يُعد تمدّد الأوعية الدموية الأبهري (أُمُ الدم الأبهرية) (Aortic Aneurysm) من المشكلات الصحية الخطيرة التي قد تؤدي إلى حدوث نزيفٍ داخلي، قد يُسفر عن الوفاة، لذا من الضروري الالتزام بتعليمات الطبيب، وإجراء الفحوصات المناسبة للكشف عن الإصابة وتلقي العلاج، تفاديًا لحدوث أية مضاعفات.[1]
ما هو الشريان الأبهر؟
الشريان الأبهر (الأورطي) (Aorta) هو أكبر الشرايين في الجسم، وهو المسؤول عن نقل الدم المُحمّل بالأُكسجين والمغذيات من عضلة القلب إلى باقي أنحاء الجسم، ينبثق الشريان الأبهر من الصمام الأبهر في البُطين الأيسر من عضلة القلب،[2] وينقسم بدوره إلى عدة تفرُّعات:[2]
- الشريان الأبهر الصاعد (Ascending Aorta):
ينبثق الشريان الأبهر الصاعد من الصمام الأبهر، ويتفرع إلى الشرايين التاجية المسؤولة عن تروية عضلة القلب بالدم المُحمل بالأُكسجين، ينحني الشريان الأبهر الصاعد يسارًا أمام القصبة الهوائية مُكونًا قوس الأبهر.
- قوس الأبهر (Aortic Arch):
هو امتداد للشريان الأبهر الصاعد، وينقسم إلى ثلاث تفرعات، الشريان العضدي الرأسي (Brachiocephalic)، والشريان السباتي الأيسر(Left Common Carotid)، والشريان تحت الترقوة الأيسر (Left Subclavian)، ويستمر انحناء قوس الأبهر يسارًا تجاه الخلف حتى يبدأ الشريان الأبهر النازل.
- الشريان الأبهر النازل (Descending Aorta):
الشريان الأبهري النازل يبدأ بالشريان الصدري، حتى عضلة الحجاب الحاجز، ومن ثم يعبر من خلالها ليُكمل طريقه في البطن ليُسمى الشريان البطني، ينقسم بدوره إلى عدة تفرعات لتروية عدة أعضاء في الجسم، مثل الأمعاء، والطحال والبنكرياس وغيرها.
ما هو تمدّد الأوعية الدموية الأبهري؟
تمدّد الأوعية الدموية الأبهري (أُم الدم الأبهرية) هي مشكلة صحية تتسم باتساعٍ غير طبيعي في جزءٍ من الشريان الأبهر، إذ يزداد فيها قطر الشريان -على الأقل- بنسبة تزيد عن 50% من قطر الشريان الطبيعي، ففي الحالات الطبيعية يتسم جدار الشريان الأبهر بصلابة كافية لتحمُّل ضغط الدم الوارد إليه من عضلة القلب، لكن قد تتسبّب بعض المشكلات الصحية، أو العيوب الخلقية، أو الإصابات بضعف أو تضرُّر جدران الشريان الأبهري، ممّا قد يجعلها غير قادرة على تحمُّل ضغط الدم، فتتمدّد أجزاء منها وتظهر انتفاخات شبيهة بالبالون المُنتفخ، وفي الحقيقة قد لا تُسبّب أُم الدم الأبهرية ظهور أية أعراض، لكنها قد تؤدي إلى بعض المضاعفات الخطيرة مع زيادة حجمها، مثل انفجار (Rupture) البالون المُتكوّن، أو تمزُّق جدار الشريان الأورطي (Aortic Dissection)،[3] أي انفصال طبقاته الداخلية والوسطى عن بعضها، فيتدفق الدم بين الطبقتين بدلًا من مساره الطبيعي،[4] وتنقسم أم الدم الأبهرية تبعًا لموقعها في الجسم إلى نوعين:
تمدُّد الشريان الأبهري البطني
تمدُّد الشريان الأبهري البطني (أم الدم الأبهرية البطنية) (Abdominal Aortic Aneurysm or AAA) هو تمدُّد الشريان الأبهر البطني وزيادة قطره إلى 3 سنتيمترات أو أكثر، ويبدأ الانتفاخ عادةً تحت الشريان الكلوي، كما تتضمّن الشريانيين الحرقفيين في حوالي 50% من الحالات.[5]
يُعد تمدُّد الشريان الأبهري البطني النوع الأكثر شيوعًا من تمدُّد الأوعية الدموية الأبهري، وهو أكثر شيوعًا بين الذكور مقارنة بالإناث، قد تقتصر أم دم الأبهرية البطنية لدى حدوثها على زيادة قطر الشريان الأبهر فقط، كما قد يصحبها تكون الخثرات الدموية أيضًا.[5]
تمدُّد الشريان الأبهري الصدري
تمدُّد الشريان الأبهري الصدري (أم الدم الأبهرية الصدرية) (Thoracic Aortic Aneurysm) هو تمدُّد غير طبيعي في جدران الشريان الأبهر في منطقة الصدر أعلى عضلة الحجاب الحاجز، وهو النوع الأقل شيوعًا من تمدّد الأوعية الدموية الأبهري، وهو شائعً بين الذكور والإناث على حدٍ سواء،[6] قد تصيب أم الدم الأبهرية الصدرية عدة أجزاء من الشريان الأبهر:[6]
- الشريان الأبهر الصدري الصاعد (Ascending Thoracic Aorta)، تحديدًا بين جذر الشريان الأبهر والشريان العضدي الرأسي.
- قوس الأبهر الذي يشمل الشريان العضدي الرأسي، والشريان السباتي، وشريان تحت الترقوة.
- الشريان الأبهر الصدري النازل (Descending Thoracic Aorta).
تجدر الإشارة إلى أنه قد تحدث أم الدم الأبهرية في أجزاء من الشريان الأبهر البطني والصدري في آنٍ واحد، فيما يُعرف بأم الدم الأبهرية البطنية الصدرية (Thoracoabdominal Aneurysms or TAAAs).[7]
أعراض تمدُّد الأوعية الدموية الأبهري
غالبًا لا تُسبّب الإصابة بأم الدم الأبهرية ظهور أيّ أعراض، فكثيرًا ما يُكشف عنها بمحض الصدفة لدى الخضوع لبعض الفحوصات الطبية، وعادةً ما تظهر الأعراض نتيجة الضغط على الأعضاء المجاورة، أو تمزُّق أم الدم الأبهرية، والذي قد تزداد احتمالية حدوثه بزيادة حجم تمدُّد الشريان،[5][6] وتنقسم أعراض تمدّد الأوعية الدموية الأبهري تبعًا لنوعه:
أعراض تمدُّد الشريان الأبهري البطني
قد يعاني المُصابون بتمدد الشريان الأبهري البطني من بعض الأعراض:[5]
- ألم ثابت وعميق في أسفل الظهر.
- خفقان غير طبيعي في البطن.
لكن في حال تمزُّق الانتفاخ الشرياني قد يشعر المُصاب بألمٍ شديد، أو مفاجئ، أو مستمر في البطن أو الظهر، وقد يمتد الألم إلى المنطقة الأربية (أعلى الفخذ)، أو الأرداف، أو الساقين.[8]
فضلًا عن بعض الأعراض الأُخرى:[8]
- الدوار.
- الغثيان.
- التقيؤ.
- التعرُّق.
- تسارع ضربات القلب.
- الإغماء.
كما قد يلاحظ الطبيب وجود كتلة في بطن المريض.[8]
أعراض تمدُّد الشريان الأبهري الصدري
قد يتسبّب ضغط أم الدم الأبهرية الصدرية على الأعضاء المجاورة لها في الشعور بعدة أعراض:[6]
- آلام في الظهر والصدر.
- السعال.
- الأزيز (الصفير لدى التنفس).
- عسر البلع.
- خشونة الصوت (البحة في الصوت).
والجدير بالذكر أنه في حال تمزق أم دم الأبهرية الصدرية يعاني المريض من بعض الأعراض التي قد تختلف باختلاف موضع التمزق:[3]
- ألم شديد ومفاجئ في الصدر أو الظهر.
- انخفاض ضغط الدم.
- التقيؤ الدموي.
- نفث (بصق) الدم.
أسباب تمدُّد الأوعية الدموية الأبهري
قد تزيد عدة أسباب من خطر الإصابة بأم الدم الأبهرية، ولعل أبرز هذه العوامل:
- الإصابة بارتفاع ضغط الدم.[9]
- الإصابة ببعض المتلازمات الوراثية، مثل متلازمة مارفان (Marfan Syndrome)، ومتلازمة إهلرس-دانلوس (Ehlers-Danlos Syndrome).[10]
- تصلُّب الشرايين (Atherosclerosis): وهو تيبّس وزيادة صلابة جدران الشرايين نتيجة تراكم لويحات من الدهون والكوليسترول على جدران الأوعية، مما قد يسبب تضيق الشرايين وصعوبة تدفُّق الدم خلالها.[11][5]
- التدخين.[9]
- ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم.[9]
- التعرُّض للإصابات المباشرة في الشريان الأبهر أو أحد تفرعاته.[9]
- أم الدم الفطرية الشكل (أم الدم العدوائية) (Mycotic Aneurysm): هي تمدد الأوعية الدموية الناتج عن إصابة جدران الأوعية الدموية بعدوى بكتيرية، او فيروسية، أو فطرية.[12][5]
- التقدُّم في العمر، بالأخص بتجاوز عمر الخمسين، وهي أكثر شيوعًا لدى الذكور.[9]
- التاريخ العائلي للإصابة بأم الدم الأبهرية، وبالأخص لدى الذكور الأقرباء من الدرجة الأولى، مثل الأب والأخ.[9]
علاج تمدُّد الأوعية الدموية الأبهري
يختلف علاج أم الدم الأبهرية باختلاف حجمها وموقعها في الجسم، ففي حال أم الدم الأبهرية صغيرة الحجم يهدف الأطباء إلى اتباع نظام علاجي بهدف خفض احتمالية حدوث انفجار أو تسلخ الشريان الأبهر، كما يحرص الطبيب على وصف علاجات للسيطرة على المشكلات الصحية التي قد تُسبب تفاقم أم الدم الأبهرية، مثل دواء الأسبرين، أو علاجات ارتفاع ضغط الدم التي تشمل حاصرات مستقبلات بيتا (Beta Blockers)، ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (Angiotensin-Converting Enzyme (ACE) Inhibitors)، أو أدوية الستاتينات (Statins) لخفض مستويات الكوليسترول المرتفعة، أمّا في حال أم الدم الأبهرية كبيرة الحجم فقد يُلجأ حينئذ للتدخل الجراحي لإصلاح الشريان، وبالأخص في حال تمزُّق أم الدم أو تسلخ الشريان الأبهر، ويُجرى إصلاح أم دم الأبهرية جراحيًا إما من خلال عملية جراحية مفتوحة، أو عن طريق الرأب الوعائي وتركيب دعامة (شبكية)، فيما يُعرف بعملية إصلاح تمدُّد الاوعية الدموية من الداخل (Endovascular aneurysm repair or EVAR)، كما يُنصح المرضى المُصابين بتمدد الأوعية الدموية الأبهري بالإقلاع عن التدخين، وممارسة الرياضة متوسطة الشدة بانتظام، مع تجنُّب تناول المنبهات، والإجهاد البدني الشديد كرفع الأثقال، إذ قد يساعد هذا على إبطاء زيادة حجم الانتفاخ، وتجنُّب حدوث المضاعفات.[3][9]