سلائل القولون (Colon Polyps)، وقد يُطلق عليها كذلك اسم سلائل القولون والمستقيم (Colorectal Polyps)، هي نتوءات تنمو ببطء من الغشاء المُخاطي المُبطن لتجويف القولون، وغالبًا ما تظهر لدى الشخص المُصاب بمفردها، أو قد تكون جزءًا من متلازماتٍ أُخرى، مثل متلازمة داء السلائل الغدية العائلية (Familial adenomatous polyposis)، أو متلازمة بوتز جيغرز (Peutz-Jeghers syndrome).[1][2]
تنمو نتوءات سلائل القولون داخل تجويف القولون،[3] وتُقسم تبعًا لحجمها إلى سلائل قولون ضئيلة الحجم، يبلغ طول قطرها 5 ميليمتر تقريبًا أو أقل، وسلائل قولون صغيرة الحجم، يتراوح طول قطرها بين 6-9 ميليمتر، بالإضافة إلى سلائل القولون كبيرة الحجم التي قد يصل طول قطرها إلى 1 سم أو أكثر.[1]
معدل انتشار سلائل القولون وإحصائيات أُخرى
يُعدّ تحديد نسبة انتشار سلائل القولون على مستوى العالم صعبًا للغاية، وذلك بسبب اختلاف طرق تشخيصها في كل دولة،[2] لكن طبقًا للإحصائيات فإن هذه السلائل تُصيب الأشخاص في الدول الغربية بنسبة أعلى مقارنةً مع الدول الأُخرى، وتزداد نسبة الإصابة مع التقدم في العمر، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تصل نسبة الإصابة إلى 30% لدى الأشخاص فوق سن الـ 50 عامًا.[1]
تُصيب سلائل القولون الذكور بمعدل أعلى يتراوح بين 1.5 إلى 3 أضعاف مقارنةً بالإناث، كما أن أصحاب البشرة الداكنة مُعرّضون أكثر للإصابة بسلائل القولون التي يصل قطرها إلى 9 ميليمتر أو أكثر مقارنةً مع أصحاب البشرة البيضاء،[4] وتجدر الإشارة إلى أن نسبة إصابة الأطفال بهذه السلائل منخفضةٌ للغاية، إذ تصل إلى 6% فقط، وتزداد هذه النسبة لتُقارب 12% لدى الأطفال الذين يعانون من نزيفٍ في الجزء السفلي من الجهاز الهضمي.[1]
أنواع سلائل القولون
لا تتحول غالبية سلائل القولون إلى أورامٍ سرطانية، وطبقًا للإحصائيات، فإن نسبة تحول سلائل القولون التي يبلغ قطرها أقل من 1 سم إلى سرطان القولون والمستقيم منخفضة للغاية، إذ تبلغ أقل من 1% فقط، وترتفع هذه النسبة مع زيادة حجم السلائل.[4]
تُقسم سلائل القولون إلى ثلاثة أنواع:[2]
- الأورام الحميدة مفرطة التنسج (HyperPlastic Polyposis):
تُمثل نحو 90% من سلائل القولون، وهي نتوءاتٍ حميدة يبلغ قطرها أقل من 0.5 سم، وتنشأ غالبًا في منطقة المستقيم السيني (RectoSigmoid).[2]
- الأورام الغدية (Adenomas):
تُعد الأورام الغدية مُقدمة (Precursor) للإصابة بسرطان القولون والمُستقيم،[4] وتُمثل نحو 10% من سلائل القولون، كما أنّ ما يقرب 90% منها صغير الحجم وقطرها أقل من 1 سم، بالإضافة إلى أنّ نسبة تحولها لخلايا سرطانية منخفضة للغاية، لكن يتجاوز قطر النسبة المتبقية -10%- 1 سم، وتصل نسبة تحولها لسرطان إلى 10% تقريبًا، وتُقسم الأورام الغدية إلى ثلاثة أنواع، الأورام الأنبوبية (Tubular)، والأورام النبيبية (TubuloVillious)، والأورام الزغبية (Villious).[2]
يُشَار إلى الأورام الغدية الأنبوبية على أنّها الأشهر بين الأنواع الثلاثة، وتنشأ في أي مكانٍ من القولون، أما الأورام الزغبية فتنشأ عادةً في المستقيم، وهي الأكبر حجمًا، كما أنّها المسؤولة عن أعلى معدلات الوفيات مقارنةً بالأنواع الأُخرى، كما تتسبب بالإصابة بمتلازمة فرط الإفراز (Hypersecretory syndrome) التي ينتج عنها نقص مستوى البوتاسيوم، وزيادة الإفرازات المخاطية، ويمكن أن تتحول إلى سرطان القولون والمستقيم بنسبة أعلى من الأنواع الأُخرى.[2]
- متلازمات داء السلائل (Polyposis Syndromes):
تشمل متلازمات داء السلائل مجموعةً من المتلازمات الوراثية، مثل متلازمة داء السلائل العائلية (Familial adenomatous polyposis syndrome)، ومتلازمة بوتز جيغرز (Peutz-Jeghers syndrome)، ومتلازمة لينش (Lynch syndrome)، ومتلازمة توركوت (Turcot syndrome)، ومتلازمة جاردنر (Gardner syndrome).[2]
كما تجدر الإشارة إلى وجود نوعٍ آخر من سلائل القولون يُسمى سلائل القولون الالتهابية (Inflammatory Polyps)، وهي نتوءات غير سرطانية تتكون من الخلايا الالتهابية، وتنقسم إلى نوعين؛ سلائل القولون الكاذبة (Inflammatory pseudopolyps)، وسلائل القولون المُتدلية (Prolapse type inflammatory polyp).[5]
كيف تتحول الأورام الغدية إلى سرطان القولون والمستقيم؟
التركيب الدقيق للقولون ما هو إلا أنبوبٌ مجوفٌ من الداخل، إذ يمكن تقسيم جدار هذا الأنبوب إلى نصفين، النصف الأول هو النصف الخارجي أو النصف السفلي، ويحدث فيه انقسام الخلايا وإنتاج خلايا جديدة، والجزء الداخلي أو العلوي، وهو الجزء المواجه لتجويف الأنبوب، ويحدث فيه نضج وتمايز الخلايا الجديدة.[4]
تبدأ المشكلة بتعطيل مجموعة من مُثبطات الأورام وجينات إصلاح الحمض النووي، وفي ذات الوقت تُحفَّز الجينات المُسرطنة، ويتسبب ذلك في انقسام وإنتاج الخلايا في جدار القولون بطريقة انتقائية، إذ تختفي مرحلة نضج وتمايز الخلايا، ليؤدي في النهاية إلى خللٍ في التنسج (Dysplasia)، الذي -وبمرور الوقت- يُسبب الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وقد تستغرق هذه الدورة 10 سنوات لإكمالها.[4]
أعراض سلائل القولون
لا تظهر أيّ أعراضٍ لدى غالبية الحالات المُصابة بسلائل القولون، لكن في حال ظهور أعراض لدى حالاتٍ أُخرى، فإن أشهرها هو نزيف المستقيم، الذي يظهر على هيئة خروج دم مع البراز،[2] بالإضافة إلى بعض الأعراض الأُخرى:[3][4]
- تغير في حركة الأمعاء، فيُصاب الشخص بالإسهال أو الإمساك.
- خروج مخاط مع البراز.
- فقدان الوزن.
- الزحير.
- ظهور أعراض مرض فقر الدم الناتج عن نقص الحديد بسبب النزيف المزمن.
- ألم البطن.
- انسداد الأمعاء في حالة الإصابة بالسلائل كبيرة الحجم.
علاج سلائل القولون
يُفضل استئصال سلائل القولون جراحيًا (Polypectomy) أثناء إجراء تنظير القولون (Colonoscopy) الذي يُستعان به للتشخيص والعلاج، وذلك لتجنّب تحوّل هذه السلائل إلى سرطان القولون والمستقيم بعد ذلك،[6] ولكن تُشير بعض الدراسات إلى إمكانية استخدام الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهاب (NSAIDs) في العلاج، لأنها تُقلل من عدد وحجم السلائل، لكنها لا تمنع تحولها إلى خلايا سرطانية.[2]
أما الأشخاص الذين تعافَوا من الأورام الغدية (Adenomas)، فينبغي الإشارة إلى احتمالية عودة الإصابة بها بعد العلاج بمدة تتراوح بين سنة حتى 10 سنوات، وتعتمد هذه المدة على العمر، والصحة العامة للمريض، بالإضافة إلى نوع السلائل، وحجمها، وعددها، والتاريخ العائلي للإصابة بها أو بسرطان القولون والمستقيم، لذلك يجب إجراء التنظير الدوري للقولون لمتابعة الحالة بعد العلاج.[6]