نقص بيروفات كيناز: ما أسبابه؟ وما علاقته بفقر الدم الانحلالي؟

نقص بيروفات كيناز هو اضطراب وراثي نادر يؤثر في إنزيم بيروفات كيناز الذي يلعب دورًا مهمًا في استقلاب الغلوكوز في خلايا الدم الحمراء، يمكن أن يؤدي هذا النقص إلى فقر الدم، والتعب، وتأخر النمو لدى الأطفال، وتتطلب السيطرة على هذا الاضطراب عادةً علاجًا مُتخصصًا ومراقبة دورية لحالة المريض.

نقص بيروفات الكيناز (Pyruvate kinase deficiency) هو مرضٌ وراثي نادرٌ، يتميز بتضاؤل نشاط إنزيم البيروفات كيناز في خلايا الدم الحمراء، مما يُسبب حالةً مُزمنةً من انحلال خلايا الدم الحمراء لدى المرضى والمضاعفات التي قد تنجم عنها كفقر الدم، واليرقان (Jaundice)، وتشكُل الحصى في المرارة، وتكون الخثرات الدموية،[1] رُصدت إصابة أكثر من 500 عائلة بهذا الاضطراب، كما تبلغ معدلات الإصابة بنقص بيروفات الكيناز ما يُقارب حالة واحدة لكل 20,000 نسمة لدى الذين ينحدرون من أصولٍ أوروبية.[2]

ما هو نقص بيروفات كيناز؟

يُعرّف نقص البيروفات كيناز على أنه أحد الأمراض الوراثية المُتنحية التي ينجُم عنها فقر الدم الانحلالي (Hemolytic anemia) نتيجةً لنقص إنزيم البيروفات كيناز،[3] ولفهم ماهية المرض لا بُدّ من معرفة وظيفة هذا الإنزيم ودوره في خلايا الدم الحمراء.

البيروفات كيناز (Pyruvate kinase) هو إنزيم يُحفز الخطوة الأخيرة في عملية تحلل الغلوكوز لإنتاج الطاقة، إذ إنّه يلعب دورًا حيويًا في تحويل فوسفوإينول حمض البيروفيك (Phosphoenolpyruvate) إلى البيروفات (Pyruvate)، والذي بدوره يمر بطريقين هوائي – داخل الميتوكندريا- أو لاهوائي ليصنع في نهاية المطاف جُزيئين من الطاقة (ATP) لكل جزيء من الجلوكوز، كما تجدر الإشارة إلى أنّ خلايا الدم الحمراء تختلف عن باقي خلايا الجسم بعدم احتوائها على الميتوكوندريا (Mitochondria) -التي تُعد مصنع الطاقة في الخلية- لذا تعتمد خلايا الدم الحمراء على تحلل الغلوكوز داخل الخلية لإنتاج الطاقة اللازمة لأداء وظيفتها، والمُحافظة على سلامة غشائها، وذلك بمساعدة عدة إنزيمات أهمها البيروفات كيناز.[4][5]

ففي حال عدم وجود إنزيم البيروفات كيناز، لا تستطيع خلايا الدم الحمراء الحفاظ على غشائها الخلوي مُسببًا تحللها، وبالتالي الحد من وصول الأكسجين إلى خلايا الجسم.[4]

أسباب نقص بيروفات كيناز

يُعد العامل الوراثي من أهم مُسببات نقص البيروفات كيناز، إذ وُجد أكثر من 300 طفرة جينية في الجين الحامل لهذا الإنزيم المُسمى بـ (PKLR gene) والموجود على الكروموسوم (1q21[5] ويُورث نقص البيروفات كيناز كصفة وراثية مُتنحية، أي أنّ الطفل يجب أن يتلقى جينًا غير فعال من كِلا الوالدين ليظهر لديه هذا المرض.[6]

كما قد يكون نقص بيروفات الكيناز مرضًا مُكتسبًا نتيجة الإصابة ببعض المشكلات الصحيّة، كحالات ابيضاض الدم الحاد (Acute leukemia)، أو الإصابة بمقدمات ابيضاض الدم (Preleukemia)، أو فقر الدم الحديدي الأرومات (Sideroblastic anemia)، كما قد يكون نتيجة استخدام العلاج الكيميائي لمرضى السرطان، وغالبًا ما يكون تقص البيروفات المُكتسب أكثر شيوعًا وأقل شدة من النوع الوراثي.[7]

أعراض نقص بيروفات كيناز

يؤدي نقص نشاط إنزيم بيروفات الكيناز إلى تحلل الدم المُزمن الذي يرافق المريض مدى الحياة،[1] وتتضمن الأعراض السريرية لمرضى نقص بيروفات الكيناز:[6][7]

  • فقر الدم الشديد أو المتوسط، أو انخفاض عدد كُريات الدم الحمراء.
  • الشعور بالتعب والخمول.
  • شحوب الجلد.
  • تأخر النمو لدى الأطفال (Symmetrical growth delay).
  • فشل النمو عند الأطفال.
  • حصى المرارة، وغالبًا ما تظهر بعد مرور عقد واحدٍ من حياة المريض، ولكنه قد تظهر قبل ذلك أيضًا.
  • بروز الجبهة (Frontal bossing).
  • اصفرار منطقة الصُلبة -بياض العين- في العين، والجلد، والأغشية المُخاطية نتيجة الإصابة باليرقان.
  • تضخم الطحال.
  • ظهور علامة مورفي (Murphy sign)، وتكون علامة مورفي موجودة في حال شعور المريض بألم عند لمس المنطقة تحت الضلع الأيمن أثناء أخذه لنفسٍ عميق.[8]
  • تقرحات مُزمنة في الساق.
  • الأعراض العصبية كاليرقان النووي (Kernicterus) الذي يُصيب الدماغ.

كما قد تظهر لدى حديثي الولادة بعض الأعراض التي تُشير إلى نقص البيروفات كيناز، كفرط بِيليروبين الدم (Hyperbilirubinemia)، وفقر الدم، وتفاقُم شحوب بشرتهم خلال الأسبوع الأول من حياتهم، كما قد يُعانون صعوبة في الرضاعة يتخللها انقطاع الطفل عنها عدّة مرات، بالإضافة إلى الخمول، وصعوبة اكتساب الوزن، وتسارُع في وتيرة التنفس، وظهور طفحٍ جلدي ذي شكل يشبه حبات التوت البري يُسمى بـ (Blueberry muffin rash).[5]

تشخيص نقص بيروفات كيناز

يُشتبه بوجود نقص البيروفات كيناز في حال وجود علامات، وأعراض سريرية، ومؤشرات مخبرية لفقر الدم الانحلالي، والتي تتضمن تضخم الطحال، واليرقان، وحصوات المرارة،[9] تتضمن الفحوصات المخبرية التشخيصية لهذه المشكلة الصحيّة:[9][10]

  • فحص نشاط إنزيم البيروفات كيناز بالتحليل الطيفي الضوئي (Spectrophotometric analysis).
  • فحص الخرائط الجينية للمرضى لاكتشاف الطفرات الجينية (PKLR genotyping).
  • فحص تعداد الدم الكامل (Complete blood count).
  • فحص شكل خلايا الدم الحمراء (RBC morphology).
  • إجراء الفحوصات التي تدل على وجود تحلل لخلايا الدم الحمراء وتتضمن؛ تحليل تعداد الخلايا الشبكية (Reticulocyte count)، فحص إنزيم نازعة هيدروجين اللاكتات (LDH test)، وتحليل البيليوروبين غير المقترن (Unconjugated bilirubin test)، وتحليل الهابتوغلوبين (Haptoglobin test).

علاج نقص بيروفات كيناز

تُعد العلاجات الداعمة الركيزة الأساسية في السيطرة على نقص البيروفات كيناز، وتتضمن مُكملات حمض الفوليك (Folic acid)، بالإضافة إلى فيتامين ب 12،[3] كما تتضمن الخطة العلاجية عدّة خيارات أبرزها:

  • نقل الدم (Blood transfusions):

يُلجأ إلى نقل الدم للتخفيف من مشكلة فقر الدم الذي يعانيه المريض، ويجب أن يكون نقل الدم للمرضى الذين يُعانون أعراض فقر الدم الذي يؤثّر في نشاطاتهم اليومية، أو للأطفال والرُضّع الذين لا يتلقون تغذية جيدة أو لوحظ تأخر نموهم، أو في حال كانت قراءة تحليل هيموغلوبين الدم أقل من 7، كما يُنصح بالمباعدة بين عمليات نقل الدم لتقليل المخاطر المُحتملة كفرط تحمل الحديد (Iron overload).[5][9]

  • استئصال الطحال (Splenectomy):

يساعد استئصال الطحال في تقليل مستوى فقر الدم، وتخفيف عدد مرات نقل الدم، كما يُسهم في رفع هيموغلوبين الدم، ويُنصح بإجرائه للمرضى الذين تزيد أعمارهم عن الخمس سنوات، ويعتمد توقيت استئصال الطحال على تكرار الحاجة إلى نقل الدم للمرضى، ووجود ردٍ فعلٍ مناعي لديهم لعمليات نقل الدم، وإصابتهم بفرط تحمل الحديد، على الرُغم من العلاجات المُستخدمة، كما يوصي الأطباء بالاستئصال الكامل للطحال؛ إذ إنّ التقارير المتوفرة أشارت إلى أنّ الاستئصال الجزئي له لا يُجدي نفعًا.[3]

  • العلاج الدوائي:

يُعد عقار ميتابيفات (Mitapivat) أحدث دواء لعلاج نقص البيروفيت كاينيز لدى البالغين، وقد صادقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على استخدامه عام 2022 ميلاديًا، وتشمل آلية عمله تنشيط إنزيم البيروفات كيناز، مما يرفع من هيموغلوبين الدم، ويُقلل من الحاجة إلى نقل الدم للمرضى.[7]

من العلاجات الدوائية الأُخرى التي يستخدمها مرضى نقص البيروفات كيناز العلاج بالاستخلاب (Iron-chelation therapy)، للتخلص من الحديد الزائد في الدم لدى المرضى، كعقار ديسفيروكسامين (Desferrioxamine).[5]

  • زراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم (Hematopoietic stem cell transplantation):

قد تُسهم زراعة نخاع العظم في التعافي من مرض نقص البيروفات كيناز كما أشارت التجارب المخبرية التي أُجريت على الحيوانات وبعض الدراسات السريرية على بعض المرضى،[3] ولكن تجدر الإشارة إلى أن أخطار هذه العملية تفوق الفوائد المُرتقبة منها.[7]

كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الخميس ، 04 كانون الثاني 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Secrest MH, Storm M, Carrington C, Casso D, Gilroy K, Pladson L, Boscoe AN. (2020). Prevalence of pyruvate kinase deficiency: A systematic literature review. Eur J Haematol. 2020 Aug;105(2):173-184. Retrieved from https://doi.org/10.1111%2Fejh.13424
2.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2012). Pyruvate kinase deficiency. Retrieved from https://medlineplus.gov/genetics/condition/pyruvate-kinase-deficiency/#frequency
3.
Fattizzo B, Cavallaro F, Marcello APML, Vercellati C, Barcellini W. (2022). Pyruvate Kinase Deficiency: Current Challenges and Future Prospects. J Blood Med. 2022 Sep 1;13:461-471. Retrieved from https://doi.org/10.2147%2FJBM.S353907

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري علاج فقر الدم الانحلالي أونلاين عبر طبكان
احجز