يُحافظ الجسم على التوازن الحمضي القاعدي (Acid-base balance) أو ما يُسمى بدرجة الحموضة (الرقم الهيدروجيني) ضمن نطاقاتٍ طبيعية مُحددة في الدم عن طريق عِدّة آليات، فتزداد حموضة الدم نتيجة ارتفاع مستويات المركبات الحمضية في الجسم -إمّا بزيادة الإنتاج أو انخفاض المطروح-، أو انخفاض مستويات المركبات القلوية -بانخفاض الإنتاج أو زيادة المطروح-، إذ تلعب العديد من أعضاء الجسم دورًا أساسيًا للحفاظ على هذا التوازن، مثل الرئتين عن طريق التخلّص من ثاني أكسيد الكربون، والكلى من خلال التخلّص من المركبات الحمضية والقاعدية الفائضة في الجسم،[1] فيؤدي الانخفاض الطفيف في الرقم الهيدروجيني عن الحدّ الطبيعي (7.35) إلى حالة تسمّى الحماض (Acidosis)، ويؤدي ارتفاع الرقم الهيدروجيني عن 7.45 إلى دخول الجسم في حالة تدعى بالقلاء (Alkalosis)، وغالبًا ما تكون المضاعفات المصاحبة لِمشاكل الحماض أكثر خطرًا من القلاء.[2]
يُجري الطبيب عدّة فحوصات مخبرية لتقييم التوازن الحمضي القاعدي للمريض من خلال إجراء فحص درجة الحموضة في الدم (PH)، إلى جانب مستويات ثاني أكسيد الكربون (Carbon dioxide) -حمض-، والبيكربونات في الدم (Bicarbonate) - قلوية-،[1] فما هو فحص درجة حموضة الدم؟
ما هو فحص درجة حموضة الدم؟
يُعدّ تحليل حموضة الدم (PH of the blood) أحد فحوصات الدم المخبرية التي تقيس الرقم الهيدروجيني في الدم،[2] والذي غالبًا ما يُجرى ضمن فحص غازات الدم الشرياني (Arterial blood gases) من خلال قياس عِدّة مؤشرات، أهمها الرقم الهيدروجيني (PH)، إلى جانب ضغط ثاني أكسيد الكربون الجزئي (PCO2)، وضغط الأكسجين الجزئي (PO2)، والبيكربونات (HCO3)، وتشبع الأكسجين (Oxygen saturation).[3]
يُعدّ الرقم الهيدروجيني مهمًا لاستكمال التفاعلات البيوكيميائية في الجسم وتوازنها، إذ تعتمد على درجة حموضة طبيعية مُحدّدة، بالإضافة إلى أهميته في توصيل الأكسجين إلى الأنسجة، وبُنية البروتينات الصحيحة.[3]
ما دواعي إجراء فحص درجة حموضة الدم؟
يُجرى فحص حموضة الدم تحديدًا لقياس الرقم الهيدروجيني وتقييم التوازن الحمضي القاعدي لدى المريض،[2] كما أنّه يُجرى ضمن تحليل غازات الدم الشرياني الذي غالبًا ما يُجريه الطبيب لمرضى الحالات الحرجة، والمرضى المُقيمين في المستشفيات، لقدرته في الكشف عن الحالة الصحية للمريض بوضوح،[3] بالإضافة إلى أسبابٍ أُخرى:
- تقييم حالة المرضى الصحيّة الذين يستخدمون جهاز التنفس الاصطناعي.[3]
- التحقق من قدرة الرئتين على التخلّص من ثاني أكسيد الكربون وإزالته من الدم أثناء عملية الزفير.[4]
- تشخيص ومراقبة أمراض الكلى والرئتين التي تُخلّ بالتوازن الحمضي القاعدي في الجسم،[4] مثل متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS)، وتعفّن الدم الحاد، والصدمة الإنتانية، وصدمة نقص حجم الدم، والحماض الكيتوني السكري أو الأنبوبي الكلوي، وغيرها من الأمراض.[5]
- تحديد فعالية العلاج المُستخدم لاضطرابات الكلى والتنفس، أو غيرها من الأمراض التي تؤثر في التوازن الحمضي القاعدي.[4]
- ظهور أحد أعراض اختلال التوازن الحمضي القاعدي:[4][6]
- التنفس العميق والسريع.
- التقيؤ والغثيان.
- اضطراب ضربات القلب.
- ارتعاش وتشنّج العضلات.
- التشوّش الذهني.
- النعاس.
- انخفاض ضغط الدم.
- الصداع.
- انخفاض الوعي والاستجابة بشدة (Stupor).
- الكشف عن المشكلات التنفسية لدى حديثي الولادة الذين يواجهون صعوبة في التنفّس.[7]
- أثناء التخدير في العمليات الجراحية التي تستغرق وقتًا طويلًا، مثل جراحة المجازة القلبية، أو جراحة الدماغ.[7]
- استنشاق الغازات الضارة، أو التعرّض لإصابة مباشرة على الرأس أو الرقبة.[4]
مخاطر إجراء فحص درجة حموضة الدم
يُحتمل الإصابة ببعض المضاعفات إثر سحب العينة الخاصة بفحص درجة حموضة الدم، وتتضمّن:[4][8]
- نزيف طفيف.
- الألم.
- الكدمات.
- التشنّج الشرياني.
- الانسداد الشرياني.
- الانصمام الغازي أو الانصمام الخثاري .
- الأورام الدموية.
والجدير بالذكر أنّ سحب عينة الدم من الشريان قد يكون أكثر ألمًا من السحب الوريدي،[9] كما يجب على المريض تجنب رفع الأشياء الثقيلة لمدة 24 ساعة من سحب العينة.[4]
التحضيرات قبل فحص درجة حموضة الدم
يتعيّن على المريض سؤال الطبيب في حال كان عليه التوقف عن تناول بعض الأدوية، مثل المميعات أو المكملات الغذائية، كما يجب إزالة جهاز الأكسجين عن المريض الذي يخضع للعلاج بالأكسجين قبل 20 دقيقة من إجراء الفحص لدى المرضى الذين يستطيعون التنفس دونه.[4]
يخضع المريض قبل سحب العينة لاختبار ألن (Allen test) لاختيار الشريان المناسب للسحب سواءً كان في الشريان الزندي، أو الشريان الكعبري، ومن الضروري إعلام المختبر بإجراء الفحص قبل سحب العينة للتأكد من جاهزية جهاز قراءة غازات الدم.[9]
طريقة إجراء فحص درجة حموضة الدم
يُجرى فحص درجة حموضة الدم من خلال سحب عينة دم من الشريان،[9] وذلك باتباع مجموعة من الخطوات:[2][9]
- تعقيم الموضع المُراد سحب عينة الدم منه.
- استخدام إبرة صغيرة الحجم خاصة بعينات الدم الشرياني مفرّغة من الهواء وتحتوي على الهيبارين (مميع للدم).
- جمع كمية الدم المطلوبة مع الحرص على عدم تكوّن الفقاعات داخل الإبرة، وتدوين ملاحظة على طلب فحص الدم في حال أخذ المريض الأكسجين أثناء سحب العينة.
- إزالة الإبرة عند الانتهاء من سحب العينة وإغلاقها بإحكام، ثمّ الضغط على موضع السحب لمدة 5 دقائق في حال استخدام الشريان الكعبري، و10 دقائق عند استخدام الشريان الفخذي، واستخدام الضمادة الضاغطة لعدة ساعات في حال كان المريض يُعاني مشاكل في النزيف.
- الحفاظ على العينة مُبردة فور الانتهاء من سحبها وخلال فترة نقلها إلى المختبر.
أمّا المرضى الذين يصعُب الحصول على عينة دم شرياني منهم، أو الرُضّع، فيمكن سحب عينة الدم من الشعيرات الدموية، مع الحرص على تدفئة المكان المُخصص للوخز قبل 5 دقائق، وغالبًا ما تؤخذ العينة من الأذن لدى البالغين والأطفال، وكعب القدم لدى الرُضّع.[2]
نتائج فحص درجة حموضة الدم
تكون نتائج فحص درجة حموضة الدم متاحة خلال 5 إلى 15 دقيقة، وتتراوح المستويات الطبيعية لفحص حموضة الدم من (7.38 - 7.42)، فترتبط زيادة حموضة الدم بارتفاعها عن الحد الأعلى (7.42) بمشاكل القلاء، وانخفاض حموضة الدم عن الحد الأدنى الطبيعي لها (7.38) بمشاكل الحماض، إلا أنّ الطبيب يأخذ بعين الاعتبار نتائج كل من ضغط ثاني أكسيد الكربون الجزئي والبيكربونات لتحديد فيما إذا كان الحماض أو القلاء استقلابيًا أم تنفسيًا.[8]
أسباب ارتفاع فحص درجة حموضة الدم
يرتبط ارتفاع حموضة الدم مع الإصابة بعدة مشاكل، أبرزها:[3][9]
- استخدام مدرات البول.
- التقيؤ المستمر.
- نقص حجم الدم.
- أمراض الكلى.
- نوبات الهلع.
- الالتهاب الرئوي.
- الانصمام الرئوي.
- التسمم بالساليسيلات.
- قصور القلب المزمن.
- التليّف الكيسي.
- الحمل.
أسباب انخفاض نتائج فحص درجة حموضة الدم
يرتبط انخفاض حموضة الدم في الإصابة بعدة مشاكل، أبرزها:[6][9]
- الحماض الكيتوني السكري.
- الفشل الكلوي.
- الحماض اللبني أو الحماض اللاكتيكي.
- حالات التسمم الناتجة عن تناول جرعاتٍ كبيرة من الأدوية، مثل الأسبرين.
- الإسهال الحاد.
- الانسداد الرئوي المزمن.
- قصور القلب.
- الربو.
- الالتهاب الرئوي الحاد.
- متلازمة غيلان باريه (Guillain-Barre syndrome).
- التصلب الجانبي الضموري (Amyotrophic lateral sclerosis).
- تعاطي المخدرات (المواد الأفيونية)، أو الكحول، أو المهدئات.
- الفشل التنفسي.
- انقطاع التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea).