زراعة الأسنان من أحدث الوسائل والطرق المُتبعة في عالم طب الأسنان لتعويض الأسنان المفقودة سواءً لأغراضٍ علاجية أو تجميلية، وذلك باستعادة مظهر الفم بأبهى حُلّة، وهي -بحسب الخبراء والمراجع- أفضل من تركيبات الأسنان الثابتة، كأطقم الأسنان الثابتة وغيرها، إذ تُتيح للمريض إمكانية استخدام أسنانه بطريقة طبيعية دون الخوف من تحرُّكها من مكانها، كما تبلغ نسبة نجاح زراعة الأسنان ما يُقارب 97% لفترة تصل حتى 10 سنوات.[1][2]
ما هي زراعة الأسنان؟
غالبًا ما تشمل عملية زراعة الأسنان تركيب زرعات معدنية مصنوعة من التيتانيوم أو أكسيد الزركونيوم (أو من مواد أُخرى كالكوبالت أو زرعات خزفية أو غيرها) وتثبيتها في عظم الفك أسفل اللثة، يتبعها تثبيت دعامة في الزرعة تحمل تاج السن لاحقًا، وذلك بعد فترة معينة تتضمن التحامها مع العظم؛ ما يُمكِّن المريض بعد ذلك من استخدام أسنانه مرة أُخرى أثناء مضغ الطعام وبكفاءة تُقارب تلك الطبيعية.[1][3][4]
تستغرق فترة زراعة الأسنان ما يُقارب 3 أشهر إلى 6 شهور (تختلف حسب الحالة واعتمادًا على عدّة عوامل أُخرى)، بواقع عدة زيارات لعيادة طبيب الأسنان المُختص بزراعة الأسنان بغرض استكمال عملية تثبيت الأسنان في موضعها.[1]
التحضيرات والفحوصات قبل زراعة الأسنان
يتحقَّق اختصاصي زراعة الأسنان من سلامة المريض بتقييم حالته الصحية وما يعانيه من أمراض مزمنة، ثم يُجرى تقييم أدق بالصور الإشعاعية اللازمة للفك،[1] إذ يُشكّل التصوير الإشعاعي للفك أحد أهم الخطوات التحضيرية قبل توكيد قابلية إجراء زراعة الأسنان للمريض، فهي تُقدّم معلومات مهمة حول كثافة عظم الفك في المواضع التي ستُثبّت بها الزرعات بما يضمن نجاحها، ويُعد التصوير البانورامي (صورة بانوراما) والتصوير المقطعي المحوسب (CT) من أفضل الأدوات التشخيصية لتقييم حالة الفك وتراكيبه الداخلية.[5]
غالبًا يُنصح المريض بتجنب التدخين قبل زراعة الأسنان لتحسين فرص الالتئام وللحصول على أفضل النتائج بتمديد فترة نجاح الزرعات لمدى أبعد، أيضًا قد يُوصي الطبيب بتناول مضاد حيوي معين لتجنب بعض المضاعفات المحتملة.[4][5]
طريقة زراعة الأسنان
تتضمّن مراحل زراعة الأسنان مجموعة من خطوات متسلسلة:
- يبدأ اختصاصي زراعة الأسنان عملية تثبيت الزرعات Screws (كما يُشاع تسميتها بالبراغي) في أماكن محددة من عظم الفك بعد حفرها بالمثقب (Drill) الخاص بذلك، ثم تغطية البراغي وإغلاق حواف اللثة حول الزرعة بخياطتها.[6]
- الانتظار لفترة تُقارب 3 أشهر تقريبًا، ربمّا تصل لــ 6 شهور، وذلك حسب الحالة وموضع الزرعة فيما إذا كانت في الفك السفلي أو كانت زراعة الأسنان في الفك العلوي، لإتاحة الفرصة للزرعة بالاندماج والالتحام مع أنسجة العظم المحيطة بها، يمكن تركيب الأسنان (تاج السن Crown)) في ذات الجلسة، وهي التي تُعرَف بزراعة الأسنان الفورية، لكن قد يلجأ إليها طبيب الأسنان في حالات معينة يضمن معها نجاح زرعات الأسنان.[1]
- بعد انقضاء مرحلة الالتحام العظمي (3 أشهر إلى 6 شهور تقريبًا) بين الزرعة وعظم الفك المحيط، يشق الطبيب اللثة مجددًا ويثبت الدعامة (Abutment) داخل الزرعات (البراغي)، ثم تركيب الأسنان عليها.[6]
في بعض الحالات قد يحتاج المريض لزراعة العظم في الفك قبل البدء بتثبيت زرعات الأسنان؛ إذ قد لا تكفي كثافة العظم الموجود لإتمام عملية زراعة الأسنان، في هذه الحالات قد تتأخّر عملية زراعة الأسنان لأشهر عدة قبل أن تبدأ فعليًا، يُذكر بأنّ طعوم العظم المُستخدمة في عظم الفك قد تكون إما طبيعية مأخوذة من مكانٍ آخر من جسم المريض نفسه (عادةً من مواضع معيّنة من عظم الفك، أو عظم الحرقفة (يُعرَف بعظم الحوض)، أو من عظام الذراع)، أو من كائن حي آخر (إنسان أو حيوان أو نبات)، أو قد يكون الطعم العظمي صناعيًا من مواد تشبه تركيب العظم الطبيعي، فتكون إمّا خزفية أو معدنية أو من البوليمرات، وذلك وفقًا لعوامل عدة تحكم عملية اختيار نوع الطُعم العظمي.[5][7]
أنواع زراعة الأسنان
تُستخدم العديد من المواد في تصنيع الزرعات السنية، يختار طبيب الأسنان النوع الأفضل اعتمادًا على ما تحتاجه الحالة، إلى جانب عوامل أُخرى.[3]
أكثر أنواع زرعات الأسنان شيوعًا:
- الزرعات المعدنية، مثل الزرعات الفولاذية المقاومة للصدأ (Stainless steel)، وزرعات التيتانيوم (Titanium) التي تُعد الأشهر والأكثر شيوعًا لقوتها، وثباتها، وخفّة وزنها، وقدرتها على التوافق الحيوي مع الأنسجة المحيطة بها دون ردود فعل تُذكر من الجسم، إضافةً إلى مقاومتها للتآكل.[3][8]
- الزرعات الخزفية، مثل زرعات الزيركون (Zirconia)، وهيدروكسي أباتيت (Hydroxyapatite)، والألومينا المسامية (Alumina)، تتميز بلونها الأقرب للطبيعي، وقوتها، وقدرتها على التوافق الحيوي مع الأنسجة، ومقاومتها العالية لعوامل التآكل التي قد تتعرّض لها.[[3][9]
- البوليمرات، مثل متعدد الإيثيلين (Polyethylene)، تتميز بخفّة وزنها وليونتها، لكن هشاشتها أعاقت معدل انتشارها.[3]
توصيات ونصائح بعد زراعة الأسنان
يُوصَف التزام المريض بالتعليمات والنصائح بعد زراعة الأسنان على أنّه أحد أهم العوامل التي تُسهم في نجاح وإطالة عمر الزرعات لديه، إذ لا بُد من المواظبة على العناية الشخصية بالأسنان للوقاية من المضاعفات المحتملة،[10] من أبرز التوصيات التي يُنصح المريض بالالتزام بها بعد زراعة الأسنان:
- المواظبة على تنظيف الأسنان المزروعة باستخدام فرشاة ناعمة لتكون لطيفة على الأنسجة، كما يُنصَح بإزالة بقايا الأطعمة العالقة بين الأسنان باستخدام خيط الأسنان لتجنُّب الالتهابات وأمراض اللثة التي قد تحدث وتسبب فشل الزرعات لاحقًا.[10]
- تجنُّب تدخين السجائر لتقليل احتمالية فشل الزرعات، إذ أشارت عديد الدراسات إلى أنّ احتمالية فشل زراعة الأسنان لدى المدخنين ضعف ما هي عليه لدى غير المدخنين.[11]
- الالتزام بالمواعيد الدورية لطبيب الأسنان للتحقُق من سلامة الزرعات السنية والأنسجة المحيطة بها داخل الفك.[4]
- المضمضة باستمرار باستخدام غسول فم مضاد للبكتيريا التي قد تتراكم في الفم، أبرزها كلورهيكسيدين غلوكونات (Chlorhexidine gluconate)، وكلوريد سيتيل البيريدينيوم (cetylpyridinium Chloride).[9]
- الاعتماد على الأطعمة اللينة خلال الأيام الأولى بعد زراعة الأسنان، ثم العودة لتناول الطعام الاعتيادي تدريجيًا.[6]
هل زراعة الأسنان مؤلمة؟
زراعة الأسنان بحد ذاتها غير مؤلمة، لأنها تُجرى بتأثير التخدير الموضعي الذي يؤمّن عدم شعور المريض بألم زراعة الأسنان، لكن القلق والتوتر الذي يشعر به المرضى خلال الإجراء يؤثر في مستوى الألم لديهم،[12] أما بعد زراعة الأسنان وزوال مفعول المخدّر فقد يشعر غالبية المرضى بألم يتراوح بين الطفيف إلى المتوسط، يمكن السيطرة عليه بتناول مسكنات الألم وفقًا لتوصيات الطبيب، يُذكر بأنّ عددًا من العوامل قد تلعب دورًا باختلاف منسوب الألم بين المرضى، أبرزها الجنس (ذكرًا كان أم أنثى)، معدل التدخين، إلى جانب طريقة زراعة الأسنان المُتبَعة.[13]
مميزات زراعة الأسنان وفوائدها
تفوقت زراعة الأسنان بمميزاتها العديدة على الحلول الأُخرى التي كانت شائعة لفترة من الزمن كأطقم الأسنان وغيرها، إذ استطاعت أن تكسب ثقة المرضى وترفع من مستوى رضاهم عن أنفسهم، بتحسين مظهر الوجه والابتسامة والصحة عمومًا نتيجة تحسين القدرة على مضغ أصناف الطعام المختلفة دون الحاجة لقائمة محاذير بمنع تناولها.[9]
من أبرز فوائد ومميزات زراعة الأسنان:[1][9]
- الحفاظ على عظام الفك والحد من اضمحلالها، كما قد يحدث بعد تركيب أطقم الأسنان مثلًا.
- الحفاظ على ثبات الأسنان وعدم تحركها عند تناول الطعام، كما يحدث مع التركيبات السنية المتحركة.
- الحفاظ على جمال الوجه وإعطاؤه مظهر أكثر شبابًا، من خلال ضمان وجود عظم الفك الذي يدعم تراكيب الوجه وعضلاته.
- تحسين القدرة على مضغ الطعام.
- تحسين القدرة على النطق بلفظ الأحرف من مخارجها الصحيحة.
- تحسين إطباق الأسنان.
- عدم الحاجة للمساس بالأسنان المجاورة لتثبيت الزرعات، مما يحافظ عليها ويُجنبها حالات التسوس والحساسية العالية التي قد ترافق تركيب أطقم الأسنان الثابتة مثلًا.