تُعد فطريات الفم أو كما تُعرَف بسُلاق الفم أو القلاع الفموي (Oral Candidiasis/Oral Thrush) أحد أنواع العدوى الطفيفة التي تصيب الغشاء المخاطي المُبطّن للفم، مُسببةً ظهور بقع بيضاء مزعجة على اللسان والغشاء المخاطي داخل للفم.[1]
ما هي فطريات الفم؟
فطريات الفم هي أحد أنواع العدوى التي يُسبّبها فطر المبيضة (Candida)، وتُعدّ المبيضة البيضاء (Candida Albicans) المسؤولة عن فطريات الفم الشائعة،[1] وهو فطر يتواجد طبيعيًا بأعداد ضئيلة في كلٍ من الفم، والقناة الهضمية، والجلد، ويتحكّم في نموه وانتشاره أنواعٌ من البكتيريا النافعة في الجسم، وفي حال تعرُّض الجسم لمرضٍ ما أو استخدام بعض الأدوية كالمضادات الحيوية، تتراجع أعداد البكتيريا النافعة، ما ينجم عنه تزايد وتفشّي فطر المبيضة مُسبّبًا القلاع الفموي.[2]
قد تقتصر عدوى المبيضة البيضاء على إصابة الفم والحلق فقط، أو أنها قد تمتد لدى بعض المرضى وتصيب المريء ( القناة الواصلة بين الحلق والمعدة) فيما يُعرف بالقلاع المريئي (Esophageal Candidiasis).[3]
أسباب فطريات الفم
تُعد فطريات الفم أكثر شيوعا بين الرُضّع، وبالأخص ممّن لم تتجاوز أعمارهم شهرًا واحدًا،[3] إذ قد تكون العدوى قد انتقلت من الأم إلى الرضيع خلال فترة الحمل، أو الولادة، أو الرضاعة،[4] كما ترتفع احتمالية الإصابة بفطريات الفم في عدّة حالات، من أبرزها:[1][5]
- استخدام أطقم الأسنان، خصوصًا في حال لم يكن قياس طقم الأسنان ملائمًا لفك للمريض، أو في حال إهمال نظافة طقم الأسنان، أو عدم خلعه قبل النوم.
- استخدام المضادات الحيوية: إذ قد تسهم المضادات الحيوية وبالأخص لدى استخدامها لفتراتٍ طويلة أو بجرعاتٍ عالية في القضاء على البكتيريا النافعة التي تسيطر على الفطريات في الفم، ما يتسبّب بنمو وتفشّي فطر المبيضة مُسبّبًا القلاع الفموي.
- الإصابة بمرض السكري، وبالأخص في حال عدم القدرة على ضبط مستويات السكر في الدم.
- الاستخدام طويل الأمد للستيرويدات (Steroids)، فضلًا عن استخدام بخاخات الكورتيكوستيرويدات (Corticosteriod) الاستنشاقية المُستَخدمة للسيطرة على أزمات الربو التنفسية.
- عدم الاهتمام بنظافة الفم.
- جفاف الفم نتيجة إنتاج الفم كمياتٍ ضئيلة من اللعاب، بفعل استخدام بعض العلاجات أو نتيجة الإصابة بمشكلة صحية.
- الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري (HIV).
- التدخين، وبالأخص لدى المُدخّنين الشرِهين.
- سوء التغذية وعوز الجسم لبعض العناصر، مثل: الحديد، و فيتامين ب 12، وفيتامين أ، والمغنيسيوم، والسيلينيوم، والزنك، وحمض الفوليك، والأحماض الدهنية الأساسية (هي الأحماض التي يعجز جسم الإنسان عن تصنيعها، ويعتمد على تناول بعض الأطعمة للحصول عليها، من الأحماض الدهنية الأساسية حمض اللينوليك (Linoleic Acid)، والحمض الدهني أوميجا 6 (omega-6)[6]).
- قصور الغدة الدرقية (نقص نشاط الغدة الدرقية) (Hypothyroidism).
- طول فترة البقاء في المستشفيات، وبالأخص لدى حديثي الولادة.
- استخدام العلاج الكيميائي بالتزامن مع العلاج الإشعاعي لعلاج سرطان الرأس والعنق، فقد ينجم عنه التهاب وتقرُّح الأغشية المخاطية في الفم، مما يُعرّض المريض للإصابة بالقلاع الفموي.
ومن الجدير بالذكر أنه غالبًا ما تُعزى الإصابة بداء القلاع المريئي إلى ضعف الجهاز المناعي وعدم قدرته على مواجهة العدوى، وبالأخص لدى مرضى الإيدز ومرضى سرطان الدم، مثل: ابيضاض الدم (اللوكيميا) (Leukemia)، وسرطان الغدد اللمفاوية (Lymphoma).[3]
أعراض فطريات الفم
قد لا تتسبّب فطريات الفم بأيّ أعراضٍ في المراحل الأُولى من الإصابة بالعدوى،[4] لكن ومع تطوُّر العدوى قد تظهر بعض الأعراض لدى المريض بمرور الوقت:[2][4]
- ظهور بقع بيضاء بارزة قليلًا عمّا حولها وذات مظهر شبيه بالجبن على اللسان، أو الأغشية المُبطّنة للوجنتين، أو سقف الفم، أو اللثة، أو اللوزتين، أو مؤخرة الحلق، أو الشفتين، قد يصحبها نزيف طفيف لدى محاولة خدشها.
- التهاب الشفة الزاوي (Angular Cheilitis): التهاب وتشقُّق وجفاف جانبي الفم.
- الشعور بملمس قطني في الفم.
- صعوبة البلع.
- الشعور بحرَقة في الفم.
- المذاق السيّئ في الفم، أو فقدان القدرة على التذوق.
- الاحمرار والتهيج والشعور بألم أسفل أطقم الأسنان.
- الحمامى اللثوية الخطية (Linear Gingival Erythema): وهي ظهور ما يُشبه الخط أو الشريط من الالتهابات على اللثة.
- التهاب اللسان المَعيني الناصف (Median Rhomboid Glossitis): ظهور جزء في منتصف اللسان بلون أكثر حُمرة، ولا يصحبه الشعور بالألم.
وقد تظهر على المريض عدّة أعراض أُخرى في حال وصول العدوى للمريء، مثل: الشعور بألم عند محاولة البلع، وكأن الطعام عالقٌ في الحلق أو منتصف الصدر، كما قد يعاني المريض من ارتفاع درجة حرارة الجسم في حال تفشي العدوى في أعضاءٍ أُخرى دون المريء.[2]
أعراض فطريات الفم عند الأطفال
يَشيع ظهور فطريات الفم لدى الرُضّع والأطفال الصغار، وغالبًا ما تظهر عليهم نفس أعراض فطريات الفم لدى البالغين والتي تتمثّل بظهور بقع بيضاء أو صفراء على اللسان أو باطن الفم، مع نزفها وتقرُّحها لدى خدشها، إلى جانب تقرُّح الفم وتشقُّق زواياه، إلا أنّها غالبًا ما يصحبها حدّة مزاج الرضيع وتهيُّجه، فضلًا عن صعوبة إرضاعه.[4]
قد تنتقل عدوى المبيضات من الرضيع لثدي الأم، عندئذٍ تعاني الأُم من عدّة أعراض، أبرزها:[2][4]
- التشقُّق، والاحمرار، والحكّة في الحلمتين.
- تقشُّر ولمعان الجلد في الحلمتين أو حولهما.
- الشعور بألم في الحلمتين أثناء الرضاعة أو بعد الانتهاء منها.
- ظهور بقع بيضاء أو باهتة اللون على الحلمتين أو حولهما.
- الشعور بالوخز والألم في الثدي.
علاج فطريات الفم
غالبًا ما تُشفى فطريات الفم خلال أسبوعين من بداية العلاج،[4] ويعتمد علاج فطريات الفم الطفيفة على الاهتمام بنظافة الفم واستخدام مضادات الفطريات الموضعية،[7] من العلاجات الموضعية المُضادّة للفطريات:[7]
- النيستاتين (Nystatin): من أكثر مضادات الفطريات الموضعية المُستخدمَة لعلاج القلاع الفموي، وتتوافر بأشكال مختلفة، منها أقراص للمص، أو غسول فموي، أو مُعلّق فموى يتمضمض به المريض لبضع دقائق يوميًا لمدة 4 أسابيع، علمًا بأنّه قد تتسبّب مادة النيستاتين ببعض الآثار الجانبية، مثل الغثيان، والتقيؤ، والإسهال.
- كلوتريمازول (Clotrimazole): تتوافر في الصيدليات كأقراص استحلاب.
- ميكونازول (Miconazole): يتوافر كجِل موضعي، قد يُسبّب الميكونازول بعض الآثار الجانبية، مثل التقيؤ والإسهال، ويقتصر استخدامه في علاج الفطريات في حالات التهاب الشفة الزاوي أو التهابات أسفل أطقم الأسنان.
وفي حال عدوى القلاع الفموي المتوسطة أو الشديدة، فيُستخدَم الفلوكونازول (Fluconazole) الذي يتوافر كأقراص فمويّة، يستمر استخدامها لمدة 7 إلى 14 يومًا.[7]
قد لا تستجيب بعض الحالات للعلاجات الموضعيّة، عندئذٍ قد يصف الطبيب بعض الأدوية الأكثر فعاليّة:[7]
- إيتراكونازول (Itraconazole)، سائل فموي.
- بوساكونازول (Posaconazole)، مُعلَّق فموي للمضمضة.
- فوريكونازول (Voriconazole)، أقراص فمويّة.
ومن الجدير بالذكر احتواء كلٍ من الغسول الفموي للنيستاتين وأقراص استحلاب الكلوتريمازول على نسبٍ مرتفعة من السكر (السكروز)، لذا يُنصَح مرضى السكري باستشارة الطبيب قبل استخدام أيّ منها، كما يُنصَح بتجنُّب استخدام مضادات الفطريات الفمويّة خلال الأشهر الأُولى من الحمل، لِما قد يتسبّب به من تشوُّهٍ للأجنّة، واستخدام بدائل أُخرى بإشراف طبيب النسائية المُختّص.[7]
نصائح للوقاية من فطريات الفم
يُنصَح باتبّاع وسائل عدّة لتجنُّب الإصابة بفطريات الفم:[1][2]
- الاهتمام بنظافة الفم، عن طريق غسل الأسنان باستخدام الفرشاة يوميًا، مرتين على الأقل، بالإضافة إلى استخدام خيط تنظيف الأسنان مرة واحدة يوميًا.
- الخضوع للفحوصات الدورية للفم والأسنان، وبالأخص في حال الإصابة بمرض السكري أو لدى استخدام أطقم الأسنان.
- تنظيف الأسنان كل ستة أشهر في عيادة طبيب الأسنان لإزالة الجير.
- الاهتمام بعلاج أي مشاكل صحية تؤثّر في تِعداد البكتيريا النافعة في الجسم، مثل مرض السكري والإيدز.
- عدم الإفراط في استخدام البخاخات أو المضمضة الفموية، فقد تسبّب تراجع أعداد البكتيريا النافعة في الفم.
- الاهتمام بتنظيف بخاخات الاستنشاق بعد الاستخدام، كما يُنصح باستخدام أداة المباعدة في حال استخدام الكورتيكوستيرويدات الاستنشاقية، والاهتمام بمضمضة الفم عقب الانتهاء من استخدام البخاخ.
- الإقلاع عن التدخين.
- الحد من تناول الأطعمة الغنية بالخميرة أو السكريات، كالخبز.