قرحة عنق الرحم: ما أسبابها؟ وكيف يمكن علاجها؟

تعد قرحة عنق الرحم من المشكلات التي قد تُولد مع الأنثى أو أنها قد تتطور بمرور الوقت بفعل التغييرات الهرمونية أثناء البلوغ أو الحمل أو لأسبابٍ أُخرى، عادةً لا تمثل قرحة عنق الرحم أمرًا مقلقًا، ولكنها أحيانًا قد تترافق مع بعض الأعراض التي قد تتسبّب بالانزعاج للمريضة، مثل الإفرازات المهبلية المصحوبة بخروج الدم أو المخاط وغيرها من الأعراض التي قد تتشابه مع مشكلات مرَضية أُخرى، لذا يجب الخضوع للفحص الطبي لتلقّي التشخيص الدقيق للحالة ومن ثم تحديد سُبل العلاج الملائمة.

عنق الرحم (Cervix) هو قناة عضلية تصل بين الرحم والجزء العلوي من المهبل، إذ يبعد عنق الرحم عن فتحة المهبل بما يقرب 3 إلى 6 بوصة (7.62 إلى 15.24 سنتيمترًا)، ويختلف طوله من امرأة لأُخرى باختلاف المرحلة العمرية، إذ يكون أكثر طولاً لدى النساء في عمر الإنجاب، فقد يصل طوله إلى 1 بوصة (2.54 سنتيمترًا)، وقد يُصاب عنق الرحم بأمراض ومشكلات، منها قرحة عنق الرحم (Cervical Ectropion).[1][2]

أهمية عنق الرحم ووظائفه

عنق الرحم هو الممر الذي يسمح للسوائل والإفرازات بالتدفق من داخل تجويف الرحم إلى خارجه وبالعكس، كما أنّه المسؤول عن فتح الرحم وانغلاقه لإتمام مرحلتي الحمل والولادة،[1] وبذلك يؤدي عنق الرحم أداورًا هامة خلال حياة الأنثى:[1][3]

  • يُفتَح عنق الرحم أثناء فترة الدورة الشهرية، للسماح بتدفق دم الحيض من خلاله إلى المهبل ومن ثمّ إلى خارج الجسم.
  • يسمح عنق الرحم بمرور الحيوانات المنوية من المهبل إلى قناتي فالوب، لتخصيب البويضة وحدوث الحمل.
  • يفرز عنق الرحم في مرحلة الإباضة شهريًا، سائلًا مخاطيًا شفافًا أقل لزوجة وحامضية، ليسهل مرور الحيوانات المنوية أثناء الجماع.
  • يُكوِّن عنق الرحم ما يُعرَف باسم السَّدادة المخاطية، وهي التي تحمي الجنين من العدوى.
  • يُسهّل عنق الرحم الولادة الطبيعية، إذ يتمدّد ويتقلص طوله أثناء الولادة الطبيعية، للسماح بخروج الجنين.
  • يمنع عنق الرحم دخول البكتيريا أو الأجسام الغريبة وانزلاقها داخل الرحم؛ مثل السدادات القطنية، أو اللولب المُستخدَم لمنع الحمل.

قرحة عنق الرحم

يتكوَّن الجزء الداخلي والخارجي لعنق الرحم من نوعين من الخلايا:[2][4]

  • الخلايا الحرشفية أو الظهارية: تُشكِّل الجزء الخارجي من عنق الرحم، وتشبه بطانة الفم، فتتميَّز بمظهرها المُسطَّح ولونها الوردي.
  • الخلايا الغُدّيَّة: تُشكِّل الجزء الداخلي من عنق الرحم، وهي خلايا حمراء اللون وأكثر حساسية عن تلك المتواجدة في الجزء الخارجي من عنق الرحم.

تحدث قرحة عنق الرحم عند نمو الخلايا الغدية وانتشارها في الجزء الخارجي لعنق الرحم، الأمر الذي قد يتسبّب في حدوث النَّزيف لدى بعض النساء بسبب حساسية هذه الخلايا، وعادةً لا تمثِّل قرحة عنق الرحم أمرًا مقلقًا، فهي شائعة بين الكثير من النساء في سنّ الإنجاب، كما أنها لا تُعدُّ مؤشرًا لأمراضٍ أُخرى، مثل سرطان عنق الرحم.[4]

أعراض قرحة عنق الرحم

غالبًا لا تتسبّب قرحة عنق الرحم بأي أذى أو أعراض مُصاحبة، إنمّا قد يُكشَف عنها بعد الخضوع لبعض الفحوصات الدورية،[2] وأحيانًا قد تعاني بعض النساء المُصابات بقرحة عنق الرحم من بعض الأعراض المزعجة:[2][5]

  • نزول كمية من الإفرازات المهبلية عديمة الرائحة والشفافة أو صفراء اللون، والتي لا تشبه الصديد، وقد يصحبها خروج المخاط أو الدم.
  • حدوث النّزيف غير المرتبط بالدورة الشهرية، والشعور بالألم أثناء الجماع أو بعده.
  • النزيف والإحساس بالألم عند الخضوع لفحص الحوض (فحص يتضمن إدخال منظار في فتحة المهبل)، أو أثناء الفحص اليدوي للمهبل.
  • التنقيط أو التبقيع الدموي الذي يحدث خلال الفترات الفاصلة ما بين الدورات الشهرية.
  • الشعور بألم في منطقة الحوض.

تجدر الإشارة إلى أنّ الأعراض أعلاه قد تكون نتيجةً للإصابة بقرحة عنق الرحم، أو أنها قد تكون نتيجةً للإصابة بحالاتٍ مرضية أُخرى، مثل:[5][6]

  • التهاب عنق الرحم (Cervicitis).
  • سرطان عنق الرحم أو سرطان الرحم.
  • سلائل (لحمية) عنق الرحم (Cervical polyps).
  • العدوى.
  • الانتباذ البطاني الرحمي أو بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis).
  • اضطرابات بسبب اللَّولب الرحمي.

لذا يجب إخبار طبيب النسائية عند ظهور أيّ من هذه الأعراض للخضوع للتشخيص الدقيق.[5]

أسباب قرحة عنق الرحم

تُولَد بعض النساء بحالة قرحة عنق الرحم، وهو أمرٌ طبيعي، كما أنّ هنالك عددٌ من الأسباب التي قد ترفع احتمالية الإصابة بقرحة عنق الرحم في المراحل اللاحقة من حياة الأنثى، لعلّ أبرز مُسبّبات قرحة الرحم:[5][6]

  • التغيّرات والتقلبات الهرمونية التي تحدث خلال مرحلة البلوغ، أو الحمل، إذ إنّ قرحة عنق الرحم من أهم مُسبّبات النزيف في شهور الحمل الاخيرة.
  • استخدام موانع الحمل التي تحتوي على هرمون الإستروجين، مثل الحبوب أو اللصقات الجلدية لمنع الحمل.

تزداد احتمالية إصابة النساء في سن الإنجاب بقرحة عنق الرحم، بينما قد يندُر إصابة النساء بهذه المشكلة بعد انقطاع الطمث،[6] أيضًا تفترض بعض الدراسات أنَّ الإصابة بعدوى المُتدثّرة (الكلاميديا) Chlamydia التي قد تنتقل عن طريق الجماع قد تزيد احتمالية الإصابة بقرحة عنق الرحم، لكن لا تزال تلك الدراسات قيد البحث والتدقيق.[4]

تشخيص قرحة عنق الرحم

نظرًا لكون قرحة عنق الرحم من الحالات التي قد لا تتسبّب في ظهور أيّة أعراض على المرأة، فقد يكتشفها الطبيب بمحض الصدفة أثناء الفحص الروتيني للحوض أو أثناء إجراء جراحي لعلاج مشكلة مرضية أُخرى،[2] وتشمل طرق تشخيص قرحة عنق الرحم المُتّبعة:[2][6]

  • فحص الحوض: يُعاين الطبيب أعضاء الجهاز التناسلي لدى المرأة، وهو من الفحوصات التي تظهر فيه قرحة عنق الرحم واضحةً، فتبدو بلونٍ أحمر فاتح وملمس أكثر خشونةً من المُعتاد، كما قد يحدث النزيف أثناء إجراء الفحص.
  • لُطاخَةُ بابا نيكولاو أو لُطاخة عنق الرحم أو مسحة عنق الرحم (Pap smear): يُجري الطبيب مسحة عنق الرحم لاستبعاد الإصابة بسرطان عنق الرحم من التشخيص، فعادةً ما تتشابه أعراض الإصابة بقرحة عنق الرحم مع أعراض الإصابة بسرطان عنق الرحم في مراحله المبكّرة.
  • تنظير عنق الرحم أو التنظير المهبلي (Colposcopy): هو إجراء قد يلجأ إليه الطبيب في الحالات التي تتراف مع أعراضٍ شديدة، يستخدم الطبيب في هذا الإجراء أدواتٍ مُكبِّرة وإضاءةٍ قوية بغية فحص عنق الرحم عن كثب، ثم أخذ عينةٍ صغيرة من الأنسجة في نفس الإجراء، وذلك لاستبعاد ونفي وجود أيّة خلايا سرطانية.

علاج قرحة عنق الرحم

غالبًا لا تتطلَّب قرحة عنق الرحم الخضوع للعلاج، فقد تختفي أعراض قرحة عنق الرحم الناجمة عن الحمل خلال ثلاثة إلى ستة أشهر بعد الولادة، وفي حال كان السبب وراء قرحة عنق الرحم استخدام بعض أنواع موانع الحمل، عندئذٍ قد يصف الطبيب نوعًا آخر من حبوب منع الحمل،[4] لذا فمن النادر أن يُوصَى بعلاج قرحة عنق الرحم، خاصةً وأنَّ بعض طرق العلاج المُتبعة قد تتسبّب في تضيُّق عنق الرحم، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا في الخصوبة والحيض،[5] يمكن اللجوء لبعض طرق العلاج المُتاحة للتخلص من قرحة عنق الرحم في حال كانت المرأة تشعر بالانزعاج وعدم الراحة بسبب الأعراض المُصاحِبة للمشكلة، وتشمل طرق علاج قرحة عنق الرحم:[2][7]

  • العلاج بالكَيّ (Cauterization).
  • التحاميل المهبلية التي تحتوي على حمض البوريك، لتخفيف الأعراض.
  • العلاج الهرموني.

علاج قرحة عنق الرحم بالكيّ

يُجرَى العلاج بالكيّ (Cauterization) بالاعتماد على درجة التقرّح في منطقة عنق الرحم من خلال عدَّة طرق، تشمل جميعها استلقاء المريضة على ظهرها ثم إدخال أداة طبية تُباعد جانبي المهبل (Speculum)، لتمكّن الطبيب من رؤية دقيقة لعنق الرحم ثم البدء بالعلاج،[7] وتشمل الطُّرق المُستخدمَة في علاج قرحة عنق الرحم بالكي:[2][7]

  • الإِنفاذ الحراري أو كيُّ عنق الرحم بالحرارة (Diathermy): يحقن الطبيب عنق الرحم بمخدّرٍ موضعي، ثمّ يُدخل أداةً صغيرة تشبه المسبار تُولِّد حرارةً عالية، يُسلِّطها على أماكن الخلايا الغُديّة أو الطبقة الخارجية من خلايا عنق الرحم لإزالتها، وقد تُلاحِظ المرأة لمدة أسبوعين بعد الخضوع لهذا العلاج نزول إفرازات مائية مخلوطةٍ بالدم أحيانًا، ويُصاحبها الشعور بألمٍ يُشبه ألم الدورة الشهرية.
  • كي عنق الرحم بالتبريد (Cryotherapy): لا يستخدم الطبيب المُخدر الموضعي عند كي عنق الرحم بالتبريد، لذا قد تشعر المرأة بألمٍ شبيه بألم الدورة الشهرية أثناء الخضوع للإجراء، إذ يُجرَى باستخدام مسبارٍ يُولِّد برودةً شديدة، تُجمِّد الخلايا غير المرغوب بها في عنق الرحم، وقد تلاحظ المرأة لمدة أسبوعين بعد العملية نزول كمية غزيرة من الإفرازات المائية، ويجب إخبار الطبيب في حال كانت هذه الإفرازات صفراء اللون أو ذات رائحة كريهة.
  • كي عنق الرحم بنترات الفضة (Silver nitrate): يستغرق هذا الإجراء دقيقة إلى دقيقتين، ويستخدم فيه الطبيب نترات الفضة لكيّ الخلايا غير المرغوب بها في عنق الرحم، وغالبًا لا يتطلَّب الإجراء استخدام المُخدر الموضعي، قد تلاحظ المرأة نزول إفرازات مائية سوداء اللون لمدة قد تصل إلى أسبوع بعد الإجراء.

قد تعاني بعض النساء من نزيف طفيف أثناء الخضوع لإحدى هذه الإجراءات، لكن غالبًا ما يتمكّن الطبيب من إيقافه، أما بعد الخضوع لإحدى عمليات الكي، فيجب منح عنق الرحم فترةً من الوقت للتعافي، تُقدَّر بحوالي أربعة أسابيع، تُنصَح المرأة خلال هذه الفترة بتجنُّب الجماع قدر المُستطاع، أيضًا تُوصَى بتجنب استخدام السدادات القطنية المهبلية، وذلك بغية خفض احتمالية الإصابة بالعدوى أو الالتهابات في منطقة عنق الرحم، كما يجب إخبار الطبيب في حال نزول إفرازات غزيرة وذات رائحة كريهة، أحيانًا قد لا تستجيب بعض النساء لكي عنق الرحم لذا لا يجب إهمال الخضوع للفحوصات الطبية لتقييم مدى استجابة الحالة للعلاج.[4][7]

كتابة: الصيدلانية نجلاء خطاب - الثلاثاء ، 04 نيسان 2023
آخر تعديل - الثلاثاء ، 04 نيسان 2023

المراجع

1.
Cleveland Clinic. (2022, June 15)-a. Cervix. Retrieved from https://my.clevelandclinic.org/health/body/23279-cervix
2.
Cleveland Clinic. (2022, May 20)-b. Cervical Ectropion. Retrieved from https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/23053-cervical-ectropion
3.
Cornforth T. (2022, April 25)-a. What to Know About Cervix Function and Female Health. Retrieved from https://www.verywellhealth.com/what-is-the-cervix-3520584

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نسائية وتوليد أونلاين عبر طبكان
احجز