التهاب الكبد الفيروسي (E): ما أسبابه؟ هل يمكن علاجه دوائيًا؟ ما أهم النصائح للوقاية منه؟

يحدث التهاب الكبد E جرّاء الإصابة بعدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي E المسؤول عن معظم حالات التهاب الكبد الفيروسي الحاد في جميع أنحاء العالم، وينتقل هذا الفيروس عادةً بتناول أطعمة أو سوائل ملوّثة ببراز شخص مصاب بالعدوى، وعلى الرغم من تعافي معظم حالات الإصابة بالتهاب الكبد E من تلقاء نفسها دون تدخّل طبي، فقد تستدعي بعض الحالات اللجوء للعلاج الذي يحدّده الطبيب استنادًا إلى شِدة العدوى لدى المصاب، ومقدار الضرر في الكبد.

ينتشر التهاب الكبد E في جميع أنحاء العالم، إذ أشارت التقارير إلى تسجيل حوالي 20 مليون إصابة بالتهاب الكبد E عالميًّا في كلّ سنة، كما تمكّن أيضًا معهد القياسات الصحية والتقييم (the Institute for Health Metrics and Evaluation) من حساب معدل انتشار فيروس التهاب الكبد E عالميًّا في عام 2019 ميلادي، وقد توصّل إلى نتيجة تُفيد بوجود حوالي 20.5 حالة لكلّ 100 ألف من الأشخاص تقريبًا، وفي السياق ذاته، لوحظ ارتفاع معدل انتشار هذه العدوى في البلدان النامية القريبة من خطّ الاستواء، كعددٍ من البلدان الواقعة في منطقة الشرق الأوسط، وأمريكا الوسطى، وأجزاء كبيرة من آسيا وأفريقيا، خاصةً مع ارتباط تفشّي المرض بمواسم الأمطار والفيضانات، والطقس المداري، والاكتظاظ، وسوء النظافة، ومحدوديّة المرافق الصحيّة.[1][2]

ما هو التهاب الكبد E ؟

يُعرف التهاب الكبد E أو التهاب الكبد الوبائي هـ (Hepatitis E)‏ بأنّه التهاب الكبد الناجم عن الإصابة بفيروس ليس له غلاف فيروسي، ويحتوي على جينوم الرنا مفرد السلسلة وموجب السلسلة (Single-stranded, positive-strand RNA genome)، يُطلق عليه اسم فيروس التهاب الكبد الوبائي (E) (HEV)، والذي قد يصيب الثدييات، والطيور، والأسماك، وينتمي هذا الفيروس لجنس فيروسات أورثوهيبفيروس (Orthohepevirus) في عائلة "فيروسات هيبا" (Hepeviridae)، ويُعدّ السبب الأكثر شيوعًا لحدوث عدوى التهاب الكبد الفيروسي E الحاد عالميًّا، ولكنّه قد يُسبّب أحيانًا تطوّر عدوى التهاب الكبد المزمن لدى المصابين بالعدوى ممّن يعانون من ضعف الجهاز المناعي، وعلى الرغم من تعدّد الأنماط الجينيّة لهذا الفيروس، فقد وُجد بأنّ الأنماط الجينيّة 1 و2 (HEV-1 HEV-2) هي الوحيدة القادرة على إصابة البشر بعدوى التهاب الكبد، بينما تُصيب 3 و4 من فيروس التهاب الكبد (E) (HEV-3 and HEV-4) البشر والحيوانات.[3][4]

أعراض التهاب الكبد E

لا يصاحب الغالبيّة العظمى من حالات عدوى التهاب الكبد E ظهور أيّة أعراض على المصاب، كما تزول العدوى كليًّا من تلقاء نفسها بمرور الوقت، ومع ذلك، قد تظهر لدى البعض أعراض تختلف باختلاف طبيعة العدوى وشِدتها، وتتراوح فترة حضانة الفيروس عادةً بين 2-6 أسابيع.[5]

أعراض التهاب الكبد E الحاد

تحدث معظم حالات التهاب الكبد E الحاد غير مصحوبة بظهور أيّة أعراض، وقد ينجم عنها في بعض الحالات ظهور أعراض طفيفة على المصاب لا تستدعي القلق حيالها،[5] وعمومًا، تختلف طبيعة الأعراض التي قد تظهر في بعض حالات التهاب الكبد E الحاد من شخصٍ لآخر:[5][6]

  • الحمّى.
  • التوعّك (الشعور بالتعب العام).
  • ألم في الجسم.
  • التقيؤ.
  • الغثيان.
  • فقدان الشهيّة.
  • ألم البطن.
  • البول داكن اللون.
  • اصفرار الجلد وبياض العينين، وهو ما يسمّى باليرقان (Jaundice).
  • الحكّة.

قد يُسبّب التهاب الكبد E في حالاتٍ نادرة ظهور أعراضٍ شديدة على المصاب، كما في حالات الإصابة بالعدوى خلال فترة الحمل، وتجدر الإشارة إلى ارتفاع خطورة الإصابة بالتهابٍ شديد في الكبد أو قصور الكبد لدى المصابين بأمراض الكبد المزمنة، والنساء الحوامل.[5][6]

أعراض التهاب الكبد E المزمن

تتطوّر العدوى الحادّة لفيروس التهاب الكبد الوبائي E وتتفاقم لتصبح عدوى مزمنة فقط في حالات ضعف مناعة الجسم، كحالات الخضوع لزراعة الأعضاء، والإصابة بعدوى فيروس عوز المناعة البشري (HIV)، إذ يواجه الجسم صعوبة في محاربة العدوى والتخلص منها تلقائيًّا.[4]

يُشار إلى أنّ معظم حالات الإصابة بعدوى التهاب الكبد الوبائي E المزمن لا يصاحبها ظهور أيّة أعراض، ومع ذلك، قد يشعر المصاب بالتعب والضعف العام، ومن المحتمل أن يلاحظ الطبيب حدوث ارتفاع طفيف في مستوى إنزيمات الكبد خلال الفحص، كما تكون عدوى التهاب الكبد E المزمن في بعض الحالات سببًا في حدوث تليّف الكبد، والإصابة بتشمع الكبد.[5]

طرق انتقال التهاب الكبد الوبائي E

غالبًا ما ينتقل التهاب الكبد E من شخصٍ لآخر بالاتصال الفموي الشرجي (Fecal-oral route)، أي عند تناول طعام أو ابتلاع شيء ما ملوّث ببراز شخصٍ مصاب بعدوى التهاب الكبد الوبائي E، لذلك يسهُل انتقال فيروس التهاب الكبد E بين الأشخاص في مناطق تفشّي العدوى بشرب الماء الملوّث بالبراز، أو بتناول اللحوم النيئة أو التي لم تُطهى جيدًا، أو بتناول أية أطعمة أُخرى ملوّثة بالعدوى.[1][6] كذلك تنتقل عدوى التهاب الكبد E بـطرقٍ أُخرى:[3]

  • الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة بعدوى المرض.
  • الخضوع لعملية نقل الدم.
  • الحمل، بانتقاله من الأم إلى جنينها.

قد تنتشر حالات العدوى في البلدان التي لا تُصنّف ضمن مناطق تفشّي فيروس التهاب الكبد والتي يُوصَف نظام صرفها الصحّي على أنّه فعّال، وذلك بسبب عودة المسافرين من البلدان التي تعاني سوء أنظمة الصرف الصحّي، ومحدوديّة مصادر المياه الآمنة أو عدم قدرة سكانها على الوصول إليها.[6]

تُسهم بعض العوامل في ارتفاع احتماليّة الإصابة بعدوى التهاب الكبد E الفيروسي:[7]

  • نقص مناعة الجسم وتثبيطها.
  • الإصابة بمرض الكبد المزمن.
  • العمل في مجال التغذية.
  • العمر، إذ تزداد خطورة الإصابة بالعدوى عند التقدّم بالسن، كتجاوز عمر الستين، أو في مراحل الطفولة الأولى، لمن لم يتجاوز السنتين.
  • السياحة والسفر إلى مناطق انتشار العدوى.
  • الحمل.

علاج التهاب الكبد E

لا يتوفّر مستحضر دوائي مُرخّص لحالات عدوى التهاب الكبد الوبائي E، إذ تتعافى معظم الحالات من تلقاء نفسها دون تدخّل علاجي، وقد يقتصر الأمر على تقديم الرعاية الداعمة للمصاب بهدف السيطرة على أعراضه،[3][4] ومع ذلك، تُستخدم بعض طرق العلاج الدوائية والجراحية لحالاتٍ معيّنة تعاني من التهاب الكبد الوبائي (E):[3][4]

  • دواء ريبافيرين (Ribavirin)، قد يُوصى باستخدامه في بعض حالات الإصابة بالتهاب الكبد E المزمن لدى مرضى نقص المناعة، كما يجب تجنب استخدامه لعلاج النساء الحوامل اللواتي يعانين من عدوى التهاب الكبد E الحادّة، ويُعزى ذلك إلى خطورة حدوث التشوهات التكوينية لدى الجنين عند استخدامه خلال فترة الحمل.
  • الإنترفيرون ألفا (Interferon-alpha)، الذي يُعطى للمرضى في حالة عدم استجابتهم لزراعة الكبد.
  • زراعة الكبد، في حالات الإصابة بعدوى التهاب الكبد E التي يصاحبها حدوث قصور في الكبد.

تتضمّن الخطّة العلاجيّة في حالات الإصابة بعدوى التهاب الكبد E المزمنة مع وجود نقص في مناعة الجسم تعديل الأدوية المثبّطة للمناعة المستخدمَة في هذه الحالات، إلى جانب بدء العلاج باستخدام دواء ريبافيرين أو بيغنتيرفيرون (Peginterferon)، أو كلاهما معًا.[4]

ومن الجدير بالذكر عدم وجود دليلٍ قاطع يؤكّد فعاليّة استخدام مضادات الفيروسات، مثل ريبافيرين في حالات الإصابة بقصورٍ حادّ في الكبد، والحالات التي يصاحبها ظهور علامات مرتبطة بأجزاءٍ أُخرى خارج الكبد، وحالات عدوى التهاب الكبد E الحاد لدى المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة في أجسامهم.[3][4]

لقاح ضد عدوى التهاب الكبد الوبائي E

يتوفّر لقاح يقي من الإصابة بالتهاب الكبد E في مناطق تفشّي الوباء، وهو اللقاح الوحيد المُسجّل في الصين منذ 2011 ميلادي، والذي أظهر فعاليّة شديدة في منع نوبات التهاب الكبد الحاد المصحوبة بظهور أعراض على المصاب، ولوحظ بأنّه آمن للاستخدام خلال فترة الحمل، ومع ذلك، لم يُوصى حتى هذه اللحظة باستخدامه في بلدانٍ أُخرى غير الصين، ولم يكن جزءًا من ممارسات التطعيم ضد العدوى لدى اللجنة الاستشارية لممارسات التطعيم (Advisory Committee on Immunization Practices) أو التمنيع الطارئ.[7][8]

لا تتوفّر بيانات كافية تُثبت فعاليّة استخدام هذا اللقاح لدى المجموعات الأكثر عُرضة لخطر الإصابة بالعدوى، كالأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، والأشخاص المصابين بمرض الكبد في مراحله الأخيرة، وهو ما يستدعي ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث والدراسات لتقييم المطاعيم التي تقي من فيروس التهاب الكبد E، وذلك بهدف تحديد فعاليّتها في الوقاية من العدوى.[7][8]

نصائح للوقاية من التهاب الكبد E

تنتقل عدوى التهاب الكبد E في مناطق تفشّي العدوى باتباع الممارسات غير الصحيّة، وإهمال الصرف الصحي،[7][8] وعليه، يمكن تقليل خطورة الإصابة بهذه العدوى باتباع مجموعة من النصائح:[7][8]

  • التأكد من استخدام مصادر المياه النظيفة لغايات الشرب.
  • زيادة الاهتمام بالنظافة الشخصيّة، وغسل اليدين جيدًا.
  • تحسين وتطوير نظام الصرف الصحي بما يضمن التخلص من الفضلات البشرية.
  • طهي الطعام على درجة حرارة تتجاوز 71-90 مئويّة، وتجنّب تناول المحاريات غير المطبوخة.
  • غلي الماء قبل الاستخدام.
  • استخدام محاليل الكلور لتعقيم الأسطح المعرضة للجراثيم وتمديدات المياه.
  • غسل الخضراوات والفواكه جيدًا والتعامل معها بحذر، ويفضّل استخدام محاليل الكلور عند غسلها، لكن بحذر.
  • معالجة موارد المياه.
  • استخدام القفازات عند الطبخ.
  • التأكد من اتباع العاملين في الرعاية الصحيّة لإرشادات السلامة أثناء التعامل مع المواد العضويّة في فترات انتشار العدوى.
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الثلاثاء ، 05 آذار 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الثلاثاء ، 05 آذار 2024

المراجع

1.
Prospere Remy. (2023). Hepatitis E. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/178140-overview#showall
2.
Fernández Villalobos NV, Kessel B, Rodiah I, Ott JJ, Lange B, Krause G. (2023). Seroprevalence of hepatitis E virus infection in the Americas: Estimates from a systematic review and meta-analysis. PLoS ONE 17(6). reference.JournalTitle . . Retrieved 2022, from https://doi.org/10.1371/journal.pone.0269253
3.
Vincent Mallet ,Juan-Pablo Scarano Pereira ,Alessandro Martinino ,Anne-Marie Roque-Afonso. (2023). The rise of the hepatitis E virus HEPATOLOGY SNAPSHOT| VOLUME 75, ISSUE 6, P1491-1493. reference.JournalTitle . . Retrieved 2021 September 16, from https://doi.org/10.1016/j.jhep.2021.04.038

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري التهاب الكبد الفيروسي أونلاين عبر طبكان
احجز