يُصنّف القضيب ضمن الأجزاء الخارجيّة في الجهاز التناسلي الذكري الذي يضمّ كلًا من جذر القضيب، وجسمه، بالإضافة إلى رأس القضيب المعروف بالحَشفة (Glance)، ويُذكر بأنّ الحشفة تحتوي على عددٍ كبير من النهايات العصبيّة، وهو ما يجعلها الجزء الأكثر حساسيّة في القضيب، والتي تلعب دورًا مهمًّا في الاستثارة الجنسيّة، والقذف، والتحكّم بخروج البول.[1]
ما هو التهاب الحشفة؟
يُعرف التهاب الحَشَفة (Balanitis) بأنّه الالتهاب الذي يصيب رأس القضيب أو الحشفة (Glans)، ليُسبّب شعورًا بالألم وعدم الراحة في الجزء المُصاب، ويحدث هذا الالتهاب في معظم الأحيان جرّاء الإصابة بعدوى فطريّة (الخمائر تحديدًا)، أو قد تكون العدوى أيضًا بكتيرية أو فيروسية، ويُعدّ التهاب الحَشَفة واحدًا من المشكلات الشائعة إلى حدٍّ ما، إذ إنّه يُصيب حوالي 3-11% من الذكور خلال حياتهم بحسب ما نُشِر في (StatPearls) عام 2022 ميلادي، وقد يُصاحب التهاب الحشفة في الوقت ذاته حدوث التهابٍ آخر في ثنية الجلد التي تغطي رأس القضيب، ويطلق على هذه المشكلة اسم التهاب القُلفة والحَشَفة (Balanoposthitis)، والتي تُصيب حوالي 6% من الذكور الذين لم يسبق ختانهم.[2][3]
ينتشر التهاب الحشفة بين الذكور غير المختونين، والختان (الطهور) هو عمليّة تهدف إلى إزالة الجلد الذي يغطي رأس القضيب (القُلفة)، إمّا لأسبابٍ طبيّة، كما في حالات الإصابة بتضيق القُلفة (Phimosis)، أو لأسبابٍ أخرى ذات صِلة بالدين أو العادات المجتمعيّة، كون القلفة توفر بيئة رطبة ودافئة لنمو مسبّبات العدوى،[3][4] وتشير بعض الإحصائيات إلى انخفاض احتمالية الإصابة بالتهاب الحَشَفة بعد الخضوع للختان.[5]
أعراض التهاب الحشفة
يُسفر عن الإصابة بالتهاب الحشفة ظهور أعراضٍ وعلاماتٍ مختلفة على المصاب، ويُعدّ احمرار وانتفاخ رأس القضيب من أكثر الأعراض شيوعًا، وقد تمتدّ هذه الأعراض أيضًا لتشمل طبقة الجلد التي تغطي رأس القضيب (القُلفة)، أو قد يكون التهاب القُلفة سببًا في ظهور أعراض التهاب الحَشَفة،[6][7] ومن الأعراض الأُخرى التي قد تصاحب التهاب الحشفة:[6][8]
- ألم وتهيّج حول الحشفة.
- حكة في الجلد الذي يغطي منطقة الحشفة.
- ظهور تقرحات على رأس القضيب.
- شدّ ولمعان الجلد الذي يغطي رأس القضيب نتيجة تضيقه.
- نزول إفرازات غير اعتياديّة من القضيب.
- إفرازات بيضاء وسميكة تحت الجلد الذي يغطّي رأس القضيب، والتي تُعرف باللخن (Smegma).
- انبعاث رائحة كريهة من القضيب.
- ألم أثناء التبول.
- انتفاخ العقد اللمفاوية في منطقة أعلى الفخذ (الأربية).
- نزول دم من المنطقة المحيطة بالقُلفة.
أنواع التهاب الحشفة
يُقسم التهاب الحشفة لثلاثة أنواع:[5][6]
- التهاب الحَشَفة المُتحلّق (Circinate balanitis): يصاحب التهاب الحَشَفة المُتحلّق ظهور احمرار وانتفاخ وتقرحات صغيرة في الجزء المصاب، ويعود سبب تطوّر هذا النوع من الالتهاب إلى الإصابة بالتهاب المفاصل الارتكاسي (أو التفاعلي) (Reactive arthritis)، وهو نوع من أنواع التهابات المفاصل التي يحفّزها وجود عدوى معينة في الجسم.
- التهاب الحشفة بحسب زون (Zoon’s balanitis) نسبةً للعالِم الذي أشار لها وعرّفها أول مرة: يُعدّ التهاب الحشفة بحسب زون واحدًا من أكثر أنواع التهاب الحشفة شيوعًا، وهو النوع الذي يقصده الناس عادةً عند الإشارة عمومًا لمشكلة التهاب الحشفة دون تحديد نوعه، لِذا يُشَار له غالبًا بمسمّى (Balanitis) فقط، ويُشار إلى أنّ التهاب الحشفة بحسب زون غالبًا ما يُصيب الأشخاص متوسطي العمر ممّن لم يسبق لهم الختان، ويُسفر عن ظهور أعراضٍ مختلفة، كالاحمرار، والشعور بألم في رأس القضيب.
- التهاب الحشفة التقرني الظهاري الكاذب والصخري الشكل (Pseudoepitheliomatous keratotic and micaceous balanitis): يتسبّب هذا الالتهاب في ظهور نتوءاتٍ متقشّرة السطح شبيهة بالثآليل على رأس القضيب، وهو من أنواع التهابات الحشفة النادرة، عادةً ما تصيب الذكور الذين تفوق أعمارهم 60 عامًا.
ما أسباب التهاب الحشفة؟
يُعدّ إهمال نظافة القضيب أحد أهم العوامل المُسبّبة لالتهاب الحشفة لدى الذكور غير المختونين، تحديدًا عند إهمال النظافة الشخصيّة، إذ قد يحدث الالتهاب جرّاء تراكم الجلد الميّت والعرق والبكتيريا وغيرها حول رأس القضيب،[9] ومن الأسباب الأُخرى لالتهاب الحشفة:
- العدوى الفطرية، كالإصابة بداء المبيضة البيضاء (Candida albicans)، وهو من الأسباب الشائعة لالتهاب الحشفة، إذ تتكاثر الفطريات الموجودة طبيعيًا على الجلد عند توفّر البيئة الرطبة والدافئة المناسبة لتكاثرها، وقد تُتاح هذه العوامل تحت طبقة الجلد التي تغطّي رأس القضيب في حالات عدم الختان.[9][10]
- العدوى البكتيريّة، تجِد هذه البكتيريا البيئة المناسبة للتكاثر في الحشفة (رأس القضيب)، حيث الرطوبة والدفء.[9]
- استخدام مواد تهيّج الجلد، مثل: المنظّفات، والعطور.[9]
- الأمراض الجلديّة، مثل: الإكزيما، والصدفية، والحزاز المسطح (Lichen planus)، وطفح الحفاض، والجرَب (Scabies).[9][10]
- الأمراض المزمنة، كالإصابة بمرض السكري، أو التهاب المفاصل التفاعلي (Reactive arthritis).[3]
- الأمراض المنقولة جنسيًّا (STDs)، مثل: الكلاميديا (Chlamydia)، والزهري (Syphilis)، وفيروس الهربس البسيط (Herpes simplex virus)، ومع ذلك لا يُعدّ التهاب الحشفة من الأمراض التي تنتقل بالاتصال الجنسيّ، ولا يمكن أن ينتقل مُسبّبه من الزوجة أثناء الجماع.[9][10]
مضاعفات التهاب الحشفة
ينجم عن التهاب الحشفة حدوث مضاعفات ومشكلاتٍ أُخرى في حالة عدم الخضوع للعلاج المناسب:[5][6]
- احتباس البول.
- إعاقة تدفّق الدم إلى القضيب.
- الجزر المثاني الحالبي (Vesicoureteral reflux)، وهي مشكلة ينجُم عنها تراجع البول واندفاعه باتجاه الكليتين.
- تضيق الإحليل (Urethral stricture)، أي تضيّق مخرج البول.
- الإصابة بالحزاز المتصلب (Lichen sclerosus)، إذ يظهر على الجلد كبقع صلبة وبيضاء اللون، قد تعيق تدفق البول والسائل المنوي عبر الإحليل.
- ظهور تقرحات مؤلمة ومصحوبة بنزول الدم، وهذا ما يزيد خطورة إصابة الجسم بأنواعٍ أُخرى من البكتيريا والفيروسات.
- الشعور بالألم عند إرجاع طبقة الجلد الرقيقة التي تغطّي رأس القضيب للخلف، ويُعزى ذلك إلى تكوّن الندبات حول الحَشَفة.
- ارتفاع خطورة الإصابة بسرطان القضيب جرّاء الإصابة بالتهاب الحشفة المزمن واستمراره دون علاج.
تشخيص التهاب الحشفة
يُجري طبيب المسالك البولية فحوصاتٍ مختلفة لتشخيص التهاب الحشفة:[3][5]
- الفحص السريري للتحقق من وجود أعراض تدلّ على العدوى.
- تحليل الدم أو فحص للبول بهدف الكشف عن الإصابة بالسكري، أو العدوى، أو الأمراض المنقولة جنسيًا (STD).
- أخذ مسحة من فتحة الإحليل أو عينة من أيّ إفرازات تخرج من القضيب، وفحصها مخبريًا.
علاج التهاب الحشفة عند الرجال
يعتمد علاج التهاب الحَشَفة عند الذكور على تحديد الأسباب التي أدّت إلى حدوث الالتهاب، لهذا السّبب تُشخّص المشكلة بدقّة لاختيار العلاج الأنسب لها، كما أنّ تلقي العلاج في أقرب فرصة ممكنة يقلّل مخاطر الإصابة بمضاعفات التهاب الحشفة،[6][9] وتتلخّص علاجات التهاب الحشفة:[6][9]
- الأدوية الموضعيّة التي تحتوي على مضادّات للفطريات، مثل ميكونازول (Miconazole)، ونيستاتين (Nystatin)، و كلوتريمازول (Clotrimazole).
- الأدوية الفمويّة المضادّة للفطريات، كالفلوكونازول (Fluconazole).
- الأدوية الموضعيّة التي تحتوي على ستيرويدات منخفضة الفاعلية، إذ تساعد هذه الأدوية على تخفيف أعراض الحكّة والالتهاب في الجلد.
- المضادات الحيويّة، مثل سيفالوسبورين (Cephalosporin)، ويحدّد الطبيب نوع المضادّ الحيوي ومدّة استخدامه بالاعتماد على طبيعة العدوى التي يعانيها المصاب، والتي عادةً ما تكون في هذه الحالة عدوى منقولة جنسيًا.
- الكريمات الموضعيّة المُضادّة للحكّة، إذ قد تساعد هذه الكريمات على تخفيف أعراض الاحمرار والحكّة التي تصيب الحشفة.
- السيطرة على مرض السكري لدى المصابين به، إذ يضع الطبيب خطّة علاجية لضبط مستويات سكر الدم، وتتضمّن هذه الخطّة عادةً استخدام الأدوية إلى جانب مجموعة من التغييرات على العادات المُتّبعة.
يكون الختان من الخيارات المطروحة لعلاج فئاتٍ معيّنة من المصابين بالتهاب الحشفة إن لم يسبق ختانهم من قبل، كالذين يعانون من التهاب الحشفة المتكرّر، والتهاب الحشفة الجفافي المسد (Balanitis xerotica obliterans) الذي يصاحبه تضيّق القُلفة مع احتمال حدوث تندّب والتهاب في رأس القضيب، وعادةً ما يوصي الطبيب بالختان للوقاية من تطوّر المضاعفات، وتكرار ظهور أعراض الالتهاب.[4][6]
يساعد تحضير مغطسٍ من الماء الدافىء مع الملح في التخفيف من الأعراض المُصاحبة لالتهاب الحشفة كالتورم، وذلك بالجلوس في المغطس والحرص على غَمر المنطقة التناسلية بالماء.[5]
توصيات عند الإصابة بالتهاب الحشفة
يُوصَى المصاب بالتهاب الحشفة باتبّاع بعض التعليمات التي تُعنَى بالنظافة الشخصية للمنطقة التناسلية تحديدًا، أبرزها:[6][8]
- تجنب استخدام مستحضرات النظافة الشخصيّة التي تحتوي على مواد قد تهيّج الجلد، كالعطور والمُستحضَرات التي تتكون من الأصباغ والمواد الكيميائية، ويمكن الاستعاضة عنها بمستحضرات علاجيّة مرطّبة.
- مناقشة الطبيب حول وجود بدائل آمنة للمنتجات أو الأدوية التي تُسبّب تحسّس الجلد.
- الحرص على تنظيف العضو الذكري يوميًا وغسله بالماء الدافئ، والتأكد من تجفيفه بلطف بعد غسله.
- التأكد من غسل اليدين قبل التبوّل أو لمس القضيب.
- الحرص على استخدام الواقيات الذكريّة المناسبة للبشرة الحسّاسة.
نصائح للأمهات أثناء العناية بالطفل المصاب بالتهاب الحشفة:[8]
- التأكد من غسل المنطقة التناسلية والقضيب يوميًّا باستخدام الماء الدافئ، مع الحرص على تجفيفها بلطف بعد الانتهاء.
- تجنب استخدام المناديل المُعطّرة أو الصابون عند تنظيف المنطقة الحسّاسة لدى الطفل.
- تجنّب سحب طبقة الجلد الرقيقة التي تغطي رأس القضيب للخلف في حال كانت ثابتة في مكانها.
- التأكد من تغيير الحفاض باستمرار.
الوقاية من التهاب الحشفة
يمكن الوقاية من الإصابة بالتهاب الحشفة أو منع تكرار الإصابة بها بالمحافظة على نظافة المنطقة الحسّاسة جيدًا وبانتظام، إلى جانب مجموعة أُخرى من النصائح:[5][10]
- تجنّب الجماع إذا لُوحظت أعراض التهاب الحشفة.
- الحرص على سحب طبقة الجلد التي تغطي رأس القضيب أثناء التبوّل، والتأكد من تجفيفها بعد الانتهاء.
- الحرص على غسل اليدين جيدًا قبل لمس القضيب بعد التعامل مع المواد الكيماويّة.