جدري القرود من أنواع العدوى الفيروسية التي تتشابه مع جدري الماء (Smallpox) المعروف، إلا أنه أقل شدّة منه وتستطيع اللقاحات التي سبق تصنيعها بغرض مقاومة الجدري أن تُشكل عامل حماية -بنسبة 85%- من جدري القرود، وذلك وفقًا للدراسات والبحوث الأولية.[1]
الانتشار العالمي لجدري القرود
يتصدر جدري القرود المشهد الصحي العالمي في الوقت الراهن مثيرًا بذلك الكثير من التساؤلات، أبرزها لماذا يحذر العلماء من انتشار فيروس جدري القرود ويولونه اهتمامهم؟
تكمن الإجابة في انتشار فيروس جدري القرود خارج حدود القارة الأفريقية، وهو أمر غير اعتيادي، وتسجيل عدد من الإصابات في بلدان مختلفة حول العالم، مما يعني قدرته على الانتشار السريع مالم يخضع للرقابة الصحية والسيطرة للحد من زيادة أعداد الحالات.[2]
ما هو جدري القرود؟
ينتمي جدري القرود (Monkeypox) لقائمة أنواع العدوى الفيروسية حيوانية المنشأ، أي أنّه انتقل بادىء الأمر من الحيوانات إلى البشر، لكن الدراسات لا تزال جارية لتحديد المصدر الرئيسي للفيروس المسبب لجدري القرود، إذ إنّ حيوانات مختلفة أُشير إلى قابليتها للإصابة بفيروس جدري القرود، مثل السناجب والجرذان والقرود.[3]
ينتمي الفيروس المسبب لجدري القرود لعائلة الفيروسات الجدرية (Poxviridae) التي تُوصَف على أنها تحمل سلاسل ثنائية من حمض DNA، أما أول عدوى بشرية بالفيروس فقد كانت في جمهورية الكونغو لطفل يبلغ من العمر 9 أعوام في العام 1970، بعد ذلك انتشرت بين الأطفال القاطنين في الغابات الإستوائية المطيرة في غرب ووسط أفريقيا.[4][5]
لماذا سمي بجدري القرود؟
يمكن أن ينتقل فيروس جدري القرود عبر القوارض أو القرود، لكن تسميته بهذا الإسم تحديدًا تعود للعام 1958 عندما كُشِف عنه لأول مرة بين مجموعة من القرود المخبرية أثناء نقلها من سنغافورة إلى الدنمارك.[4]
أعراض جدري القرود
تتشابه أعراض جدري القرود مع جدري الماء المعروف، إلّا أنّ أعراض جدري القرود أقل خطورة،[3] كما أنّ تضخم الغدد اللمفاوية التي تظهر في مرحلة مبكرة أحد الأعراض المميزة لعدوى جدري القرود، في غالبية الحالات تستمر الأعراض من 7 إلى 21 يومًا، لكنّها قد تستمر حتى 4 أسابيع لدى البعض.[3][6]
وتتضمن بقية أعراض جدري القرود:[3][6]
- الحمى.
- القشعريرة.
- التعب العام والشعور بالإرهاق.
- ألم في العضلات.
- الصداع.
- الطفح الجلدي الذي غالبًا ما يظهر على الوجه، واليدين، والقدمين، لكنه قد يمتد لمناطق أخرى من الجسم ويكون على هيئة بثور صغيرة تتطور لتصبح بارزة وممتلئة بالسوائل.
كيف ينتقل فيروس جدري القرود؟
يمكن أن ينتقل جدري القرود من الحيوان للإنسان أو من إنسان مصاب لآخر سليم،[4] من خلال عدة طرق:[6][4]
- انتقال فيروس جدري القرود من الحيوان المُصاب للإنسان، عبر الاتصال المباشر مع الحيوان المصاب إمّا بطريقة غير مباشرة أثناء التنظيف حوله (بملامسة برازه) أو إعداد لحمه مثلًا، أو مباشرة بعد التعرض للعض أو الخدش من الحيوان المُصاب بالفيروس.
- انتقال فيروس جدري القرود من إنسان مُصاب لآخر سليم، عبر التعرض للرذاذ التنفسي للمريض (التنفس أو السعال أو العطاس)، أو ملامسة البثور الموجودة على سطح الجلد للمريض.
علاج جدري القرود
حاليًا، لا يوجد علاج محدد وتام لعدوى جدري القرود، إذ تعتمد الخيارات العلاجية المتاحة على رعاية المريض بالسيطرة على أعراضه وتجنيبه المضاعفات المحتملة، إلى جانب استخدام أنواع من أدوية مضادات الفيروسات، مثل دواء
برينسيدوفوفير (Brincidofovir)، ودواء تيكوفيريمات (Tecovirimat)، ودواء سيدوفوفير (Cidofovir)، التي سبق أن أظهرت فعالية ضد فيروس جدري القرود في الدراسات المخبرية التي أُجريت لاختبارها، إلّا أنّها ما زالت تحتاج لمزيد من التجارب السريرية للتحقق من فعاليتها، كما يمكن أن يشمل العلاج على المضادات الحيوية في حال إصابة المرضى بعدوى بكتيرية ثانوية.[3][4][2]
لقاح جدري القرود، هل هو متاح للوقاية منه؟
للحد من انتشار الفيروس لا بُد من اتباع سُبل الوقاية اللازمة، والتي يُعد التطعيم ضد الفيروس أبرزها وأقواها فعاليّة، لكن حتى الآن لا يوجد لقاح معتمد ومُرخّص ضد عدوى جدري القرود، لكن في محاولة لتحقيق الوقاية في مناطق انتشار الفيروس بات يُستخدَم لقاح جدري الماء للوقاية من جدري القرود حاليًا، إذ أشارت الدراسات والأبحاث إلى أنّ لقاح جدري الماء قد يحقق نسبة وقاية جيدة جدًا ضد الإصابة بجدري القرود قد تصل حتى 85%، حاليًا تتوافر لقاحات مثل (ACAM2000)، و(MVA-BN) لغايات استخدامهم قبل التعرض للعدوى أو بعدها، وهُما من اللقاحات الفعالة على الرغم مما قد يصاحبهما من مضاعفات.[2][7]
يُذكر بأنّ التوصيات بخصوص لقاحات جدري القرود تشير إلى أنّ إعطاء الجرعة الأولى من اللقاح خلال 4 أيام من تعرض الشخص للفيروس يمنع إصابته بالعدوى، لكن إعطاؤه اللقاح بعد 4 إلى 14 يومًا قد يخفف الأعراض فقط ولا يمنع الإصابة بالعدوى.[1]
لأنّ الوقاية خير من العلاج دائمًا، فيُنصَح بالالتزام بمجموعة من التوصيات لتجنب الإصابة بجدري القرود:[4][8]
- تجنب الاتصال المباشر والمطوّل مع الأشخاص المصابين بالعدوى.
- تجنب الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة بالفيروس، والحرص على ارتداء القفازات والكمامات أثناء تنظيف أماكن وجودها أو تقديم الطعام لها.
- الحرص على غسل الأيدي جيدًا بعد ملامسة الأشياء والأسطح المختلفة.
- تجنب السفر للمناطق الموبوءة بالفيروس.
- تجنب لمس البثور أو التقرحات الظاهرة على جلد المصابين بالعدوى.
- استخدام الكمامات عند الحاجة للاختلاط مع الأشخاص.
من الأخطر، جدري القرود أم كوفيد-19؟
حقيقةً، حتى الآن ووفقًا للمعلومات المتوافرة عن سلوك فيروس جدري القرود فهو لا ينتشر في الهواء مثل فيروس كورونا (المسبب لعدوى كوفيد-19)، ولا يصبح معديًا إلا بعد ظهور الأعراض على المريض، لذا يمكن السيطرة على انتشاره بعزل المصابين، لكن هذا لا يقلل من خطورة عدوى جدري القرود خصوصًا للأشخاص المصابين بأمراض أُخرى.[3][2]
هل يؤدي جدري القرود للوفاة؟
نعم قد يتسبب فيروس جدري القرود بالوفاة، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية (WHO) الصادرة أواخر الشهر المُنصرم (أغسطس 2024) فإنّ مجموع حالات الوفاة التي سُجلَت في أكثر من 120 دولة انتشر فيها فيروس جدري القرود بلغ 220 وفاة من بين 100,000 حالة تأكدت إصابتها بالعدوى.[9]