تُصنّف الدهون ضمن مصادر الطاقة التي يحصل عليها الجسم من الطعام، وتمنحه مذاقًا وقوامًا مميزين، كما أنّ لها العديد من الوظائف في الجسم، وهناك عدة أنواع من الدهون التي تتباين آثارها الصحية، إذ يُنصح بتناول الدهون الصحية والتقليل من تلك غير الصحية لتجنب الإصابة بأمراض القلب والشرايين.[1]
ما هي الدهون، وما أبرز المجموعات التي تتكون منها؟
تشمل الدهون مجموعة من المركبات القطبية (Polar) وغير القطبية (Non-polar)،[1] ويمكن تقسيم الدهون إلى ثلاث مجموعات رئيسية:[1][2]
- الدهون الثلاثية (Triglycerides):
تشكّل الدهون الثلاثية أكثر من 95% من الدهون الغذائية، وتتكون من أساسيًا من الجليسرول (Glycerol) مع ثلاثة أحماض دهنية تتفاوت في أطوالها وعدد الروابط الثنائية فيما بينها، وتسمى الجليسريدات الثلاثية بالزيوت (Oils) في حال كان قوامها سائلًا ضمن درجة حرارة الغرفة، بينما تسمى بالدهون الصلبة (Fats) في حال كان قوامها صلبًا في ذات الظروف، ويتوفر الدهون الثلاثية طبيعيًا في كل من الأفوكادو، والزيتون، والمكسرات، والذرة.
- الدهون الفوسفورية (Phospholipids):
تشكّل الدهون الفوسفورية نسبة منخفضة (حوالي 2%) من الدهون الغذائية، وتتكون من جزيء جليسرول واحد يرتبط بواسطة رابطة إسترية (Esterified) مع حمض أو اثنين من الأحماض الدهنية ومجموعة قطبية، وللدهون الفوسفورية قابلية للذوبان في الماء، وتوجد في عدد من الأغذية الحيوانية والنباتية، وهي ضرورية لبناء الأنسجة الوقائية حول الخلايا في الجسم.
- الستيرولات (Sterols):
هي أقل أنواع الدهون شيوعًا، ويندرج تحتها مركب الكوليسترول (Cholesterol)، والذي ينتج الجسم الجزء الأكبر منه بينما يحصل عليه من الغذاء بكميات قليلة، وهي أحد المكونات المهمة في الأغشية الخلوية، كما تُعد الستيرولات من متطلبات تصنيع الهرمونات الجنسية، وفيتامين د، وأملاح المرارة.
أنواع الدهون
يمكن تصنيف الدهون إلى 3 أنواع رئيسية:
الدهون المشبعة
تُعرّف الدهون المشبعة على أنها مجموعة من الأحماض الدهنية التي ترتبط فيها ذرات الكربون بروابط أحادية فقط وتتباين أطوالها؛ إذ قد تحتوي على 4-6 ذرات من الكربون وتسمى بالأحماض الدهنية القصيرة، وقد تحتوي على 8-12 ذرة كربون وتسمى بالأحماض الدهنية متوسطة الطول، كما قد تحتوي على 14-20 ذرة كربون وتسمى بالأحماض الدهنية الطويلة، وتسمى بالأحماض الدهنية الطويلة جدًا في حال بلغ عدد ذرات الكربون فيها 22 ذرة أو أكثر.[3]
تتمتع الدهون المشبعة عادةً بقوامٍ صلب في درجات الحرارة العادية، وتُعد اللحوم الحمراء، والزبدة، وزيوت النخيل، وجوز الهند من الأغذية ذات المحتوى العالي من الدهون المشبعة.[4]
يندرج حمض البيوتيرك (Butyric acid) والكابرويك (Caproic acid) ضمن الأحماض الدهنية المشبعة الموجودة طبيعيًا في الغذاء؛ وهما يكثران في منتجات الألبان، وهناك أيضًا حمض اللوريك (Lauric acid) الذي يتوافر في حليب جوز الهند وزيته.[3]
يُعتقد بوجود بعض الأضرار الصحية في حال الإفراط بتناول الدهون المشبعة، إذ إنها قد تسهم في تكدّس الكوليسترول في الشرايين، وترفع من مستوى الكوليسترول الضار (LDL) في الجسم مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات الدماغية.[4]
لا بُد من الإشارة إلى أنّ تناول الأحماض الدهنية المشبعة ليس خطرًا على الصحة بالمطلق، وإنما يعتمد أثر الدهون المشبعة الصحي على نوعية الحمض الدهني ومصدره الغذائي، فبينما يزيد استهلاك اللحوم المصنّعة من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أنه ليس للحوم غير المصنّعة ذات الضرر.[3]
الدهون غير المشبعة
تمثّل الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة (Monounsaturated fatty acids (MUFA)) والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (Polyunsaturated fatty acids (PUFA)) الدهون الصحية، وتحتوي الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة على رابطة ثنائية واحدة، بينما تحتوي الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة على أكثر من رابطة ثنائية وأبرز الأمثلة عليه الحمض الدهني أوميجا-3 (Omega-3) الذي يلعب دورًا أساسيًا في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب في حال الحفاظ على تناوله أسبوعيًا بما يُعادل 0.6% إلى 1.2% من إجمالي السعرات الحرارية،ويسهم تناول الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة في تنظيم مستويات السكر في الدم وبالتالي التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات الدماغية، كما يسهم تناول كل من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة والمتعددة غير المشبعة في تزويد الجسم بالتغذية اللازمة لنمو الخلايا والحفاظ على سلامة الجلد.[1][2]
من أهم مصادر الدهون الصحية زيت الزيتون، إذ إنه غني بحمض الأولييك الأحادي غير المشبع كما توجد كذلك الدهون الأحادية غير المشبعة في بعض أصناف زيوت الصويا، ودوار الشمس والكانولا،[1] وتوجد الزيوت المتعددة غير المشبعة في الأغذية النباتية كالجوز، والبندق، واللوز، وفي الزيوت كزيت الذرة وزيت الكتان، وفي الأسماك كالسلمون.[2]
الدهون المتحولة
الأحماض الدهنية المتحولة تشبه في تركيبها الكيميائي الدهون المشبعة، وهي تنتج في معظمها من الهدرجة الجزئية للزيوت النباتية (بتعرضها للحرارة)، بينما يَنتج جزء قليل منها من مصادر حيوانية (البقر والأغنام أو ما يُعرف بالحيوانات المُجترة) كالحليب واللحوم، يوصى بتجنبها قدر الإمكان واستبدالها بالدهون غير المُشبعة.[1][2]
الاحتياجات اليومية من الدهون
يحتاج الجسم للدهون لأداء العديد من الوظائف، كتخزين الطاقة، وتتظيم درجة حرارة الجسم، بالإضافة إلى دوره في حماية وتغليف بعض الأعضاء الحيوية، كالقلب والكليتين.[2]
تتباين الأغذية في محتواها من أنواع الدهون المختلفة، وعند اختيار الأطعمة يُنصح عمومًا بانتقاء الأغذية الغنية بالدهون الصحية، وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية فإنّ الحاجة الغذائية المُوصى بها من الدهون يتراوح بين 20% إلى 35% من إجمالي السعرات الحرارية، على أن لا يتخطى إجمالي الاستهلاك من الدهون المشبعة تحديدًا 10% من السعرات الحرارية المُتناولة يوميًا لعلاقتها بارتفاع خطر الإصابة بالسمنة والسرطان، والسكري من النوع الثاني.[1][5]
الحمية الغذائية الموصى بها في حالات ارتفاع الدهون
يؤدي ارتفاع الكوليسترول في الدم إلى تراكم الفائض منه على جدران الشرايين، التي ومع مرور الزمن تشكل لُويحات (Plaques) تُضيّق الأوعية الدموية وتقلل من مرونتها مُسببةً تصلب الشرايين (Atherosclerosis)، الأمر الذي يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب.[6]
يتضمّن علاج ارتفاع الكوليسترول في الدم تناول الأدوية اللازمة، إضافةً إلى اتباع الأنماط الحياتية الصحية،[7] والتي لا تقيّد كمية الدهون المتناولة بقدر تركيزها على نوعية تلك الدهون.[6] ويوصى المرضى الذي يعانون من ارتفاع مستويات الدهون بتجنب أصناف معينة من الدهون:[7]
- الدهون المشبعة، فهي من أكثر الدهون التي ترفع نسبة الكوليسترول الضار في الدم، وتشمل الأطعمة المصنّعة، والمقلية بكميات كبيرة من الزيت، والمخبوزات، إذ إنّها ذات محتوى مرتفع من الدهون المشبعة.
- الدهون المتحولة، يكمُن ضررها في قدرتها على رفع نسبة الكوليسترول الضار في الدم وتقليل نسبة الكوليسترول النافع (HDL) في الوقت ذاته، ومن الأغذية الغنية بالدهون المتحولة؛ السمن النباتي، والدهون، والزيوت المهدرجة، ورقائق البسكويت.
يُنصح في المقابل بالإكثار من تناول الخضراوات والفواكه، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والبذور، والمكسرات، إلى جانب ممارسة التمارين الرياضية الهوائية مدة 40 دقيقة، من 3 إلى 4 مرات أسبوعيًا.[6]