يبدأ مرض الزهايمر (Alzheimer’s Disease) بتغييرات فسيولوجية قبل ظهور الأعراض السريرية بسنوات طويلة، تتطور تدريجيًا هذه التغييرات لتتضمن تراكم أنواع سامة من مادة البيتا أميلويد (Amyloid-β (Aβ ))، مما يؤدي لترسبه وتجمعه، إلى جانب فرط فسفرة بروتين تاو (Tau) -هو بروتين مسؤول عن تثبيت الأنابيب الدقيقة-، مما يؤدي لفقدان التواصل بين الخلايا العصبية نتيجة اختلال مناطق التشابكات العصبية بينها فتضمر الخلايا الدماغية وتتلف، مما يؤثر على الذاكرة والوظائف المعرفية والإدراكية.[1][2]
سبب مرض الزهايمر غير معروف حتى الآن بدقّة،[2] ولكن يمكن الإشارة لبعض عوامل الخطر التي ترتبط به:
- طفرات على الجينات الخاصة بتكوين بروتين الأميلويد.[2]
- العمر؛ إذ يرتفع خطر الإصابة بالزهايمر مع تقدم السن لأكثر من 65 عامًا.[2]
- العوامل الوراثية؛ إذ إنّ 5 -15% من الحالات وراثية، ونصف هذه النسبة تبدأ مبكرًا، تقريبًا قبل 65 عامًا.[2]
- عوامل أخرى، كارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع نسبة الدهون في الدم والتدخين، وتشير الأدلة إلى أنّ العلاج المبكر لأي من هذه المشكلات يقلل من خطر الإصابة بضعف الإدراك.[2]
- التعرض للضوء أثناء الليل بإفراط؛ ارتبط التعرض للضوء الخارجي ليلًا بارتفاع معدل انتشار الزهايمر لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عامًا، وذلك أكثر من ارتباطه بأية عوامل أخرى. [3]
ومن الجدير بالذكر بأنّ مرض التصلب اللويحي المتعدد (Multiple sclerosis (MS)) قد يشكّل عامل وقاية من الزهايمر! إذ توصلت دراسة نُشرت في مجلة Annals of Neurology عام 2024 إلى أنّ التصلب المتعدد يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالزهايمر لدى 100 مريض ممن شاركوا في الدراسة.[4]
مدى انتشار المرض في الأعوام الأخيرة
مرض الزهايمر هو مرض تنكُّس عصبي، يندرج ضمن أكثر الأمراض التنكسية العصبية شيوعًا في جميع أنحاء العالم، وهو السبب الأكثر شيوعًا لمشكلة الخرف (Dementia)، إذ يؤثّر على ما يقدر بنحو 57 مليون شخص حول العالم، وتقدّر نسبة إصابة النساء الزهايمر بضعفها لدى الرجال، ومع زيادة نسبة كبار السن يُتوقّع أن تزداد نسبة انتشار المرض في الدول الصناعية.[2][5]
يشار إلى أنّ معدل انتشار الزهايمر قد يُساء تقديره، لأنّ النسيان وفقدان جزء من الذاكرة يرتبط عادةً مع التقدم في العمر، فسيصعب تمييز الأعراض فيما إذا كانت بسبب الزهايمر أم بسبب التقدم في العمر، فالكثيرون (ربما نصف أعداد الإصابات وفقًا للتقديرات) قد يصابون بالزهايمر دون أن يدركوا ذلك لعدم تشخيصهم طبيًا![1]
أبرز الأعراض المبكرة والمتأخرة لمرض الزهايمر
يعاني مرضى الزهايمر من مجموعة أعراض في المرحلة المبكرة منه:
- فقدان الذاكرة قصيرة المدى، يُصنّف بأنّه العرض المُبكر الذي يبدأ به الزهايمر، كنسيان المواعيد، أو إعادة السؤال، أو نسيان أماكن وضع الأشياء. [1] [2]
- ضعف التفكير، وعدم القدرة على التعامل مع المهام المتعددة. [1] [2]
- خلل في اللغة، مثلًا صعوبة تذكر الكلمات وأسماء الأشياء. [2]
- خلل بصري مكاني (Visuospatial dysfunction)، كعدم القدرة على تذكر أسماء الأشخاص عند رؤيتهم. [2]
- اضطرابات سلوكية، كالصراخ والانفعال. [2]
أمّا أعراض مرض الزهايمر في مراحله المتقدمة: [1]
- ظهور أعراض عصبية نفسية إضافية.
- الارتباك.
- تغير في المزاج.
- الهذيان أو الهلوسة، تظهران في مراحل متأخرة جدًا من المرض.
ما مدى خطورة الزهايمر على المصابين به؟
يحتل الزهايمر الترتيب السابع ضمن قائمة مسببات الوفاة حول العالم، وهو يشكل خطورة على المريض في مراحله المتقدمة عندما تتدهور قدرة المريض على التفكير ليصبح بحاجة لمساعدة الآخرين والاعتماد عليهم، ويمكن أن يتفاقم الأمر فيؤذي نفسه أو حتى الآخرين، وتختلف آثار الخرف الظاهرة على المرضى من شخصٍ لآخر اعتمادًا على المسبب والحالة الذهنية قبل الإصابة، لكن لا يزال الرابط بين تطور الزهايمر والأمراض المرافقة والتأثير المتوقع على صحة المريض غير مفهوم جيدًا.[5][6]
مدى فعالية علاج الزهايمر
تسهم العلاجات المتاحة في السيطرة على أعراض مرض الزهايمر فقط، وتحسين نوعية حياة المريض، بشرط أن تُعطى في الوقت المناسب، فإلى الآن لا يوجد علاج شافِ لمرض الزهايمر.[7]
أبرز الطرق العلاجية المتاحة والحديثة لمريض الزهايمر
تشمل العلاجات الحالية لمرض الزهايمر:[7][8]
- مثبطات إنزيم الكولينستيراز (Cholinesterase inhibitors): تستعمل للمرضى في أي مراحل مرض الزهايمر، وتعمل هذه الأدوية على تثبdط الإنزبم المحلل لمادة الكولين، مما يزيد تركيزها في الشق التشابكي العصبي.
- ميمانتين (Memantine): يُستعمل في المرحلة المتوسطة إلى الشديدة من المرض، ويقلل من فرط تحفيز مستقبلات مادة الجلوتاميت (N-methyl-d-aspartate antagonists (NMDA))، لأنّ زيادة هذه المادة تزيد تدفق أيونات الكالسيوم التي تعزز موت الخلايا وتحدث خللًا في التشابك العصبي.
- أدوكانوماب (Aducanumab): وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء في عام 2021، وأدوكانوماب هو أول دواء من الأجسام المضاد وحيد النسيلة مضاد لمادة البيتا أمايلويد (Monoclonal antibody anti-Aβ)، وهو أحدث دواء حالي معتمد لمرض الزهايمر، لكنه باهظ الثمن، وتحوم بعض الشكوك حول فوائده لصحة المرضى.
أمّا العلاجات الأحدث، فقد اعتمد الباحثون على أنّ حاجز الدم في الدماغ (Blood-brain barrier) يمنع الأدوية من الدخول للدماغ، لدراسة طرق جديدة لإيصال الدواء للجهاز العصبي تتميز بتحللها بيولوجيًا، مثل الجزيئات الحيوية، والبوليمرات، والمعادن غير العضوية، والجسيمات النانوية التي تتميّز بقابليتها للتحلل وتوافقها مع الجسم وانخفاض سميتها مقارنة بالمعادن والبوليمرات، كما أنّ بعض الأبحاث الأُخرى سلطت الضوء على استعمال الخلايا العصبية الجذعية في علاج الزهايمر، ولا تزال هذه الطرق قيد البحث والدراسة.[8]