يُعد مرض السكري من الأمراض الاستقلابية التي تؤدي إلى ارتفاع مستمر لسكري الدم، وينجم إما عن اختلال يُصيب خلايا البنكرياس من النوع بيتا (Beta cells) المسؤولة عن إفراز هرمون الإنسولين الذي يُنظم سكر الدم مما يؤدي إلى الإصابة بالسكري من النوع الأول، أو قد ينجم عن اختلال التوازن بين الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس وحساسية خلايا الجسم للإنسولين، وبالتالي عدم استجابتها له عند ارتفاع مستوى سكر الدم.[1]
تذكر أحدث التقارير إلى أنّ ما يقارب 240 مليون شخص حول العالم لا يعلمون بإصابتهم بمرض السكري، كما أشار الاتحاد الدولي لمرض السكري (International Diabetes Federation) إلى أنّ حوالي 537 مليون شخص يعانون حاليًا من مرض السكري أي ما يقارب 10.5% من مجمل سكان كوكب الأرض.[2]
مضاعفات مرض السكري
تكمن خطورة مرض السكري عامةً في المضاعفات التي قد يتسبب بها على المدى البعيد،[2] إذ يسبب مشاكل في جهاز الدوران، والأوعية الدموية، والعيون، والكلى، والأعصاب، خصوصًا إذا رافق مرض السكري معاناة المريض من السمنة أو الوزن الزائد، أو ارتفاع ضغط الدم والدهون، بالإضافة إلى إهمال ممارسة التمارين الرياضية،[3] إلى جانب ما سبق، يمكن أن يسبب مرض السكري الإصابة باعتلالات في الكبد، مثل تليف الكبد ومرض الكبد الدهني، كما يُضعف من مناعة المريض ويتركه عُرضة للإصابة بأنواع العدوى المختلفة كالبكتيرية، والفيروسية، والطفيلية، ومن الجدير بالذكر إشارة بعض الدراسات إلى ارتباط مرض السكري بأمراض خطيرة تصيب الرئة، مثل تليف الرئة، كما ذكرت دراسات أخرى أن ما يقارب 13 -24% من مرضى السكري يعانون من اعتلالات ذهنية، مثل الخرف، وتراجع مستويات التركيز، أو المخزون اللغوي من الكلمات والقدرة على استرجاعها.[4]
علاجات مرض السكري الحديثة
يبدأ علاج مرض السكري بتثقيف المريض حول خطورة المرض وأهمية اتباع نظام حياة صحي يشمل تقليل الكربوهيدرات وقضاء ما لا يقل عن 150 دقيقة يوميًا في ممارسة التمارين الرياضية، بالإضافة إلى مراقبة مستويات السكر بانتظام، إلى جانب الالتزام بالأدوية الموصوفة،[1] ولكن في الآونة الأخيرة، ذكرت العديد من الدراسات الاستقصائية الارتباط الوثيق بين مرض السكري من النوع الثاني تحديدًا والسمنة المرضية، إذ يعاني 80% تقريبًا من أولئك المرضى من السمنة أو الوزن الزائد، كما يُشار إلى أنّ فقدان كيلوغرام واحد من الوزن يرتبط بتراجع حدة مرض السكري بنسبة 16% وتقليل احتمالية الإصابة بمضاعفاته الخطيرة، لذا توجهت أنظار الباحثين نحو استهداف السمنة للسيطرة على سكر الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني، ففي عام 2022 ميلادي وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على دواء تيرزيباتيد (Tirzepatide) المعروف بمونجارو (Mounjaro)، والذي يرتكز مبدأ عمله على تحفيز إطلاق هرمونات الإنكريتين (Incretin) التي تحفز البنكرياس على إطلاق هرمون الإنسولين المسؤول عن تخفيض سكر الدم، بالإضافة إلى تثبيط إطلاق هرمون الجلوكاجون (Glucagon) الذي يحفز الكبد على إطلاق الجلوكوز في الدم مما يرفع مستوى السكر.[5]
أمّا السكري من النوع الأول، فقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2022 ميلادي على تداول دواء تيبليزوماب (Teplizumab) لعلاج السكري من النوع الأول خصوصًا في مراحله المتأخرة لدى البالغين والأطفال الذين لا تقل أعمارهم عن ثمانية سنوات، وتأخير ظهوره لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به، وهو من الأدوية المناعية التي تنتمي إلى مجموعة الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، ويمنع خلايا بيتا التي تفرز الإنسولين من التلف الناجم عن اعتلالات مناعية، إنطلاقًا من كون معظم حالات السكري من النوع الأول ذات طبيعة مناعية.[6][7]
بالإضافة إلى ما سبق، ظهر العلاج بزراعة الخلايا الجذعية مؤخرًا كاستراتيجية واعدة للتخلص من مرض السكري بنوعيه للأبد، تحديدًا الخلايا الجذعية الوسيطة (Mesenchymal stem cells) التي تتفوق على نظيرتها؛ الخلايا الجذعية الجنينية (Embryonic stem cells)، في غياب وجود خطر تكون أورام سرطانية على المدى البعيد، فهي تحسن من استقلاب الجلوكوز، وتقلل من مستويات السكري التراكمي، والسكر الصيامي، وتضبط مستويات السكر في الدم.[8]