علاج العقم عند الرجال

العقم عند الرجال

يُعاني العديد من الأزواج من مشكلة عدم القدرة على الإنجاب لأسبابٍ مختلفة، وتُعزى أكثر من ثُلث حالات العقم إلى مشكلة ما تتعلّق بالرجل، إذ يتطلّب إنتاج حيوانات منويّة بأعداد كافية وبكفاءة عالية لنجاح الحمل، بالتالي فإنّ غالبيّة مشاكل العقم لدى الرجال تعود لاختلالات في إنتاج الحيوانات المنويّة أو في القدرة على إيصالها للمهبل، إلى جانب تدخُّل بعض العوامل الأُخرى مثل الإصابة ببعض المشاكل الصحيّة المزمنة كالسكري أو الاضطرابات الهرمونيّة وغيرها ممّا قد يؤثّر على الجهاز التناسلي الذكري ويتسبّب بشكلٍ أو بآخر بانعكاسات سلبيّة على خصوبة الرجل وقدرته على الإنجاب.

يُذكَر بأنّ الحيوانات المنويّة تُنتج في الخصية وتكتسب بعض مواصفاتها الحركيّة في البربخ، من ثم تتوّجه للقناة الناقلة عبر الأسهر بعد اختلاطها بالسائل المنوي الذي يتّم إفرازه من البروستاتا والحويصلات المنويّة ليتّم بعد ذلك نقلها لخارج الجسم عبر الإحليل.

مع تطور الطب واستمرار البحوث والدراسات، فإنّ العديد من المشاكل الصحيّة أصبحت قيد العلاج ويمكن أن يتخلّص منها المريض ويمارس حياته بشكلٍ طبيعيّ، وفيما يتعلّق بمشاكل عدم القدرة على الإنجاب فإنّ عددًا من الخيارات العلاجيّة باتت متوافرة لدى الاختصاصيين لتشخيص وعلاج الحالة، وقد سُجّلت نِسَب نجاح مرتفعة في كثيرٍ من الحالات، بحيث تمكّن بعدها الشخص المُصاب من تخطّي المشكلة وإنجاب الأطفال.

مشاكل وأسباب العقم عند الرجال

قد يُصاب العديد من الرجال بمشاكل تناسليّة أو صحيّة تُحبط قدرتهم على الإنجاب، منها ما هو ناجم عن أسباب بيئيّة محيطة ومنها ما هو صحّي، فمثلًا قد يكون كُل من: تدخين السجائر، التعرُّض للمعادن الثقيلة أو بعض المواد الكيميائيّة (المبيدات الحشريّة، البنزين، الطِلاء، ...إلخ)، الحرارة العالية أو الأشعة السينيّة سببًا في تخفيض إنتاج الحيوانات المنويّة أو تعطيل عملها، إلى جانب تدخُّل بعض العوامل النفسيّة وتمكُّنها من تقليل فرص الإنجاب، مثل: الاكتئاب، القلق والضغوطات النفسيّة لفترات طويلة وغيرها ممّا يختلف في تأثيره من شخصٍ لآخر.

إلّا أنّ قائمة مُسبّبات وحالات العقم عند الرجال لا تقتصر على العوامل البيئيّة والمُحيطة فقط، إنمّا تتعدّاها لتكون ذات خلفيّات عُضويّة تتعلّق بحدوث مشاكل معيّنة في أحَد أجزاء الجهاز التناسلي الذكري، ممّا يستدعي التدخُّل الجراجي لإصلاح الخلل ورفع قدرة الرجل على الإنجاب، من أكثر مشاكل العقم شُيوعًا لدى الرجال، ما يلي:

  • انخفاض تِعداد الحيوانات المنويّة أو عدم كفاءتها؛ إذ إنّ أكثر من ثلثي حالات العقم لدى الرجال تُعزَى لأي من هذين السببين، وهي حالات غالبًا ما تنجُم عن مشاكل مختلفة، مثل التهاب البربخ أو التهاب الخِصيتين أو الإصابة ببعض الأمراض المنقولة جنسيًّا مثل السيلان أو فيروس نقص المناعة المكتسب HIV.
  • دوالي الخصيتين؛ هي نتيجة انتفاخ وتوسُّع الأوردة الموجودة فوق الخصيتين ما يتسبّب بانخفاض كفاءة الحيوانات المنويّة التي يتّم إنتاجها، وتُعدّ مشكلة دوالي الخِصيّة أحَد أكثر مشاكل العقم القابلة للعلاج.
  • انسداد يمنع خروج الحيوانات المنويّة، ويمكن أن يحدث الانسداد في أي من الآتية: داخل الخصية، القنوات الناقلة للحيوانات المنويّة، البربخ، الإحليل أو بجانب القناة الدافقة.
  • سَبق الخضوع لعمليّة قطع القناة الناقلة للحيوانات المنويّة.
  • مشاكل في القذف، إذ إنّ بعض الرجال قد يتعرّضون لمشاكل صحيّة (مثل: السكري، إصابات النخاع الشوكي، سبق الخضوع لعمليات في الإحليل أو المثانة أو البروستاتا) تتسبّب في القذف العكسي، ما يؤدّي إلى توّجه الحيوانات المنويّة نحو المثانة بدلًا من ذهابها للقناة الدافقة في القضيب.
  • الخِصية المعلّقة؛ إذ تبقى الخصية أو كلتيهما في البطن بدلًا من نزولهما لكيس الصَفن، تحدث هذه الحالة بسبب خلل أثناء مرحلة تكوُّن الجنين داخل الرحم.
  • إنتاج الجسم لأجسام مُضادّة تُهاجم الحيوانات المنوية (خلل في في الجهاز المناعي).
  • خلل في مستويات بعض الهرمونات نتيجة اضطراب الغدد، مثل الغدّة النخاميّة وتحت المهاد وغيرها ممّا يُخفّض مستويات الهرمونات التي تؤثر بشكل مباشر على الجهاز التناسلي الذكري.
  • مشاكل جنسيّة تضم كل من: عدم القدرة على الانتصاب لإيصال الحيوانات المنويّة للمهبل، القذف المبكّر، خلل تشريحي بحيث تكون فتحة الإحليل تحت القضيب (مَبال تحتاني).
  • مشاكل جينيّة، حيث تتسبّب الإصابة ببعض الأمراض الوراثيّة بضعف القدرة على الإنجاب أو عدم القدرة عليها أحيانًا، مثل: متلازمة كلينفلتر، متلازمة كالمان، متلازمة كارتاغينر والتليُّف الكيسي.
  • الإصابة بأورام حميدة أو خبيثة في الغدة النخاميّة.
  • بعض الأمراض البطنيّة الناجمة عن الحساسيّة للجلوتين.
  • التثدّي لدى الرجال بسبب ارتفاع مستوى هرمون البرولاكتين (الحليب).

التشخيص

تُعدّ مشاكل العقم لدى الرجال من الحالات التي يصعُب تشخيصها ومعرفة أسبابها غالبًا، إلّا أنّ اختصاصي الكلى والمسالك البوليّة والعقم والذكورة يُمكنه علاج الحالة من خلال الاستعانة بواحدة أو أكثر من الفحوصات التالية التي تستطيع كشف المشكلة، منها:

  1. الفحص الجسدي.
  2. معرفة التاريخ المرضي.
  3. فحص السائل المنوي؛ إذ يشتمل هذا الفحص على معاينة حجم، تركيب، حركة، تِعداد وتركيز الحيوانات المنويّة في العيّنة.
  4. فحص بالموجات فوق الصوتيّة عبر فتحة الشرج؛ لمعاينة الحويصلات المنويّة والقنوات القاذفة للسائل المنوي.
  5. خزعة من الخِصية؛ يُجرى هذا الفحص في حال انخفاض تِعداد الحيوانات المنويّة أو غيابها بشكل كُلّي في عيّنة السائل المنوي.
  6. فحوصات الدم، مثل: فحص مستوى الهرمون المُنبّه للجُريبات (الحويصلات) FSH وفحص مستوى هرمون التستستيرون.
  7. فحوصات جينيّة.

علاج العقم عند الرجال

تِبعًا للحالة المُسبّبة للعُقم يكون العلاج، إذ من الممكن أن يتّم علاج بعض مشاكل عدم القدرة على الإنجاب لدى الرجال بسهولة حال تشخيص السبب ومعرفته، وتتراوح الطرق العلاجيّة المستخدمة في هذا المجال بين الدوائيّة والجراحيّة، إذ قد يكتفي اختصاصي الكلى والمسالك البوليّة والذكورة والعقم بمتابعة الحالة بعد وصف الدواء المناسب سواءً كان مُضاد حيوي أو هرمونات أو غير ذلك ممّا يراه مناسبًا، وغالبًا ما تكون النتائج مُرضية وتنجح محاولات الحمل.

لكن على الجانب الآخر، قد يُواجه بعض الرجال مشاكل لا تستجيب لأي من العلاجات الدوائيّة وتستدعي اللجوء للحلول الجراحيّة لحل المشكلة، وتشتمل العمليات التي تستهدف حل مشاكل الإنجاب لدى الرجال على الآتية:

  • استئصال القناة القاذفة عبر الإحليل، تستهدف هذه العمليّة حالات انسداد هذه القناة عبر استئصال الجزء المسدود، بالتالي تحسين عبور السائل المنوي المُحمّل بالحيوانات المنويّة.
  • عملية دوالي الخصية، تستهدف هذه العمليّة قطع أوردة الدوالي الموجودة في كيس الصفن حول الخِصيتين؛ لتحسين تدفق الدم باتجاه الأعضاء التناسليّة وتحسين معدل إنتاج الحيوانات المنويّة.
  • إجراء مفاغرة أسهريّة بربخيّة: عبارة عن عمليّة مجهرية يتّم من خلالها عمل وصلة (مفاغرة) بين البربخ والقناة الدافقة للمَني (الأسهر)؛ لعلاج الانسداد داخل البربخ.
  • إجراء مفاغرة أسهرية أسهرية: وهي عملية تستهدف إعادة تدفق السائل المنوي عبر الأسهر بعد خضوع المريض لعملية سابقة اشتملت على استئصاله لسببٍ ما.
  • عمليات استخلاص أو سحب الحيوانات المنويّة: في بعض الحالات قد يلجأ الاختصاصي إلى سحب الحيوانات المنويّة إمّا من الخصية أو من البربخ عبر إدخال إبرة ماصّة لاستخلاص الحيوانات المنويّة أو الأنسجة التي تحتويها، على أن يُستكمل الإخصاب خارجيًا عبر طريقة أطفال الأنابيب، تُتيح هذه الطريقة خِيار حفظ الحيوانات المنويّة بالتجميد إلى حين عودة الحاجة إليها مرة أُخرى.

فترة التعافي

تختلف فترة التعافي حسب الإجراء الجراحي الذي خضع له المريض، وغالبًا يُنصح بالراحة خلال الأيام الأُولى التالية للعمليّة أيًّا كانت، إضافة إلى ضرورة الابتعاد عن أي مجهود بدني يتطلّب القيام بنشاط جسماني زائد. يقضي المريض فترته الأُولى برفقة بعض المسكنات وأدوية المضادات الحيويّة -حسب الحالة ووصفة الاختصاصي-، كما يُمنع الجِماع خلال أسبوعين على الأقل أو حسب تعليمات الاختصاصي.

يعتمد نجاح الإجراء في سبيل علاج حالات العقم على عدّة عوامل، وتتراوح هذه النسب اعتمادًا على المُسبّب أيضًا فمثلًا تنجح عمليات إصلاح مشكلة دوالي الخصية بنسبة تتراوح بين 20% إلى 60%، يُجرى فحص للسائل المنوي بعد ثلاثة أشهر من الإجراء -عادةً- ولمدة سنة كاملة؛ لمراقبة الحالة والاطمئنان على مقدار التحسُن. تجدر الإشارة إلى أنّ نجاح الحمل من عدمه يعتمد أيضًا على عوامل تتعلّق بالزوجة مثل عمرها وخصوبتها، لِذا يجب أن يسبق فحص وعلاج الزوج التحقُّق من عدم وجود أي مشاكل لدى الزوجة. 

أهم مقدمي العلاج

اطلب عرض سعر