يُعدّ احمرار الأطراف المؤلم من المشكلات الجلدية النادرة، إذْ يعاني منه حوالي 1.3 لكلّ 100 ألف من الأفراد وفق إحدى الدراسات التي نشرت سنة 2019 ميلادي في مجلة (Translational Perioperative and Pain Medicine)، ويُذكر بأنّ حالات احمرار الأطراف المؤلم تختلف في شِدة أعراضها وأسباب حدوثها وسرعة تطوّرها من حالةٍ لأُخرى، لهذا السّبب لا يمكن تخمين تبِعات الإصابة بالمرض أو أسلوب علاجه دون الحصول على تشخيصٍ طِبي متخصّص.[1][2]
احمرار الأطراف المؤلم
عُرِف احمرار الأطراف المؤلم (Erythromelalgia) سابقًا باسم داء ميتشل (Mitchell’s disease)، نسبةً إلى الطبيب والكاتب سيلاس وير ميتشل (Silas Weir Mitchell)، ويعود أصل مصطلح "Erythromelalgia" إلى ثلاث كلمات في اللغة اليونانية؛ كلمة "erythros" وتعني الاحمرار، وكلمة "melos" وتعني الطرف، و"algia" وتعني الألم.[3]
يُعدّ احمرار الأطراف المؤلم من المشاكل الجلدية النادرة والمزمنة التي يصاحبها زيادة تدفق الدم في أجزاءٍ مختلفة من الجسم، غالبًا في القدمين، ولكنّها قد تؤثر أيضًا في اليدين، أو الوجه، أو الساقين، أو الذراعين، وينجم عنها مجموعة من الأعراض المختلفة، أهمها احمرار البشرة والإحساس بالحرقة الشديدين.[3][4]
أعراض احمرار الأطراف المؤلم
يُصَاب البعض باحمرار الأطراف المؤلم في أي مرحلة عمريّة، سواءً في سنّ الطفولة أو في سنّ الرُّشد، وعادةً ما تظهر أعراضه على شكل نوبات، تصبح أكثر حدّة في أوقات وتتحسّن في أوقاتٍ أُخرى، وتستمر هذه النوبات من عدّة دقائق إلى عدة أيام، وتجدر الإشارة إلى إمكانية ملاحظة هذه الأعراض على أحد جانبيّ الجسم أو على كِلا جانبيه،[5][6] وأهم الأعراض الرئيسيّة لهذا الاضطراب:[5][6]
- احمرار القدمين أو احمرار اليدين، أو أجزاء أُخرى في الجسم.
- الشعور بالألم الذي يتراوح في شِدّته بين الخفيف الذي يظهر على صورة وخز بسيط كالإبر، والشديد الذي قد يؤثر في قدرة المُصاب على أداء الأنشطة المختلفة.
- ارتفاع درجة حرارة الجلد في الأجزاء المتأثرة.
تظهر في بعض الحالات أعراض أُخرى أقل شيوعًا لاحمرار الأطراف المؤلم:[5][6]
- الحكّة، إذْ قد تبدأ نوبة احتدام الأعراض غالبًا على صورة حكّة في الجلد.
- تورّم البشرة في الأجزاء المتأثّرة.
- غزارة التعرّق في المكان المصاب أو قِلّته.
- ظهور بقع على البشرة تكون حساسة للمس.
- تغيّر لون الجلد في المنطقة المُتأثرة للأرجوانيّ في فترة عدم احتدام الأعراض.
أسباب الإصابة باحمرار الأطراف المؤلم
تختلف أسباب الإصابة باحمرار الأطراف المؤلم اعتمادًا على نوعه.[6]
أسباب احمرار الأطراف المؤلم الأولي
لا يُعزى سبب الإصابة باحمرار الأطراف المؤلم الأولي (Primary erythromelalgia) إلى الإصابة بأمراض ومشاكل صحية أُخرى، إنمّا قد يرتبط حدوثه في بعض الحالات بوجود طفرة جينيّة تساهم في تطوّر المرض وظهور أعراضه، وفي هذه الحالة قد تنتقل جينات المرض من جيلٍ لآخر في العائلة الواحدة، لكن يجدر الإشارة إلى أنّ معظم حالات احمرار الأطراف الأُولي يصعب فيها معرفة سبب ظهور الاضطراب.[6]
أسباب احمرار الأطراف المؤلم الثانوي
يرجع سبب الإصابة باحمرار الأطراف المؤلم الثانوي (Secondary erythromelalgia) إلى الإصابة باضطرابات ومشاكل صحية أُخرى، من أهمّها:[1][6]
- كثرة الحمر الحقيقية (Polycythaemia vera)، وغيره من الاضطرابات التي تؤثر في الدم.
- ظاهرة رينود (Raynaud’s phenomenon)، التي تسفر عن حدوث تنميل يؤثر في أجزاء مختلفة من الجسم، إضافة إلى تغيّر لون البشرة في تلك الأجزاء.
- الاعتلال العصبي (Neuropathy) الذي يسبّب تضرُّر الأعصاب، ويُسفر عن إثارة شعور بضعف العضلات، والوخز والألم في أجزاء الجسم المُتأثِّرة.
- قلة الصفيحات (Thrombocytopenia)، وهي انخفاض عدد الصفائح الدمويّة في الدم عن المستوى الطبيعي.
- كثرة الصفيحات الأولية (Essential thrombocythemia)، وهو اضطراب الدم المُسبِّب لإنتاج كميات كبيرة من الصفائح الدمويّة .
- اضطرابات المناعة الذاتيّة، مثل: التصلب المتعدد (Multiple sclerosis)، والذئبة (Lupus)، والتهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis).
يظهر احمرار الأطراف المؤلم الثانوي في بعض الحالات كأثر جانبيّ لتناول أدوية معيّنة، مثل:[1]
- حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium channel blocker).
- دواء البروموكريبتين (Bromocriptine).
- رسيوفاستاتين (Rosuvastatin).
- سيكلوسبورين (Cyclosporine).
- ايزوبروبيل موضعي (Topical isopropanol).
- عوامل التباين اليودي (Iodinated contrast agents).
محفزات ظهور أعراض احمرار الأطراف المؤلم
تساهم بعض العوامل في احتدام أعراض احمرار الأطراف المؤلم وظهور نوبات تهيجها على المصاب،[6] أبرزها:[4][6]
- ارتفاع درجة حرارة الجسم بصورة مفاجئة.
- تناول المشروبات الكحوليّة.
- تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين.
- تناول الأطعمة الغنيّة بالتوابل.
- الشعور بالتوتّر، والتعرّض للضغط النفسي الشديد.
- ممارسة التمارين الرياضيّة العنيفة.
- الإصابة بالجفاف.
- التواجد في أماكن دافئة.
تشخيص احمرار الأطراف المؤلم
يعتمد تشخيص احمرار الأطراف المؤلم على طبيعة الأعراض التي تظهر على المصاب، لذلك يُولي طبيب الجلدية جُلّ اهتمامه لِما يصفه المريض عن حالته وأعراضه خلال نوبة احتدامها، وفي بعض الحالات يُجري اختبارًا سريعًا للتأكد من المشكلة، كأن يطلب من المصاب وضع يديه أو قدميه في ماءٍ دافئ ويلاحظ ما يحدث،[7] وقد يُوصَى بإجراء أنواع معينة من التحاليل إن كانت الشكوك تدور حول الإصابة باحمرار الأطراف المؤلم، بهدف استبعاد الإصابة بأمراضٍ أُخرى قد تُثير أعراضًا مشابهة لأعراض احمرار الأطراف المؤلم،[3][7] تشمل هذه التحاليل:[4]
- تحاليل الدم.
- اختبار فحص الجينات، للكشف عن وجود الطفرة الجينيّة المسؤولة عن الإصابة بالمرض.
- فحوصات الأشعة كالتصوير بالأشعة السينية (X-ray).
- التصوير الحراري (Thermography) الذي يساعد على كشف التغيّر في درجة حرارة الجلد.
علاج احمرار الأطراف المؤلم
لا يتوفّر علاج تام لاحمرار الأطراف المؤلم الأولي، ويقتصر سبب استخدام الأدوية في هذه الحالة على أهميتها في تخفيف الأعراض المصاحبة، بينما تُعالَج حالات احمرار الأطراف المؤلم الثانوي بالاعتماد على سبب ظهور المشكلة،[3][6] وتتضمن الخيارات العلاجية لمشكلة احمرار الأطراف المؤلم:
- أدوية تُؤخذ بواسطة الفم: يصف الطبيب هذه الأدوية بالاعتماد على حالة المصاب، ومنها:[5][6]
- الأدوية المضادّة للصرع، مثل: دواء كاربامازيبين (Carbamazepine)، وغابابنتين (Gabapentin).
- الأسبرين (Aspirin)، ولكنّه لا يُعطى للأطفال ويقتصر استخدامه على البالغين فقط.
- مضادات الاكتئاب، مثل: دواء نورتريبتيلين (Nortriptyline)، ودولوكسيتين (Duloxetine)، والأميتربتيلين (Amitriptyline).
- أدوية ضغط الدم، ويحدّد الطبيب النوع المناسب بالاعتماد على سبب الإصابة باحمرار الأطراف المؤلم.
- مضادات الهستامين، مثل: سيتيريزين (Cetirizine)، وثنائي فينيهيدرامين (Diphenhydramine).
- مسكنات الألم التي لا يمكن صرفها إلّا بوصفة طبيّة.
- علاجات موضعيّة: تتوفر بأشكال صيدلانيّة مختلفة؛ كالجل، والبخاخ، والكريم، ومنها: منتجات تحتوي على مادة ليدوكائين (Lidocaine) المُخدرة موضعيًا، أو مادة كابسيسين (Capsaicin) المساعدة على تثبيط مستقبلات الحرارة في الجلد وجعلها أقل تحسّسًا.[5]
- أدوية تُعطى مباشرة في الدم: يصِف الطبيب أحيانًا أدوية تُعطى داخل الوريد مباشرةً مثل ليدوكايين (Lidocaine).[5]
- مكملات غذائية: يفيد المصاب باحمرار الأطراف المؤلم أحيانًا استخدام المكملات الغذائيّة التي تحتوي على المغنيسيوم، أو حمض الليبويك (Alpha Lipoic Acid).[4][6]
- طرق أخرى للسيطرة على الألم: يساعد المصاب في حالات معيّنة اللجوء لطرق أخرى للسيطرة على الألم، مثل: طريقة إحصار العصب (Nerve block).[4][6]
- العلاج الجراحي: مثل جراحة قطع الودي (Sympathectomy) التي تنطوي على قطع النهايات العصبية الناقلة للإشارات العصبيّة إلى اليدين والقدمين، وقد يوصي الطبيب بالخيار الجراحي فقط في الحالات التي لا تُظهر استجابة لطرق العلاج الأُخرى.[3]
تخفيف أعراض احمرار الأطراف المؤلم في المنزل
يمكن تخفيف أعراض احمرار الأطراف المؤلم في المنزل باتّباع مجموعة من النصائح:[4][7]
- محاولة رفع المنطقة المُصابة بالاحمرار.
- تجنب ارتداء الكثير من الملابس.
- تشغيل مروحة أو أي مصدر لتبريد الهواء في المكان المحيط.
- وضع كمادات الجل (Gel packs) الباردة في منشفة، ووضعها على الجلد المُصاب.
- وضع الجزء المصاب على سطح بارد.
- تجنب ممارسة الأنشطة البدنية الشديدة.
يجدر التنويه إلى ضرورة تجنُّب وضع الثلج أو أي شيء بارد للغاية مباشرةً على الجلد المُصاب، كما يجب تجنُّب وضع الطرف المُصاب في الماء البارد لفترة طويلة، فهذا قد يُسبِّب تضرُّر الجلد وانخفاض حرارته عن الطبيعي، وأحيانًا قد يؤدي تغيُّر حرارة الجلد بين الانخفاض والارتفاع إلى تهيُّج المنطقة المُصابة.[5]
تأثير احمرار الأطراف المؤلم في حياة المصاب
يعيش معظم المصابين باحمرار الأطراف المؤلم حياةً طبيعيّة مع استخدامهم العلاج المناسب الذي يحدّ من نوبات احتدام الأعراض مزعجة، إذ لا يعيقهم الاضطراب من متابعة العمل، أو ممارسة الهوايات، أو التنقل والسفر إلى مناطق أُخرى، ومع ذلك، قد تواجه بعض الحالات القليلة التي لا تستجيب للعلاج صعوباتٍ متواصلة تؤثر في حياتهم،[4] لهذا السبب يجب الحرص على سلامة الصحة النفسيّة في حالة الإصابة بهذا الاضطراب، ومحاولة الانخراط في المجتمع والابتعاد عن العُزلة قدر الإمكان، وقد يساعد في ذلك الاشتراك في مجموعات الدعم التي تضمّ أفرادًا يعانون المشكلة ذاتها.[6]