تقع الغدة الدرقية (Thyroid gland) في مقدمة الرقبة وتُعد من أهم الغدد المنتجة للهرمونات التي تلعب دورًا رئيسيًا في النمو وعمليات التمثيل الغذائي، إذ تُنظّم العديد من وظائف الجسم من خلال إفراز كمياتٍ مُحددة من هرمونات الغدة الدرقية في مجرى الدم، ففي بعض الحالات يحتاج الجسم إلى المزيد من هرمونات الغدة الدرقية، بينما يحتاج إلى القليل منها في حالاتٍ أُخرى، ويشارك في هذا التنظيم والضبط الغدة النخامية (Pituitary gland) التي تحفّز الغدة الدرقية على إفراز هرموناتها عند اختلال المستويات الطبيعية لهذه الهرمونات في مجرى الدم، إذ تنتج الغدة الدرقية ثلاثة هرمونات؛ ثلاثي يود الثيرونين (Triiodothyronine)، والثيروكسين (Thyroxine)، والكالسيتونين (Calcitonin)،[1][2] فما هو تحليل الكالسيتونين؟ ومتى يجرى؟
ما هو فحص الكالسيتونين؟
فحص الكالسيتونين هو أحد الفحوصات الطبية المخبرية التي تقيس مستويات هرمون الكالسيتونين في عينة الدم،[3] الكالسيتونين هو أحد هرمونات الغدة الدرقية الذي تُصنّعه خلايا تسمى خلايا C أو المجاورة للجريب (Parafollicular cells) والموجودة في الغدة الدرقية، وله دورٌ كبير في عملية التمثيل الغذائي للكالسيوم والعظام.[1][4]
تحتوي العظام على مخزونٍ عالٍ من الكالسيوم، وقد يستخدمه الجسم كمخزون احتياطي لرفع مستويات الكالسيوم في الدم حال انخفاضها عن الحد الطبيعي، إذ تُنظّم مستويات الكالسيوم في الجسم من خلال هرمون الكالسيتونين الذي تُفرزه الغدة الدرقية في حال ارتفاع مستويات الكالسيوم في مصل الدم، عن طريق تعزيز امتصاص الكالسيوم الخلوي، وتثبيط نقل الكالسيوم من العظام، وتكوين العظام، وزيادة إفراز الكالسيوم في الكلى، أمّا الهرمون الدرقي (Parathyroid hormone) أو الجار الدرقي فتفرزه الغدة الجار درقية (Parathyroid gland) في حال انخفاض مستويات الكالسيوم في مصل الدم.[2][4]
ترتبط الإصابة بأحد أمراض الغدة الدرقية باختلال مستويات هرمون الكالسيتونين، كالإصابة بسرطان الغدة الدرقية النخاعي (Medullary carcinoma of thyroid) وهو أحد الأمراض الوراثية،[2] بالإضافة إلى تضخم الخلايا (C) (Cells hyperplasia) وهو مرض حميد يُصيب خلايا C ممّا يؤدي إلى زيادة إنتاج هرمون الكالسيتونين ويُعد أيضًا من الأمراض الوراثية،[5] كما قد يرتبط ارتفاع الكالسيتونين بأسبابٍ ثانوية، مثل القصور الكلوي (Renal insufficiency)، أو تفاعل دوائي نتيجة تناول حاصرات بيتا (Beta-blockers) على سبيل المثال.[6]
نظرًا لتأثير هرمون الكالسيتونين القوي ضد امتصاص الكالسيوم فهو يُستخدم في مجال صناعة الأدوية، وغالبًا ما يوصي الأطباء باستعمال حقن الكالسيتونين يوميًا على المدى البعيد للمرضى المصابين بمرض باجيت العظمي (Paget’s disease)، كما يمكن استخدامه لمرضى هشاشة العظام (Osteoporosis)، وحالة فرط الكالسيوم في الدم الناتج عن الأورام الخبيثة.[2][7]
ما أسباب ودواعي إجراء فحص الكالسيتونين؟
يُجرى فحص الكالسيتونين لتقييم مستويات الكالسيتونين في الدم لدى المرضى المصابين بسرطان الغدة الدرقية النخاعي أو المشتبه إصابتهم به، أو الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة به عند وجود تاريخ عائلي لإصابة أحد أفراد العائلة بسرطان الغدة الدرقية النخاعي،[2] فمن خلال فحص الكالسيتونين الروتيني في الدم يمكن الكشف مبكرًا عن سرطان الغدة الدرقية النخاعي؛ إذ يسمح ارتفاع الكالسيتونين إلى جانب الكشف الجراحي عن الغدة الدرقية للطبيب بالكشف المبكر عن المرض ممّا يُحسّن فرص العلاج،[5][8] بالإضافة إلى أنّ فحص الكالسيتونين يُجرَى لعدة أسباب أُخرى:
- متابعة مرضى سرطان الغدة الدرقية النخاعي،[6] ومراقبة استجابتهم للعلاج.[5]
- يُسهم في الكشف عن مرض عقيدات الغدة الدرقية (Nodular thyroid disease).[8]
- الخضوع لجراحة استئصال ورم الغدة الدرقية النخاعي.[9]
- تقييم مدى انتشار الورم للمرضى المصابين بسرطان الغدة الدرقية النخاعي، أو انتكاس المريض وعودة نمو الورم لديه.[9]
- ظهور أعراض ترتبط بالإصابة بسرطان الغدة الدرقية النخاعي، أو تضخم الخلايا (C)،[3] أبرزها:[3][10]
- ظهور كتل وعقيدات أسفل الرقبة.
- صعوبة في البلع والتنفس، وبحّة في الصوت.
- سعال مزمن دون الإصابة بالبرد أو الرشح.
- الإسهال، الناتج عن زيادة إفراز الكهارل من الأمعاء نتيجة ارتفاع الكالسيتونين في الدم.
- ظهور أعراض الإصابة بأورام الغدد الصماوية المتعددة (Multiple endocrine neoplasia) من النوع الثاني (MEN 2)، الذي قد يؤثر في وظيفة الغدة الدرقية، والغدة الكظرية، والغدة جار الدرقية،[3] وتتضمن:[3][11]
- التعب.
- الاكتئاب.
- زيادة العطش وكثرة التبول.
- ارتفاع ضغط الدم.
- الصداع.
- خفقان القلب.
- التعرق الشديد.
مخاطر فحص الكالسيتونين
يُحتمل أنّ يرافق إجراء فحص الكالسيتونين بعض المخاطر النادر حدوثها أثناء عملية سحب الدم،[3] وتتضمن:[3][12]
- الشعور بألم طفيف لحظة إدخال الإبرة.
- إصابة العصب.
- ظهور كدمات موضع السحب سرعان ما تختفي.
- تكوّن الورم الدموي.
التحضيرات قبل فحص الكالسيتونين
ينبغي الصيام وعدم تناول الطعام والشراب باستثناء الماء لمدة تتراوح من 8 إلى 12 ساعة قبل خضوعه لإجراء سحب الدم، أمّا الأدوية فعلى المريض الاستمرار بتناولها ما لم يخبره الطبيب عكس ذلك، فقد تؤثر بعض الأدوية التي تزيد مستويات الكالسيوم في دقّة الفحص، مثل كوليسيستوكينين (Cholecystokinin)، وإبينفرين (Epinephrine)، وجلوكاجون (Glucagon)، وحبوب منع الحمل الفموية.[5]
طريقة إجراء فحص الكالسيتونين
يُجرى فحص الكالسيتونين عن طريق سحب عينة دم من الوريد في الذراع بواسطة إبرة صغيرة، وقد تستغرق عملية سحب الدم ما يُقارب 5 دقائق،[3] وذلك باتباع عدة خطوات:[12]
- وضع العاصبة على ذراع المريض، ثم تثبيت الوريد بسحب الجلد قليلًا إلى الأسفل بإصبع الإبهام.
- إدخال الإبرة بالوريد، وسحب كمية الدم المطلوبة، ثم فك العاصبة والحرص على عدم تركها لمدة تزيد عن الدقيقة.
- الضغط موضع السحب فوق الإبرة بقطعة شاش نظيفة ثم سحبها بسرعة، وتثبيتها بلاصق طبي.
فور الانتهاء من سحب العينة وتفريغها في أنبوب الفحص المخصص لها، يجب وضعها إلى جانب الثلج وحفظها مبرّدة ونقلها إلى المختبر بأسرع وقت.[5]
تجدر الإشارة إلى أنّ فحص الكالسيتونين يُجرى عن طريق تحريض إفرازه في الدم بحقن مادة بنتاغاسترين (Pentagastrin) أو الكالسيوم، وغالبًا ما يُجرى للمرضى الذين لديهم مستويات طبيعية من الكالسيتونين، ولكن يشتبه الطبيب بإصابتهم بسرطان الغدة الدرقية النخاعي، ويجدر سحب عينات الدم قبل حقن المريض بالبنتاغاسترين ثم على فترات متلاحقة، أي بعد 90 ثانية ثم بعد دقيقتين، ثم بعد 5 دقائق، أمّا حقن الكالسيوم فيحتاج للانتظار مدة 5 أو 10 دقائق، ومن ثم سحب عينة دم من وريد المريض.[5][9]
نتائج فحص الكالسيتونين
تُقدّر المستويات الطبيعية لفحص الكالسيتونين بما يقل عن 10 بيكوغرام/ملليلتر، وقد تميل للارتفاع لدى كل من حديثي الولادة، والمرضعات، كذلك الذكور مقارنةً مع الإناث.[5][9]
ارتفاع هرمون الكالسيتونين
يُشير ارتفاع هرمون الكالسيتونين إلى الإصابة بتضخم الخلايا C، أو سرطان الغدة الدرقية النخاعي، إلا أنّ الطبيب يُجرى فحوصات تشخيصية أُخرى إلى جانب الكالسيتونين لتأكيد التشخيص، والتي تتضمن الخزعة، والمسح الضوئي، والموجات فوق الصوتية، ويشير ارتفاع هرمون الكالسيتونين بعد العلاج من سرطان الغدة الدرقية النخاعي إلى عودة الورم للنمو مرةً أُخرى.[13]
نقص هرمون الكالسيتونين
من غير المعروف حتى الآن فيما إذا كان نقص هرمون الكالسيتونين يُسبّب مشكلةً صحيةً أم لا، ويشير نقص هرمون الكالسيتونين الشديد لمرضى سرطان الغدة الدرقية النخاعي بأنّ العلاج فعّال، كما قد يُشير انخفاض مستوى هرمون الكالسيتونين مع بقائه فوق الحد الطبيعي المحدد له لدى مرضى سرطان الغدة الدرقية خلال فترة العلاج إلى وجود بعض الأنسجة السرطانية التي تُنتج المزيد من الكالسيتونين.[3][13]