يُعد الشوفان من المحاصيل الغذائية القديمة التي عرفها البشر وعكفوا على زراعتها، وينفرد الشوفان (Avena sativa L) عن غيره من الحبوب الغذائية الأُخرى باحتوائه على ثلة من العناصر التي تتمتع بقيمة غذائية عالية للإنسان والحيوان كذلك، كما يمكن الاستفادة من العناصر التي يحتوي عليها الشوفان في الصناعات التجميلية.[1]
الشوفان: أُصوله وأماكن زراعته
تعود الأصول الأُولى للشوفان إلى مناطق آسيا الغربية والصين القديمة إذ انتشرت منهما إلى وسط وشمال أوروبا، وتشير الأدلة التاريخية القديمة إلى أن بداية معرفة الشوفان كانت في العصر البرونزي، إذ كان ينمو الشوفان في ذلك الوقت كعشبة ضمن محاصيل الشعير،[2]
يتساءل البعض هل الشوفان هو القمح؟ والحقيقة أنّ الشوفان يختلف عن القمح، وقد زرعه البشر بعد بضعة آلاف من السنين التي تلت زراعتهم للقمح والشعير،[1] وتتركز زراعة محصول الشوفان في المناطق ذات الطقس المعتدل من نصف الكرة الأرضية الشمالي، وتمتاز معظم أنواع الشوفان التي تُزرع باحتوائها على بذرة محاطة بقشرة، وتختلف في ذلك أصناف الشوفان التي تُزرع في الصين؛ إذ إن معظمها يخلو من القشرة، وتسمى هذه الأصناف بالشوفان العاري (Naked oat)، وقد بلغ الإنتاج العالمي من الشوفان في عام 2020 كمية تُقدّر بــ 25.33 طن متري، وبنسبة نمو تبلغ 10.65% زيادة عن السنة التي سبقتها، هذا ويتصدر الاتحاد الأوروبي لائحة البلدان المُصدّرة للشوفان، يليه كندا، وروسيا، وأستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية، والبرازيل.[3]
العمليات التصنيعية التي يخضع لها الشوفان
تخضع حبوب الشوفان للعديد من الخطوات الإنتاجية التي تهدف إلى الحصول على منتجات غذائية من الشوفان ذات فوائد صحية،[4] وتتضمن خطوات إنتاج الشوفان:[4][5]
- طحن حبوب الشوفان: تعتمد نوعية الشوفان المطحون بدرجة كبيرة على صنفه (Variety)، والممارسات الزراعية التي تعرّض لها، وتركيبه الكيميائي، وظروف تخزينه، ويتمثّل الهدف الأساسي من عملية طحن حبوب الشوفان بتنقيته من الشوائب، وعزل جريش الشوفان، ومن ثم تحويله إلى منتج يسهُل طهيه، ويتمتع بمذاق وشكلٍ جيدين في ذات الوقت، وتشمل خطوات طحن حبوب الشوفان؛ تنظيفه، وتصنيفه، وإزالة القشور، وفصل الجريش، وتجفيفه ليصار بعد ذلك إلى تقطيعه أو تحويله إلى رقائق أو دقيق.
- تنظيف حبوب الشوفان: قد يختلط الشوفان عند حصاده أو نقله مع غيره من المنتجات الزراعية، لذا لا بُد من أن يُنقّى منها حتى يكون صالحًا للاستهلاك البشري، وعادةً ما يكون ذلك من خلال غربلة الشوفان.
- تصنيف حبوب الشوفان وفرزها: عادةً ما تُصنّف حبوب الشوفان بالاعتماد على طول الجريشة ودرجة سماكتها.
- إزالة القشور: ليس بمقدور جسم الإنسان هضم قشور الشوفان، لذا لا بُد من إزالة هذه القشور للحصول على منتج ذي قيمة غذائية عالية، وعادةً ما تهدف عملية إزالة القشور إلى تقشير ما نسبته حوالي 85% من حبوب الشوفان، إذ إن الزيادة عن هذه النسبة قد يؤدي إلى تكسر الجريش.
- فصل الجريش: تتضمن هذه الخطوة فصل الجريش عن حبوب الشوفان غير المقشرة بالاعتماد على الفرق بينهما في الكثافة ودرجة نعومة الملمس.
- التجفيف، هناك عدة طرق للتجفيف، مثل التجفيف في الفرن على سبيل المثال، وتمنح هذه الخطوة الشوفان نكهته المميزة.
- تحويل جريش الشوفان إلى مكونات ومنتجات غذائية: تنتهي عملية طحن حبوب الشوفان بالحصول على منتجات مختلفة منه؛ تشتمل على حبوب الجريش الكاملة، والمتكسرة، ومسحوق دقيق الشوفان، ويُستخدم كل منها في صناعة أنواع معينة من منتجات الشوفان الغذائية.
فوائد الشوفان وأضراره
وثّقت العديد من الدراسات دور الشوفان ومكوناته المختلفة في علاج العديد من الأمراض والوقاية منها،[2]ومن فوائد الشوفان:[1][2]
- فوائد الشوفان للنساء: ينفرد الشوفان عن سائر الحبوب الأُخرى باحتوائه على مركبات فينولية تسمى بالأفينان ثرامايد (Avenanthramides AVA)، وقد أشارت دراسة أُجريت على مجموعة من النساء إلى أن تناول المكملات الغذائية المُصنعة من هذه المركبات (AVA) أدى إلى تخفيض معدل انفجار العدلات التنفسية (Neutrophil respiratory burst) لديهن مما يعني إمكانية الاستفادة من هذا المركب في التخفيف من حدوث الاستجابة الالتهابية في منظومة الجسم.
- المساعدة في تخفيف الوزن: أشارت بعض الدراسات إلى أن للشوفان وبعض مكوناته (كالنشا والألياف) دور في إنقاص الوزن، وذلك من خلال إطلاقه البطيء للطاقة ممّا يطيل من فترة شعور الإنسان بالشبع من ناحية، ويثبط الشهية من ناحيةٍ أُخرى، بالإضافة إلى دوره في تحفيز تحول الأنسجة الدهنية البيضاء إلى أنسجة دهنية بنية ليسهُل استقلابها.
- الوقاية من الإصابة بأمراض القلب: يُسهم تناول الشوفان في الوقاية من الإصابة بأمراض القلب، وذلك من خلال تخفيض مستويات البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (LDL) وإجمالي الكوليسترول في الدم، واللذان يؤدي ارتفاعهما إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
- فوائد الشوفان لمرضى السكري: يهضم الجسم النشا الموجود في الشوفان ببطء، كما أن تناوله لا يسبب ارتفاعًا حادًا في المؤشر الجلايسيمي (Glycaemic index) مما يجعله من الخيارات الغذائية المناسبة لمرضى السكري.
أما أضرار الشوفان للنساء والرجال، فلا توجد دراسات حالية تشير إلى أن لتناول الشوفان مضاعفاتٍ خطيرة، غير أنه في حالاتٍ قليلة قد تُحدث البروتينات التي يحتوي عليها الشوفان تحسسًا التهابيًا في الأمعاء.[2]
القيمة الغذائية للشوفان
يحتوي الشوفان على كمية من النشا بنسبة تُقدر بحوالي 60 %، وكمية من البروتينات بنسبة تُقدر بحوالي 14%، وعلى كمية من الدهون بنسبة تُقدر بحوالي 7%، كما يتسم الشوفان بثراء محتواه من نوعٍ فريد من الألياف الغذائية؛ وهي مركبات البيتا جلوكان (Beta glucan)، وتُقدر نسبتها في الشوفان بحوالي 4%،[3] وهي من المركبات عديدة السكريات (Polysaccharides) ذات القوام اللزج وتوجد في سويداء الجدار الخلوي لبذرة الشوفان، وتُعد أهم المركبات الفعالة التي يحتوي عليها الشوفان، وهي التي تمنحه خواصه الغذائية والوظيفية المختلفة.[1]
أما العناصر الغذائية الدقيقة (Micronutrients)، فيُعد الشوفان مصدرًا غنيًا بالبوتاسيوم،[3] كما يحتوي الشوفان على بعض المكونات الأُخرى بكمياتٍ بسيطة، كالمركبات الفينولية (Phenolic compounds)، مثل حمض الفانيليك (Vanillic acid)، ومركبات الكوارسيتين (Quercetin)، وهي من المركبات المهمة التي يرتبط تناولها بالحد من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجيّة والسرطان.[1]
كيف يؤكل الشوفان؟
يُوصَف دقيق الشوفان (Oatmeal) على أنّه الشكل الأكثر تداولًا للشوفان، ويُصنف إلى عدة أنواع؛ الشوفان العادي (Regular)، والشوفان سريع الطهي (Quick-cooking)، بالإضافة إلى الشوفان الإيرلندي (Irish)، والشوفان الأسكتلندي (Scottish).[5]
يُذكَر بأنّ لإضافة الشوفان الى بعض المنتجات الغذائية العديد من الفوائد الإنتاجية، فمثلًا تتمثّل فوائد الشوفان مع الحليب، والشوفان مع بعض منتجات اللحوم بأن مضادات الأكسدة التي يحتوي عليها الشوفان تحافظ على هذه الأطعمة التي قد يتعرض محتواها من الدهون للأكسدة خلال تخزينها،[4] والجدير بالذكر أن الشوفان بحد ذاته يخلو من الجلوتين، لذا فإنه يمكن الاستفادة منه في صناعة منتجات غذائية خالية من الجلوتين تلائم أولئك الذين يعانون من الداء البطني (Coeliac disease) -أو ما يعرف بعدم تحمل الجلوتين أو حساسية القمح-، وهنا ينبغي استخدام شوفان ذي درجة نقاوة عالية، مع مراعاة ألّا يكون مختلطًا مع بقايا من الطحين.[5]
أيضًا، استفاد بعض الخبراء من قشور الشوفان كبديلٍ عن الدهون لدى تحضير كرات اللحم، إذ لوحظ أن كرات اللحم التي تحتوي على نسبة 20% من قشور الشوفان تتمتع بمحتوى مرتفع من كل من البروتينات، والملح، والرماد (Ash)، كما أنها لاقت قبولًا من ناحية خواصها الحسية، كمذاقها مثلًا.[4]