فحص قبل الولادة الجراحي (NIPT): ما مدى دقته؟ وهل يتضمّن خطورة على الجنين؟

فحص قبل الولادة غير الجراحي أو تحليل الحمض النووي الخالي من الخلايا هو أحد فحوصات الدم المخبرية التي تُجرى للحامل خلال الثلث الأول من الحمل، للكشف عن إصابة الجنين بأحد الاضطرابات الجينية الوراثية، مثل متلازمة داون، أو متلازمة باتو، أو متلازمة إدوارد.

تسعى الأمهات طوال فترة الحمل إلى تجنب كل ما هو ضار بصحة الجنين، واتخاذ جميع التدابير المتاحة التي تسهم في تيسير هذه المرحلة، مثل اتخاذ نمط حياةٍ صحية قدر الإمكان، والابتعاد عن المواد الضارة، إلا أنّ هاجس الخوف لدى معظم الحوامل بإصابة الجنين بأحد التشوهات الخلقية يبقى مؤرقًا لهُن، ومن هنا طُوّرت اختبارات ما قبل الولادة للحصول على معلومات عن الحالة الصحية للجنين، وسُمّيت بفحص ما قبل الولادة غير الجراحي ((NIPT) Non-invasive prenatal testing)،[1] فما هو فحص NIPT؟

ما هو فحص قبل الولادة غير الجراحي (NIPT)؟

فحص قبل الولادة غير الجراحي المعروف أيضًا بتحليل الحمض النووي الخالي من الخلايا (Cell-free DNA testing)، هو فحص دم مخبري يكشف عن الحمض النووي الموجود في دم الأم لتقييم صحة الجنين والكشف عن بعض التشوهات الصبغية الشائعة في حال وجودها، والتي تتضمن متلازمة داون (Down syndrome) -التثلث الصبغي 21-، ومتلازمة إدوارد (Edwards syndrome) -التثلث الصبغي 18-، ومتلازمة باتاو (Patau syndrome) -التثلث الصبغي 13-.[1][2]

يعتمد فحص NIPT للحامل على الحمض النووي للجنين الموجود في مجرى دم الأم، الذي يصل إليه عبر المشيمة ويصبح قابلًا للكشف بدءًا من الأسبوع التاسع أو العاشر من الحمل،[3] ويعتمد هذا الفحص على تضخيم الحمض النووي غير المرتبط بالخلايا لكروموسومات الجنين، لتحديد وجود النسخ الإضافية أو المفقودة من جميع الكروموسومات،[4] ويُفضّل أخذ عينة دم الأم بعد الأسبوع العاشر من الحمل، إذ يمكن حينها الكشف عن الأجنة المصابة في الحمل الفردي بالتثلث الصبغي 21 (متلازمة داون) بنسبة 99%، وهي التي ترتبط بوجود نسخة إضافية من كروموسوم رقم 21، والأجنة المصابة بتثلث 18 (متلازمة إدوارد) بنسبة 98%، وهي التي ترتبط بوجود نسخة إضافية من كروموسوم 18، والأجنة المصابة بتثلث 13 (متلازمة باتاو) بنسبة 99%، وهي التي ترتبط بوجود نسخة إضافية من كرموسوم رقم 13.[3][5]

لا يحل فحص NIPT للحامل محل الاختبارات التي تتضمن إجراءاتٍ جراحية، مثل جمع عينات الزغابات المشيمية ((CVS) Chorionic villus sampling)، أو تحليل السائل الأمنيوسي (Amniocentesis)، كما لا يُعدّ من الفحوصات التشخيصية، وذلك لمحدودية قدرته على الكشف عن جميع تشوهات الكروموسومات التي من الممكن أن يعاني منها الجنين، كما أنّه غير قادر على التنبؤ بخطر إصابة الجنين بأيّ تشوّهٍ تكويني هيكلي، أو مرض وراثي آخر،[2] مثل متلازمة الكروموسوم إكس الهش (Fragile X syndrome)، أو التليّف الكيسي (Cystic fibrosis)، أو عيوب الأنبوب العصبي (Neural tube defects)، أو التشوهات القلبية ( Congenital cardiac anomalies).[2]


يمكن إجراء فحص قبل الولادة غير الجراحي في حالات الحمل المتعدد -التوائم- إلا أنّه يصعُب الكشف الدقيق عن الإصابة بكل من التثلث الصبغي 18والتثلث الصبغي 13،[6] كما قد تؤثر بعض العوامل في انخفاض نسبة جينات الجنين الموجودة في دم الأم:[3][7]

  • السمنة.
  • العِرق.
  • تناول بعض الأدوية.
  • الإصابة بأحد اختلالات الصيغة الصبغية (Aneuploidy).

ما هي دواعي إجراء فحص قبل الولادة غير الجراحي (NIPT)؟

يُعدّ فحص قبل الولادة غير الجراحي من أكثر الفحوصات دِقّة في الكشف عن الاختلالات الصبغية الجينية الشائعة المذكورة أعلاه، إلا أنّه لا يُعدّ فحصًا تشخيصيًا ولا يكفي لنفي احتمالية إصابة الجنين بتشوهاتٍ هيكلية، ولا بُدّ من إجراء الاختبارات التشخيصيّة الأُخرى لاحقًا، مثل فحص السائل الأمنيوسي والزغابات المشيمية،[3] بالإضافة إلى عدّة دواعي وأسباب:

  • يُسهم في اتخاذ القرارات المناسبة حول ضرورة استكمال الأم للفحوصات التشخيصية، ويزيد من معدل كشف التشوهات المُستهدفة في الفحص، مع تخفيض احتمال كل من الحصول على النتائج الإيجابية الخاطئة، والخضوع للفحوصات الجراحية ما قبل الولادة.[2]
  • وجود أحد عوامل خطر الإصابة بالتشوهات الصبغية (Aneuploidies) الثلاثة؛ كالحمل في سنٍ متأخر،[2] بما يزيد عن 35 عامًا، أو أن تشير نتائج فحوصات الموجات فوق الصوتية إلى زيادة احتمالية الإصابة باختلالات الصيغة الصبغية، أو الحمل السابق بجنينٍ مصاب بأحد اضطرابات كروموسوم 13، أو كروموسوم 18، أو كروموسوم 21.[4]
  • تحديد جنس الجنين.[4]
  • الكشف عن تشوهات الصيغة الصبغية لِلكروموسوم الجنسي.[4]
  • تقييم الإصابة بمتلازمة برادر ويلي (Prader willi syndrome)، ومتلازمة دي جورج (Digeorge syndrome).[8]

يُجرى فحص قبل الولادة غير الجراحي بتوصية من الطبيب المختص، ولا ينبغي للحامل إجراؤه من تلقاء نفسها.[8]

ما هي مخاطر فحص قبل الولادة غير الجراحي (NIPT)؟

يُعدّ فحص قبل الولادة غير الجراحي آمنًا على الجنين، ولا يتضمّن أي خطر قد يحدث للجنين أثناء إجراء الفحص،[9] إلا أن هُناك احتمالية حدوث بعض المضاعفات أثناء عملية سحب الدم:[9][10]

  • الشعور بالألم لحظة إدخال الإبرة.
  • كدمة خفيفة موضع إدخال الإبرة سرعان ما تختفي.
  • تكوّن ورم دموي.
  • إصابة العصب.

تحضيرات ما قبل فحص قبل الولادة غير الجراحي (NIPT)

يُجرى فحص قبل الولادة غير الجراحي بعد حلول الأسبوع العاشر من الحمل، ويحتاج تحليل (NIPT) إلى نموذج طلب فحص محدّد يمكن الحصول عليه من اختصاصي النسائية والتوليد،[2] كما أنّ الفحص لا يحتاج إلى الصيام،[11] ولا بأس من استشارة اختصاصي علم الأمراض الوراثية والاختبارات الجينية للحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالنتائج قبل إجراء الفحص.[9]

طريقة إجراء فحص قبل الولادة غير الجراحي (NIPT)

يُجرى فحص قبل الولادة غير الجراحي من خلال سحب عينة دم، إلا أنّه يجب جمع بعض المعلومات والبيانات عن الحامل عندما يحين موعد إجراء الفحص، والتي تتضمن تاريخ ميلاد الحامل، وعمر الحمل، وعدد مرات الحمل،[12] وغالبًا ما تستغرق عملية سحب الدم ما يقارب الخمس دقائق،[9] وتتمثّل بعدة خطوات:[10]

  1. وضع العاصبة على يد المريضة، ثم شد الجلد فوق الوريد المُراد السحب منه بالإبهام لتثبيته.
  2. إدخال الإبرة في الوريد وجمع عينة الدم المطلوبة، ثم فك العاصبة.
  3. الضغط موضع السحب فوق الإبرة بقطعة شاش نظيفة ثم إزالة الإبرة، ووضع ضمادة فوقها لتثبيتها مع الضغط المستمر موضع السحب.

الجدير بالذكر أن هُناك إمكانية لإجراء فحص قبل الولادة غير الجراحي إمّا في الثلث الأول من الحمل إلى جانب فحص الموجات فوق الصوتية، أو في الثلث الثاني من الحمل بدون فحص الموجات فوق الصوتية.[11]

متى تظهر نتيجة تحليل NIPT؟

تستغرق الفترة اللازمة لصدور نتيجة تحليل فحص قبل الحمل غير الجراحي ما يُقارب الأسبوع.[11]

نتائج فحص قبل الولادة غير الجراحي (NIPT)

تُشير النتائج في حال كانت نسبة الكروموسومات كما هي في الحالة الطبيعية إلى أنّ النتيجة سلبية (Negative)، بالإضافة إلى أنّ هُناك خطرٌ ضئيل للإصابة بأحد التشوهات الكروموسومية، وتُشير في حال كانت نسبة الكروموسومات أعلى ممّا هي عليه في الحالة الطبيعية لدى كروموسوم معين-21 ، أو 18، أو 13- إلى أن النتيجة إيجابية (Positive)، وهناك احتمالية لإصابة الجنين بأحد اضطرابات التثلث الصبغي،[5] إلا أنّه لا يمكن تأكيد الإصابة إلّا بإجراء أحد الفحوصات التشخيصية، مثل فحص السائل الأمنيوسي أو فحص الزغابات المشيمية، فهي فحوصات آمنة نوعًا ما، إلا أنّها قد تُعرّض الجنين لخطر الإجهاض.[9]

يُتاح من خلال فحص NIPT إثبات وجود أحد اضطرابات الصيغة الصبغية، إلا أنّه لا يمكن التنبؤ بمدى خطورتها أو طبيعتها.[2]

يُوصى عند الحصول على نتائج غير مُحددة أو غير قابلة للتفسير لفحص قبل الولادة غير الجراحي استشارة طبيب الأمراض الوراثية، والخضوع لبعض الفحوصات التشخيصية، والتصوير بالموجات فوق الصوتية.[3]

هل فحص NIPT دقيق؟

يُعدّ NIPT أحد الفحوصات الجينية الأولية، فهو ذو أهمية خاصة فيما يتعلّق بفحوصات ما قبل الولادة، نظرًا لدقتهِ وانخفاض نسبة الحصول على نتائج إيجابية خاطئة، بالتالي انخفاض عدد الإحالات للاختبارات الجراحية التي قد تؤثر في صحة الجنين،[1] إلا أنّ وجود ما يكفي من الحمض النووي الخاص بالجنين في دم الأم يلعب دورًا مهمًا في دقة التحليل فقد يؤدي انخفاضه إلى الحصول على نتيجة سلبية خاطئة، وغالبًا ما يحدث نتيجة أحد العوامل التي سبق ذكرها، مثل تشوّهات الجنين وغيرها.[5]

أمّا العوامل التي تؤثر في الحصول على نتائج إيجابية خاطئة:

  • وفاة أحد الأجنة في حالات الحمل المتعدد.[3]
  • الفسيفساء المشيميّة أثناء الولادة (Confined placental mosaicism)، وهو أحد الاضطرابات الكروموسومية التي تحدُث في المشيمة وليس في الجنين، ويُكشف عنه من خلال إجراء فحص لعينات الزغابات المشيمية الذي يُظهر وجود خلايا ذات أنماط جينية غير طبيعية.[3][13]
  • الفسيفساء الأمومية (Maternal mosaicism)،[3] وهو عبارة عن خلل في الصيغة الصبغية للأم.[14]
  • إصابة الأم بأحد أنواع السرطان.[3]
كتابة: . خولة يونس - الخميس ، 05 تشرين الأول 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Garcia E, Henneman L, Gitsels-van der Wal JT, Martin L, Koopmanschap I, Bekker MN, Timmermans DRM. (2022). Non-invasive prenatal testing (NIPT) and pregnant women’s views on good motherhood: a qualitative study. Eur J Hum Genet 30: 669–675. Retrieved from https://doi.org/10.1038/s41431-021-00945-3
2.
Harraway J. (2017). Non-invasive prenatal testing. Aust Fam Physician. Retrieved from https://www.racgp.org.au/afp/2017/october/non-invasive-prenatal-testing/
3.
Teresa Marino. (2021-a). Prenatal Diagnosis for Congenital Malformations and Genetic Disorders. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1200683-overview#showall

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري طب الأم والجنين أونلاين عبر طبكان
احجز