تغلب عازر
باتت الأمراض النفسيّة تؤثّر على ما يقارب المليار شخص حول العالم، لتلفت الانتباه إلى ما يمكن أن تتركه من آثارٍ سلبيّة على المجتمعات؛ وترتفع معها الحاجة إلى إيجاد العلاجات المناسبة وتوفيرها بِقَدر ما يتطلّب ذلك.
الاضطرابات النفسيّة بما تتضمّنه من أنواع مختلفة لم تحظَ بالاهتمام المطلوب قبل جائحة كوفيد-19 التي أُعلِن عنها مطلع عام 2020؛ إذ إنّ فيروس كورونا المُسبّب للعدوى التي اجتاحت العالم شرقًا وغربًا فاقم الأضرار النفسيّة ومكّنها من توسيع انتشارها في مناطق شتّى لتشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المرضى الذين سيتطلّب علاجهم -وفقًا للإحصائيّات- تخصيص ما قد يُقارب 2% من الميزانيّة المرصودة للقطاع الصحّي في الدول.
الاكتئاب بحسب الخبراء سيشكّل عبئًا إضافيًا على الدول خلال 10 أعوام القادمة أكثر من أيّ مرضٍ آخر.
ما هو المرض النفسي؟
يُعرّف المرض النفسي على أنّه اضطراب تتأثّر معه المنظومة الداخليّة من المشاعر والأفكار وما يترتّب عليها من سلوكيّات تنحرف في مسارها عن المُعتَاد من الشخص، ما يتسبّب بإعاقة العمل اليومي وتخفيض الإنجاز لحدوده الدُنيا. لا ترتبط الأمراض النفسيّة بفئة عمريّة معيّنة، إنمّا من الممكن أن تصيب جميع الأشخاص من الأطفال حتى كبار السّن.
يُعدّ العقل بما يحويه من أفكار تركيبًا معقّدًا لا يزال العلماء والاختصاصيين يحاولون فكّ طلاسمه والإبحار في عوالمه؛ سعيًا منهم في فهم طريقة عمل الدماغ وما يترتّب عليها من انعكاسات فكريّة تعطي كل شخصٍ بصمة خاصّة تميّزه عن غيره، ما يمكّنهم لاحقًا من التعرُّف على العلاجات والحلول المناسبة لكل اضطرابٍ نفسيّ على حِدَة.
تضُّم الأمراض النفسيّة قائمة بأنواع مختلفة تتراوح بين الشائعة والنادرة، ولعلّ اضطرابات القلق، الاكتئاب، اضطرابات الأكل، اضطراب ثنائي القطب، الاضطرابات الشخصيّة والذهانيّة أكثرها انتشارًا.
أعراض المرض النفسي
يمكن أن يُعايش أيّ شخصٍ أعراضًا غير اعتياديّة تُدلّل على خللٍ ما في صحّته النفسيّة؛ وعلى الرغم من اختلاف الأعراض المرتبطة بمرضٍ نفسيّ وآخر، إلّا أنّه من الممكن الإشارة إلى مجموعة من الأعراض على أنّها الأكثر شيوعًا لدى المرضى النفسيين، منها:
أسباب المرض النفسي
تلعب العديد من العوامل دورًا في رفع قابليّة البعض للإصابة بأنواع الأمراض النفسيّة بنسبة تفوق البعض الآخر؛ أمّا عن تفسير أسباب الإصابة بالاضطرابات النفسيّة فلا زالت غير معروفة على وجه التحديد وتخضع للبحث والتمحيص باستمرار.
من أبرز العوامل التي تساهم في الإصابة بالاضطرابات النفسيّة:
علاج المرض النفسي
تتوافر علاجات مختلفة تستهدف الاضطرابات النفسيّة بأنواعها، وقد استطاع العديد منها تخليص المرضى من مشاكلهم النفسيّة وتحسين قدرتهم على الاضطلاع بواجباتهم ونشاطاتهم المُعتادَة بعدما أقعدهم العائق النفسيّ حينًا من الوقت، على الرغم من ذلك يختار عددٌ لا بأس به من المرضى النفسيين البقاء تحت عذاب المرض النفسي دون أن يبوحوا به لأحَد أو أن يحاولوا البحث عن العلاج لدى الاختصاصيين؛ وذلك للاعتقاد السائد -حتى وقتٍ قريب- في المجتمعات والذي يُوصِم الفرد برداءٍ من العار إذا ما ثبُتت معاناته النفسيّة.
تختلف طريقة العلاج المُتّبعة بين مريضٍ وآخر بحسب ما تتطلبّه حالته؛ إذ تتقرّر الخطّة العلاجيّة اعتمادًا على شدّة المرض وأعراضه المصاحبة إلى جانب عديد العوامل الأُخرى التي يعود تقييمها إلى الطبيب النفسي المُعالِج.
عادةً ما تتمحور علاجات الأمراض النفسيّة بين الدوائيّة وتلك التي تعتمد العلاج النفسيّ بأنواعه المختلفة؛ إذ يعمَد الاختصاصي إلى عقد جلساتٍ مع مريضه يتحدّث فيها معه ويستمع إليه لمحاولة التوصُّل للحلول الأنسَب، يضُّم العلاج النفسيّ أنواعًا مختلفة بين السلوكي المعرفي والجَدلي وغيرهما، وكلّها تهدِف إلى تعليم المريض سُبُل التعامل مع الظروف المحيطة واكتساب المهارات لمواجهة ثمّ تجاوز العقبات التي قد تخلقها الأحداث اليوميّة.
مقالات ذات صِلة
المراجع
تتسّع مظلّة الأمراض النفسيّة لتشمل عديد الاضطرابات والمشاكل التي قد يعاني منها الأشخاص خلال مرحلة ما من حياتهم، تُوصَف الاضطرابات الانشقاقيّة Dissociative disorders على أنّها واحدة من الاضطرابات النفسيّة التي يعاني معها الشخص من انشقاقه عن أفكاره ومشاعره، ليبدو وكأنّه يراقب ما يحدث حوله ومعه، منفصلًا عن واقعه بعقله مُدركًا لِما يدور في محيطه مغتربًا عنه ذهنيًّا.
يمكن لأيّ شخص أن يمرّ بمثل هذه الأعراض الانشقاقيّة في مرحلة ما كنتيجة لحدَث أو صدمة، لكن يغلُب أن لا تستمر هذه الحالة أكثر من ساعات وأيام أو حتى أسابيع، يتعافى بعدها الشخص ممّا تولّد لديه من مشاعر سلبيّة ويعود ليتصّل بواقعه كما في السابق.
بعض الحالات تعلَق في دوّامة من الضبابيّة والاغتراب عن الواقع والمكنونات الداخليّة بما تحوي من أفكار ومشاعر وذكريات، لتستمر لشهورٍ عدّة، عندها يُوصَى المريض بالبحث عن الاختصاصي النفسي المناسب لتشخيص الحالة والبدء بخطّة علاجيّة تساعده في التخلُّص من الاضطراب الانشقاقي والعودة للحياة الطبيعيّة.
أسباب الاضطرابات الانشقاقية
يميل الاختصاصيون إلى تسمية المشاكل والضغوطات التي قد يتعرّض لها البعض أثناء مرحلة الطفولة على أنّها المُسبّب الرئيس وراء الاضطرابات الانشقاقيّة؛ إذ إنّ القدرة على تحمُّل القلق والتوتر أثناء الطفولة تكون في أدنى مستوياتها، ما قد يُفاقم المشكلة لتخرج الحالة عن السيطرة في ظل استمرار تأثير الحدَث السلبي على الشخص.
يُشَار غالبًا إلى مجموعة من المواقف والأحداث السلبيّة على أنّها ممّا يساهم في حالة من الانشقاق الذاتي والغربة عن الواقع التي قد يعايشها الطفل لاحقًا، لعلّ أبرزها الاعتداء الجسدي أو الجنسي الذي قد يتعرّض له الأطفال أو الكوارث الطبيعيّة كالزلازل وغيرها من الأحداث مثل الحروب والصراعات أو ربمّا يكون التجاهل والاضطهاد سببًا كذلك في الاضطرابات الانشقاقيّة، وغالبًا ما تظهر الأعراض مبكرًا في سّن السادسة عشرة تقريبًا.
أعراض الاضطرابات الانشقاقية
تختلف الأعراض المرافقة للاضطرابات الانشقاقيّة تبعًا لنوع وشدّة الاضطراب، إلّا أنّ مجموعة من الأعراض الشائعة اصطفّت لتكون القاسم المشترك بين غالبيّة مرضى الاضطرابات الانشقاقيّة، وهي كالآتي:
علاج الاضطرابات الانشقاقية
يخضع المريض لتشخيصٍ دقيق تُستبعَد من خلاله الأمراض الجسديّة التي يُحتَمَل أن تكون سببًا في الأعراض التي يشكو منها المريض مثل أورام الدماغ وغيرها، وفي حال توكيد السلامة الجسديّة يُحَال المريض للطبيب النفسي لاتّخاذ التدابير العلاجيّة اللازمة.
العلاج النفسي هو أحد العلاجات الأساسيّة المتّبعة لتحسين حالات مرضى الاضطرابات الانشقاقيّة، إذ يرتكز العلاج النفسي على اتبّاع أساليب مختلفة تهدف إلى مساعدة المريض على استعادة ارتباطه مع ذاته وهويته بما تتضمّن من أفكار ومعتقدات، إلى جانب تمكين المريض من اندماجه مع واقعه ومحيطه من جديد وتخطّي ما يختزنه عقله من أحداث وذكريات مؤلمة تتسبّب في تجديد المعاناة كلمّا تجسّدت بحضورها في ذهن المريض.
العلاج السلوكي المعرفي أحَد العلاجات النفسيّة التي قد يعتمد عليها الطبيب النفسي في خطّته العلاجيّة لتخطّي مشكلة الاضطراب الانشقاقي لدى المريض، يرتكز العلاج السلوكي المعرفي على بناء قدرات معرفيّة تساعد المريض في تنمية سلوكيّات إيجابيّة يتخطّى بها حالة الاغتراب عن الواقع التي يعيشها تحت وطأة حفنة من العوامل التي تؤثّر عليه.
عادةً ما يقع اختيار اختصاصيي الطب النفسي على العلاج السلوكي الجدَلي أيضًا لعلاج الاضطرابات الانشقاقيّة، وهو علاج قائم على تعليم المريض أنماط سلوكيّة إيجابيّة تساعده في اجتياز حالات إيذاء الذات أو النزعات الانتحاريّة التي قد تنجُم عن الاضطرابات الانشقاقيّة لدى البعض.
يُضَاف للعلاجات السابقة كل من التنويم المغناطيسي وعلاج "إزالة الحساسيّة وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين" Eye movement desensitisation and reprocessing، يركّز هذا الأخير على تخفيض شدّة الذكريات المؤلمة وكبحها من أن تقفز فجأة وتخلخل الاستقرار النفسيّ الذي قد يحقّقه المريض بمساعدة الاختصاصي، قد تمتدّ فترة العلاج لفتراتٍ طويلة وفقًا لاستجابة المريض ومدى تحسُّن حالته.
مقالات ذات صِلة
المراجع
يُعدّ السلوك وطريقة التفكير طابعًا شخصيًّا ينفرد به كل شخصٍ عن الآخر، فتتشكّل الشخصيّة وفقًا لِمَا يمرّ به الشخص من خبرات مدفوعًا بالبيئة والمحيط الذي يتواجد فيه، إلى جانب العوامل الوراثيّة التي تلعب دورًا في تكوين بصمة خاصّة للفرد بسلوكه الشخصي وطريقة تفكيره التي تتأثّر بالمواقف والأحداث.
يحدث أحيانًا أن يتعرّض البعض لعوامل معيّنة تؤثّر على طريقته في التفكير وسلوكه خلال مرحلة عمريّة مبكّرة، فتبدو أفعاله وأفكاره مختلفة عن ثقافة الوسط الذي يقطن فيه، ما يؤثّر سلبًا على علاقاته الاجتماعيّة بمن حوله ويخلق واقعًا جديدًا حول المريض يمتلىء بالصعوبات والعقبات التي تحُدّ من قدرته على إنجاز مهامه سواءً في العمل أو الدراسة وكافّة المجالات الحياتيّة الأُخرى، ما من شأنه أن يتسبّب بمشاكل نفسيّة تتفاقم شيئًا فشيئًا لتستدعي العلاج بإشراف اختصاصيين في الشأن النفسي وتُعرَف هذه الحالة باسم اضطرابات الشخصيّة Personality disorders.
أنواع اضطرابات الشخصية
تُصنّف الاضطرابات الشخصيّة إلى الأنواع الآتية:
أسباب اضطراب الشخصية
لم يتمكّن الاختصاصيين حتى الآن من تحديد الأسباب الدقيقة وراء الإصابة باضطرابات الشخصيّة بأنواعها، إنمّا فيما يتوافر من أبحاثٍ ودراسات فقد استخلص الدارسون بأنّ حفنة من العوامل الجينيّة والبيئيّة تستطيع التأثير على أركان الشخصيّة لتزعزعها مسبّبةً اضطرابات تتطلّب العلاج بغية التخلُّص منها.
يشير كثيرٌ من الاختصاصيين إلى أنّ المواقف والأحداث السلبيّة التي قد يتعرّض لها البعض أثناء مرحلة الطفولة قد تلعب دورًا كبيرًا في رفع القابليّة للإصابة بأحَد أنواع اضطرابات الشخصيّة، كأن يكون الطفل موضعًا للتجاهل المستمر أو يفقد أحَد والديه أو يتعرّض لعنفٍ جسديّ أو اعتداءٍ جنسيّ وغير ذلك من المواقف والأحداث التي تربك الشخصيّة وتمسّ أركانها في مرحلة عمريّة مبكّرة ما يعيق إعادة انتظامها بسهولة وطبيعيّة لاحقًا.
أعراض اضطراب الشخصية
يمكن أن تبدأ علامات ودلائل اضطرابات الشخصيّة بالظهور جليًّا ومبكرًا أثناء مرحلة البلوغ لتستمر خلالها وتخبو لاحقًا في منتصف العمر.
تختلف الأعراض المصاحبة لاضطرابات الشخصيّة اعتمادًا على نوع الاضطراب، ففي حين تتراوح الأعراض بين تشوُّش التفكير والسلوكات الاندفاعيّة ومشاكل التعبير عن الذات وغيرها، قد تترافق بعض أنواع اضطرابات الشخصيّة مع أمراضٍ نفسيّة أُخرى كالاكتئاب والقلق وتتخطّاها ليصِل البعض حدّ الإدمان على المواد المخدّرة.
علاج اضطرابات الشخصية
تخضع حالات اضطراب الشخصيّة لأنواع مختلفة من العلاجات التي يختارها الأطبّاء النفسيين بعناية اعتمادًا على التشخيص الذي تنفرد به كل حالة عن الأُخرى، ويشمل علاج حالات اضطراب الشخصية كل أو أيّ من الآتية:
يختار بعض الاختصاصيين أنواعًا من الأدوية لعلاج الأعراض المصاحبة لأنواع اضطرابات الشخصيّة التي قد يعاني منها البعض، وغالبًا ما تشمل مضادّات الذُهان أو مضادات القلق والاكتئاب وغيرهم.
يساهم العلاج النفسي مُمثَّلًا بجلسات يعقدها الطبيب النفسي مع مريضه برفع قدرة المريض على السيطرة على اضطرابات الشخصيّة التي يعاني منها وتؤثّر سلبًا على أداؤه اليومي وإنجازه لأعماله ومهامه.
تتخلّل جلسات العلاج النفسي حديثًا صريحًا بين المريض وطبيبه النفسي يستمع من خلالها الاختصاصي لِما يدور في خلجات المريض من أفكارٍ ومعتقدات تؤثّر على شخصيّته؛ وذلك في محاولة للسيطرة على الأعراض ومساعدة المريض في استعادة توازنه الداخلي والتحكُّم في انفعالاته وعلاقاته مع محيطه الذي يعيش فيه.
يشمل العلاج النفسي أنواعًا مختلفة يتّم اختيارها بناءً على الحالة، منها:
مقالات ذات صِلة
المراجع
ينتمي الاضطراب النفسيّ الجسديّ Psychosomatic disorder إلى قائمة الأمراض النفسيّة التي يختصّ أطبّاء علم النفس بتحليل أسبابها ومحاولة إيجاد الحلول العلاجيّة المناسبة لها؛ إذ ينفي أطباء الدماغ والأعصاب علاقة هذه الاضطرابات بمشاكل الدماغ والأعصاب لتُحَال بذلك جميع الحالات إلى الأطباء النفسيين بغرض علاجها.
تنجُم الاضطرابات النفسيّة الجسديّة عن إحكام التوتر والقلق والضغوطات العاطفيّة النفسيّة قبضتها على العقل لتفرض نفسها آلامًا عضويّة يشعر بها المريض حقًا، فيشكو من أوجاعٍ جسديّة تبدو عصيّة على التشخيص الطبّي، الأمر الذي يتسبّب بحيرة لدى زيارة الاختصاصيين؛ إذ إنّ أسوأ أنواع الأمراض في عالم الطّب هي تلك التي يستعصي وصفها طبيًا حسب المعايير المُعتَمدة.
أسباب الاضطرابات النفسية الجسدية
تتسبّب الضغوطات النفسيّة المتراكمة التي قد يتعرّض لها الشخص خلال حياته بمشاكل وآلام جسديّة يشعر بها واضحة تزعجه وتؤرقه، وغالبًا ما تتزايد هذه الآلام في الأعضاء التي يغلُب أن تشهد انتكاسات وأوجاع متتالية، فمثلًا يشعر الأشخاص الذين اعتادوا على نوباتٍ من الصداع بألمٍ أكثر حدّة لدى وقوعهم تحت مظلة التوتر والضغط النفسي، وكذلك الأمر لمن يعانون من آلامٍ في الرقبة وغير ذلك من المشاكل الجسديّة التي يستغلّ العقل ضعفها ليفاقم آلامها أثناء القلق المفرِط ويسلب اهتمام المريض إليها كمرضٍ مستقّل يحتاج للرعاية والعلاج.
يشير الاختصاصيين والدراسين في الشأن النفسيّ إلى أنّ كيفيّة تطوُّر الأمراض الجسديّة ذات المنشأ النفسي لا زالت غير معروفة ومعقّدة بعض الشيء، إلّا أنّ مجموعة من العوامل وُجِدَت لترتبط بعلاقة مع ارتفاع خطر الإصابة بالاضطراب النفسي الجسدي، منها:
أعراض الاضطرابات النفسية الجسدية
يشعر المريض بمجموعة من الأعراض الجسديّة التي ترافق حالته النفسيّة المُضطّربة كنتيجة للاضطراب النفسي الجسدي الذي يعاني منه، وفي حين يُشَار إلى التوتر المُفرِط على أنّه سبب بعض المشاكل الجسديّة كتسارع ضربات القلب، تعرُّق اليدين وتشنجات عضليّة، إلّا أنّ ترجمة مشاعر التوتر والقلق تختلف بحسب العمر والجنس، فتختلف تلك التي تظهر على الإناث عن الأعراض الظاهرة على الذكور، وتتمثّل مشاعر القلق والتوتر لدى الأطفال بأعراض مغايرة عن تلك التي يشكو منها كبار السّن مثلًا.
من أبرز الأعراض المصاحبة للاضطراب الجسدي النفسي:
علاج الاضطرابات النفسية الجسدية
يختلف العلاج تبعًا للحالة بعد تشخيص الإصابة بالاضطراب النفسي الجسدي، وعلى الرغم من إمكانيّة استخدام أنواع من العلاجات التي تستهدف تخفيف الآلام الجسديّة كالأدوية أو حتى التداخلات الجراحيّة إذا لزِم الأمر، إلّا أنّ الاعتماد الأكبر غالبًا ما يكون على المزج بين العلاج الجسدي والنفسي لمساعدة المريض على تخطّي حالة القلق والتوتر التي تنتابه وتتمثّل بعواقب صحيّة لديه.
يساهم الطبيب النفسي بتحسين حالة المريض عبر تعليمه مهارات فكريّة تمكّنه من التغلُّب على مشاعر القلق والتوتر التي قد تسيطر عليه، ويعد العلاج السلوكي المعرفي أبرز أنواع العلاج النفسي المُتّبعة في حالات الاضطراب النفسي الجسدي.
يستطيع العلاج النفسي مساعدة المريض بالتخلُّص من الأعراض الجسديّة التي غالبًا ما يكون مُستقرّها ومنشأها العقل فقط، بعض الحالات ونتيجة التفكير المُفرِط أثناء القلق والتوتر تتولّد لديها آلام جسديّة تستدعي تناول الأدوية أثناء فترة العلاج النفسي، فتكون مضادّات الالتهاب مثلًا هي السبيل للتخلُّص من الآلام في عضلات الرقبة الناجمة عن إطلاق مواد كيميائيّة يفرزها الجسم تحت وطأة التوتر والانفعال، أو ربمّا يقع الاختيار على مضادّات الاكتئاب، إذ يتحدّد ذلك بعد تشخيص الحالة واعتماد العلاج من الطبيب النفسي.
مقالات ذات صِلة
المراجع
يُعرّف الذهان على أنّه أحد الأمراض النفسيّة التي تؤثّر على طريقة التفكير لدى البعض لتفصلهم عن الواقع وتغيّبهم عنه، فتحتلّ الهلوسات والتصوُّرات غير الواقعيّة حيّزًا من تفكير الشخص لتنعكس سلبًا على الحياة اليوميّة فتتوارد أمام ناظريه صورًا غير موجودة ويسمع أصواتًا لا تبدو واضحة لأحدٍ من حوله إلّاه.
غالبًا ما يصيب الذهان الأشخاص في مرحلة البلوغ المبكّر أو ربمّا لاحقًا في ذات المرحلة، قد تكون على هيئة نوبات أو يمكن أن تستمرّ لأيام وأشهر ما يتطلّب البحث عن العلاج لدى اختصاصيي الطب النفسي.
أعراض الذهان
يترافق الذهان مع مجموعة من الأعراض، أبرزها:
أسباب الذهان
لا زالت عديد الأمراض النفسيّة خاضعة للبحث والتدقيق بغية تحديد المُسبّبات الدقيقة وراءها، مرض الذهان أحَد الأمراض التي يسلّط الباحثون دراساتهم عليها بغية التوصُّل لأسباب تطوُّر الذهان لدى البعض دون غيرهم وكيفيّة حصول ذلك.
لكن ما تمخّضت عنه الدراسات حتى الآن يكشف علاقة مجموعة من العوامل برفع خطر الإصابة بالذهان لدى البعض، منها:
علاج الذهان
يعتمد علاج الذهان على سبب الإصابة به، فيختلف نوع العلاج المُتبّع بناءً على الحالة، وغالبًا ما تتراوح الخيارات العلاجيّة بين الدوائيّة أو تلك النفسيّة التي تعتمد تخفيف حدّة الأعراض لدى المريض وتحسين قدرته على التعايش مع البيئة حوله وإعادة توازنه مع واقعه الذي يحياه.
يُنصَح باستشارة الاختصاصي بعد أول نوبة ذُهان للحصول على نتائج أفضل والسيطرة على الحالة في مراحلها المبكّرة، يمكن أن يشمل علاج الذهان كل من الآتية:
يشمل العلاج النفسي أنواعًا مختلفة يختار منها الطبيب النفسي حسب ما تتطلبّه حالة المريض:
مقالات ذات صِلة
المراجع
تشكّل الأمراض والمشاكل الصحيّة مصدرًا مرعبًا لدى البعض خشية أن تقتحم أجسادهم وتصيبها بالعلّة وترديهم طريحي الفراش، وعلى الرغم من أنّ القلق على الصحّة والاعتناء بها حاجة مطلوبة وطبيعيّة لدى الأشخاص من جميع الفئات العمريّة، إلّا أنّ الإسراف في الاهتمام ومراقبة جميع التغيُّرات الجسديّة التي قد تكون طبيعيّة يُعدّ اضطرابًا بحدّ ذاته؛ إذ تُوصَف هذه الحالة النفسيّة بتوهُّم المرض Hypochondria أو اضطراب القلق الصحّي disorder Health anxiety.
ما هو اضطراب القلق الصحي؟
يُعرّف اضطراب القلق الصحّي أو توهُّم المرض على أنّه مشكلة نفسيّة تتولّد لدى البعض نتيجة قلقهم المفرِط من الإصابة بأحَد الأمراض الخطيرة، لتبدو الآلام الجسديّة الطفيفة والاعتياديّة وكأنّها مؤشّر لمرض خطير، فلا ينفكّ المريض بالتفكير بطبيعة الأعراض وتضخيمها لتشكّل سيلًا من الشكوك التي تغزو عقله وترفع منسوب القلق لديه تجاه أيّ ألمٍ جسديّ اعتيادي، فيغدو اضطراب المعدة المُعتَاد مؤشرًا لمرضٍ خطير كالسرطان مثلًا، فينشغل المريض بصحّته أكثر ممّا ينبغي لينقلب اهتمامه لمشكلة نفسيّة بتداعيات صحيّة سلبيّة تؤرّقه وتدفعه لعيادات الأطبّاء مرارًا وتكرارًا بحثًا عن تشخيصٍ يوافق ما استقرّ في عقله من وساوس مرَضيّة.
يمكن أن يتمثّل اضطراب القلق الصحّي بثلاثة أشكال مختلفة كالانشغال الجسدي، القناعة بالمرض أو الخوف من المرض، فيشكّل كل منها حالة نفسيّة تسلب المريض قدرته على الانخراط الطبيعي في حياته الاجتماعيّة أو حتى قدرته على استكمال أعماله ونشاطاته كما ينبغي، لتصبح عائقًا يمنع المريض من الاستمتاع والإنجاز.
أسباب توهم المرض
تعدّ أسباب توهم المرض غير واضحة تمامًا ولا يمكن تحديدها على وجه الدقّة وفقًا للأطبّاء والخبراء، لكن غالبًا ما يُشَار إلى مجموعة من العوامل على أنّها ممّا يساهم في رفع خطر الإصابة بقلق المرض لدى البعض، أبرزها:
أعراض توهم المرض
يتكّىء الاختصاصيين على مجموعة من الأعراض لتشخيص إصابة البعض باضطراب القلق الصحي أو توهُّم المرض، إذ يخضع المريض بدايةً لمجموعة من الفحوصات السريريّة وغيرها لتحديد سبب الشكوى لدى المريض، وفي حال استثناء أيّ مشكلة صحيّة وثبوت خلو الجسم من الأمراض، يُحَال المريض للطبيب النفسي لمساعدته في تخطّي حالة القلق الصحّي لديه لاستكمال حياته بشكلٍ طبيعيّ، من أبرز أعراض القلق المرَضي:
علاج اضطراب القلق الصحّي
يشكّل العلاج السلوكي المعرفي أحَد أكثر العلاجات النفسيّة الناجحة في وجه اضطراب القلق الصحّي؛ إذ يعتمد من خلاله الطبيب النفسي على مساعدة المريض على تنمية المهارات المعرفيّة الإيجابيّة تجاه الجسم ووظائفه، ما يمكّنه من الاستجابة الصحيحة للأعراض التي تصدر عن الجسم وأعضاؤه.
أيضًا، يساهم العلاج السلوكي المعرفي برفع الوعي لدى المريض بخطورة سيطرة الهواجس الصحيّة على تفكيره، وبانعكاساتها السلبيّة اللاحقة على السلوك والأداء وإمكانيّة تدميرها للحياة الاجتماعيّة والمهنيّة للمريض إذا ما أجاز لها تملكّه والسيطره عليه.
يمكن أن يلجأ اختصاصيي الطب النفسي أيضًا لأنواع من مُضادّات الاكتئاب أو مضادّات القلق لتخفيف الأعراض المرافقة لاضطراب القلق المرَضي، غالبًا ما يتزامن تناول هذه الأدوية مع العلاج النفسي اعتمادًا على حالة المريض.
مقالات ذات صِلة
المراجع
يعاني معظم الأطفال في الفترة العمريّة بين 6 أشهر حتى 3 سنوات ممّا يسمّى بقلق الانفصال، وهي حالة طبيعيّة تتولّد لدى الأطفال أثناء نموّهم جرّاء اعتمادهم على والديهم أو مَن يقدّم لهم الرعاية في هذه الفترة، فتنشأ لديهم حالة من الخوف والقلق الدائم من مفارقة الوالدين أو أحدهما، وفي حين يبدأ معظم الأطفال بالتغلُّب على هذه المخاوف تدريجيًا بمجرد تخطّيهم مرحلة الطفولة المبكّرة، فإنّ بعض الأطفال تتفاقم مخاوفهم من الانفصال عن والديهم وتصبح أشّد وأكثر حدّة لتتحوّل إلى مشكلة نفسيّة تستدعي نوعًا من الرعاية المختلفة، وهي ما تُعرَف باضطراب قلق الانفصال Separation anxiety disorder.
أسباب اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال
يمكن أن تتولّد مشاعر القلق المفرطة لدى الأطفال نتيجة عدم استشعار الأمان المستمر، ليخلَق ذلك حالة خوف من انفصالهم عن أحد والديهم أو كليهما، فيزداد التعلُّق والالتصاق بهم لتتحوّل إلى حالة مرَضيّة مزعجة لكليهما، تحدث حالات اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال بسبب عوامل ترفع من معدل الإصابة به لدى مجموعات أكثر من غيرها.
أبرز الأسباب التي تلعب دورًا في تفاقم حالة قلق الانفصال لدى الأطفال لتتحوّل لاضطراب يتطلّب الرعاية والعلاج، كل من الآتية:
أعراض قلق الانفصال عند الأطفال
تتفاوت طبيعة الأعراض التي يعايشها الأطفال ممّن يعانون من اضطراب قلق الانفصال، إلّا أنّ الأعراض التي تظهر على غالبيّتهم تتمثّل بموجاتٍ عارمة من الخوف الذي يسيطر عليهم جرّاء قلقهم المستمر من الانفصال عن أحَد الوالدين أو القائمين على رعايتهم، ويُشَار إلى كل من الآتية على أنّها أكثر الأعراض الشائعة المصاحبة لاضطراب قلق الانفصال لدى الأطفال:
كيفيّة علاج قلق انفصال عند الأطفال
لا ينبغي أن يشكّل قلق الانفصال لدى الأطفال دون الثالثة عائقًا أمام والديه من إنجاز أعمالهم، ولا ينبغي كذلك أن يثير القلق لدى والديهم، إنمّا هي حالة طبيعيّة يتخلّص منها الطفل تدريجيًا بمساعدة أمّه أو أبيه عندما يستطيع تفهّم مسألة غيابهم المؤقت عن ناظريه، وبأنّ ذلك لا يعني خسارتهم وانفصالهم الدائم عنه.
غالبًا يُنصَح الآباء والأمّهات بالتواصل مع الاختصاصيين النفسيين فقط في الحالات التي يستمرّ معها قلق الانفصال لِما بعد الثلاث سنوات من عمر الطفل، وهي المرحلة العمريّة التي ينبغي أن يبدأ فيها الطفل بالانخراط اجتماعيًا مع محيطه واضمحلال عادة التعلُّق التي ولّدتها العلاقة الطبيعيّة بين الطفل ووالديه أو أحدهما خلال الأعوام الأُولى من ولادته.
تشمل الخطة العلاجيّة لقلق الانفصال التي يتّبعها الطبيب النفسي لمساعدة الطفل في تخطّي الاضطراب لديه على خيارات عدّة قد تضم كل أو أيّ من الآتية:
هل يمكن تجنُّب قلق الانفصال لدى الأطفال
يمكن انتهاج مجموعة من الأفعال التي من شأنها أن تخفّف وطأة قلق الانفصال لدى الأطفال في مراحلهم المختلفة، تمثّل كل من الآتية ما اتّفق عليه اختصاصيي الطب النفسي كنصائح يمكن اتبّاعها لتجنُّب تفاقم مشكلة قلق الانفصال لدى الأطفال، أهمّها:
مقالات ذات صِلة
المراجع
حازت الأمراض النفسيّة على الاهتمام في العقود الأخيرة نظرًا لتصاعد أعداد الحالات التي تعاني من المشاكل النفسيّة المختلفة، وفي حين تسلّطت الأضواء على أكثرها شيوعًا كاضطرابات القلق، الاكتئاب، الفصام العقلي واضطراب ثنائي القطب، كان اضطراب التكيُّف Adjustment disorder أو اضطراب الإحكام كما يسمّى قد انضمّ لهذه القائمة كواحد من أكثر الاضطرابات النفسيّة التي يتّم تشخيصها أسبوعيًا مرة واحدة على الأقل.
ما هو اضطراب التكيُّف؟
يُوصَف اضطراب التكيُّف على أنّه ضعف أو انعدام القدرة على التكيُّف مع بعض الوقائع والأحداث أو التغيُّرات الكبيرة والجذريّة التي قد يمرّ بها الشخص في مرحلة ما من حياته، وعلى الرغم أنّه من الطبيعيّ أن يعايش غالبيّة الأشخاص وقائعًا مُقلقة وتغييرات انتقاليّة على كافّة الصُعُد، إلّا أنّ الاستجابة للضغوطات النفسيّة الناجمة عن مثل هذه الأحداث يختلف من شخصٍ لآخر، ففي حين يستطيع البعض التكيّف والسيطرة على المشاعره والحالة النفسيّة، فإنّ البعض الآخر لا يتمكّن من اجتياز المرحلة ويعلَق في حالة نفسيّة سلبيّة تؤثّر عليه وتحدُّ من قدرته على الإنجاز والعمل وربمّا النوم.
أعراض اضطراب التكيف
يترافق اضطراب التكيُّف مع مجموعة من الأعراض التي نادرًا ما تستمر لأكثر من 6 أشهر، أبرزها:
أسباب اضطراب التكيُّف
تتشارك العديد من العوامل في التسبُّب باضطراب التكيُّف، وتتمكّن بعض الأحداث أو التغييرات من إحكام سيطرتها على البعض إذا ما وجدت سبيلها ممهَّدًا لديهم، فتساهم الخبرات الحياتيّة والصفات الشخصيّة والحالة المزاجيّة برفع القابليّة لأن يعاني البعض من اضطراب التكيُّف بنسبة أعلى من غيرهم.
أمّا المشاكل والتغييرات التي تعبر في حياة البعض وتُحكِم قبضتها عليهم لفترةٍ من الزمن وتسلبهم قدرتهم على التكيُّف والتعايش فهي متنوّعة وعديدة، منها: ضغوطات العمل والدراسة، فقدان عزيز من الأقارب أو الأصدقاء، الإصابة بمرضٍ ما أو الخضوع لعلاج ذي آثار جانبيّة ظاهرة كالعلاج الكيميائي وغيره، التقاعد من العمل، مُعيقات وصعوبات ماليّة، انتشار جائحة أو كارثة طبيعيّة والخلافات الزوجيّة وما يتبعها من مشاكل كالطلاق.
يُذكَر بأنّ الأحداث أو التغييرات التي تحدث في حياة البعض وتتسبّب باضطراب التكيُّف قد تكون إيجابيّة أيضًا، مثل الإنجاب أو الزواج أو الانتقال لمنزل جديد وما يرافقهم من مُستجدّات تفرض نفسها ولا يتمكّن البعض بأن يتكيّف معها.
ما الفرق بين اضطراب الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة؟
على الرغم من الشَبَه الظاهر للوهلةِ الأُولى بين اضطراب التكيُّف واضطراب ما بعد الصدمة إلّا أنّهما يختلفان عن بعضهما، فيُوصَف اضطراب ما بعد الصدمة على أنّ أعراضه أشّد وتستمر لفترة أطول من تلك المصاحبة لاضطراب التكيُّف، إضافة إلى أنّ الأحداث المرافقة لاضطراب ما بعد الصدمة عادةً ما تكون شديدة وذات تأثير قويّ على المُجرَيات اليوميّة؛ لأنّها غالبًا ما تنجُم عن حدَث خطير قد يكون مهدّدًا لحياة الشخص، وذلك بعكس الأحداث التي يعقبها اضطراب التكيُّف والتي يغلُب أن تكون أقل وطأة ويعايشها جلّ الأشخاص في مرحلة ما أثناء حياتهم.
علاج اضطراب التكيُّف
يسبق مرحلة علاج اضطراب التكيُّف تشخيص الإصابة به، ويعتمد اختصاصيي الطب النفسي في تشخيصهم لحالات اضطراب التكيُّف على مجموعة من المعايير التي تشير إلى هذا الاضطراب دون غيره، وتتلخّص باستمراريّة الأعراض لِما يفوق الثلاثة أشهر على أن تتحسّن في غضون 6 أشهر بعد زوال المؤثّر أو الحدَث، إلى جانب شدّة الأعراض المصاحبة واستثناء أيّ مرض نفسي آخر.
أمّا علاج اضطراب التكيُّف فيتمثّل بالخيارات الآتية:
تبدأ مرحلة علاج اضطراب التكيُّف بعقد جلساتٍ مع الطبيب النفسي الذي يحاول تقديم الدعم المعنويّ النفسي للمريض، وتمكينه من تعلُّم مهارات تساعده على التكيُّف مع الظروف أو الأحداث التي ظلّلت حياته مؤخرًا.
ينطوي العلاج النفسي على أنواع عدّة تمكّن الطبيب من اختيار العلاج الأنسب وفقًا لحالة المريض، لعلّ أبرزها: العلاج السلوكي المعرفي، الانخراط في مجموعات عائليّة أو مجموعات الدعم التي تحاكي واقع المريض وتمكّنه من مشاركة ألمه النفسي مع مَن عايشوا مثله، وغير ذلك من العلاجات المتاحة.
تتراوح مدّة العلاجات النفسيّة بين قصيرة المدى وطويلة المدى، وغالبًا ما تؤتي الأنواع المختلفة من العلاجات أُكلَها لدى المرضى، ليتمكّنوا من استعادة توازنهم النفسي واستئناف أعمالهم ونشاطاتهم المختلفة.
يمكن استخدام الأدوية لوحدها أو بالتزامن مع العلاجات النفسيّة المختلفة بهدف التخفيف من الأعراض المصاحبة لاضطراب التكيُّف، مثل مضادّات الاكتئاب والقلق أو الأدوية التي تساعد على التخلُّص من صعوبات النوم.
مقالات ذات صِلة
المراجع
يمكن أن تسيطر مشاعر القلق، التوتر والخوف على البعض لدى إلقائهم خطابًا أمام جَمعٍ من الأشخاص أو إذا ما سُلِطَت الأضواءُ عليهم في مناسبةٍ ما، وفي حين تُعدّ مثل هذه الحالات الغامرة من مشاعر القلق والتوتر طبيعيّة لدى الغالبيّة في مثل تلك الظروف، إلّا أنّها تُوصَف على أنّها مَرَضيّة لدى البعض حينما تسيطر عليهم وتشكّل حاجزًا يجنّبهم معظم المناسبات الاجتماعيّة ومخالطة مَن حولهم فتعزلهم بإرادتهم عن محيطهم، تُعرَف هذه الحالة بالرهاب الاجتماعي Social phobia أو القلق الاجتماعي.
يصنّف الخبراء الرهاب الاجتماعي على أنّه أحَد اضطرابات القلق، وعادةً ما يرافق هذا النوع من الاضطرابات النفسيّة المُصابين به ليخرج الخوف والقلق لديهم عن سيطرتهم، فيتملّكهم في معظم المواقف اليوميّة التي يعايشونها، لتشكّل صغائر المواقف حالة تثير الخوف لديهم ويُخشَى منها، فيغدو مجرّد الحديث مع الباعة عند شراء الحاجيّات الاعتياديّة مُقلقًا أو ربمّا يكون تناول الطعام في الأماكن العامّة أمام الآخرين مُحرجًا وغير ذلك من المشاعر غير المستقرّة اليوميّة؛ إذ تعتري هؤلاء الأشخاص مجموعة من مشاعر الخوف والخشية الدائمة من تعرُّضهم للسخرية أو الإهانة أو الرفض من الآخرين.
أسباب الرهاب الاجتماعي
على الرغم من أنّ السبب الدقيق وراء الإصابة بالرهاب الاجتماعي غير معروف على وجه الدقّة، إلّا أنّه وتِبعًا لنتائج الدراسات المتعدّدة ذات الصِلة بالرهاب الاجتماعي يمكن أن تُنسَب التهمة لمجموعة من العوامل التي تساهم بشكلٍ أو بآخر برفع معدل الإصابة بالرُهاب الاجتماعي لدى أشخاصٍ دون غيرهم، منها:
الرهاب الاجتماعي وعلاجه
تتنوّع العلاجات الموصوفة للمُصابين بالرهاب الاجتماعي وفقًا للتشخيص الذي يُجريه الطبيب النفسي، وهي غالبًا ما تشمل كل أو أيّ من الآتية:
يعدّ العلاج السلوكي المعرفي أحَد أنواع العلاج النفسي التي يعتمد عليها اختصاصيي الطب النفسي في علاج حالات الرهاب الاجتماعي؛ ويتلخّص العلاج السلوكي المعرفي بمساعدة المريض على تخطّي مشكلة القلق الاجتماعي بتعليمه مهارات معرفيّة جديدة تساهم في تحسين ردود فعله تجاه المواقف والأحداث التي قد تثير مشاعر القلق والرهبة بداخله، ما يحفّز أيضًا تعلُّم كيفيّة استبدال الأفكار السلبيّة بأُخرى إيجابيّة تمكّن المريض من التعايش الاجتماعي الطبيعي والتخلُّص التدريجيّ من رهاب التواصل مع الآخرين.
يمكن أن يعتمد الاختصاصي على أنواع معيّنة من الأدوية التي تساعد المريض على تخفيف الأعراض المرافقة لحالة الرهاب الاجتماعي كالاكتئاب والقلق التي تعدّ كل من مضادّات القلق ومضادّات الاكتئاب وسائل دوائيّة ناجعة في تخفيف حدّتها، بينما يمكن تخفيف حدّة الأعراض الجسديّة المرافقة للحالة النفسيّة للرهاب الاجتماعي بمثبّطات بيتا التي تتمكّن من تخفيف التعرُّق، الرعشة أو ارتفاع معدل ضربات القلب.
غالبًا ما يتزامن استخدام الأدوية مع العلاجات النفسيّة لعلاج الرهاب الاجتماعي، ما قد يساهم بالحصول على نتائج أفضل.
يتضمّن العلاج بالمواجهة تعليم المريض كيفيّة مواجهة مخاوفه ليتخطّاها بردود فعل طبيعيّة تمكّنه من السيطرة على مشاعره وحالته النفسيّة في المواقف والأحداث اليوميّة.
مجموعات الدعم تستطيع أيضًا تحسين حالات الرهاب الاجتماعي لِما لها من دورٍ إيجابيّ يتيح الفرصة لتعلُّم مهارات جديدة ترفع سويّة التواصل مع الآخرين، إلى جانب الحالة الإيجابيّة التي تخلقها حلقات التواصل لدى المرضى بعد مشاركة بعضهم بعضًا ذات المخاوف ومشاعر القلق التي تعتريهم في مواجهة المواقف الحياتيّة المختلفة.
مقالات ذات صِلة
المراجع
جميع الحقوق محفوظة © 2022 طبكان ذ م م