يُزرع نبات القراص (Urtica dioica L. (Stinging nettle)) في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وله تاريخٌ طويل من الاستخدام في الطب التقليدي، كما أنّه استُخدِم كثيرًا كمصدر غذائي.[1]
القراص نباتٌ عشبي معمّر يزدهر في التربة الرطبة، والمروج، والحقول المهجورة في الأماكن المظللة، والمناطق التي تصل إلى ارتفاع 1800 متر، وتكون السيقان رباعية الزوايا وتتميز باللون الأحمر أو الأصفر، يصل طولها إلى 120 سم، وليس لها فروع، أمّا الأوراق فتكون مُسننة ضمن أزواجٍ متقابلة، وتحتوي على أُذينات ملتحمة زغباء، وترتبط الساق بالأوراق بواسطة سويقات أقصر من نصف نصل الورقة،[2] أمّا الأزهار فتكون ثنائية الجنس على شكل نورة عنقودية في محاور الأوراق العليا، وتكون إما ذكرية أو أنثوية في نوارات مميزة، يتفاوت لونها بين البني إلى الأخضر وتزهر سنويًا من شهر أيار حتى أيلول.[3]
انبثق مصطلح "نبات القراص" من الكلمة الأنجلوسكسونية "Noedl" التي تعني "إبرة"، ونظيرها اللاتيني "Urtica" الذي يعني "يحترق"، إذ يمكن أن تؤذي الشعيرات المجهرية الموجودة على السيقان والأوراق الجلد، مما يسبب إحساسًا بالحرقان وطفحًا مؤقتًا، وتُعرف الشعيرات الصغيرة التي لا يمكن اكتشافها عمليًا بالعين البشرية باسم الترايكومس (Trichomes).[4]
كيفية استعمال نبات القراص
اُستخدمت جذور القراص في اليونان القديمة وروما في تليين اللحوم، أما في الوقت الحاضر، فيُستخدم نبات القراص في العديد من المأكولات، إذ يُمزج مع الجبن الأبيض، والبطاطس، وجوزة الطيب، كما تُستخدم هذه النباتات عادةً كخضراواتٍ مسلوقة، أو مطبوخة في الحساء، أو كأعشاب، أو في السلطات، أمّا في أوروبا فيُستخدم نبات القراص في الحساء، أو كخضراوات مطبوخة على البخار أو ذابلة، ولأن نبات القراص المطبوخ له نكهة وملمس مشابه للسبانخ، فذلك يجعله بديلاً مناسبًا له، كذلك يُستخدم نبات القراص لصنع صلصات البيستو، والصلصات لأنواع السلطة المختلفة، وصلصات الغموس، بالإضافة إلى ذلك يمكن صنع مغلي عشبي من أوراقه التي تمتاز بغناها بالفيتامينات والمعادن، إذ يمكن أن يكون لمغلي نبات القراص نكهة معتدلة أو قوية، تشبه مرق الخضراوات اعتمادًا على الكمية المُستخدمة.[4]
فوائد نبات القراص
يمكن استخدام القراص لعلاج عددٍ من الأمراض وفقًا للدراسات والأبحاث:
القراص والبروستاتا
اُستخدم مستخلص جذور نبات القراص اللاذع في المستحضرات التجارية لعلاج أعراض المسالك البولية السفلية المرتبطة بتضخم البروستاتا الحميد (Benign Prostatic Hyperplasia)،[5] وقد أُجريت دراسة نُشرت في مجلة (Pakistan Journal of Biological Sciences) عام 2020 ميلادي على 60 مشاركًا يعانون من مرض تضخم البروستاتا الحميد، وقد وُجد أنّ استهلاكهم لما يُقارب 450 ملليغرامًا من مستخلص نبات القراص يوميًا على مدى اثني عشر أسبوعًا قد أظهر تأثيرًا إيجابيًا في أعراض تضخم البروستاتا الحميد، إذ يمكن أن يُعزى التأثير الكبير لمستخلص القراص إلى قدرته على تعديل مؤشرات الأكسدة والالتهابات، فضلاً عن تعزيز فعالية الأدوية المرتبطة بتضخم البروستاتا الحميد.[6]
صحة العظام
يُعرَف نبات القراص بغناه بالأحماض الأمينية، والبروتينات، والفلافونويدات، والفيتامينات، والمعادن التي تعزز صحة العظام، بما في ذلك الحديد، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والزنك، وفيتامين K، إذ يعزز فيتامين K نشاط الخلايا البانية للعظام، وهو المسؤول عن بناء العظام وتقويتها، كما يحتوي نبات القراص اللاذع على البورون (Boron) الذي يحافظ على مستويات مناسبة من الكالسيوم في الجسم، كما يؤخّر الإصابة بهشاشة العظام.[3]
التهاب الأنف التحسسي
ذكرت العديد من الدراسات استخدام أوراق وجذور نبات القراص في علاج حساسية الأنف، إذ يُعد التهاب الأنف التحسسي من أكثر حالات الحساسية انتشارًا في جميع أنحاء العالم، فهو يصيب 20% أو أكثر من السكان، وقد أُجريت دراسة نُشرت في مجلة (Iranian Journal of Pharmaceutical Research) عام 2017 ميلادي لتقييم مدى فعالية هذه العشبة على الأعراض السريرية والمخبرية لالتهاب الأنف التحسسي، وقد وُجد أنّ تناول أقراص نبات القراص بتركيز 150 ملليغرام 4 مرات يوميًا له بعض التأثيرات الإيجابية في علاج التهاب الأنف التحسسي، والتحكم في الأعراض المصاحبة للحساسية.[7]
مرض السكري
داء السكري هو مشكلة استقلابية شائعة ترتفع فيها مستويات السكر في الدم وتقل حساسية الإنسولين، مما يؤثر في العديد من وظائف الجسم، وقد أظهرت نتائج دراسة نُشرت في مجلة (BMC Complementary and Alternative Medicine) عام 2016 ميلادي، وأُجريت على جرذانٍ مخبرية بهدف بحث تأثير استهلاك نبات القراص على مرض السكري أنّ نبات القراص قد قلل من مستوى جلوكوز الدم، وحسّن من حساسية الإنسولين وتكاثر خلايا بيتا في البنكرياس، وحفّز امتصاص الجلوكوز.[8]
ارتفاع ضغط الدم
توصلت بعض الأبحاث والدراسات إلى أنّ فوائد شرب مغلي القراص (شاي القراص) بانتظام قد تُسهم في تخفيض مستوى ضغط الدم الانقباضي، وتقليل التوتر، وتحسين وظيفة القلب والأوعية الدموية،[3] وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة (Phytomedicine) عام 2018 ميلادي وأُجريت على جرذانٍ مخبرية تعاني من ارتفاع ضغط الدم أنّ استهلاكها لمستخلص أوراق نبات القراص بتراكيز بلغت 10، و50، و200 ملغ/كغ يوميًا على مدى أربعة أسابيع قد خفّض من ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، والمؤشر القلبي (Cardiac Index).[9]
فوائد نبات القراص للنساء
يترافق انقطاع الطمث مع بعض الأعراض المزعجة، كالأعراض الحركية الوعائية (احمرار الوجه، والتعرق الليلي)، واضطرابات النوم، وضمور الفرج المهبلي (الجفاف، والحكة، والحرقان)، واضطرابات المزاج (الاكتئاب، والقلق، والتهيج)، والأعراض الجسدية (آلام الظهر، والتعب، والتيبس، وآلام المفاصل)، بالإضافة للهبات الساخنة، وفد سبق أن أُجريت دراسة نُشرت في مجلة (Complementary Therapies in Medicine) عام 2019 ميلادي لبحث تأثير تناول كبسولات القراص على الهبات الساخنة، وأظهرت نتائجها أنّ استهلاكهن لكبسولات نبات القراص بتركيز بلغ 450 ملليغرام مرّة واحدة يوميًا على مدى أحد عشر أسبوعًا قد قلل من حدوث الهبات الساخنة وحسّن من جودة الحياة للنساء بعد انقطاع الطمث.[10]
كما يُعد تناول مغلي أوراق نبات القراص طريقة رائعة لتعزيز صحة المرأة، إذ إنّ نبات القراص علاجٌ عشبي شائع لتعزيز صحة النساء بسبب استخدامه التقليدي في تدفق الحليب، ولأنّ النساء أكثر عرضةً من الرجال للإصابة بالتهابات المسالك البولية فيمكن أن يخلّص نبات القراص اللاذع -وهو مدر للبول- الجسم من السموم التي تسبب التهابات المسالك البولية لدى النساء، وكذلك يخفف نبات القراص من التشنج والانتفاخ أثناء الدورة الشهرية.[3]
أضرار عشبة القراص
أمّا عن سلامة استخدام نبات القراص، فقد صنّفته المديرية العامة للمفوضية الأوروبية للصحة والسلامة الغذائية، وهيئة سلامة الأغذية الأوروبية بأنّه آمن عند استخدامه كمادة غذائية، وليس له أيّ آثار ضارة عاجلة أو آجلة على صحة الإنسان أو الحيوان، وليس له أي تأثير سلبي على البيئة،[4] لكن ورد في أحد الدراسات أنّ نبات القراص يمكن أن يسبب التهاب شروي (جلدي) غير مناعي، أو التهاب الجلد التماسي، والذي تتمثل أعراضه بشعور في الحكة في المنطقة التي تعرضت للاحتكاك بالعشبة، وقد تختلف الحساسية تجاه نبات القراص اللاذع من شخصٍ لآخر، فقد تستمر الأعراض عادةً من دقائق إلى ساعات، وقد تمتد بعض هذه الأعراض لدى فئات من الأشخاص لمدة تزيد عن 12 ساعة.[11]