مقاومة الإنسولين: ما هي أعراضها؟ وما الفرق بينها وبين مرض السكري؟

مقاومة الإنسولين مشكلة صحية تحدث عندما يفقد الجسم القدرة على استخدام الإنسولين بكفاءة لتنظيم مستوى السكر في الدم، قد تكون هذه المشكلة مرتبطة بأمراض مثل السكري من النوع 2 واضطراباتٍ أُخرى، كما ترفع الإصابة بمقاومة الإنسولين من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وتساعد ممارسة الرياضة وتحسين النظام الغذائي، بالإضافة إلى الأدوية التي قد يصفها الطبيب في علاج هذه المشكلة.

تلعب مقاومة الإنسولين (Insulin resistance) دورًا هامًا في كيفية نشوء مرض السكري من النوع الثاني، كما ترتبط ارتباطًا وثيقًا ببعض المشكلات الصحية كالسُمنة، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين، واضطرابات الدهون في الدم، مُشكّلةً جُزءًا من المُتلازمة الأيضية (Metabolic syndrome)،[1] وأشارت دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم الغدد الصماء والأيض السريري إلى أنّ ما يُقارب من 40 بالمئة من البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية الذي تتراوح أعمارهم بين 18-44 عامًا يُعانون مقاومة الإنسولين دون إصابتهم بالسكري.[2]

الإنسولين ودوره في جسم الإنسان

تُفرز خلايا بيتا الموجودة في جزر لانجرهانس (Islets of Langerhans) في البنكرياس هرمون الإنسولين، الذي يؤدي دورًا بارزًا في تنظيم مستوى السكر في الدم جنبًا إلى جنب مع هرمون غلوكاغون (Glucagon) الذي تُفرزه خلايا ألفا في البنكرياس، ويتحكم مستوى السكر في الدم في تصنيع وإفراز الإنسولين، فعند تناول الطعام تزداد تراكيز السكر في الدم، الأمر الذي يُحفِّز خلايا بيتا على إفراز الإنسولين، والذي يؤدّي دوره بتخزين السكر في الكبد، والعضلات، والخلايا الدهنية.[3]

ما هي مقاومة الإنسولين؟

تُعرّف مُقاومة الإنسولين على أنّها ضعف استجابة الأنسجة التي تحتوي على مستقبلات الإنسولين لهرمون الإنسولين وعلى وجه الخصوص أنسجة الكبد، والعضلات، والأنسجة الدهنية، الأمر الذي يستدعي من الجسم إجراءات تعويضية للتخلص من السكر الفائض في الدم، فتُفرِز خلايا بيتا في البنكرياس المزيد من الإنسولين مُسببةً حالة من فرط الإنسولين في الدم (Hyperinsulinemia).[4]

كما عُرِّفت مقاومة الإنسولين أيضًا على أنّها احتياج الجسم إلى 200 وحدة إنسولين أو أكثر يوميًا للمحافظة على مستوى الغلوكوز في الدم ضمن نطاقاته الطبيعية، ومنع حدوث حالة فرط كيتونات الجسم (Ketosis).[5]

تُعد مقاومة الإنسولين من أهم مُسببات الإصابة بالمُتلازمة الأيضية (Metabolic Syndrome) والتي تُعرّف على أنها مجموعة من عوامل الخطر التي ترفع احتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين، ومرض الكبد الدهني (Fatty liver)، والسكري، وبعض أنواع السرطانات، نتيجة لمقاومة الإنسولين وزيادة تشكُّل الدهون واختلال وظيفتها.[6]

هل مقاومة الإنسولين هي مرض السكري؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بُدّ من تعريف مرض السكري، مرض السكري (Diabetes) هو ارتفاع مستوى السكر في الدم، وله نوعان؛ النوع الأول ينجم عن خللٍ في إفراز الإنسولين من البنكرياس، والنوع الثاني يتضمن مقاومة الخلايا للإنسولين، بالإضافة لقلة إفرازه من البنكرياس.[7]

من أهم مضاعفات مقاومة الإنسولين هي الإصابة بالسكري من النوع الثاني، كما يُعتقد أنّ مقاومة الإنسولين قد تتطور خلال 10-15 سنة لتتحول إلى النوع الثاني من مرض السكري، إذ تُسبب عدم استجابة الخلايا للإنسولين زيادة إفرازه من البنكرياس، وذلك للتخلص من السكر الزائد في الدم، مُسببًا حالة من فرط الإنسولين في الدم، وبمرور الوقت تفقد خلايا بيتا البنكرياسية قُدرتها على ضخ هذه الكميات الكبيرة من الإنسولين، الأمر الذي يُسبِّب ارتفاع السكر في الدم، والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.[4]

أسباب مقاومة الإنسولين

تتضمّن أسباب مقاومة الإنسولين الإصابة ببعض الأمراض الوراثية النادرة،[8] والعوامل البيئية المُكتسبة، أو كليهما معًا، وتُعد العوامل البيئية هي المُسبِّب الأكبر لمقاومة الإنسولين،[4] وتشمل:[4][5]

  • زيادة الدهون الحشوية -أي في منطقة الخصر والبطن-.
  • التقدُّم في السّن.
  • انخفاض النشاط البدني.
  • النظام الغذائي غير المُتوازن.
  • النظام الغذائي المُحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم.
  • سُمّية الجلوكوز (Glucose toxicity).
  • السُمية الدهنية (Lipotoxicity) الناجمة عن زيادة كمية الأحماض الدهنية في الدم.
  • بعض الاضطرابات التي تُسبب زيادة تصنيع مُضادات الإنسولين: متلازمة كوشينغ (Cushing syndrome)، ومرض ضخامة الأطراف (Acromegaly).
  • العلاجات المضادة لفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
  • العلاجات التي تُسبب قصور الغدد التناسلية (Hypogonadism).
  • الأدوية، كالهرمونات القشرية السكرية (Glucocorticoids) المعروفة بالكورتيزونات، والسيكلوسبورين (Cyclosporine)، والنياسين (Niacin)، ومثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (Selective serotonin reuptake inhibitor) المُستخدمة لعلاج الاكتئاب، ومضادات الذهان اللانمطية (Atypical antipsychotic).

أما الأسباب الوراثية المؤدّية لحدوث مقاومة الإنسولين فتتضمن:[4][5]

  • مرض الضمور العضلي التوتري (Myotonic dystrophy).
  • مرض رنح توسع الشعيرات (Ataxia-telangiectasia).
  • متلازمة آلستروم (Alstrom syndrome).
  • متلازمة رابسون ميندينهال (Rabson-Mendenhall syndrome).
  • متلازمة فيرنر (Werner syndrome).
  • مرض الضمور الشحمي (Lipodystrophy).
  • متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (Polycystic ovarian syndrome).
  • متلازمة تضخم الغدة الصنوبرية (Pineal hypertrophic syndrome).
  • متلازمة مقاومة الإنسولين الوراثية بنوعيها A، وB.

أعراض مقاومة الإنسولين

تعتمد الأعراض السريرية لمقاومة الإنسولين على نوع المُسبب لها، والمرحلة التي وصلت إليها في الجسم، ففي بعض الحالات قد تظهر على المرضى الأعراض التقليدية لمرض السكري، ككثرة التبول، وزيادة الشعور بالعطش، والنهم الزائد للأكل نتيجةً لارتفاع السكر في الدم،[5] وتتضمن الأعراض الأخرى لمقاومة الإنسولين:[9][8]

  • السُمنة، أو مؤشر كتلة الجسم أعلى من 25 كيلوغرامًا/متر مربع.
  • محيط الخصر عند الرجال أكثر من 40 إنشًا، وعند النساء أكثر من 35 إنشًا.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية في الدم (Triglycerides)، وانخفاض تركيز الدهون الجيدة (High-Density Lipoprotein Cholesterol).
  • مرض الكبد الدهني غير الناجم عن شرب الكحول (Nonalcoholic fatty liver disease).
  • علامات جلدية تُعرف باسم الشواك الأسود (Acanthosis nigricans)، وهي تصبغات جلدية ذات ملمس مُخملي.

كما تتضمن أعراض مقاومة الإنسولين عند النساء قصور المبايض (Ovarian dysfunction)، وفرط الأندروجين (Hyperandrogenism)، وكثرة الشعر (Hirsutism)، واضطرابات في الدورة الشهرية، وندرة الطمث أو قلته (Oligomenorrhea).[8]

تشخيص مقاومة الإنسولين

يُعد التحليل الأكثر دقةً للكشف عن مقاومة الإنسولين وتشخيص هذه المشكلة الصحية اختبار (Euglycemic insulin clamp technique)، ويُجرى فيه ضخ كميات محددة من الإنسولين يليها ضخ الغلوكوز للمريض، وكلما تناقصت مستويات السكر في الدم استجابة للإنسولين، يُعاد تزويد المريض بالغلوكوز للوصول لتركيز ثابت منه في الدم، وتُعد كمية الغلوكوز المُعطاة للمريض مقياسًا لمدى مقاومة الإنسولين، وعلى الرغم من فعالية هذه الطريقة إلا أنّها غير عملية، لذا يلجأ مقدمو الرعاية الصحية لإجراء فحوصات اُخرى،[10] وتتضمن:[1][5]

  • فحص تثبيط الإنسولين (Insulin-Suppression Test (IST)).
  • فحص تحمل الجلوكوز (Oral Glucose Tolerance Test (OGTT)).
  • فحص مستوى السكر في الدم.
  • فحص السكر التراكمي.
  • فحص الإنسولين الصيامي (Fasting insulin level).
  • فحص الدهنيات (Lipid profile).
  • فحص منشط البلازمينوجين المانع-1(Plasminogen activator inhibitor 1).

علاج مقاومة الإنسولين

يُعد تغيير نمط الحياة حجر الأساس في علاج مقاومة الإنسولين، بينما لا يوجد دواء مُحدد وحاصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء لعلاج مقاومة الإنسولين، ولكن قد يلجأ الأطباء لاستخدام بعض الأدوية للسيطرة على هذه المشكلة الصحية.[4]

علاج مقاومة الإنسولين بتغيير نمط الحياة

تُعد التعديلات الجذرية في نمط الحياة كخفض عدد السُعرات الحرارية التي يستهلكها المريض، وتخفيف الوزن، وزيادة النشاط البدني، هي العناصر الأهم في علاج مقاومة الإنسولين طبيعيًا،[8] ومن التوصيات الغذائية للسيطرة على مُقاومة الإنسولين، تقليل كمية الكربوهيدرات، وتناول الأغذية ذات المؤشر الغلايسيمي المُنخفض (Low Glycemic index)، وتقليل تناول الدهون، وزيادة تناول البروتينات لتكوّن ما يُقارب 25-30 بالمئة من احتياجي الطاقة اليومية، والحرص على تناول الأغذية الغنية بالألياف لتبلغ كمية الألياف التي تتناولها النساء يوميًا 25 غرامًا، و 38 غرامًا للرجال، كما يُنصح بتناول الحبوب الكاملة ضمن النظام الغذائي.[11]

أما التمارين الرياضية فلها تأثير إيجابي في تحسين أعراض مقاومة الإنسولين، وزيادة حساسية الخلايا للسكر في الدم، وتقليل إفراز الإنسولين المفرط، ويمكن استخدام حاسب الخطوات (Pedometer) للمساعدة في تحسين النشاط البدني كما يُنصح بزيادة عدد الخطوات يوميًا للوصول إلى 10,000 خطوة يوميًا،[11] أو ممارسة التمارين الرياضية متوسطة الشدة لمدة 30 دقيقة يوميًا.[8]

العلاج الدوائي لمقاومة الإنسولين

تتضمن الخيارات الدوائية لتقليل مقاومة الإنسولين:[4][8]

  • دواء الميتفورمين (Metformin): تعد حبوب مقاومة الإنسولين "الميتفورمين" من الأدوية التي تزيد حساسية الخلايا للإنسولين، كما يساعد المرضى على خسارة الوزن، وتحسين مستوى الدهون في الجسم، ويحافظ على سلامة الأوعية الدموية.
  • المجموعة الدوائية الثيازوليدينديون (Thiazolidinedione's): يزيد عقار البيوغليتازون (Pioglitazone) من حساسية الخلايا للإنسولين لدى المرضى الذين يعانون داء الضمور الشحمي، ولكنه قد يُسبب زيادة في الوزن، والوذمة (Edema)، ويرفع من احتمالية حدوث الكسور.
  • ناهضات مستقبل الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 (Glucagon-like peptide-1 receptor agonist)‏.
  • مُثبطات الناقل المشارك للصوديوم والجلوكوز (Sodium glucose transporter inhibitors).
  • يُستخدم عقار الريتوكسيماب (Rituximab)، والسيكلوفوسفاميد (Cyclophosphamide)، والبريدنيزون (Prednisone) بنجاح لعلاج مقاومة الإنسولين الشديدة من النوع B.

علاج مقاومة الإنسولين بالجراحة

تُساعد جراحات السمنة، كتكميم المعدة (Gastric sleeve surgery)، أو ربط المعدة (Gastric banding surgery) ، أو جراحة المجازة المعدية (Gastric bypass surgery)، في إنقاص وزن المرضى الذين يعانون السمنة، الأمر الذي يزيد حساسية الخلايا للإنسولين.[4]

كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الخميس ، 23 تشرين الثاني 2023
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الخميس ، 23 تشرين الثاني 2023

المراجع

1.
Muniyappa R, Madan R, Varghese RT. (2021). Assessing Insulin Sensitivity and Resistance in Humans. [Updated 2021 Aug 9]. In: Feingold KR, Anawalt B, Blackman MR, et al., editors. Endotext [Internet]. South Dartmouth (MA): MDText.com, Inc.; 2000-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK278954/
2.
Parcha V, Heindl B, Kalra R, Li P, Gower B, Arora G, Arora P. (2022). Insulin Resistance and Cardiometabolic Risk Profile Among Nondiabetic American Young Adults: Insights From NHANES. J Clin Endocrinol Metab. 2022 Jan 1;107(1):e25-e37. Retrieved from https://doi.org/10.1210%2Fclinem%2Fdgab645
3.
Rahman MS, Hossain KS, Das S, Kundu S, Adegoke EO, Rahman MA, Hannan MA, Uddin MJ, Pang MG. (2021). Role of Insulin in Health and Disease: An Update. Int J Mol Sci. 2021 Jun 15;22(12):6403. Retrieved from https://doi.org/10.3390%2Fijms22126403

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري سكر وغدد صماء أونلاين عبر طبكان
احجز