غالبًا ما تكون أعراض الاضطرابات الكلوية غير محّددة أو واضحة، لذلك يلجأ الأطباء إلى إجراء بعض فحوصات الأشعة التشخيصية للكُلى، والفحوصات المخبرية للدم والبول مثل فحص الكرياتينين في الدم (Serum creatinine)،[1] إلا أنّ مستويات الكرياتينين في الدم قد تتأثر بالكتلة العضلية، وكمية البروتين المُتناولة، والعمر، والجنس، لذلك يُعدّ فحص تصفية الكرياتينين (Creatinine Clearance) أكثر كفاءة ودِقّة لتقييم وظائف الكلى،[2] فما هو فحص تصفية الكرياتينين؟ وما هي العينة المطلوبة لإجراء هذا الفحص؟
ما هو فحص تصفية الكرياتينين؟
يُعدّ فحص تصفية الكرياتينين أحد الفحوصات المخبرية التي تُستخدم كمؤشر على معدل الترشيح الكبيبي (GFR) من خلال مقارنة مستوى الكرياتينين في الدم مع مستوى الكرياتينين في البول لوقتٍ مُحدد مثل ساعتين، أو 12 ساعة، أو لمدة 24 ساعة،[3] لتقييم كفاءة عمل الكلى،[1] فهو أكثر دقة وكفاءة مقارنةً مع فحص الكرياتينين في الدم،[2] ويدُل معدل الترشيح الكبيبي (Glomerular filtration rate) على كمية الدم التي تُرشح عبر كُبيبات الكلى في الدقيقة الواحدة.[4]
الكرياتينين هو أحد المُخلفات الناتجة عن عملية تكسير اللحوم المتناولة وتحلّل فوسفات الكرياتين في العضلات الهيكلية،[5] كما يوجد في الجسم ضمن مستوياتٍ مُحددة وثابتة في الحالة الطبيعية، إذ تتخلّص الكلى من كميات الكرياتينين الفائضة وتطرحها مع البول، وهكذا تعتمد كمية الكرياتينين في الدم على كمية الكرياتينين الموجودة في البول ففي حال انخفضت في البول يزداد مستواها في الدم،[4] بينما تعتمد مستويات فحص تصفية الكرياتينين على كمية الدم التي تُرشَّح عبر الكلى وقدرة الكبيبات على ترشيحها، لذا فإن كمية الدم الموجودة في الكلى للترشيح تنخفض في بعض الحالات، كالجفاف أو الصدمة، كما وتنخفض قدرة الكُبيبات على الترشيح عند الإصابة بأحد المشاكل المرضية مثل التهاب كبيبات الكلى (Glomerulonephritis)، والنّخر الأنبوبي الحاد (Acute tubular necrosis).[6]
ويمكن حساب تصفية الكرياتينين من خلال صيغة حسابية مُعينة تُسمى بمعادلة حساب الكرياتينين،[1] وهي عبارة عن حاصل ضرب نسبة الكرياتينين في البول بوحدة ملليجرام/ملليلتر بحجم عينة البول (ضمن مُدة محددّة وغالبًا ما تكون 24 ساعة) بوحدة ملليلتر/دقيقة، مقسومًا على نسبة الكرياتينين في بلازما الدم بوحدة ملليجرام/ ملليلتر، (Creatinine clearance (Cr Cl) = (Urine Cr × Urine volume ) ÷ Plasma Cr )).[1][4]
ما هي دواعي إجراء فحص تصفية الكرياتينين؟
يُسهم فحص تصفية الكرياتينين في تقييم وظيفة الكلى من خلال مقارنة مستوى الكرياتينين في الدم مع مستوى الكرياتينين في البول ليدُل على مُعدل الترشيح الكُبيبي الذي يمثّل مدى كفاءة الكلى،[7] أو الكشف عن المشاكل المؤدية إلى انخفاض تدفق الدم إلى الكلى،[6] كما يُستخدم لأسبابٍ أُخرى:
- تشخيص إصابة المريض بإحدى المشاكل المرضية التي قد تؤثر في وظيفة الكلى، مثل انسداد الكلى، أو تلف الكلى، أو الجفاف وفقدان السوائل، أو قصور القلب الاحتقاني.[8]
- الكشف عن أمراض الكلى المزمنة في مراحل مبكرة، ممّا يُسهم في منع أو إبطاء تطوّره إلى الفشل الكلوي.[6]
- التأكد من وظائف الكلى لدى المريض قبل بدء تناوله لأنواعٍ معينة من الأدوية التي تُفرز كلويًا خارج الجسم.[8]
- تحديد جرعات الدواء لدى مرضى القصور الكلوي.[6]
- تقييم المرضى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض الكلى، مثل مرض السكري غير المُنضبط، ومرضى ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط.[5]
- مراقبة تطور اضطرابات الكلى.[5]
- تحديد مرحلة مرض الكلى المُزمن أو اعتلال الكلية من خلال معرفة معدل الترشيح الكبيبي.[5]
- ظهور أحد أعراض الأمراض الكلوية:[1]
- وجود دم في البول.
- البول الرغوي.
- كثرة التبوّل، بالأخص ليلًا.
- ألم في الخواصر
ما هي مخاطر فحص تصفية الكرياتينين؟
يُعد إجراء سحب الدم آمنًا، إلا أن بعض المضاعفات النادرة قد تحدُث أحيانًا،[9] إذ تختلف أحجام الأوردة من مريضٍ لآخر لذا قد يواجه البعض صعوبةً أثناء عملية سحب الدم،[7] ممّا يؤدي إلى حدوث بعض المضاعفات:[7][9]
- الإغماء.
- الشحوب.
- انخفاض ضغط الدم.
- الورم الدموي.
- العدوى.
- الانصمام الغازي.
- النزيف.
تحضيرات ما قبل إجراء فحص تصفية الكرياتينين
يتعيّن على المريض الالتزام ببعض التعليمات قبل الخضوع لفحص تصفية الكرياتينين:
- تجنب تناول اللحوم المطبوخة، أو شُرب القهوة، أو الشاي في يوم إجراء فحص تصفية الكرياتينين.[6]
- إطلاع الطبيب على جميع الأدوية التي يتناولها المريض، إذ قد يطلب الطبيب التوقف عن تناول البعض منها، مثل المضادات الحيوية، أو مضادات حموضة المعدة، لكن لا بُدّ من استشارة الطبيب قبل التوقف عن تناول العلاج دون سؤال الطبيب.[7]
طريقة إجراء فحص تصفية الكرياتينين
يُجرى فحص تصفية الكرياتينين من خلال فحص مستوى الكرياتينين في عينة الدم والبول، من خلال تجميع عينة البول لمدة زمنية محددة والتي غالبًا ما تكون 24 ساعة،[10] كما تُسحب عينة الدم من الوريد في ذراع المريض عبر مجموعة من الخطوات:[6][11]
- تحديد موقع الوريد المناسب لسحب عينة الدم.
- وضع العاصبة (Tourniquet) بموضع يرتفع عن الوريد المحدد بما يُقارب 4 إلى 5 أصابع.
- تعقيم الجلد موضع السحب باستخدام قطنة مُبلّلة بالكحول المُخفّف وتركه حتى يجف.
- سحب كمية الدم المطلوبة ثمّ تفريغها في أُنبوب مخصص بالفحص.
- الضغط على موضع السحب، والتأكد من توقف تدفق الدم.
يذكر أنّه غالبًا ما تُرفض عينات الدم المتكسرة أو عينات الدم ذات المستويات العالية من الدهنيات.[10]
أمّا عند جمع عينة البول لمدة 24 ساعة فيجدر مراعاة بعض الإرشادات والالتزام بها:[3][10]
- الحصول على العبوة المُخصّصة لتجميع البول، وغالبًا قد لا تحتوي على المواد الحافظة أو أيّ إضافات.
- تفريغ المثانة بدايةً في الصباح وطرح البول في المرحاض، ثمّ تدوين الوقت فورًا على العبوة المُخصصة والالتزام بالمدة المُحدّدة.
- تفريغ عينات البول خلال المدة المُحدّدة داخل العبوة المُخصّصة، مع الحرص على حفظ العينة مبرّدة داخل الثلاجة.
يتعين على المريض الانتباه والحذر أثناء جمع عينة البول لمدة 24 ساعة، إذ تؤثر عينة البول غير المكتملة في دِقة نتائج فحص تصفية الكرياتينين ليحصل المريض عندها على مستويات منخفضة خاطئة.[6][10]
نتائج فحص تصفية الكرياتينين
تميل مستويات فحص تصفية الكرياتينين إلى الانخفاض مع التقدّم في العمر، كما أنّها تكون أقل عند النساء مقارنةً بالرجال وذلك لانخفاض الكتلة العضلية لديهنّ،[10] وتتراوح نطاقات فحص تصفية الكرياتينين كما هو مُوضّح:[10]
الفئة | المستويات الطبيعية |
الذكور دون 40 عامًا | (107 - 139) ملليلتر/دقيقة |
الإناث دون 40 عامًا | (87 - 107) ملليلتر/دقيقة |
والجدير بالذكر أنّ النطاقات الطبيعية قد تختلف بنسبة قليلة جدًا من مختبرٍ لآخر، ولا بُد من التحدّث مع الطبيب الاختصاصي ومناقشة نتيجة الفحص.[8]
أسباب انخفاض مستويات تصفية الكرياتينين
يُشير انخفاض مستويات فحص تصفية الكرياتينين إلى انخفاض معدل الترشيح الكُبيبي واختلال الوظائف الكلوية، أو انخفاض تدفق الدم إلى الكلى،[10] الذي قد يرتبط بالإصابة بإحدى المشاكل المرَضية:
- اضطرابات الكلى التي تتفاقم تدريجيًا.[10]
- انخفاض ضغط الدم.[10]
- قصور القلب.[10]
- الصدمة.[10]
- الفشل الكلوي.[7]
- الجفاف.[7]
- انسداد مخرج المثانة.[7]
- تلف وحدات الترشيح في الكلى.[7]
- تصلّب الشرايين الكلوية.[6]
- التهاب كُبيبات الكلى.[6]
- النخر الأنبوبي الحاد.[6]
- الاستسقاء المرافق لتليّف الكبد.[6]
قد لا تنخفض مستويات فحص تصفية الكرياتينين لدى المرضى الذي يُعانون من أمراض الكلى الأحادية، أو لدى استئصال كلية واحدة، وذلك لأن الكلية الأُخرى قد تكون طبيعية ولديها القدرة على أداء وظيفتها في ترشيح الدم.[6]
أسباب ارتفاع مستويات تصفية الكرياتينين
غالبًا ما يُشار إلى ارتفاع مستويات تصفية الكرياتينين إلى فرط الترشيح (Hyperfiltration)،[10] والذي قد يرتبط ارتفاعه بعدّة حالات:[6][10]
- حالات الحمل وزيادة حجم بلازما الدم.
- مرض السكري (قبل أنّ يتطور إلى اعتلال الكلية السكري).
- تناول كميات كبيرة من البروتينات.
- التمارين الرياضية المُجهدة.
- متلازمة النتاج القلبي المرتفع (قصور القلب الناتج عن ارتفاع ضغط الدم).