سبق وأن رافق انتشار السجائر الإلكترونية (e-cigarette) كثيرًا من الجدَل حول مدى قدرتها على إلحاق الضرر بالمُدخّنين مقارنةً بسجائر التبغ التقليدية، خصوصًا وأن بعض المُدخنّين تحوّل لاستخدامها كونها بداية الطريق للتخفيف من التدخين التقليدي، وظنًّا منهم بأنّ أضرارها الصحيّة أقل.
لكن، وبما أنّ السجائر الإلكترونية حديثة العهد، فإنّ شأنها بذلك شأن أيّ شيءٍ جديد ومُستحدَث، يحتاج لأن يخضع للبحث والدراسة للتحقُّق ممّا يُقَال حوله واستكشافه أكثر، ولا يمكن توكيد ضرره من عدمه إلّا بعد انقضاء فترةٍ من الزمن تتبيّن من خلالها مضاره وفوائده على الصحة، ليُصَار بعد ذلك إلى توجيه أصابع الاتهام له أو تبرئته.
مؤخرًا، أجرى مجموعة من الباحثين دراسة مخبرية (ما قبل السريرية) في جامعة McGill University في مونتريال-كندا، تضمّنت اختبار أحَد أصناف السجائر الإلكترونية (من نوع JUUL وتحتوي على ما مقداره 59 ملغم/مل من النيكوتين ويُشَاع استخدامها بين اليافعين) على مجموعة من الفئران يتراوح عمرها بين 8 إلى 12 أسبوعًا، وذلك من خلال ضبط مجموعة عوامل في أماكن تواجدها بإحاطتها بهواءٍ يحمل رذاذ وأبخرة دخان السجائر الإلكترونية، لمحاكاة ما يحدث لدى الإنسان أثناء استخدامه لهذه السجائر، استمرّ تعرُّضهم للهواء يوميًا لمدّة 4 أسابيع، أجرى بعدها الباحثون مجموعة من التحاليل على عينات السوائل التي عُزلَت من غسل الرئة (Lung lavage) للفئران الخاضعة للتجربة.
أشارت النتائج إلى ارتفاع تعداد العدلات Neutrophils (أحَد أنواع الخلايا البيضاء) في عينات السائل المعزول من الرئة، وهي من الدلائل على وجود التهابٍ حاد في الجسم، وعلى الرغم من أنّ عواقب ارتفاع العدلات في السوائل الناتجة عن غسل الرئة (القصبات والحويصلات الهوائية) غير واضحة تمامًا، إلّا أنّه من المعروف بأنّ ارتفاع تعداد العدلات المزمن يرتبط بتلف الرئة من خلال إطلاق بروتينات، مثل Neutrophil Elastase (NE) وMatrix Metalloproteinases (MMPs) في الجسم.
كما أظهرت النتائج بأنّ استنشاق الدخان المُنبعِث من السجائر الإلكترونية، والتعرُّض له حتى لو بمعدلاتٍ مُتدنيّة، كفيلٌ بأن يتسبّب بإحداث تغييراتٍ ملحوظة في الرئتين، ما يؤدي لاحقًا إلى تلفهما، خصوصًا لدى استخدام السجائر على المدى البعيد، إذ إنّ استنشاق الهواء الذي يحمل رذاذًا من نواتج احتراق السائل الموجود داخل السيجارة الإلكترونية لمدة طويلة يتسبّب بتغييراتٍ في مكونات الخلايا المناعية الرئوية، إلى جانب قدرته على التسبُّب بتغييراتٍ على المستوى الجيني والبروتيني في الرئتين.
رابط الدراسة:
Been, T, Alakhtar, B, Traboulsi, H, et al. Chronic low-level JUUL aerosol exposure causes pulmonary immunologic, transcriptomic, and proteomic changes. The FASEB Journal. 2023; 37:e22732. doi:10.1096/fj.202201392R