تتغيّر طبيعة حركات الجنين التي تشعر بها الأُم خلال الحمل بالاعتماد على مرحلة نموّه وتطوّره، إذ تبدو حركات الجنين في أول ظهورها خلال الحمل كشعورٍ برفرفة مجموعة من الفراشات داخل البطن، أو تشعر بها الأُم كركلاتٍ ضعيفة أو حركاتٍ خاطفة تزداد قوتها مع الوقت، وقد يبدأ الشعور بتلوّي الجنين وتدحرجه وتقلبه أيضًا مع تقدّم الحمل، ويصبح الإحساس بحركته أكثر سهولةً ووضوحًا من قبل، ويُشار إلى أنّ حركة الجنين تكون مختلفة بين حملٍ لآخر، إذ قد يكون الجنين بطبيعته نشِطًا أكثر مقارنةً بغيره دون وجود ما يستدعي القلق.[1][2]
متى تبدأ حركة الجنين؟
يطلَق مصطلح الارتكاض (Quickening) على حركة الجنين الأُولى التي تشعر بها الأم كرفرفة خفيفة أشبه بالفقاعات داخل الرحم، وعادةً ما يبدأ الشعور بهذه الحركة خلال الفترة الممتدّة بين الأسبوع 16 إلى الأسبوع 22 من الحمل، أي خلال الثلث الثاني من الحمل، بينما يمكن من خلال فحص السونار ملاحظة حركة الجنين في الأسبوع السابع أو الثامن من الحمل.[3][4]
قد تشعر المرأة بحركة الجنين الأُولى في فترة قريبة من الأسبوع 16 إن سبق لها الحمل من قبل، أمّا إذا كان حملها الأول، فإنّها غالبًا ما تشعر بحركة الجنين الأولى متأخرًا، أي بين الأسبوع 20 والأسبوع 22 من الحمل، ولكن لا يوجد بالفعل وقت محدّد يبدأ فيه الشعور بحركة الجنين داخل الرحم.[3]
أسباب شائعة وراء ضعف حركة الجنين
تتغير حركة الجنين خلال الحمل لأسبابٍ مختلفة قد تكون طبيعيّة ولا تستدعي القلق:[2][5]
- ميل الأم إلى كثرة الحركة والنشاط خلال اليوم، إذ إنّها بذلك تساعد على تهدئة الجنين ومساعدته على النوم.
- ممارسة العلاقة الجنسيّة والوصول لنشوة الجماع، فتساعد انقباضات الرحم على تهدئة الجنين وتحريضه على النوم، ومع ذلك، قد تزداد حركة بعض الأجنّة بعد الجماع.
- حجم الجنين الصغير خلال الثلث الثاني من الحمل، وهذا قد يعيق الشعور بحركته.
- استيقاظ الجنين وقت نوم الأُم، وهو ما يجعل ملاحظة حركته صعبًا، ولا يتحرّك في وقت نومه الذي يتزامن في كثيرِ من الأحيان مع موعد استيقاظ الأم، إذ يكون نمط نوم الجنين دوريًّا، أي أنّه ينام لمدّة 20-40 دقيقة في المرة الواحدة، وقد تصل إلى 90 دقيقة، ومن ثم يستيقظ، وهكذا.
أسباب ضعف حركة الجنين في الثلث الأخير من الحمل
يضعُف الشعور بحركة الجنين خلال الثلث الأخير من الحمل لأسبابٍ مختلفة:[5]
- ازدياد حجم الجنين ونمّوه داخل الرحم الذي أصبح أضيق مما كان عليه، فبدلًا من سهولة الدوران التي كان يحظى بها مُسبقًا، يتغير نمط حركة الجنين في الثلث الأخير من الحمل لتصبح مقيّدة أكثر، وهذا قد يعني شعور الأم بضعف حركته داخل الرحم، رغم عدم وجود ما يستدعي القلق.
- نزول رأس الجنين إلى منطقة الحوض خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، وهذا ما يجعل حركته أكثر صعوبة وهو في هذه الوضعيّة، وقد تقتصر على الشعور بتدحرجات رأسه على الحوض، ومن الممكن أن يسفر ذلك عن الشعور بضعف حركة الجنين قليلًا.
- نوم الجنين بعمق، لهذا السبب يقِل الشعور بقوة وعدد مرات حركته خلال الثلث الأخير من الحمل.
هل يدُل ضعف حركة الجنين على قرب الولادة؟
تستمر حركة الجنين داخل الرحم خلال فترة المخاض المبكّر وحتى بدء الولادة، بينما تتغير طبيعة حركته مع قرب الولادة بسبب زيادة حجمه مع تقدّم الحمل ونزوله إلى منطقة الحوض استعدادًا للخروج من الرحم، ممّا يجعل نشاطه وحركته تبدو أضعف وتميل للعشوائية مقارنةً بشهور الحمل السابقة، ولكن طالما استمرّ الجنين بحركته، فإنّ ذلك يدل على سلامته وعدم تعرّضه لمشكلاتٍ تدقّ ناقوس الخطر، وتستدعي التواصل مع طبيب النسائية، لذلك يُوصي الطبيب في كثيرٍ من الأحيان ببدء عدّ حركات الجنين يوميًّا مع بداية الثلث الأخير من الحمل وحتى موعد الولادة، إذ إنّه من الطبيعي خلال هذه الفترة ملاحظة 10 حركات للجنين خلال ساعة واحدة.[5][6]
أسباب ضعف حركة الجنين التي تستدعي القلق
يحدث ضعف حركة الجنين في بعض الحالات لأسبابٍ صحيّة خطِرة تحتاج لتلقّي الرعاية الطبيّة في أقرب وقت:[1][3]
- تعرّض المشيمة لمشكلة معيّنة، مثل: قصور المشيمة (Placental insufficiency).
- بطء نموّ الجنين، كما يحدث عند تعرّض الجنين لحالات إعاقة النموّ داخل الرحم (Intrauterine growth retardation)، أو محدودية النمو داخل الرحم (Fetal growth restriction)، أو قد يكون الجنين صغير الحجم بالنسبة للحجم الطبيعي المُتوقّع (Small for gestational age).
- انخفاض مستوى السائل السلوي (الأمينوسي) (Oligohydramnios).
- مؤشر لحدوث ولادة مبكرة (Preterm labor).
- حدوث نزيف جنيني أُمومي (Fetomaternal hemorrhage).
- الإصابة بالتهاب في الرحم.
- التفاف الحبل السري حول عنق الجنين، والمعروف باسم الحبل القفوي (Nuchal cord).
متى يجب مراجعة الطبيب؟
يجب زيارة الطبيب مباشرةً فور الشعور بالقلق حيال حركة الجنين في الرحم بصرف النظر عن مرحلة الحمل، أو إذا أتمّت المرأة الحامل الأسبوع 24 من الحمل ولم تشعر بحركة الجنين بتاتًا.[2]
يمكن تتبّع حركات الجنين عند الشعور بضعفٍ في حركته عن المعتاد، إذ تحدّد فترة ساعتين خلال اليوم ضمن فترات نشاط الجنين المعتادة، كالفترة التي تلي تناول الطعام، لتبدأ الأم بعدّ حركات الجنين والتواصل مع الطبيب إذا كانت حركات الجنين أقل من 5 حركات في الساعة الواحدة، أو أقل من 10 حركات خلال ساعتين.[7]
ما الذي يمكن فعله لزيادة حركة الجنين؟
يسبب الضعف في حركة الجنين مشاعر القلق والتوتر لدى المرأة الحامل، وفي هذه الحالة قد يساعد تطبيق هذه النصائح في زيادة حركة الجنين:[3][8]
- محاولة التحدّث مع الطفل.
- الضغط بلطف على البطن أو وكزه وملاحظة ركلة الجنين المُعاكسة.
- المشي قليلًا، أو ممارسة بعض التمارين الخفيفة.
- شرب العصير أو تناول وجبة خفيفة.
- توجيه مصدر ضوئي على البطن.
قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتبدأ ركلات الجنين في الرحم بعد تطبيق أي من هذه الأنشطة، لهذا السبب يُنصح بعدها بالجلوس والاستلقاء في مكانٍ مريح ومراقبة حركة الجنين،[8] إذ يكون الشعور بحركته أكثر وضوحًا أثناء الاستلقاء على الجانب الأيسر من الجسم لزيادة تدفق الدم نحو الجنين، أو أثناء الجلوس مع رفع القدمين على سطحٍ ما، وقد يسهُل تفويت حركته في حالة الانشغال أو تشتّت الذهن بأمورٍ أخرى.[1]
تقييم حركة الجنين
يُوصي الطبيب في بعض الحالات بضرورة مراقبة حركة الجنين للتأكد من سلامة الحمل، إذ يبدأ بتقييم التاريخ الطبي للأُم وبإجراء الفحص السريري، ومن الممكن أن يُوصي بإجراء بعض الفحوصات، ولتحديد طريقة مراقبة حركة الجنين يعتمد الطبيب على وجود أيّة عوامل خطورة تهدّد سلامة الجنين، أو حدوث عواقب سيئة في تجربة حمل سابقة.[1][7]
يُعدّ اختبار عدم الإجهاد (Non-stress test) واحدًا من الفحوصات الأكثر شيوعًا في تقييم حالات ضعف حركة الجنين ومراقبتها، وإعطاء تفاصيل واضحة بخصوص معدل ضربات قلب الجنين، كما يلجأ الطبيب في حالاتٍ معيّنة لاستخدام فحص السونار (الأمواج فوق الصوتية) لتقييم معدل نموّ وشكل الجنين، وحجم السائل المحيط به في الرحم.[1][7]