يسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن (Chronic obstructive pulmonary disease (COPD)) تلفًا تدريجيًا في أنسجة الرئة مما يصعب دخول الهواء إليها، إذ يُعرّف على أنه التهاب مزمن يحدث نتيجة التعرض المستمر لغازات أو جزيئات سامة وضارة، مما يتسبب بتضيق الشعب الهوائية وانخفاض قدرة الرئة على التمدد والانكماش خلال الشهيق والزفير.[1]
يُعد مرض الانسداد الرئوي ثالث أبرز أسباب أسباب الوفاة حول العالم،[2] إذ تشير الدراسات إلى إصابة ما يتراوح بين 5 -10 أشخاص من كل 100 شخص تتجاوز أعمارهم سن الأربعين بالانسداد الرئوي المزمن، وبدرجة أكبر بين الرجال أكثر منه لدى النساء، ومن الجدير بالذكر أنّ مرض الانسداد الرئوي المزمن لا يظهر فجأة بل يظهر بالتدريج على مدار عدة سنوات، وعادةً ما يُشخّص المرضى به بعد أن تزداد الأعراض التنفسية سوءًا.[3]
أعراض الانسداد الرئوي المزمن
تتمتع رئة الإنسان بمرونة كبيرة، إذ يحتاج الجسم فقط لعُشر كمية الهواء الموجودة في الرئة في أقصى حالات تمددها، لذا لا يلاحظ الكثيرون ممن أصيبوا بانسداد رئوي مزمن الأعراض الرئوية في البداية والتي تستهدف وظائف الرئة وقدرتها على التمدد، فلا تظهر أعراض ضيق التنفس إلّا عندما تنخفض سعة الرئة كثيرًا،[3] ومن أبرز أعراض الانسداد الرئوي المزمن:[1][4]
- السعال، وعادةً ما يكون في الصباح، ثم يصبح مستمرًا خلال اليوم عند تقدم المرض، كما يصاحبه خروج بلغم قد تتغير طبيعته تبعًا لشدة المرض.
- الشعور بضيق في النفس، إذ يبدأ خلال ممارسة التمارين الرياضية، ثم يتطور ليشعر المريض بضيق التنفس حتى لدى عدم بذل أي مجهود يُذكر، وقد يرافقه مواجهة صعوبة في التكلم بجمل واضحة وكاملة.
- بروز الصدر، وسماع صوت طنين داخله، وينجم ذلك عن عدم قدرة الرئتين على إخراج الهواء المستنشق بالكامل.
- اضطراب في صوت التنفس الطبيعي، وسماع صفير خلاله أو قرقعات.
- ارتفاع معدل التنفس، يحدث في محاولة من الجسم لتعويض نقص الأكسجة.
- فقدان الوزن، والشعور بالتعب العام.
- الصداع وفقدان للكتلة العضلية.
- تحول الجلد إلى اللون الأزرق نتيجة انخفاض نسبة الأوكسجين في الشرايين.
عوامل خطر الإصابة بانسداد الرئة المزمن
توجد مجموعة من عوامل الخطر التي قد تتسب بارتفاع احتمالية الإصابة بانسداد الرئة المزمن، مثل الاستعداد الجيني أو الوراثي، والتدخين، والتعرض للملوثات البيئية، والتقدم في السن،كما أشارت الدراسات مؤخرًا إلى مجموعة أخرى من عوامل الخطر الحديثة، مثل الجنس/النوع ولكن تبعًا للموقع الجغرافي؛ إذ لوحظ ارتفاع الإصابة بالمرض لدى النساء في المجتمعات الغربية كأمريكا مثلًا، عكس المجتمعات الآسيوية التي ترتفع فيها نسب المصابين الرجال، كما يُذكر بأنّ تدخين السجائر الإلكترونية التي يستنشق فيها المدخن بخار سائل السجائر الإلكترونية المليء بالمواد الكيميائية الضارة، لذا يُلاحظ حاليًا ارتفاع نسب الإصابة بانسداد الرئة المزمن لدى فئة الشباب.[5]
التعايش مع مرض انسداد الرئة المزمن
يؤثر مرض انسداد الرئة المزمن في صحة المريض الجسدية، والنفسية، وفي علاقاته الأسرية والاجتماعية،[6] لذا على المرضى الالتزام بنظام حياة معين يساعدهم في التعايش معه، ولعلّ النظام الغذائي المتبع من أبرز الأمور التي يجب التركيز عليها، لاسيما وأنّ العديد من الدراسات أشارت إلى ارتباط الحمية الغذائية المتبعة بارتفاع خطر الإصابة بانسداد الرئة المزمن، خصوصًا تلك الغنية باللحوم الحمراء المصنعة، والحبوب المعالجة والمكررة، والحلويات، والدهون المشبعة، لذا يُنصح مرضى الانسداد الرئوي المزمن الالتزام بحمية غذائية تشبه تلك المتبعة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، والمتمثلة بتناول كمية كبيرة من الخضراوات والفواكه الطازجة، بالإضافة إلى الأسماك والحبوب الكاملة.[7]
كما يمكن التعايش مع المرض من خلال تجنب التعرض للهواء البارد جدًا أو بتجنب الخروج عندما يكون الطقس حارًا، بالإضافة إلى تجنب التدخين والابتعاد عن الأشخاص المدخنين أيضًا، ويُنصح دومًا بتجنب القلق والتوتر لِما له من دور في تأجيج المشكلة المرَضية ،أمّا على صعيد الحركة اليومية، فيجب استشارة الطبيب حول المسافة الآمنة التي يمكن قطعها مشيًا، وزيادتها تدريجيًا مع الوقت، إلى جانب تجنب التكلم عند الشعور بانقطاع في النفس خلال المشي.[8]