يُصاب القولون بما يُعرف باسم الرتوج (Diverticular)، والرتوج هي نتوءات تُصيب جدار القولون، نتيجة ضعفٍ في طبقات العضلات الخارجية الموجودة في جدار القولون، ويُعرف هذا المرض باسم داء الرُتج (Diverticulosis).[1][2]
يُطلق على المرض اسم التهاب الرُتج (Diverticulitis) عندما تُصاب هذه الرتوج بعدوى أو التهاب، كما قد يرافقها ظهور بعض المضاعفات،[1] وقد يصيب الالتهاب واحدة من الرتوج فقط أو مجموعة منها،[3] وقد يحدث التهاب الرتوج في أي جزءٍ من أجزاء القولون، لكن يشيع حدوثه في الجزء الأيسر منه وتحديدًا القولون النازل أو السيني (Sigmoid colon).[2]
تجدر الإشارة إلى أنّ الإصابة بالرتوج دون ظهور أي أعراض على المريض يُسمى بداء الرتوج (Diverticulosis)، امّا مرض الرتج (Diverticular disease) فهو يمثّل داء الرتوج والتهاب الرتج، لِذا يُعد مصطلحًا يشملهما.[1][2]
أسباب الإصابة بالتهاب الرتج
لا تزال أسباب الإصابة بمرض الرتج أو التهاب الرتج غير مفهومة بالكامل حتى الآن، لكن ظهرت عدة نظريات تحاول تفسير الإصابة بالتهاب الرتج.[1]
توضح النظرية الأولى أنّ سبب الإصابة بالتهاب الرتج هو ضيق عنق الرتوج، الذي ينتج عنه تجمع البكتيريا داخلها وبالتالي نموها وتكاثرها، ثم تُصاب هذه الرتوج بنقص التروية الدموية إليها، لينتج عن هذا التهاب الرتج ثم انثقابه، لكن من خلال الصور التشخيصية التي أُخذت بواسطة منظار القولون، أُثبت أنّ عنق الرتوج ليس ضيقًا كما تعتقد هذه النظرية.[1]
بينما تشير النظرية الأخرى إلى أنّ سبب التهاب الرتج قد يكون نتيجة تراكم البراز داخل الرتوج، ليتسبّب ذلك بانسدادها وزيادة الضغط داخلها، ممّا يسمح بنمو وتكاثر البكتيريا، يتبعه تصلب للبراز داخلها مُسببًا تراكم الإفرازات التي يفرزها الغشاء المخاطي المبطن لجدار الرتوج، ونتيجة لزيادة الضغط فإنّ معدل التروية الدموية لهذه الرتوج ينخفض حتى يتوقف تمامًا، مما يؤدي إلى التهاب الرتوج ثم يبدأ جدارها بالتآكل.[1][2]
يتآكل جدار الرتوج تدريجيًا، وقد ينجم عن ذلك تشكّل ثقب صغير تستطيع الدهون المجاورة للقولون وجدار المساريق (Mesentery wall) إغلاقه، مما يمنع الإصابة بأي مضاعفات، أما إذا كان الثقب كبير الحجم، فلا تستطيع الدهون أو جدار المساريق إغلاقه، وهذا يؤدي إلى خروج محتويات الرتوج من براز وبكتيريا إلى داخل تجويف البطن، كما قد ينتقل الالتهاب إلى الأعضاء المجاورة مثل المثانة البولية والأمعاء الدقيقة، أو يسبب تكوّن خراج أو ناسور، وفي بعض الحالات النادرة قد تنفجر الأمعاء، أو يُصاب المريض بالتهاب الصفاق.[2]
عوامل خطر الإصابة بالتهاب الرتج
لم يحدد العلماء بعد السبب الفعلي وراء الإصابة بالتهاب الرتج، ولكن يُعتقد بوجود بعض العوامل التي تلعب دورًا في الإصابة بالتهاب الرتج وتزيد من احتمالية الإصابة،[3] وتشمل هذه العوامل:
- النمط الغذائي المتبع، خصوصًا الذي يعتمد على تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء، والحبوب المكررة، والدهون، بالإضافة إلى نسبة منخفضة من الألياف، كل ذلك يؤثر سلبًا في حركة الأمعاء، مما يُسبب تراكم البراز داخل القولون، وزيادة احتمالية تكون الرتوج، وبالتالي زيادة احتمالية الإصابة بالتهاب الرتج.[4]
- السمنة، خاصة التي تظهر وترتكز في منطقة البطن.[4]
- التدخين، إذ يرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالتهاب الرتج، خاصةً في الحالات التي تُصاب بالمضاعفات.[4]
- تناول بعض الأدوية، مثل الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهاب، والستيرويدات، والأسيتامينوفين، والأسبرين، والأفيونات، إذ تزيد كلها من احتمالية الإصابة بالتهاب الرتج، خصوصًا لدى تناولها باستمرار لفتراتٍ طويلة.[5]
- انخفاض معدل النشاط البدني، إذ يؤثر سلبًا في حركة الأمعاء، مما يزيد من احتمالية حدوث التهاب الرتج.[3]
- اختلال جينات معينة.[3]
تجدر الإشارة إلى أنّه سبق اعتقاد العلماء في الماضي أنّ تناول المكسرات، والبذور، والذرة، والفشار يزيد من احتمالية الإصابة بالتهاب الرتج، لكن أثبتت الدراسات الحديثة بعدم وجود علاقة بين تناول هذه الأطعمة والإصابة بالتهاب الرتج، كما وجدت الدراسات أنّ تناول الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة، وممارسة الأنشطة الرياضية يقلل من احتمالية الإصابة بالتهاب الرتج.[4][5]
أنواع التهاب الرتج
يُقسم التهاب الرتج تبعًا لظهور المضاعفات المصاحبة له إلى التهاب الرتج البسيط، أي الالتهاب الذي لا يشمل ظهور المضاعفات بعد على المريض، والتهاب الرتج المعقد، الذي يشير إلى ظهور المضاعفات على المريض،[1] وفقًا لذلك يُقسم التهاب الرتج إلى عدة أنواع:[5]
- التهاب الرتج الحاد والبسيط: يُعد أشهر أنواع التهاب الرتج، وتظهر الأعراض لكن دون الإصابة بالمضاعفات.
- التهاب الرتج الحاد والمعقد: يُعرف بسرعة الإصابة بالمضاعفات بعد حدوث التهاب الرتج.
في حالة عدم الشفاء تمامًا من التهاب الرتج الحاد، تحدث بعض التغيرات في القولون مع الوقت، ويُصاب المريض بالتهاب الرتج المزمن،[5] الذي ينقسم إلى عدّة أنواع أيضًا:[5]
- التهاب الرتج المزمن والبسيط: يتميز بزيادة سمك جدار القولون، والتهاب مزمن في الغشاء المخاطي المبطن لجدار القولون، دون أن يرافقه تضيُّق لتجويف القولون.
- التهاب الرتج المزمن والمعقد: يتميز بضيق تجويف القولون، مما يسبّب الإصابة ببعض المضاعفات الخطيرة، مثل انسداد القولون الحاد، أو الإصابة بالناسور.
تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن توقع شدة المرض أو الحاجة إلى التدخل الجراحي من خلال معرفة نوع التهاب الرتوج فقط، فعلى سبيل المثال قد يحتاج الالتهاب البسيط إلى تدخل جراحي لعلاجه.[1]
أعراض التهاب الرتج
تختلف أعراض التهاب الرتج تبعًا لموقع تكون الرتوج، وشدة الالتهاب، وظهور مضاعفات التهاب الرتج، ويُعد الشعور بالألم في الربع السفلي الأيسر من البطن من أشهر الأعراض، إذ يُعاني منه حوالي 70% من مرضى التهاب الرتج، وفي حالة إصابة الشخص بالتهاب الرتج في القولون من الجهة اليمنى، فإنه يشعر بالألم في الربع السفلي الأيمن، وهذا الألم يتشابه مع ألم التهاب الزائدة، مما قد يؤدي إلى خطأ في تشخيص الإصابة بالتهاب الرتج، كما تتشابه أعراض التهاب الرتج الطفيف مع أعراض القولون العصبي.[2]
بالإضافة إلى الألم الذي يشعر به المريض سواءً في الجانب الأيمن أو الأيسر من البطن لدى إصابته بالتهاب الرتج، فإنّ المريض يعاني من بعض الأعراض الأُخرى:[2][5]
- الشعور بالغثيان.
- التقيؤ.
- تغير حركة الأمعاء، فقد يُصاب المريض بالإمساك.
- الإصابة بالحمى.
- انتفاخ البطن.
- خروج الغازات.
تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات قد ينتقل الالتهاب إلى المثانة البولية، ويؤدي انتقال الالتهاب إلى المثانة البولية إلى ظهور أعراض التهاب المثانة.[5]
ومع ازدياد شدة الالتهاب، فإنّ الحالة الصحية للمريض تزداد سوءًا ويُصاب ببعض المضاعفات:[2][3]
- تكون خراج (تجمع الصديد).
- انثقاب القولون.
- الإصابة بالناسور.
- انسداد الأمعاء.
- التهاب الصفاق.
علاج التهاب الرتج
يعتمد التهاب الرتج على شدة المرض والمضاعفات المُرافقة له، إذ يمكن علاج المريض باستخدام المضادات الحيوية، لكن لا يُفضل استخدامها في الحالات البسيطة، كما يمكن استخدام الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهاب، ومضادات التقلصات المعوية، وقد يتطلب علاج بعض الحالات الخطيرة أو التي لا تستجيب للأدوية إلى التدخل الجراحي لعلاج التهاب الرتج، مثل عملية استئصال القولون، أو قد يحتاج إلى تصريف الخراج المتكون، إن وُجد.[3][5]
بالإضافة إلى العلاج الدوائي أو الجراحي المُقدّم لمريض التهاب الرتج فإنه قد يحتاج إلى اتباع نظامٍ غذائي يعتمد على السوائل والأطعمة اللينة بعد الإصابة، وذلك لإراحة القولون، ثم يمكن التدرج في دمج الأطعمة الصلبة بالتزامن مع تحسن الأعراض.[3]