعة من المشكلات الصحية، كاحتشاء عضلة القلب والذبحة الصدرية غير المستقرة،[7] أي إنّ ارتفاع مستوى إنزيمات القلب في الدم قد يدل على تعرّض المصاب لمخاطر صحية، خاصةً وأنّ أمراض القلب والأوعية الدموية تُشكّل خطرًا يهدد حياة المصابين.[1][5]

يتوجّب على الأطباء عدم انتظار نتائج تحليل إنزيمات القلب لتشخيص حالة احتشاء عضلة القلب والتعامل معها عندما يعاني المصاب من ألمٍ شديد في الصدر يُشتبه بأنّه ناجمٌ عن الذبحة الصدرية، وأن يشير تخطيط قلب إلى ارتفاع (ST)، إذ إنّ ارتفاع مستوى إنزيمات القلب قد يستغرق ساعات عِدة بعد تعرّض عضلة القلب للضرر، ويُوصى في هذه الحالة بمباشرة العلاج بمضادات التخثر أو غيره من الإجراءات الطبية الملائمة.[6]

أعراض ارتفاع إنزيمات القلب

قد ينجم عن نقص تروية عضلة القلب بالدم وتضرّر أنسجته ارتفاع إنزيمات القلب، بالإضافة إلى ظهور أعراض معينة تدفع الطبيب إلى طلب إجراء فحص إنزيمات القلب ليتمكّن من تحديد المشكلة التي يعانيها المريض،[6][8] ويشار إلى ضرورة طلب الرعاية الطبية الطارئة عند ظهور أعراض احتشاء عضلة القلب:[8][9]

  • ألم أو انزعاج في منطقة الصدر، إذ يتركّز الألم في منتصف الصدر أو في الجانب الأيسر منه، وغالبًا ما يستمر هذا الألم لأكثر من بضع دقائق.
  • الشعور بالانزعاج في الجزء العلوي من الجسم، سواءً في أحد الذراعين أو كليهما، أو الكتفين، أو العنق، أو الفك، أو الجزء العلوي من المعدة.
  • ضيق التنفّس، وقد يكون هذا العَرَض الوحيد الذي يعانيه المصاب، ومن المُحتمل حدوثه في فترة الراحة أو أثناء بذل القليل من الجهد.
  • الغثيان أو التقيؤ.
  • التعرّق.
  • اضطراب نبضات القلب.
  • الإعياء.
  • القلق.
  • الضعف الجسدي.
  • التوتر.
  • الاكتئاب.
  • الدوار.
  • التعرّق البارد.

ارتفاع إنزيم التروبونين القلبي

يُعدّ التروبونين (Troponin) نوعًا من البروتينات الموجودة في الخلايا العضلية، بالأخص في خلايا عضلة القلب، إذ ينحصر وجود التروبونين نوع (I) (Troponin I) فقط في أنسجة القلب، بينما يتواجد نوع تروبونين تي (Troponin T) في أنسجة القلب بالإضافة إلى وجوده بكميات صغيرة في العضلات الهيكلية.[5]

ينتقل التروبونين إلى مجرى الدم في حال تعرضت عضلة القلب للضرر، لذلك يمكن القول بأنّ ارتفاع التروبونين في الدم يُشير إلى حدوث حالة احتشاء عضلة القلب (نوبة قلبية) مؤخّرًا لدى المريض، وغالبًا ما تدل درجة ارتفاع مستوى التروبونين في الدم على شدة الضرر الذي تعرّض له القلب، فكلما زاد تضرر نسيج عضلة القلب، كلما ارتفع مستوى التروبونين في الدم.[10]

يتوفر في الوقت الحالي نوع من التحاليل المعروفة باسم تحليل التروبونين عالي الحساسية (Highly sensitive troponin assays)، وهو التحليل الذي يكشف عن وجود التروبونين في الدم حتى وإن كانت كمياته صغيرة، ويُعد وجود كمية قليلة من التروبونين في الدم طبيعيًّا في حالة إجراء تحليل التروبونين عالي الحساسية، وذلك على خلاف تحليل التروبونين القديم الذي كان يُشير إلى أنّ وجود أي كمية من التروبونين دليلًا على وجود خطورة صحية، كما يكشف تحليل التروبونين عالي الحساسية عن ارتفاع التروبونين بعد تعرّض عضلة القلب للضرر في وقتٍ أقل مقارنةً بتحليل التروبونين القديم -يمكن أن يكشف تحليل التروبونين القديم عن ارتفاع التروبوين خلال 3-4 ساعات من التعرّض لإصابة في عضلة القلب-.[5]

يُعد استخدام تحليل إنزيم التروبونين القلبي الخيار الأول للكشف عن تضرر عضلة القلب، وتقييم حالات المرضى المُشتبه إصابتهم باحتشاء عضلة القلب المزمن، ولا يُؤخذ بالاعتبار تحاليل إنزيمات القلب الأُخرى كإجراء روتيني في هذه الحالة، إذ لوحظ بأنّ إنزيم التروبونين أكثر تخصصًا وحساسية لإصابات القلب.[5][6]

أمثلة على إنزيمات القلب وبعض المؤشرات الحيوية القلبية

يُعد التروبونين (Troponin) إنزيم القلب الأكثر شيوعًا للاستخدام في تشخيص احتشاء عضلة القلب، ومع ذلك قد تفيد أنواعًا أُخرى من إنزيمات القلب في تشخيص تضرّر عضلة القلب إلى جانب استخدام تحليل إنزيم التروبونين،[5] من أبرز إنزيمات القلب الأُخرى المُستخدمَة في التشخيص:[6][11]

  • إنزيم ناقلة أمين الأسبارتات (Aspartate transaminase or AST):

بدأ استخدام تحليل مستوى إنزيم ناقلة أمين الأسبارتات (Aspartate transaminase or AST) في سنة 1954 ميلادي كأول نوع من تحاليل إنزيمات القلب التي تساعد على تشخيص احتشاء عضلة القلب الحاد (AMI)، إذ يرتفع مستوى إنزيم ناقلة أمين الأسبارتات في الدم بعد مرور 3-4 ساعات تقريبًا من التعرّض لاحتشاء عضلة القلب الحاد، ومع ذلك، لم يعُد تحليل مستوى هذا الإنزيم مستخدمًا في الوقت الحاضر لتشخيص مشكلة احتشاء عضلة القلب الحاد بسبب وجوده في أعضاء أخرى غير القلب، كالكبد، والعضلات الهيكلية، والدماغ، والكلى، وقد يرتفع في الدم عند الإصابة بالانصمام الرئوي (Pulmonary embolism)، أو الصدمة، أو التهاب الكبد، أو التهاب التأمور (Pericarditis)، أو غيرها من المشكلات الأُخرى.

  • كرياتين كيناز (Creatine kinase or CK)‏:

استُخدم تحليل مستوى إنزيم كرياتين كيناز لتقييم احتشاء عضلة القلب الحاد، ولكنه يُعد أيضًا مؤشرًا جيّدًا على إصابات العضلات الهيكلية.

  • إنزيم نازع هيدروجين اللاكتات (Lactate Dehydrogenase or LDH):

لجأ الأطباء لاستخدام تحليل مستوى إنزيم نازع لهيدروجين اللاكتات سنة 1960 ميلادي بهدف تشخيص احتشاء عضلة القلب الحاد، إذ تزداد مستويات إنزيم نازع هيدروجين اللاكتات (LDH) بعد التعرّض لنوبة قلبية حادة، لكن لم يعُد تحليل مستوى هذا الإنزيم مستخدمًا في الوقت الحاضر لتشخيص حالات الإصابة باحتشاء عضلة القلب، ويُعزى ذلك إلى كون إنزيم نازع لهيدروجين اللاكتات غير مخصصًا لخلايا عضلة القلب، وقد ترتفع مستوياته في الدم عند التعرّض لمشكلات صحية أُخرى لا علاقة لها بالقلب، ولكنه قد يُستخدم حاليًّا لتمييز احتشاء عضلة القلب الحاد عن احتشاء عضلة القلب تحت الحاد (Subacute) لدى المرضى الذين يظهر لديهم ارتفاعٌ في مستويات التروبونين مع بقاء مستويات طبيعية لإنزيم كرياتين كيناز وكرياتين فوسفوكيناز القلبي (CPK-MB)، كذلك قد يُفيد تحليل مستوى إنزيم نازع هيدروجين اللاكتات في الكشف عن انحلال الدم (Hemolysis)، وتقييم العلاج ودرجة تقدّم المرض في حالات الإصابة بأنواع معينة من الأورام، مثل ورم الخلية الجنسية في الخصية (Testicular germ cell tumors).

  • ميوغلوبين (Myoglobin):

يوجد بروتين الميوغلوبين في العضلات الهيكلية والقلبية، وهو من أنواع البروتينات التي ترتفع مستوياتها بقوة في مصل الدم بعد مرور حوالي ساعة واحدة فقط من تعرّض عضلة القلب لإصابة معينة، ومع ذلك لا يمكن استخدام تحليل مستوى الميوغلوبين وحده كمؤشر لتشخيص تضرر عضلة القلب، إذ إنّه موجود في خلايا كلٍ من عضلة القلب والعضلات الهيكلية، بينما يمكن استخدام تحليل مستوياته إلى جانب تحليل مستوى إنزيم التروبونين أو كرياتين فوسفوكيناز القلبي (CPK-MB) في حالات تضرر عضلة القلب، وعمومًا يفيد تحليل الميوغلوبين في تقييم إصابات العضلة الهيكلية الناجمة عن انحلال العضلات المخططـة الهيكليـة (Rhabdomyolysis).

  • كرياتين فوسفوكيناز القلبي (CPK-MB):

ترتفع مستويات كرياتين فوسفوكيناز القلبي في الدم بعد مضيّ مدة تتراوح بين 4-9 ساعات منذ بدء أعراض النوبة القلبية الحادة، بينما يعود إلى مستوياته الطبيعية بعد مرور 48-72 ساعة فقط، وهذا ما يميزه عن إنزيم التروبونين الذي يحتاج أيامٍ عِدة حتى يعود إلى مستوياته الطبيعية في الدم بعد ارتفاعه بسبب تضرر عضلة القلب، إذ يمكن استخدام هذا التحليل للكشف عن مشكلة عودة الاحتشاء (Reinfarction) التي قد يتعرّض لها القلب، وعمومًا، يُستخدم تحليل مستوى التروبونين إلى جانب تحليل مستوى كرياتين فوسفوكيناز القلبي (CPK-MB) لتشخيص احتشاء عضلة القلب، إذ لا يمكن اعتماد درجة ارتفاع مستوى كرياتين فوسفوكيناز القلبي وحدها لتقييم مشكلة القلب، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع مستوياته في الدم عند الإصابة بمشكلاتٍ أُخرى لا علاقة لها بالقلب، كإصابات العضلات الهيكلية، وانخفاض هرمونات الدرقية، والإصابة بفشل كلوي مزمن، وممارسة التمارين الرياضية العنيفة.

  • الحمض الدهني المرتبط بالبروتين من النوع القلبي (Heart-type fatty acid-binding protein or H-FABP):

يُعرف الحمض الدهني المرتبط بالبروتين من النوع القلبي (H-FABP) بأنه البروتين الذي يشارك في استقلاب (Metabolism) الحمض الدهني في خلايا عضلة القلب، وقد ترتفع مستوياته في الدم بعد مضي 4 ساعات تقريبًا من ظهور أعراض احتشاء عضلة القلب الحاد كما ذكرت إحدى الدراسات، وتُعد حساسية هذا المؤشر في الكشف عن احتشاء عضلة القلب الحاد مرتفعه، غير أنّه أقل تخصيصًا وارتباطًا بتضرر عضلة القلب مقارنةً بإنزيم التروبونين وكرياتين فوسفوكيناز القلبي (CPK-MB)، وفي كل الحالات، لا يُعد استخدام مستوى الحمض الدهني المرتبط بالبروتين من النوع القلبي مناسبًا كمؤشر منفرد لحالات احتشاء القلب الحاد، ولكنه قد يفيد كنوعٍ من التحاليل المساعدة في حالات معينة.

كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الأربعاء ، 29 أيار 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Roth, G. A., Mensah, G. A., Johnson, C. O., Addolorato, G., Ammirati, E., Baddour, L. M., Barengo, N. C., Beaton, A. Z., Benjamin, E. J., Benziger, C. P., Bonny, A., Brauer, M., Brodmann, M., Cahill, T. J., Carapetis, J., Catapano, A. L., Chugh, S. S., Cooper, L. T., Coresh, J., . . . Fuster, V. (2020).. Global Burden of Cardiovascular Diseases and Risk Factors, 1990-2019: Update From the GBD 2019 Study. J Am Coll Cardiol 76: 2982–3021, 2020. Retrieved from https://doi.org/10.1016/j.jacc.2020.11.010
2.
Salari N, Morddarvanjoghi F, Abdolmaleki A, Rasoulpoor S, Khaleghi AA, Hezarkhani LA, Shohaimi S, Mohammadi M. The global prevalence of myocardial infarction: a systematic review and meta-analysis. BMC Cardiovasc Disord 23: 206, 2023. Retrieved from https://doi.org/10.1186/s12872-023-03231-w
3.
Omran, F.; Kyrou, I.; Osman, F.; Lim, V.G.; Randeva, H.S.; Chatha, K.. Cardiovascular Biomarkers: Lessons of the Past and Prospects for the Future. Int. J. Mol. Sci. 2022, 23, 5680. Retrieved from https://doi.org/10.3390/ijms23105680

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية