تعود نشأة نبات الزنجبيل (Zingiber officinale) إلى جنوب شرق آسيا، وينتشر اليوم في جميع مناطق العالم باعتباره أحد ألذ التوابل، كما أشارت العديد من الدراسات إلى فوائده العديدة كتخفيف آلام الدورة الشهرية لدى النساء، بالإضافة إلى فوائده في التخفيف من بعض الأعراض المرافقة للأمراض.[1]
الزنجبيل
ينتمي الزنجبيل إلى ذات العائلة التي تضم الكركم وحَب الهال، وتمثل الساق الأفقية للزنجبيل -تدعى الجذمور (Rhizome) وتنمو منها جذوره- الجزء الرئيسي الذي يستخدَم من نبات الزنجبيل، ويُعتقد أنّ شعوب الهند والصين زرعت نبات الزنجبيل منذ ما يربو عن 500 سنة بوصفه من الجذور المُقوية التي يمكن الاستفادة منها في علاج بعض الوعكات الصحية، ويُزرع الزنجبيل حاليًا في المناطق الاستوائية الرطبة، إذ تتصدر الهند قائمة البلدان المنتجة للزنجبيل.[2]
كلمة زنجبيل مشتقة من كلمة (Srngaveram) في اللغة السنسكريتية القديمة وتعني جذر القرن، ويوجد الآن ما يزيد عن 1300 نوع من نبات الزنجبيل الذي يتميز بلون أزهاره الأخضر المائل إلى البنفسجي، وبرائحته ومذاقه اللاذعين اللذان يُعزيان إلى احتواء جذر الزنجبيل على مجموعة من المركبات الكيتونية المُسماة بالجينجيرول (Gingerols)، وبفعل خواصه العلاجية تُثبت الكثير من الدراسات إمكانية الاستفادة من الزنجبيل في علاج بعض الأمراض المزمنة، كضغط الدم وأمراض الشريان التاجي في القلب، بالإضافة إلى تعزيز عمل جهاز المناعة، ووفقًا لأحد الأبحاث فإنّ زيادة كمية الزنجبيل في الحمية الغذائية الصحية بمقدار 1 غرام يوميًا كفيلٌ بمنح الجسم فوائد الزنجبيل الصحية.[3]
فوائد الزنجبيل
تشير العديد من الدراسات السريرية إلى وجود دورٍ فعال للزنجبيل في علاج بعض المشكلات الصحية،[4] من فوائد الزنجبيل:
- فوائد الزنجبيل للمرأة:
يسهم تناول الزنجبيل في التخفيف بدرجة كبيرة من عسر الطمث لدى تناوله في بداية الدورة الشهرية، وبتأثير مشابه للأدوية المسكنة للألم، كدواء حمض ميفيناميك (Mefenamic acid).[1]
- فوائد الزنجبيل المضادة للسرطان:
يُعد المشروب المكون من مزيج من الزنجبيل والليمون أحد المشروبات المتداولة بكثرة عالميًا، وبحثت دراسة نُشرت في مجلة (Frontier in Nutrition) سنة 2022 ميلادي في فوائد الزنجبيل مع الليمون، وقد أظهرت نتائج التجربة التي أجريت على فئران مخبرية جرى تلقيحها بخلايا سرطان الثدي، أنّ لمزيج المستخلص المائي لكل من الزنجبيل والليمون تأثيرًا تآزريًا (Synergistic effect) في الحدّ من تكاثر الخلايا السرطانية.[5]
- فوائد الزنجبيل المضادة للفيروسات التنفسية والبكتيريا:
يمكن استخدام الزنجبيل في علاج أعراض نزلات البرد والإنفلونزا، كما أنه فعال في مقاومة بعض أنواع البكتيريا الفموية المُسبّبة لالتهاب اللثة.[1]
- فوائد الزنجبيل للرجال:
أثبتت الأدلة العلمية التراكمية لعددٍ من الدراسات أنّ لتناول الزنجبيل دورٌ في تحسين جودة السائل المنوي لدى الرجال، بالإضافة إلى دوره في زيادة كل من تركيز الحيوانات المنوية، وحيويتها، وحركتها، وتُعزى بعض هذه الآثار إلى أنّ الزنجبيل يرفع من مستويات بعض الهرمونات الجنسية الذكرية وأهمها هرمون التستوستيرون (Testosterone) والهرمون المُنشط للجسم الأصفر (Luteinising hormone).[6]
- فوائد الزنجبيل في علاج أمراض المفاصل، مثل الفصال العظمي (Osteoarthritis):
الفصال العظمي أو ما يُعرَف بخشونة المفاصل من الأمراض الشائعة التي تصيب المفاصل، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ للزنجبيل دور متوسط الفعالية وآمن نسبيًا في علاج المرضى المصابين ببعض مشكلات المفاصل، لكن هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث على نطاقٍ أوسع من المرضى لإثبات دور الزنجبيل في علاج الألم والعجز المرافق للإصابة بمرض الفصال العظمي على وجه التحديد.[1]
المركبات التي يحتوي عليها الزنجبيل وخواصه الطبية
زاد في الآونة الأخيرة التوجه للاستفادة من الخصائص العلاجية للبدائل الطبيعية التي تمنحها المركبات الفعالة الموجودة في بعض النباتات،[2] ومن الخواص الطبية للزنجبيل:[3][4]
- خواص مضادة للأكسدة:
يكتسب الزنجبيل خواصه المضادة للأكسدة من مركب الجنجيرول الذي يحتوي عليه، كما يقلل من الإجهاد التأكسدي في الجسم الناتج عن حدوث خلل في التوزان بين ذرات الأكسجين الفعالة (Reactive oxygen species) وقدرة الجسم المضادة للأكسدة، إذ يُعتقد بأن هذا الخلل في التوزان يسبب الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، كالسرطان واحتشاء عضلة القلب.
- خواص مضادة للالتهاب:
يحتوي الزنجبيل على مركب الزنجيرون (Zingerone) ومركبات الشوجول (Shogaols)، ويمتلك كلاهما خواصًا مضادة للالتهاب، إلا أنّ مركبات الشوجول أكثر فعالية في هذا السياق، وقد أشارت عدة دراسات إلى فعالية الزنجبيل في التخفيف من أعراض بعض الأمراض الناتجة عن إصابة بعض أعضاء الجسم بالالتهاب، كالأمراض المرتبطة بالتهاب المفاصل.
- خواص مضادة للتقيؤ:
أشارت عدة دراسات إلى فعالية الزنجبيل العالية في التخفيف من الشعور بالغثيان والتقيؤ لدى الحوامل، وقد تبين أنّ للزنجبيل ذات تأثير بعض الأدويةالمستخدمة في الحد من تلك الأعراض، مثل فيتامين (B6)، بل في دراسة أجراها الباحث إنسيه (Ensiyeh) لوحظ تفوق الزنجبيل على فيتامين (B6) في هذا الإطار.
- خواص مضادة للكائنات الحية الدقيقة الضارة:
يعود ذلك إلى احتواء الزنجبيل على مركبات كالجنجيرول والبارادول (Paradol) التي يُعتقد بأنها تمنحه خواصًا مضادة لنمو بعض الكائنات الحية الدقيقة المُمرضة، من أمثلتها؛ البكتيريا الإشريكية القولونية (Escherichia coli) والسالمونيلا المعوية (Salmonella typhi).
استخدامات الزنجبيل في الطعام
يُستخدم الزنجبيل كأحد مكونات الطعام بأشكال عدة، إذ يمكن استخدامه طازجًا، أو مجففًا، أو محفوظًا، أو مسحوقًا، أو على هيئة بلورات،[2] وعادةً ما يُستهلك جذر الزنجبيل عندما يكون باللون الأصفر أو بلون الصوف الطبيعي،[3] من استخدامات الزنجبيل في الطعام:[2][3]
- تحضير بعض أطباق الفطور الصحية، كالحلوى الطرية كثيفة القوام المُصنعة من الشوفان أو بذور الشيا، إذ يضاف كأحد مكوناتها.
- تحضير وطهي بعض الأطعمة، إذ يُستخدَم كأحد التوابل، خصوصًا في المطبخ الهندي أو الآسيوي.
- تحضير منقوع الزنجبيل، وذلك بعد هرسه أو تقطيعه.
- تحضير مُخلّل الزنجبيل بوضعه في وعاء يحتوي على الخل ذي المذاق الحلو الذي يحول لون الزنجبيل إلى اللون الوردي، وعادةً ما يُستخدم هذا النوع من المخللات إلى جانب طبق السوشي (Sushi).
- صناعة حلوى من الزنجبيل بطهيه في شراب سكري، ومن ثم تغليف المنتج بحبيباتٍ من السكر.
- صناعة البسكويت أو بعض أصناف الكعك، إذ يستخدم في ذلك مسحوق جذور الزنجبيل المجفف، إذ ولدى إجراء عمليات حصاد الزنجبيل بعد 8-9 أشهر يكون محصول الزنجبيل الناتج ذا قشرةٍ سميكة يتوجب نزعها قبل استخدامه، ويتميز عندها الزنجبيل بطعمه اللاذع، إذ يجفف حينها أو يسحق ليصار إلى استخدامه في إعداد أصناف الكعك.
أضرار الزنجبيل
تبعًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (The U.S Food and drug administration) يُصنف الزنجبيل على أنه من المواد الآمنة،[2] ووافقت على تناول ما مقداره 4 غرام منه يوميًا.[3]
في دراسة مخبرية أجريت على بعض جرذان التجارب أثناء حملها، لوحظ أنّ تناولها لمستخلص الزنجبيل بتركيز 1000 ملغ/كيلوغرام لم يسبب أي أضرار للأم أو للجنين، كما أظهرت بعض الدراسات السريرية أنّ تناول العلاجات التي تحتوي على الزنجبيل لعلاج الغثيان في المراحل الأولى للحمل لم يسبب تشوهات تكوينية للأجنّة.[2]
كما أظهرت بعض الأبحاث أنّ الآثار الجانبية للزنجبيل طفيفة في الغالب، ويرتبط العديد منها بالجهاز الهضمي، كالشعور بحرقة في أعلى المعدة، والغثيان، والشعور بألم في البطن، والنفاخ، كما لوحظ تسبب الزنجبيل بالإسهال عندما تناولته مجموعة من النساء اللاتي يعانين من غزارة في الطمث وأُخريات خضعن اختياريًا لعملية ولادة قيصرية، وإضافةً لذلك كان لتناول الزنجبيل بعض المضاعفات على القلب والجهاز التنفسي لدى ‘جراء عمليات جراحية بالمنظار للمرضى الذين استعملوا الزنجبيل لأغراضٍ علاجية،[4] وقد أظهرت أحد الدراسات أنّ تناول الزنجبيل بكمية تزيد عن 6 غرامات قد يفاقم من اضطرابات الجهاز الهضمي، كالارتجاع المريئي والإسهال، كما أنه قد يخفض من ضغط الدم، وقد سُجّلت حالات قليلة تَسبب فيها الزنجبيل باضطراب نبضات القلب، بالإضافة إلى الاعتقاد بأنّ الزنجبيل يزيد من إنتاج الجسم للعصارة الصفراوية مما قد يرفع من خطر تشكل الحصوات المرارية.[3]