كيف يمكن التغلب على الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي في المجتمعات؟

أصبح لمحاربة الوصمة والتنميط الاجتماعي المرافق للإصابة بالاضطرابات النفسية أولويةٌ قصوى، إذ يصِف الكثيرون ممن يعانون من اضطراباتٍ نفسية أنّ اضطرارهم إلى التعايش معها أسوأ من فكرة المرض النفسي بحدّ ذاته.

تعرّف جمعية علم النفس الأمريكية الصحة النفسية (American Psychological Association (APA)) على أنّها الحالة الذهنية التي تتميز بالاستقرار العاطفي، والتكيف سلوكيًا مع البيئة المحيطة، والتعامل مع ضغوطات ومتطلبات الحياة العملية، بالإضافة إلى غياب أعراض القلق، والقدرة على إنشاء علاقاتٍ بنّاءة.

على النقيض من الأمراض الجسدية التي يتعرض لها البشر، لطالما ارتبطت الأمراض النفسية بوصمة اجتماعية تُلاحق المصابين بها في العديد من المجتمعات وباختلاف الثقافات، ممّا تؤثر في حياتهم الاجتماعية وثقتهم بأنفسهم جرّاء اضطرارهم إلى مواجهة الإقصاء الاجتماعي والمشاعر السلبيّة التي تنشأ تجاههم.

يمكن تعريف مصطلح الوصمة على أنها حالة من الكراهية المُوجهة ضد الاضطرابات النفسية، وتتمثّل بالحكم المُسبق الذي يُقولب المصابين بهذه الاضطرابات في أنماطٍ ترتبط بشخصياتهم ولا تعكسها بالضرورة، كالضعف مثلًا، أو تسببهم بالخطر لمن حولهم، وذلك بالتزامن مع ممارسة التمييز تجاههم انطلاقًا من هذا الحكم المُسبق.

يعود تاريخ الوصمة المجتمعية المرتبطة بالأمراض النفسية إلى زمنٍ بعيد، فقد كان يُعامَل المصابون بالاضطرابات النفسية كما يُعامل الرّق والمجرمون، من قتلٍ، وتعذيبٍ، وسجن، كما كانت النظرة السائدة للأمراض النفسية في العصور الوسطى المظلمة على أنها عقابٌ إلهي يتمثّل بالمسّ الشيطاني، وعلى الرغم من أنّ العالم الآن قد تخلّص من هذه المعتقدات وبدأ يمدّ يدّ العون للمصابين بالمشكلات النفسية، إلّا أنّ شبح الوصمة والتمييز المجتمعي ضدهم ما زال يلاحقهم.

يقترح التحالف الوطني للأمراض العقلية (The National Alliance on Mental Illness (NAMI)) مجموعةً من الطرق التي من شأنها التقليل من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية، ولعلّ أهمها الحديث عن الصحة النفسية بغرض رفع الوعي حولها، بالإضافة إلى تكثيف جهود تثقيف المجتمع وتصحيح المعتقدات الخاطئة من خلال مشاركة الحقائق والتجارب السابقة، والتركيز على استخدام كلماتٍ مناسبة أثناء ذلك والابتعاد عن استعمال المشاكل النفسية كألقابٍ أو أوصاف، كما يُنصح بالتحدث عن تلقّي المريض للعلاج لدى الأطباء النفسيين دون حرج، ومن هنا، لا بُدّ من توجيه المصابين أيضًا بهذه الاضطرابات إلى الإسهام في التخلص من الوصمة من خلال عدم ممارستها على ذواتهم، والابتعاد عن ممارسة السلوكيات الانسحابية، والبدء في عيش حياةٍ اجتماعية اعتياديّة بالتزامن مع تلقّي العلاج المناسب لحالتهم.

المراجع:

كتابة: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan - الثلاثاء ، 10 تشرين الأول 2023

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز