ما هي أخطر أمراض الدم؟

تتفاوت أمراض الدم في شدتها وخطورتها، فبعضها ما قد يُشفَى منه المريض تمامًا باتباع طرق العلاج، وبعضها ما قد يُمثّل خطورة على حياته، خصوصًا إذا لم تُعالَج، من أمراض الدم الخطيرة فقر الدم المنجلي، وسرطان الغدد اللمفاوية، والورم النقوي المتعدد، واللوكيميا.

تحدث أمراض الدم عند عجز إحدى مكوّنات الدم عن أداء وظيفتها، وقد يكون ذلك الخلل بفعل عوامل وراثية، أو الإصابة بمرضٍ ما، أو لاستخدام بعض العلاجات، أو قد يكون ناجمًا عن نمط الحياة المُتَبَع من قِبَل المريض.[1]

أخطر أمراض الدم

تتعدّد أمراض الدم التي قد تصيب الإنسان، بعضها قد لا يُمثّل خطورةً بالغةً للمريض، ولا تُسبّب أيّ أعراض ويمكن التعافي منها تمامًا باتباع طرق العلاج الملائمة، من أمراض الدم ما يكون مزمنًا فيُلازم المريض مدى الحياة، لكن هناك بعض أمراض الدم الخطيرة التي قد تُودي بحياة المريض، وبالأخص في حال لم تخضع للعلاج مُبكّرًا،[2] ولعلّ أبرز أمراض الدم الخطيرة:

فقر الدم المنجلي

فقر الدم المنجلي (الأنيميا المنجلية) (Sickle Cell Anemia) هو واحدٌ ضمن مجموعة أمراض وراثية قد تصيب خلايا الدم الحمراء، إذ تحتوي خلايا الدم الحمراء الطبيعية مستديرة الشكل على بروتين يُعرَف بالهيموجلوبين (Hemoglobin)، وهو المسؤول عن نقل الأُكسجين من الرئتين إلى خلايا الجسم، ويُشخَّص المريض على أنّه مصاب بفقر الدم المنجلي في حال ورِث من كلا أبويه نسخة من الجين المسؤول عن إنتاج الشكل غير الطبيعي للهيموجلوبين والمعروف ب (Hemoglobin S)، إذ يُنتِج جسم المريض عندئذٍ خلايا دم حمراء غير طبيعية، تتخذ شكل الهلال أو المنجل (Sickle)، وتتميّز بالصلابة واللزوجة في آنٍ واحد، ممّا يُسبِّب بطء تدفق الدم، نتيجة انسداد الشعيرات الدموية الصغيرة،[3] يعاني مريض فقر الدم المنجلي من عدّة أعراض ومضاعفات، مثل:[4][5]

  • فقر الدم، إذ تموت الخلايا المنجلية مُبكّرًا، ما يتسبّب بنقص خلايا الدم الحمراء، فيعاني المريض من شحوب الجلد، وصعوبة التنفس، والإرهاق، لعدم وصول كميات كافية من الأُكسجين لأنسجة الجسم.
  • نوبة الانسداد الوعائي (Vaso-Inclusive Crisis)، إذ يعاني المريض من نوبات ألم شديدة تستمر لعدّة ساعات أو أيام قد تصيب أيّ جزءٍ من الجسم، ولكنها غالبًا ما تصيب البطن، وأسفل الظهر، والذراعين، والساقين، نتيجة انسداد الأوعية الدموية الدقيقة بفعل الخلايا المنجلية.
  • متلازمة الصدر الحادة (Acute Chest Syndrome): يشعر المريض بآلامٍ حادة ومفاجئة في الصدر، فضلًا عن صعوبة التنفُّس، والحمّى، والسعال، وذلك نتيجة انسداد الأوعية الدموية في الرئتين.
  • السكتة الدماغية (Stroke): هي من مضاعفات فقر الدم المنجلي بما فيهم الأطفال، ومن أعراضها الصداع الشديد وضعف أحد جانبي الجسم المفاجىء وتنميل الذراعين والساقين، فضلًا عن مشاكل التحدث، والرؤية، والمشي.
  • الاحتجاز الطحالي (Splenetic Sequestration): يُؤدي تراكم أعداد كبيرة من خلايا الدم المنجلية في الطحال إلى تضخمه، ممّا قد يُسبِّب الشعور بألم شديد في الجانب الأيسر العلوي من البطن، كما قد يصبح الطحال واضحًا ويمكن تحسّسه من فوق الجلد، الأمر الذي يستدعي مراجعة الطوارئ على الفور، وتجدر الإشارة إلى أنّ تضرُّر أنسجة الطحال تجعل المرضى أكثر عُرضة لأنواعٍ من العدوى، مثل عدوى المكورات الرئوية (Streptococcus Pneumoniae).
  • انتفاخ وتورُّم الكفين والقدمين، نتيجة انقطاع التروية الدموية لهما بفعل تراكم الخلايا المنجلية.

فضلًا عن بعض المضاعفات الأُخرى، مثل تأخُّر النمو، ومشاكل الرؤية، وارتفاع ضغط الدم الرئوي (Pulmonary Hypertension)، ومرض الكُلى المزمن،[4] وتُعد زراعة الخلايا الجذعية (زراعة نخاع العظم) العلاج النهائي الوحيد المُعتَمَد من قِبَل إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج فقر الدم المنجلي، في حين تهدف طرق العلاج الأُخرى المُتبعَة إلى تخفيف الألم والتحكُّم في الأعراض، بالإضافة إلى الوقاية من المضاعفات التي يُسبّبها فقر الدم المنجلي.[3]

سرطان الغدد اللمفاوية

يحدث سرطان الغدد اللمفاوية (اللمفومة) (Lymphoma) عند التضاعف السريع للخلايا اللمفاوية (Lymphocytes) (أحد أنواع خلايا الدم البيضاء، المسؤولة عن وظائف مناعية، مثل القضاء على الفيروسات التي تدخل الجسم)،[1] وتنقسم اللمفومة إلى نوعين:

  • لمفومة هودجكين (Hodgkin Lymphoma): يتضمّن المرض تضاعُف غير طبيعي للخلايا اللمفاوية البائية (أحد أنواع الخلايا الليمفاوية)، وفيه تفقد الخلايا المُصابة قدرتها الوظيفية على محاربة العدوى وتتجمّع في بعض أجزاء الجهاز اللمفاوي، مثل العقد اللمفاوية؛ ما يتسبّب في تضخم العقد اللمفاوية في الرقبة، والإبط، وأعلى الفخذ (المنطقة الأربية)، وعلى الرغم من أنّ لمفومة هودجكين من أنواع السرطان سهلة العلاج، إلّا أنّها سريعة الانتشار، كما يبقى مريض لمفومة هودجكين عُرضة للإصابة بأنواعٍ أُخرى من السرطان بعد شفائه.[6]
  • اللمفومة اللاهودجكينية (Non-Hodgkin Lymphomas): تُشير إلى عدّة أنواع من سرطان الغدد اللمفاوية، التي تتضمّن التضاعف غير الطبيعي للخلايا اللمفاوية التائية أو البائية -الأكثر شيوعًا-، وتختلف أنواع اللمفومة اللاهودجكينية في سرعة التطوُّر والانتشار، كما تجدر الإشارة إلى أنّ أنواع اللمفومة اللاهودجكينية قد تصيب أجزاءً مختلفة من الجسم، ولكنها أكثر شيوعًا في العقد اللمفاوية، والطحال، ونخاع العظام، والغدة الزعترية (Thymus) (غدة تتواجد أمام عضلة القلب، وضرورية لتطوُّر الخلايا اللمفاوية التائية)، والناميات (اللحميات) (Adenoids)، واللوزتين، والقناة الهضمية،[7] وتنقسم اللمفومة اللاهودجكينية إلى أربع مراحل تِبعًا لمدى تطوُّر وانتشار المرض، ومن ثم تختلف سُبل العلاج المُتبَعة باختلاف مرحلة المرض، فقد يتلخّص العلاج بالمراقبة النشطة عن كثب في حالات اللمفومة بطيئة التطور أو باستخدام العلاج الكيميائي، أو بالعلاج المُوَجّه لتدمير الخلايا السرطانية، أو العلاج المناعي، أو العلاج الإشعاعي، أو زراعة الخلايا الجذعية إلى جانب استخدام العلاج الكيميائي.[8]

ويكمُن الفارق بين اللمفومة الهودجكينية واللمفومة اللاهودجكينية لدى فحص خلايا الدم تحت المجهر، إذ يُصنف المرض على أنه لمفومة هودجكينة في حال وجود نوع من الخلايا غير الطبيعية تُعرف اسم خلايا ريد ستيرنبيرغ (Reed-Sternberg).[9]

الورم النقوي المتعدد

الورم النقوي المتعدد (Multiple Myeloma) هو سرطان يصيب الخلايا البلازمية (Plasma Cells) (أحد أنواع خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن تصنيع الأجسام المضادة، التي تهاجم الجراثيم وتقضي عليها)، وفيه تتضاعف الخلايا البلازمية غير الطبيعية سريعًا وتتراكم في نخاع العظام، ممّا يعيق دوره في إنتاج خلايا الدم السليمة، كما تعجز الخلايا البلازمية السرطانية عن إنتاج الأجسام المضادة التي يحتاجها الجسم، وإنما تَنتُج أنواعًا غير طبيعية من الأجسام المضادة، تُعرَف بالبروتينات وحيدة النسيلة (Monoclonal Proteins)، أو البروتينات M التي تتراكم في الجسم، مُسبِبَةً تضرُّر أنسجة الكُلى، يجدر الذكر أنه لم يتوصّل الباحثون حتى الآن إلى معرفة السبب وراء الورم النقوي المتعدد، ولكن يُعتَقد أن الاعتلال الغامائي أُحادي النسيلة ذي الخطورة غير المُحدَّدة (Monoclonal Gammopathy Of Undetermined Significance) (MGUS) (اضطراب صحي يتضمّن ارتفاع كمية البروتينات وحيدة النسيلة في الدم، ولكن دون حدوث تضرُّر لأنسجة الجسم) مُقدمة للورم النقوي المتعدد.[10]

عادةً لا يتسبّب الورم النقوي المتعدد بوجود أيّ أورام أو تكتلات محسوسة، وإنما يتسبّب بضعف العظام، فتصبح مُعرَّضة للكسر بسهولة، وفي حال أثّر ذلك في عظام العمود الفقري فقد يعاني المريض عندئذٍ من الشعور بالوخز والخدر في الساقين والقدمين، فضلًا عن مشاكل التحكُّم في عمليات التبرُّز والتبوُّل، كما يؤثّر الورم النقوي المتعدد في القدرة الطبيعية للدم على التخثُّر، ما يجعل المريض عُرضة لتكرار النزيف بسهولة، مثل نزيف اللثة، والأنف، وغزارة دم الحيض، حتى الآن لا يوجد علاج نهائي للورم النقوي المتعدد في غالب الحالات، وإنما تهدف طرق العلاج المُستخدَمة إلى تدمير الخلايا السرطانية، علاوة على التحكُّم في المضاعفات التي يُسبّبها المرض، مثل آلام وكسور العظام والأنيميا.[11]

اللوكيميا

اللوكيميا (ابيضاض الدم) (Leukemia) هو أحد أنواع السرطان الذي ينتُج فيه نخاع العظام أعدادًا هائلة من خلايا الدم غير الطبيعية، وغالبًا ما تكون من خلايا الدم البيضاء، إذ تتراكم الخلايا السرطانية في نخاع العظام ممّا يعيق الخلايا السليمة عن أداء عملها، ويحدث ابيضاض الدم نتيجة طفرات جينية غير معروفة السبب في نخاع العظام،[12] ولكن تزداد احتمالية الإصابة لدى وجود اضطراباتٍ جينية، مثل متلازمة داون (Down Syndrome)، أو بعض أمراض الدم الأُخرى، مثل متلازمة خلل التنسُّج النخاعي (Myelodysplastic Syndrome)، أو في حال التعرُّض السابق للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، أو التدخين،[13] وتنقسم اللوكيميا إلى أربعة أنواع رئيسية:[12][13]

  • ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد (سرطان الدم الليمفاوي الحاد) (Acute Lymphocytic Leukemia) (ALL): النوع الأكثر شيوعًا بين الأطفال.
  • ابيضاض الدم النقوي الحاد (سرطان الدم النقوي الحاد) (Acute Myeloid Leukemia) (AML): قد يصيب الأطفال، ولكنه أكثر شيوعًا بين كبار السن، وهو أكثر أنواع اللوكيميا شيوعًا.
  • ابيضاض اللمفاويات المزمن (سرطان الدَّم اللمفاوي المُزمِن) (Chronic Lymphocytic Leukemia) (CLL): نادرًا ما يصيب الأطفال، فهو أكثر انتشارًا بين البالغين 55 عامًا أو أكثر، ويُعد ابيضاض الدم مُشعر الخلايا (Hairy Cell Leukemia) أحد أنواع سرطان الدَّم اللمفاوي المُزمِن.
  • ابيضاض الدم النقوي المزمن (اللوكيميا النخاعية المزمنة) (Chronic Myeloid Leukemia) (CML): أكثر انتشارًا بين البالغين، وبالأخص ممن هم في مرحلة منتصف العمر أو بعدها.

تختلف طرق العلاج المُتَبَعة لعلاج ابيضاض الدم باختلاف نوعه ومدى تقدُّمه، ومن طرق العلاج المُعتمَدَة العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، وزراعة الخلايا الجذعية مع الخضوع للعلاج الكيميائي، والعلاج المُوَجّه لتدمير الخلايا السرطانية المُساعد على تقليل الضرر الواقع على خلايا الجسم السليمة.[12]

كتابة: الصيدلانية نجلاء خطاب - الأربعاء ، 11 كانون الثاني 2023

المراجع

1.
Huizen J. (2018). What types of blood disorders are there?. Retrieved from https://www.medicalnewstoday.com/articles/322260
2.
Cleveland Clinic. (2022-a). Blood Disorders. Retrieved from https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/21545-blood-disorders
3.
Centers for Disease Control and Prevention. (2022). What is Sickle Cell Disease?. Retrieved from https://www.cdc.gov/ncbddd/sicklecell/facts.html

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية