يتصدى الجسم للنزيف لدى حدوث جرح في الأوعية الدموية عن طريق آلية فسيولوجية تتضمّن عدة خطوات تُسمى بالإرقاء (Hemostasis)، والتي تحمي الجسمه وتمنعه من فقدان الدم، ولكن إذا حفّز الجسم هذه الآلية دون وجود سبب لتفعيلها تحدث مشكلة مرضية تسمى فرط تخثر الدم (Hypercoagulability) أو ما يُعرف أيضًا بتجلط أو جلطة الدم (Blood Clots)، ما يعيق تدفق الدم ويؤدي لنقص في التروية واحتشاء الأنسجة، فينتج عنها مشاكل صحية وأمراض مختلفة،[1][2][3] إذ تتعدد المضاعفات اعتمادًا على المكان الذي تشكلت فيه جلطة الدم:[3][4]
- متلازمة ما بعد الجلطة (Post-thrombotic syndrome): وهي أحد مضاعفات تجلط الأوردة العميقة (Deep vein thrombosis (DVT))، إذ سجلت التقارير الواردة حول هذه الحالة إلى أنّ 20 إلى 50% من مرضى تجلط الأوردة العميقة (كالأوردة الموجودة في الساقين والفخد والحوض) قد يتعرضون لمتلازمة ما بعد الجلطة خلال سنة إلى سنتين من ظهور أعراض الجلطة الوريدية، وإذا انتقل التجلط من الأوردة العميقة مع مجرى الدم ووصل للرئتين يمكن أن يسبب الانسداد الرئوي (Pulmonary embolism) ما يتلف الرئتين ويمنع وصول كمية كافية من الأكسجين لبقية أعضاء الجسم.
- تخثر الجيوب الوريدية الدماغية (Cerebral venous sinus thrombosis (CVST)): من الجلطات الدموية النادرة، والتي يمكن أن تسبب سكتة دماغية نزفية (Hemorrhagic stroke).
- جلطات الدم في أماكن أخرى من الجسم: يمكن أن تسبب نوبات قلبية، ومشاكل في الكلى، ومشاكل في الحمل.
ما هي أسباب حدوث تجلط الدم؟
يحدث تجلط الدم لأسباب عديدة تغيّر الآلية الطبيعية لحدوث تجلط الدم في الجسم لتصبح مشكلة مرَضية تحتاج لحل،[1] ومن أبرز مُسببات تجلط الدم:[1][4]
- تلف بطانة الأوعية الدموية: يحدث بسبب أصابات مباشرة تتلف الشريان أو الوريد، مثل تركيب القسطرة أو إجراء جراحة ما، وأسباب غير مباشرة، كالعوامل الالتهابية.
- ركود الدم الشرياني أو الوريدي، إذ يحدث بسبب قلة الحركة أو الحمل، فمثلًا يمكن أن يحدث بعد السفر لساعات طويلة بالسيارة أو الطيارة، ما يتضمّن الحاجة للجلوس لفترة زمنية ليست بالقصيرة.
- حالة فرط التخثر، تحدث بسبب زيادة مستويات مكونات التخثر في الدم، ويمكن أن تكون حالة فرط التخثر مكتسبة أو موروثة، ومن الحالات الموروثة الطفرات الجينية التي تتسبب بفقدان الجين لوظائفه، مثل نقص البروتين C، ونقص البروتين S، والطفرات لتي تسبب بزيادة نشاط الجين وظيفيًا، مثل طفرة العامل 5 ليدن (Factor 5 Leiden mutation) وطفرة جين البروثرومبين (Prothrombin gene mutation)، ومن الحالات المكتسبة متلازمة الأجسام المضادة لمضاد الفسفوليبيد (Antiphospholipid antibody syndrome).
ما هي عوامل الخطر المُحتملَة لتجلط الدم؟
يمكن ان يرتفع خطر الإصابة بتجلط الدم بالتزامن مع بعض عوامل الخطر:[1][3]
- تصلب الشرايين (Atherosclerosis).
- الرجفان الأذيني (Atrial fibrillation).
- الوزن الزائد أو السمنة.
- الحمل والولادة.
- السرطان، وعلاجات الموجهة ضده.
- بعض العمليات الجراحية.
- السكري.
- العدوى.
- البقاء في وضعية معينة لفترة زمنية طويلة دون تحرّك.
- تاريخ عائلي مرضي لتجلط الدم.
- بعض أنواع الأدوية كموانع الحمل.
- التدخين.
- الالتهابات.
- مرض فيروس كورونا 2019 (COVID-19).
ما هي طرق علاج تجلط الدم؟
يمكن علاج تجلط الدم بمضادات التخثر (Anticoagulants) أو ما يُعرف بمميعات الدم التي تمنع تشكل الجلطات في مجرى الدم، لكن هذا لا يعني أنها تمنع تجلط الدم تمامًا، وإلا لنَزَف المرضى حتى الموت، فهي تزيد من طول الفترة التي يحتاجها الجسم لوقف النزيف، لذا يُعد النزيف أشهر أعراضها الجانبية،[5] ويندرج ضمن مميعات الدم أنواعٌ عديدة:
- الهيبارين غير المجزأ (Unfractionated Heparin (UFH)): يتميز بسرعة مفعوله.[6][5]
- الهيبارين ذو الوزن الجزيئي المنخفض (Low Molecular Weight Heparin (LMWH)): يتميز بطول فترة مفعوله، ويتفوق على أنواع أُخرى في علاج الخثرات لدى مرضى السرطان، ومن الأمثلة عليه دواء إينوكسابارين (Enoxaparin) ودالتيبارين (Dalteparin).[6][5]
- مثبطات فيتامين (K) (Vitamin K Dependent Antagonists (VKA))، كالوارفارين (Warfarin)، ويتطلب استخدامها المراقبة دورية للنسبة المعيارية الدولية (international normalized ratio (INR)) لتعديل جرعة الدواء.[6]
- مثبطات الثرومبين المباشرة (Direct Thrombin Inhibitors)، مثل دواء دابيجاتران (Dabigatran).[6]
- مثبطات العامل (10a) (Direct Factor 10a Inhibitors)، يتوافر منها الشكل الصيدلاني الفموي فقط، ومنها دواء ريفاروكسابان (Rivaroxaban).[6]
يشار إلى أنّ نسبة خطر الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية يزداد خمسة أضعاف أثناء الحمل، وترتفع هذه النسبة في فترة النفاس إلى عشرين ضعف أو أكثر، إذ يستمر خطر الإصابة بالجلطات ما يقارب 12 أسبوعًا بعد الولادة، ما يدعو لضرورة أخذ حالة النساء ممن لديهن استعداد صحّي للإصابة بتجلطات دموية بعين الاعتبار.[6]
كيفية الوقاية من مشكلة تجلط الدم
قد يضطر بعض المرضى لتناول مميعات الدم بعد توصية مباشرة من الطبيب المختص، وذلك تجنبًا لحدوث أي جلطات دموية لاحقًا،[3][7] في المقابل، يمكن أن يتقّي البعض الآخر خطر الإصابة بتخثر الدم باتباع وسائل وقائية:[3][7]
- النشاط البدني والحفاظ على الوزن ضمن الحد الطبيعي، كالحركة وتجنب البقاء بوضعية خاملة لفترة طويلة.
- ارتداء الجوارب الضاغطة.
- اختيار وسائل منع الحمل الأقل خطورة من غيرها.
- الإقلاع عن التدخين.
- استعمال أدوية الستاتينات (Statins).