أورام جذع الدماغ الدبقية: ما مدى خطورتها؟ وهل يمكن علاجها؟

تنشأ أكثر الأورام التي تُصيب المخ من خلايا تدعى بالخلايا الدبقية، والتي تُمثل تقريبًا ما يقارب 85% من نسيج المخ، ومن أشهر الأمثلة على تلك الأورام هي أورام جذع الدماغ الدبقية التي تنقسم إلى عدة أنواع تبعًا لانتشارها، وعلى الرغم من صعوبة علاجها وعدم فعاليّة معظم الطرق المُتاحَة، إلّا انّه من الممكن اتباع بعض الطرق العلاجية وفقًا لحالة المريض.

يُعد الدماغ البشري أكثر الأعضاء تعقيدًا في تركيبه، إذ يتكون من مجموعة من المراكز العصبية المسؤولة عن وظائف الجسم المختلفة، وترتبط هذه المراكز مع بعضها داخل الدماغ عن طريق العديد من الوصلات العصبية، ويمكن تبسيط ذلك بتقسيم الدماغ إلى ثلاثة أجزاءٍ رئيسية، الجزء الأمامي من الدماغ أو الدماغ الأمامي (Forebrain)، والدماغ المتوسط (Midbrain)، والدماغ الخلفي أو الجزء الخلفي من الدماغ (Hindbrain) الذي يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية، وهم الجزء العلوي من الحبل الشوكي (Upper Part of Spinal Cord)، وجذع الدماغ (Brainstem)، والمُخيخ (Cerebellum).[1]

يُعد جذع الدماغ من الأجزاء الهامة والرئيسية في الدماغ، ويتكون من ثلاثة أجزاء أساسية، النخاع أو اللب (Medulla)، والجسور (Pons)، والدماغ المتوسط (Midbrain)،[2] وتكمن وظيفة جذع الدماغ في الربط بين المخ (Cerebrum)، والمُخيخ، والحبل الشوكي، ليسمح بمرور الإشارات العصبية بينهم، بالإضافة إلى احتوائه على العديد من المراكز الهامة التي تؤدي الوظائف الرئيسية في الجسم، مثل التنفس، وضبط حرارة الجسم، وضبط دقات القلب، والسعال، والعطاس، وضبط دورة النوم والاستيقاظ، والتقيؤ، والبلع.[3]

يُصيب المُخ (Cerebrum) العديد من الأورام، لكن تُعد الأورام الدبقية (Gliomas) أشهر الأورام التي تُصيب أجزاء الجهاز العصبي المركزي، والتي تنشأ من خلايا تسمى الخلايا الدبقية (Glial Cells).[4]

ما هي الخلايا الدبقية؟

يتكون نسيج المخ من نوعين من الخلايا هما الخلايا العصبية (Neurons) والخلايا الدبقية (Glial Cells)، وتُشكّل الخلايا العصبية ما نسبته 15% فقط من نسيج المخ (Cerebrum)، في حين أن الخلايا الدبقية تُشكل 85% من نسيج المخ، لكن لم يهتم العلماء قديمًا بدراستها، لاعتقادهم بأن ليس لها دورٌ في نقل الإشارات العصبية والمعلومات، وتنقسم الخلايا الدبقية إلى 3 أنواع موجودة داخل الدماغ:[5]

  • الخلايا النجمية (Astrocytes)، والخلايا قليلة التغصن (Oligodendrocytes)، اللتان تكمن أهميتهما في تقديم الدعم الهيكلي، والتمثيل الغذائي للدماغ والخلايا العصبية، بالإضافة إلى تركيز الأيونات في الفراغ الموجود بين الخلايا (ExtraCellular Space)، وضبط وتنظيم انتقال السيلات العصبية في التشابكات بين الخلايا، والتقاط النواقل العصبية واطلاقها.[6]
  • الخلايا الدبقية الصغيرة (Microglia)، تُمثّل الخلايا المناعية الموجودة في الدماغ، كما أنها تُصلِح الضرر الذي يحدث بعد الإصابات العصبية.[5]
  • خلايا شوان (Schwann Cells)، الموجودة خارج الدماغ والمسؤولة عن تكوين غشاء الميلانين الذي يُحيط بمحاور الخلايا العصبية (Axons) الموجودة خارج الدماغ والحبل الشوكي.[7]

أورام جذع الدماغ الدبقية

تُمثل الأورام التي تُصيب جذع الدماغ (Brainstem Gliomas) ما نسبته 10% إلى 20% تقريبًا من مجمل الأورام التي تُصيب الدماغ، كما أن ما يُقارب 90% من الأورام التي تُصيب الدماغ تنشأ من الخلايا الدبقية.[8]

تنشأ أورام جذع الدماغ الدبقية في الثلاثِ مناطق التي يتكون منها جذع الدماغ، لكن تُعد منطقة الجسور (Pons) هي أشهر مكان للإصابة بهذه الأورام، إذ يُصيبها تقريبًا 60% من أورام جذع الدماغ الدبقية، والنسبة المتبقية تُصيب الـلب (Medulla) والدماغ المتوسط (Midbrain).[9]

ينبغي الإشارة إلى أن هذه الأورام تُصيب الأطفال بمعدلاتٍ مرتفعة مقارنةً بالبالغين، فطبقًا للإحصائيات تُمثل أورام جذع الدماغ الدبقية 20% من الأورام التي تُصيب الدماغ لدى الأطفال، في حين تنخفض هذه النسبة لدى البالغين حتى تصل إلى أقل من 2% فقط.[9]

أنواع أورام جذع الدماغ الدبقية

تُقسم الأورام الدبقية التي تُصيب الدماغ عامةً تبعًا لمدى انتشارها إلى أورام تنتشر في الدماغ (Diffuse)، وأورام بؤرية أو مُحددة (Focal) تبقى مكان نشأتها ولا تنتشر،[6] تُقسم أورام جذع الدماغ إلى قسمين:[10]

  • أورام جذع الدماغ الدبقية البؤرية (Focal Brainstem Gliomas).
  • الأورام الدبقية المنتشرة في منطقة الجسور (Diffuse Intrinsic Pontine Gliomas).

أورام جذع الدماغ الدبقية البؤرية

يُرمز لها اختصارًا بـ (Focal Brainstem Gliomas FBSG)، وهي تُمثّل ما يقارب 20% من أورام جذع الدماغ الدبقية لدى الأطفال،[10] أما لدى البالغين فتُمثل ما بين 50% إلى 55%.[11]

  • أورام جذع الدماغ الدبقية البؤرية في الأطفال

تُصيب مناطق جذع الدماغ باستثناء منطقة الـجسور (Pons)، وتظهر تدريجيًا ولكنها تُسبب بعض الأعراض البسيطة التي يشتكي منها المريض لسنين طويلة،[10] وتختلف الأعراض التي تظهر على المريض باختلاف مكان تكوّن الورم في جذع الدماغ، ومن أشهر الأعراض لهذا النوع من الأورام:[10]

  • ألم وتيبس الرقبة.
  • اعتلال عصبي محيطي.
  • شلل نصفي عكسي (بمعنى إذا كان الورم في الجزء الأيمن من المخ، فإن الشلل يحدث في الجزء الأيسر من الجسم).

قد يُصيب الطفل مرض الكوريا (Chorea) -مرض عصبي يتميز بحركاتٍ لا إرادية في الأطراف والوجه- في بعض الحالات، وقد يُصاب الطفل بصعوبةٍ البلع، أو عدم القدرة على التنفس في حالة نشوء الورم في منطقة النخاع (Medulla)، وقد يُصاب الطفل باستسقاء الرأس (Hydrocephalus) لكن نادرًا جدًا ما يحدث ذلك.[10]

  • أورام جذع الدماغ الدبقية البؤرية في البالغين

على النقيض تمامًا مع أورام جذع الدماغ لدى الأطفال، فهذا الورم يُعد خطيرًا للغاية لدى البالغين، لأنه يظهر فجأةً ويتطور بسرعة، وغالبًا ما يُشخّص لدى الأشخاص فوق سن الـ 40 عامًا، وتظهر على المريض أعراض وعلامات تدهور وظائف جذع الدماغ بسرعة.[11]

الأورام الدبقية المنتشرة في منطقة الجسور

يُرمز لها اختصارًا (DIPG) وتُشير إلى (Diffuse Intrinsic Pontine Gliomas)، إذ تُمثل ما يقارب 80% من أورام جذع الدماغ الدبقية عند الأطفال،[10] وتمثل ما بين 45% إلى 50% عند البالغين.[11]

  • الأورام الدبقية المنتشرة في منطقة الجسور لدى الأطفال

تُصيب الأطفال من مختلف المراحل العمرية، لكن غالبًا ما يُصاب بها الأطفال في سن السبع سنوات، وتُعد هذه الأورام أخطر من الأورام البؤرية، لذلك فإن الأعراض تظهر وتتطور بسرعة مقارنةً بالأورام البؤرية، ويُعدّ ضعف أو شلل الأعصاب القحفية أشهر عرَض يظهر على الأطفال المُصابين وغالبًا ما يظهر في العصب الخامس والسابع، وقد يحدث ذلك بنسبة أقل في العصب الثالث، والرابع، والتاسع، والعاشر.[10]

  • الأورام الدبقية المنتشرة في منطقة الجسور لدى البالغين

يختلف هذا النوع من الأورام الدبقية عن الذي ينشأ لدى الأطفال في كونه أقل خطورة، ويظهر تدريجيًا، يُصاب به غالبًا الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عامًا، ويُعد ضعف أو شلل الأعصاب القحفية من أشهر الأعراض التي تظهر على المصابين، بالإضافة إلى عدم التوازن في المشي، وقد رُصدت بعض الحالات المُصابة بشلل في نصف الوجه، ونادرًا ما أُصيبت بعض الحالات بمشاكل في التنفس.[11]

علاج أورام جذع الدماغ الدبقية

حتى الآن تُعد الطرق المُتاحة لعلاج هذه الأورام مُحبطة ولا تُحقق النتائج المرجوة، ويُعد العلاج الإشعاعي البؤري هو الطريقة الأساسية للعلاج، لكن الاستجابة لهذا النوع من العلاج يعتمد على نوع الورم، وموقعه، واستجابته للعلاج الأَولي، بالإضافة إلى إمكانية استخدام العلاج الكيماوي، يُشَار إلى أنّه لا يُستخدم لدى الأطفال لأن فعاليته لم تُثبت بعد، كما يمكن استخدام الجراحة في علاج بعض الحالات، لكنها غالبًا ما تُستخدم بالتزامن مع العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيماوي.[9]

كتابة: دكتور محمد نصار - الخميس ، 28 كانون الأول 2023
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Nisheeth Shah. (2019). Left and Right Neural Networks -Inspired by Our Bicameral Brains. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/337186250_Left_and_Right_Neural_Networks_-Inspired_by_Our_Bicameral_Brains
2.
Anand I Rughani. (2015). Brain Anatomy. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1898830-overview#showall
3.
Maldonado KA, Alsayouri K. (2023). Physiology, Brain. [Updated 2023 Mar 17]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK551718/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري علاج الأورام الدبقية أونلاين عبر طبكان
احجز