تحتضن الجمجمة الدماغ بما يحويه من تراكيب تُوصَف على أنّها الأكثر تعقيدًا في جسم الإنسان، ويتقلّد الدماغ مهام وواجباتٍ غاية في الأهمية تمكّنه من السيطرة على عديد العمليّات الحيويّة التي يحتاجها الجسم لاستدامة عمله كما ينبغي له، مثل: التنفُّس والتفكير وتنظيم درجة حرارة الجسم وغيرها من المشاعر وردود الأفعال الحسيّة التي يستوجب التحكُّم بها باستمرار.[1][2]
اضطرابات ومشاكل الدماغ
يمكن أن تتسلّل مشكلة ما نتيجة اختلال جيني أو مرض وربما إصابة مباشرة تخلخل قدرة الدماغ بأجزائه المختلفة على إنجاز وظائفه الحساسة وإتمامها على أكمل وجه، تتراوح اضطرابات ومشاكل الدماغ في شدّتها بين الطفيفة إلى الشديدة أو المتوسطة، ويترافق كل منها مع أعراض قد تُنبىء بطبيعة المشكلة في الدماغ وتمكّن من تشخيصها المبكّر بإشراف اختصاصيي الدماغ والأعصاب.[3]
من أبرز اضطرابات الدماغ ممكنة الحدوث:[2][3]
- الإصابات المباشرة على الرأس أو في الدماغ ما يؤثّر على خلاياه وأنسجته لتتخلخل بذلك قدرتها على التواصل ونقل الشارات العصبية اللازمة لإتمام عديد المهام، مثل ارتجاج الدماغ أو السكتة الدماغية الناجمة عن جلطة دموية أو نزيف يمنع وصول الدم والأكسجين لأنسجة الدماغ وغيرها ممّا قد تتسبّب به مثل هذه الإصابات الرضحيّة في الدماغ.
- أُم الدم الوعائية (تمدد الأوعية الدموية في الدماغ): عبارة عن انتفاخ منطقة ضعيفة من شريان ما في الدماغ ما قد يتسبّب لاحقًا بتمزقه ونزفه.
- الصداع بأنواعه المختلفة، يتراوح بين الطفيف المُعتَاد وبين ما قد يُعد مؤشرًا لأمراض خطيرة تحتاج لرعاية ومراقبة.
- أورام الدماغ: يمكن أن تنشأ أورام الدماغ نتيجة نمو غير طبيعي للأنسجة بداخله فتخرج بذلك عن السيطرة وتبدأ سلسلة من المشاكل والأعراض الناجمة عن ضغط هذه الأورام على الأنسجة المحيطة بها، يمكن أن تُوصَف الأورام الدماغية على أنّها حميدة أو خبيثة (سرطانية) وتختلف الأعراض المرافقة لكل منها تِبعًا لموقع تكوّنها في الدماغ وحجمها أيضًا، يمكن أن تظهر الأورام السرطانية في الدماغ بعد انتقالها من عضو آخر سبقت إصابته في الجسم.
- الرُعاش "باركنسون": ينجُم عن تلف الخلايا العصبية واضمحلالها شيئًا فشيئًا ما يؤثّر على الحركة فتظهر أُولى العلامات المُمثلّة برعشة اليدين.
- التهاب الدماغ: غالبًا ما تتسبّب العدوى الفيروسية بالتهاب أنسجة الدماغ مُسببًا مجموعة من الأعراض المزعجة.
- ألزهايمر: هو من أكثر أنواع الخرَف شيوعًا وينجُم عن موت واضمحلال الخلايا العصبية في جزء من الدماغ، فتتعطّل بذلك الذاكرة ومركز التفكير تدريجيًا مع التقدُّم في العمر.
- الاضطرابات النفسية مثل الفُصام العقلي والاضطراب ثنائي القطب والقلق والاكتئاب.
الصرع: على الرغم من عدم إمكانيّة تحديد سبب الإصابة بنوبات الصرع لدى غالبيّة الحالات، إلّا أنّه من الممكن أن تنجُم عن أسبابٍ مختلفة مثل السكتات الدماغية وربما نتيجة تلقّي إصابة مباشرة على الدماغ.
فصوص الدماغ ووظائفها
تنقسم القشرة الدماغية (المادة الرمادية) إلى 4 مناطق رئيسية تسمى بالفصوص الدماغية، يمسك كل منها بزمام السيطرة على مجموعة من الوظائف الحيويّة، كالآتي:[1][4]
- الفص الجبهي Frontal Lobe:
تشكّل المنطقة الأمامية من المخ ما يُعرَف بالفص الجبهي، وهو المسؤول عن: تنفيذ الحركات العضلية الإرادية في الجسم والتركيز والتفكير والوظائف والمهارات السلوكية والإدراكية، أيضًا يلعب الفص الجبهي دورًا مهمًا في تركيب الشخصية والمزاج لدى الأشخاص، إلى جانب مساهمته في تكوين وتطوير المهارات اللغوية والتمكين من الإحساس بالاتجاهات المختلفة والمساعدة في استدارة الرأس والعيون بناءً على ذلك.
- الفص الجداري Parietal Lobe:
يُشكّل المنطقة الوُسطى من القشرة الدماغية ويحتضن المنطقة الحسية الجسدية منها، فيستقبل الشارات السمعية، البصرية، الحركية، الحسية وذات العلاقة بالذاكرة لتخضع للمعالجة بغية تحويلها لمعلومات يمكن فهمها والتعرُّف عليها وإدراكها لدى الشخص.
- الفص القذالي Occipital Lobe:
يقَع الفص القذالي في مؤخرّة المخ في الجهة الخلفية من الرأس، يعد مركزًا لمعالجة المعلومات والشارات البصرية الواردة إليه عبر شبكية العين، وتحويلها إلى معلومات يمكن تمييزها بألوانها وأشكالها المختلفة. يتحكّم الجزء الأيمن من الفص القذالي بتفسير المعلومات الواردة إليه من الأجزاء البصرية اليُسرى، في حين يسيطر الجزء الأيسر منه على المعلومات الواردة من الأجزاء البصرية اليمنى.
- الفص الصدغي Temporal Lobe:
يمتدّ الفص الصدغي ليغطّي في جزئه الأول جانبي المخ وباطن المخ في جزئه الثاني بمحاذاة الأُذنين، يشكّل الفص الصدغي مركزًا لاستقبال ومعالجة الشارات الصوتية لتفسيرها والتمكين من فهم اللغة المسموعة.
أيضًا، يرتبط الفص الصدغي بالذاكرة اللفظية والسيطرة على المهارات اللغوية والإدراك المبني عليها وذلك لاحتوائه على تركيب يُعرَف باسم الحُصين Hippocampus.
أجزاء الدماغ ووظائفها
يتكوّن الدماغ من 3 أجزاء رئيسيّة لكلّ منها حفنة من الوظائف المهمّة:[4][5]
- المخ Cerebrum:
يتكوّن المخ من شقّين: النِصف المخّي الأيمن والنصف المخّي الأيسر، ويُوصَف المخ على أنّه أكبر أجزاء الدماغ والمسؤول عن أكثر الوظائف حساسيّة وتعقيدًا، تُشكّل الفصوص الدماغيّة الأربعة شقّي الدماغ وهي: الجبهي، القذالي، الصدغي والجداري، يساهم كل منها بأداء مهام معيّنة ومتخصّصة جدًا عبر سلسلة معقّدة تتيح تواصلها مع بعضها أثناء ذلك.
يغلّف المخ في قشرته الخارجية مليارات الخلايا العصبية والدبقية التي تؤلّف مجتمعةً ما يُعرَف بالمادة الرمادية Grey matter، وتظهر الخلايا العصبية مترابطة بألياف إلى الداخل من القشرة الخارجيّة للمخ لتشكّل ما يُعرَف بالمادة البيضاء White matter.
يسيطر الشق المخّي الأيمن على الوظائف الحسيّة والحركيّة للجزء الأيسر من أجزاء الجسم وأطرافه، ومثل ذلك في الشق الأيسر منه. يستطيع المخ إنجاز وظائفه بإرسال الشارات العصبية المحمّلة برسائل معيّنة من خلال مسارات تنطلق عبرها لإتمام مهمّتها، من أبرز الوظائف التي يديرها ويتحكّم بها المخ: الإدراك والتفكير والتعلُّم والتذكُّر والحركة والإحساس العاطفي والمهارات اللغوية.
- المخيخ Cerebellum:
يتكوّن المخيخ من عدد هائل من الخلايا العصبية وهو يستظّل بالمخ أسفل منه يفصلهما طيّة من المادة الرماديّة التي تحيط بقشرة المخ، تُوكَل للمخيخ مهمّة ضبط النشاط الحرَكي لعضلات الجسم لا سيّما الحركات الدقيقة، إلى جانب مهمّته في السيطرة على توازن الجسم والحِفاظ على الهيئة العامة له مُمثلّة باتسّاق أطرافه (الذارعين والساقين).
- جذع الدماغ Brain stem:
ينبثق جذع الدماغ من قاع الجمجمة يتربّع أمام المخيخ ويشكّل محطة انتقالية تربط المخ والمخيخ مع الحبل الشوكي، وذلك لإيصال الرسائل العصبية المختلفة من القشرة الدماغية باتجاه مختلف أجزاء الجسم وبالعكس. يتكوّن جذع الدماغ من 3 أجزاء رئيسيّة: النخاع المستطيل Medulla oblongata والجسر Pons والدماغ الأوسط Midbrain.
يساهم جذع الدماغ في السيطرة على مجموعة من المهام التلقائيّة في الجسم، مثل: التنفس وإيقاع ضربات القلب وضغط الدم والساعة البيولوجية المتمثلّة بدورة النوم اليومية واليقظة وحاستي السمع والتذوق وحركة العيون والتعابير الوجهية والهضم ودرجات حرارة الجسم والبلع، إلى جانب الحِفاظ على توازن الجسم.
ما هو الدماغ؟ وممّ يتكوّن؟
يتبع الدماغ برفقة الحبل الشوكي للجهاز العصبي المركزي، وهو عبارة عن مجموعة من الأوعية الدمويّة ومليارات الخلايا العصبيّة التي تشكّل شبكة مترابطة تمكّنها من أداء مهامها في السيطرة على جميع وظائف أعضاء الجسم على مدار الساعة.[2][6]
تشكّل الدهون ما نسبته 60% من إجمالي وزن الدماغ الذي يُقدّر بكيلوغرام واحد، ويتكوّن الدماغ من مجموعة من الأجزاء التي يضطلّع كل منها بوظيفة معيّنة عِمادها في ذلك نوعين رئيسيين من الخلايا الدماغيّة: الخلايا العصبية والخلايا الدبقية، أمّا عن أجزاء الدماغ فهو ينقسم إلى 4 فصوص Lobes رئيسيّة وعدّة أجزاء أُخرى مُحاطَة جميعها بغشاء يتكوّن من 3 طبقات ويُعرَف بالسحايا ليشكّل حاجزًا يحمي الدماغ والحبل الشوكي.[2][4]