فحوصات جديدة تُسهّل مَهمّة الكشف عن مرض ألزهايمر بواسطة عينات دم وقبل 20 عامًا من ظهور الأعراض

في سعي العُلماء الدؤوب لكبح جِماح الأمراض المُستعصية التي تضرب الدول في أغلى ما تملكه "الإنسان"، تتواصل الاكتشافات العلميّة التي تزُف بين الحين والآخر بُشرى لقاطني هذا الكوكب عن إيجاد علاجٍ لمرضٍ، وفي مقدمته مرض ألزهايمر الذي بات يفتك في الكثيرين مُسببًا عددًا من العواقب التي ينبغي محاولة حلها.

في سعي العُلماء الدؤوب لكبح جِماح الأمراض المُستعصية التي تضرب الدول في أغلى ما تملكه "الإنسان"، تتواصل الاكتشافات العلميّة التي تزُف بين الحين والآخر بُشرى لقاطني هذا الكوكب عن إيجاد علاجٍ لمرضٍ ما أو لقاحٍ لآخر أو فحصٍ جديد لمرضٍ لم يسبِق أن تسنَّى لنا إمكانيّة الكشف عنها من قبل، ولعلّ مرض ألزهايمر Alzheimer هو أحَد الأمراض التي تؤرّق الكثير من الأشخاص خصوصًا مع التقدُّم في السّن؛ إذ إنّ الفئة العُمريّة التي تجاوزت 65 عامًا تُعدّ الأكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر الذي يندرج تحت أمراض الشيخوخة التي تُصيب الدماغ، بِحَسَب الإحصائيّات الرسميّة فإنّ شخصًا واحدًا كُل 3 ثوانِ يُصاب بالخرَف في مختلف أقطار العالم الذي وصَل تِعداد مُصابي ألزهايمر -وأمراض الشيخوخة الأُخرى- فيه ما يقرُب من 50 مليون شخص.

فحص دم للكشف عن ألزهايمر

أعلنت شركة C2N المُختّصة في تطوير الفحوصات والأدوات التشخيصيّة لمرض ألزهايمر والأمراض التنكُّسية العصبيّة الأُخرى عن طرحها للفحص الأول من نوعه للكشف عن ألزهايمر لدى الأشخاص المُشتَبَه بإصابتهم.

يعتمد الفحص على قياس المؤشرات الحيويّة التي تُشير إلى تواجد لُويحات من بروتين الأميلويد Amyloid في الدماغ إضافة إلى قدرته على كشف الاختلاف الجيني الذي قد يرفع من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر؛ فهو يستند على معرفة تركيز نوعين من الأشكال الإسوية Isoforms لبروتين أميلويد-بيتا (Aβ42 و Aβ40) التي تتجمّع لتُكوِّن لُويحات من الأميلويد في مناطق مُعيّنة من الدماغ، ليتّم بعد ذلك إيجاد متوّسط التركيز بين كِليهما Aβ42/Aβ40، تُدمَج نتيجة العملية الحسابيّة السابقة مع عاملين آخرين قبل التوُصل للتشخيص النهائي، وهُما: وجود الأشكال الإسوية لصميم البروتين الشّحمي E (Apolipoprotein E) -عبارة عن ببتيدات موجودة في الدم- من عدمها، إضافة إلى عُمر المريض، تكون النتيجة رقميّة وتُدعَى "قيمة احتماليّة تواجد الأميلويد APS" والتي طُوّرَت بواسطة خوارزميّة خاصّة من قِبل شركة C2N وتترواح بين 0 "احتماليّة منخفضة" إلى 100 "احتماليّة مُرتفعة"، وتُدلّل هذه النتيجة على احتماليّة تواجد الأميلويد "Amyloid positive" من خلال التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET.

على الرغم من أنّ سعر الفحص يُعدّ مُرتفعًا نوعًا ما، إذ تصِل قيمته 1250 دولار أمريكي، إلّا أنّ القائمين على تطويره يُعدّونه اكتشافًا مُذهلًا نظرًا للعقبات التي كانت تُرافق تشخيص ألزهايمر؛ إذ تُضيف عالمة الأعصاب سوزان شيندلر التي تعمل في كلية الطب في جامعة واشنطن وأحد المُشرفين على الدراسة بأنّ التحدّيات التي كانت تُواجهها الفحوصات التشخيصيّة للكشف عن ألزهايمر كانت إمّا معقّدة في جزءٍ منها أو ذات تكلفة عالية، فمثلًا سَبَق الاعتماد على فحصين للكشف عن ألزهايمر الناجم عن تغييرات في الدماغ، وهُما: فحص المؤشرات الحيويّة في السائل النخاعي الشوكي والذي يتطلّب أخذ عيّنة من السائل الشوكي أسفل الظهر (البَزل القطَني)، أمّا الفحص الآخر فقد كان يعتمد على التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET بعد حقن مادة مُشعّة في جسد المريض، وهو يُكلّف آلاف الدولارات ويُجرَى في مراكز مُتخصِّصة، بالتالي بعد كُل هذا العناء يُعدّ الاعتماد على عيّنة دم للكشف عن ألزهايمر أمرًا يبعث على الراحة لدى الأوساط المُعرّضة للإصابة بهذا النوع من الأمراض.

فحص آخر قد يكشف عن مرض ألزهايمر قبل ظهور أعراضه ب 20 عام

وفي دراسة أُخرى أجراها مجموعة من الباحثين في جامعة Lund في السويد على 1402 مُشترك، تمكَّنوا من الحصول على نتائج جيّدة بعدما اعتمدوا على فحص دم يكشِف عن وجود بروتين يُسمّى "تاو" Tau، الفحص أخذ اسم p-tau217 وتمكَّن من تحديد فيما إذا كانت التغيُّرات الإدراكيّة وفقدان الذاكرة التي قد تحدُث للبعض نتيجة مرض ألزهايمر من عدمه وبدقَّة عالية.

فحص الدم p-tau217 يتضمَّن مجموعة من الخطوات إلى حِين ربط النتائج مع بعضها البعض، ويشمل ذلك مقارنة مجموعة من العوامل المُترابطة في هذا الشأن، إلّا أنّ هذا الفحص يحتاج لمزيد من التطوير والبحث، إذ يعتقد القائمون على الدراسة بأنّه قد يكون المفتاح المُفضِي للتنبؤ بإمكانيّة الإصابة بأحَد الأمراض الإدراكيّة مثل ألزهايمر قبل ظهور أعراضه بفترة قد تصِل إلى 20 عامًا، وهو ما يُعدّ إنجازًا علميًا وطبيًا سيُسهم في تقليل عدد إصابات الخَرَف التي من المُتوّقع أن تتجاوز حدود 100 مليون بحلول 2050.

نبذة عن مرض ألزهايمر وأسبابه

يُعدّ مرض ألزهايمر أحَد أكثر أمراض الشيخوخة أو الخرَف شُيوعًا، وعلى الرغم من ارتباط عامل التقدُّم في السّن مع ارتفاع خطر الإصابة بالألزهايمر، إلّا أنّه لا يُعدّ حِكرًا على تلك الفئة التي تجاوزت خمسة وستين عامًا، إذ إنّه وبحسب القراءات الرسميّة فإنّ ما يُقارب من 200000 شخصًا ممّن تقِل أعمارهم عن 65 عامًا مُصابون بالزهايمر في الولايات المُتحدّة الأمريكيّة لوحدها، يُذكَر بأنّ مرض آلزهايمر أخذ اسمه نسبةً إلى عالم الأعصاب الألماني ألويس ألزهايمر Alois Alzheimer الذي كان أول مَن وصَف حالة فقدان الذاكرة والتغيُّرات الدقيقة التي تحدث في الدماغ عام 1906.

يعتقد العُلماء بأنّ السبب الرئيسي لمرض ألزهايمر هو فقدان أجزاء مُعيّنة من خلايا الدماغ لقدرتها على العمل وأدائها لوظائفها بصورة طبيعيّة ما يؤدّي في النهاية إلى موتها؛ تُمثِّل هذه الخلايا مصانع لإنتاج الطاقة وغيرها من العمليّات الحيويّة المُهمّة الأُخرى، إلى جانب وظيفة هذه الخلايا الرئيسيّة في مُعالجة وتخزين المعلومات والتواصل مع الخلايا الأُخرى والحِفاظ على المُستويات اللازمة من الأكسجين اللازم لاستمراريّة هذه العمليّات، لا يعلم العُلماء مكان بدء تلف الخلايا في الدماغ على وجه التحديد لغاية اللحظة.

تُشير البحوث التي تتوالى على مرضى الزهايمر إلى أنّ المُسبّب الرئيسي لتلف الخلايا العصبيّة في الدماغ يعود لتراكم الُلويحات Plaques والحبائك Tangles إمّا بين الخلايا العصبيّة أو بداخلها، الُلويحات عبارة عن أجزاء من بروتين اسمه أميلويد-بيتا Amyloid-Beta تتراكم في الفراغات بين الخلايا العصبيّة، أمّا الحبائك فهي نتيجة تراكم بروتين آخر يُدعَى Tau ويتراكم داخل الخلايا.

تبدأ أعراض مرض ألزهايمر بفقدانٍ طفيف للذاكرة في مراحله المُبكّرة، إلّا أنّ الأعراض تسُوء بشكلٍ ملحوظ مع الأيام، لتغدو أعراضًا واضحة تتمثّل بانعدام قدرة المريض على الاستجابة للأشخاص من حوله وفقدانه لقدرته على إكمال أيّ حديث كان في السابق يستطيع إدارته بكُل سُهولة، وغالبًا ما يُصبح التعامل مع مريض الزهايمر غاية في الصعوبة لفقدانه القدرة على التعرُّف على المُقرّبين من المُحيطين به من العائلة أو الأصدقاء.

على الرغم من السير الحثيث للعُلماء في طريق البحث نحو إيجاد العلاج المناسب لمرض ألزهايمر، إلّا أنّه ولغاية اللحظة لم تتكلّل جهودهم بالنجاح، إذ يقتصر علاج ألزهايمر على أدوية مُعيّنة تُعيق تطوُّر أعراض الخَرَف وتُبطئها على نحوٍ يُحسِّن من الحياة اليوميّة لمرضى ألزهايمر وأولئك المسؤولين عن رعايتهم.

بتاريخ: 7 ديسمبر 2020

المراجع

  1. Shindler S, et al. 2019. High-precision plasma β-amyloid 42/40 predicts current and future brain amyloidosis. Neurology. 93(17). Retrieved from https://n.neurology.org/content/93/17/e1647#sec-23
  2. The PrecivityAD™ Blood Test Answers Calls from Patients, Advocates, and Physicians Who Want Earlier Answers. 2019. Retrieved from https://precivityad.com/physicians
  3. Alzheimer’s Association. (n.d.). What is Alzheimer’s Disease? Retrieved from https://www.alz.org/alzheimers-dementia/what-is-alzheimers
  4. Brightfocus Foundation. 2019. Alzheimer’s Disease: Facts & Figures. Retrieved from https://www.brightfocus.org/alzheimers/article/alzheimers-disease-facts-figures
  5. Hansson O, et al. 2020. Discriminative Accuracy of Plasma Phospho-tau217 for Alzheimer Disease vs Other Neurodegenerative Disorders. JAMA. Retrieved from https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/2768841?guestAccessKey=42d098cb-7eca-4a1c-9d7b-9951b104b003&utm_source=For_The_Media&utm_medium=referral&utm_campaign=ftm_links&utm_content=tfl&utm_term=072820
  6. Harvard Health Publishing. 2020. Blood test could find Alzheimer’s disease before symptoms appear. Retrieved from https://www.health.harvard.edu/mind-and-mood/blood-test-could-find-alzheimers-disease-before-symptoms-appear

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022
آخر تعديل - الأربعاء ، 24 كانون الثاني 2024

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية