فرط صوديوم الدم: ما هي أسبابه؟ وما هي أخطر مضاعفاته؟ وهل يمكن التعافي منه؟

فرط صوديوم الدم هو مشكلة صحيّة تحدث عندما يكون مستوى الصوديوم في الدم أعلى من الحد الطبيعي، ويحدث هذا الارتفاع نتيجةً لأسبابٍ متعددة مثل الجفاف، واستخدام أدوية معينة، أو مشاكل في الغدة الكظرية، قد يتسبب فرط صوديوم الدم في ظهور مجموعة من الأعراض كالارتباك، والعصبية، والعطش الشديد، وفي حالات خطيرة قد يؤدي إلى تشنجات، وغيبوبة.

الصوديوم هو نوع من الكهارل (Electrolyte) الموجودة في جسم الإنسان، ويلعب دورًا مُهمًا في الحفاظ على كمية السوائل في الجسم، وتوازن الأحماض والقواعد، كما أنّ له دورٌ في المُحافظة على وظائف الأعصاب والعضلات، يمكن الحصول على الاحتياج اليومي من الصوديوم من خلال النظام الغذائي، وعادةً ما يحافظ الجسم على مستويات مُحددة من الصوديوم، لذا فإنّ ارتفاع مستويات الصوديوم في الدم، أو انخفاضها قد يعني وجود مشكلة صحية ما.[1]

الصوديوم ودوره في الجسم

يوجد الصوديوم رئيسيًا في الدم، وفي السوائل المحيطة بالخلايا.[2] كما يؤدي الصوديوم العديد من الوظائف الفسيولوجية في الجسم، أبرزها:

  • الإسهام في امتصاص العناصر الغذائية.[3]
  • الحِفاظ على وظيفة الأعصاب، والعضلات.[2]
  • الحفاظ على توازن السوائل في الجسم،[3] والسيطرة على ضغط الدم وحجمه.[4]

تؤثر الكمية الإجمالية للصوديوم الموجودة في الجسم على حجم الدم، وكمية السوائل حول الخلايا، لذا يُراقَب الجسم بمُستشعِرات خاصة موجودة في القلب، والأوعية الدموية، والكلى حجم الدم، وتركيز الصوديوم باستمرار.[2] في حال زادت مستويات الصوديوم في الدم يُطلق الجسم الهرمون المانع لإدرار البول (Antidiuretic hormone)، ذي الدور الفعّال في إعادة امتصاص الماء من الكُلى، كما يزداد شعور الإنسان بالعطش لزيادة حجم السوائل في الجسم.[5]

أما في حال نُقصان مستويات الصوديوم في الدم، فتُحفِّز الكلى الغدد الكظرية لإفراز هرمون الألدوستيرون (Aldosterone)، الذي يمنع الكلى من التخلص من الصوديوم، ويزيد إفراز البوتاسيوم، وبالتالي إنتاج كمية أقل من البول، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة حجم الدم.[2]

ما هو فرط صوديوم الدم؟

يُعرّف فرط صوديوم الدم (Hypernatremia) على أنّه ارتفاع تركيز الصوديوم في الدم إلى ما يزيد عن 145 مليمول/لتر، ويمكن تعريف هذه الحالة بدقةٍ أكثر على أنّها حالة من فرط الأسمولية (Hyperosmolar condition) نتيجةً لانخفاض كمية الماء في الجسم بالنسبة إلى كمية الكهارل فيه-ومن أهمها الصوديوم-، أي أنّ حالة فرط الصوديوم هي بالأساس مُشكلة مرتبطة بكمية الماء، وليست نتيجةً لاختلال توازن نسبة الصوديوم في الجسم.[5]

يمكن تقسيم فرط الصوديوم في الدم إلى نوعين؛ فرط الصوديوم الحاد (Acute Hypernatremia) وهو الذي مرَّ على ظهور أعراضه أقل من 48 ساعة، والنوع الثاني فرط الصوديوم المُزمن (Chronic Hypernatremia) ويظهر لدى المرضى الذين انقضى على إصابتهم بأعراضه أكثر من 48 ساعة، أو المرضى الذين ليس لديهم معرفة ببداية ظهور الأعراض.[6]

أسباب ارتفاع الصوديوم في الدم

يُذكر أنّ السبب الرئيسي لارتفاع الصوديوم في الدم هو فُقدان إجمالي الماء في الجسم مُقارنةً بكمية الصوديوم المُذاب فيه؛ أي أنّ نسبة فُقدان الماء أعلى من نسبة الصوديوم المفقودة،([7] ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها:

  • أسباب مُتعلقة بالإصابة بالجفاف (Dehydration): تتعدّد مُسببات الجفاف، ولكن أهمها؛ شُرب كميات قليلة من الماء، والإسهال، والتهاب المعدة والأمعاء (Gastroenteritis)، والتقيؤ، والحروق، وفرط التعرُّق -الناجم عن الإصابة بالحُمى، أو التمارين الرياضية، أو التعرُّض المُستمر للحرارة-، واستخدام الأدوية المُدرة للبول (Diuretic) خصوصًا لدى كِبار السن، وبعض الإجراءات الطبية كالتصريف الأنفي المعدي (Nasogastric drainage) لفتراتٍ طويلة.[2][7]
  • أسباب مُتعلقة بالإصابة بداء السكري الكاذب (Diabetes insipidus)، لداء السكري الكاذب نوعان:[5][7]
    • داء السكري الكاذب المركزي (Central Diabetes insipdus): يحدث هذا النوع نتيجة عدم إفراز كميات كافية من الهرمون المُدر للبول من الغدة النُخامية (Pituitary Gland) في الدماغ، وذلك بسبب تعرُض المريض لإصاباتٍ في الرأس، أو الإصابة بالورم الدبقي (Cranial neoplasm)، أو الإصابة بأمراض في الغدة النُخامية كالساركويد (Sarcoidosis)، أو كثرة المنسجات (Histiocytosis).
    • داء السكري الكاذب كلوي المنشأ (Nephrogenic diabetes insipidus): ينجم عن عدم استجابة الكُلى للهرمون المُدر للبول، ويحدث ذلك لعدة أسباب كالأمراض الوراثية، أو اعتلالات الكلى، أو اضطرابات الكهارل، أو استخدام بعض الأدوية كالليثيوم (Lithium)، وأمفوتيريسين ب (Amphotericin B)، ودوبامين (Dopamine).

  • أسباب أُخرى: قد يرتبط ارتفاع صوديوم الدم بأسبابٍ أُخرى:
    • متلازمة كوشينج (Cushing syndrome).[8]
    • غسيل الكلى.[8]
    • تناول كميات كبيرة من ملح الطعام.[8]
    • فرط التنفس (Hyperventilation).[8]
    • فرط الألدوستيرونية.[7]
    • تغيُرات في الحالة العقلية للمرضى نتيجة الإصابة ببعض الأمراض، أو بسبب الآثار الجانبية للأدوية.[5]
    • الإصابة بالأمراض العصبية كالخرف.[5]
    • اضطرابات في مراكز استشعار العطش في الدماغ.[5]
    • المرضى في العناية الحثيثة (ICU) نتيجةً لإعطائهم بعض أنواع المحاليل وريدية.[5]
    • النوبات التشنجية.[5]

أعراض فرط الصوديوم في الدم

تتضمّن أعراض فرط الصوديوم في الدم:

  • الشعور بالعطش.[1]
  • الإحساس بالارتباك.[1]
  • الهذيان.[1]
  • ارتعاش العضلات (Muscle twitching).[1]
  • النوبات التشنجية.[1]
  • اضطراب الكلام.[5]
  • الخمول.[5]
  • الرَّأْرَأَةُ، أو ترجرج الحدقة الاضطراري (Nystagmus).[5]
  • تغيُرات في ضغط الدم الانتصابي.[5]
  • عدم انتظام ضربات القلب.[5]
  • جفاف الفم.[5]
  • تورم الجلد.[5]
  • الغيبوبة، وتحدث في حال عدم علاج الارتفاع الشديد لمستوى الصوديوم في الدم، وقد تُهدد حياة المريض.[2]

تظهر أعراض ارتفاع مستويات الصوديوم في الدم على الأطفال والرُضع عادةً على شكل تهيج، أو خمول ونعاس، بالإضافة إلى شعور الرُضع بالعطش والبكاء بنبرةٍ عالية، وفي بعض الحالات يمكن أن يتسبّب بالغيبوبة.[7]

تشخيص فرط الصوديوم في الدم

يُعد أخذ السيرة المرَضية من أهم الأدوات التي يستخدمها الطبيب لتحديد أسباب فرط الصوديوم في الدم لدى المريض، وطريقة علاجه، كما تُساعد الفحوصات المخبرية في تقييم حالة المريض بدقة،[6] ومن أهمها اختبار مستوى الصوديوم في الدم،[2] أما الفحوصات المخبرية والإجراءات التشخيصية الأُخرى، فأبرزها:[5][6]

  • فحص أسمولالية البول (Urine osmolality test).
  • اختبار الحرمان من الماء (Water deprivation test).
  • فحص تراكيز الكهارل في الدم وتتضمن الصوديوم، والبوتاسيوم، والكالسيوم.
  • فحص مستوى السكر، واليوريا (Urea)،والكرياتينين (Creatinine) في الدم.
  • فحص مستوى الهرمون المانع لإدرار البول (Plasma arginine vasopressin (AVP) level).
  • فحص مستوى الصوديوم والبوتاسيوم في البول.

علاج زيادة الصوديوم في الدم

يتضمن علاج زيادة الصوديوم في الجسم تحديد السبب الكامن وراء هذه المشكلة الصحيّة، وتعويض نقص الماء في الجسم، ويُجرى ذلك بحساباتٍ رياضية لقياس حجم الدم، وإجمالي العجز المائي في الجسم.[8]

في جميع حالات فرط الصوديوم في الدم -باستثناء الحالات الطفيفة- تُعطى السوائل المُخففة التي تحتوي على الماء، وكمية صغيرة من الصوديوم بتراكيز مضبوطة بدقة عن طريق الوريد ببطء تجنبًا للمضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن انخفاض مستوى الصوديوم في الدم كتلف الدماغ.[2]

يلجأ الأطباء إلى تعويض نقص الهرمون المانع لإدرار البول لدى مرضى السكري الكاذب المركزي، ويُستخدم لهذا الغرض عقار ديسموبريسين (Desmopressin) وريديًا، أو كحُقن تحت الجلد، أو كبخاخ عبر الأنف.[7]

أضرار زيادة الصوديوم في الجسم ومُضاعفاته

أخطر مضاعفات زيادة نسبة الصوديوم في الدم هي النزيف تحت الجمجمة، أو تحت الغشاء العنكبوتي (Subarachnoid or subdural hemorrhage) نتيجةً لتمزق الأوردة الجسرية في الدماغ، وحدوث جلطات في الجيوب الوريدية الجافوية (Dural venous sinuses)، مما قد يؤدي إلى إلحاق أضرارٍ دائمة بالدماغ، أو حتى الوفاة،[7] بالإضافة لذلك قد يُسبب فرط الصوديوم في الدم أضرارًا في الخلايا العضلية مُسببًا تدمير الألياف العضلية، أو كما يُعرف باسم انحلال الربيدات (Rhabdomyolysis).[6]

كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الأربعاء ، 07 شباط 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الأربعاء ، 07 شباط 2024

المراجع

1.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2022). Sodium Blood Test. Retrieved from https://medlineplus.gov/lab-tests/sodium-blood-test/
2.
James L. Lewis III . (2023). Overview of Sodium's Role in the Body. Retrieved from https://www.msdmanuals.com/home/hormonal-and-metabolic-disorders/electrolyte-balance/overview-of-sodiums-role-in-the-body
3.
Cook, N. R., He, F. J., MacGregor, G. A., & Graudal, N. (2020). Sodium and health—concordance and controversy. BMJ, m2440. Retrieved from https://doi.org/10.1136/bmj.m2440

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري باطني أونلاين عبر طبكان
احجز