فحص السائل النخاعي الشوكي (CSF)

تحليل السائل النخاعي الشوكي هو مجموعة من الفحوصات المخبرية التي تُجرى على عينة سائل (CSF)، وهو سائل شفاف يحيط بالدماغ والحبل الشوكي، يُجرَى الفحص للكشف عن اضطرابات الجهاز العصبي المركزي.

السائل النخاعي الشوكي (Cerebral spinal fluid) هو سائل شفاف عديم اللون يوجد في الجمجمة والعمود الفقري، يتكوّن من الماء بنسبة 99%، بالإضافة إلى مكوناتٍ أُخرى مثل الجلوكوز، والبروتين، والقليل من خلايا الدم البيضاء، والأملاح، والإنزيمات، يُفرز سائل النخاع الشوكي من الضفيرات البُطينية في الدماغ، بعدها يمر تحت غشاء الأم العنكبوتية في الدماغ إلى الحبل الشوكي.[1][2]

يُنتج سائل (CSF) بمعدل يُقارب (0.2-0.7) ملليلتر/دقيقة، وتبقى مكونات السائل النخاعي الشوكي ضمن كمياتٍ مُحددة للحفاظ على الوظيفة العصبية الطبيعية، مثل توفير الحماية والتغذية للدماغ والحبل الشوكي، والتقليل من طفو (Buoyancy) الدماغ، وإزالة الفضلات والنواقل العصبية الزائدة من الدماغ، يُحافظ الجسم على تكوين (CSF) ضمن آلية محددة، إلا أنّ بعض المشاكل المرَضية قد تؤثر بذلك في مكونات وضغط السائل النخاعي، لذلك قد يُساعد تحليل سائل النخاعي الشوكي في تقييم وتشخيص بعض الأمراض.[2][3]

ما هو تحليل سائل النخاعي الشوكي؟

تحليل السائل النخاعي (CSF) هو مجموعة من الفحوصات المخبرية التي تُجرَى على عينة سائل النخاع الشوكي، الذي يُجمع ضمن طريقة تُعرَف بالبزل الشوكي (Lumbar Puncture (LP))، وتتضمّن هذه الفحوصات المظهر الخارجي للسائل، واللون، ونسبة الجلوكوز، والبروتين، وخلايا الدم البيضاء، وخلايا الدم الحمراء، وصبغة جرام (Gram stain)، أو صبغة تسيل-نلسن (Ziehl-neelson)، بالإضافة إلى فحص الزراعة المخبرية لسائل النخاع الشوكي في حال الاشتباه بالعدوى التي تُسبّب مشاكل في الجهاز العصبي المركزي، كما قد يُجري الطبيب فحوصاتٍ أدق لتحديد نتائج التشخيص في حال كانت نتيجة الزراعة إيجابية، مثل فحوصات تراص اللاتكس (Latex agglutination)، وتحليل تفاعل البوليمراز المتسلسل ( Polymerase chain reaction PCR)، وتحليل الأجسام المضادة المحددة.[1][3]

دواعي إجراء تحليل سائل النخاعي الشوكي

يلجأ الأطباء لإجراء تحليل (CSF) للكشف عن عدوى الجهاز العصبي المركزي،[3] كما أنّه يتنبأ بشدّة بعض الالتهابات والاضطرابات العصبية، وتقدُّم المرض، ومراقبة حالة المريض بعد العلاج،[2] من أبرز المشاكل المرَضية التي يمكن لتحليل CSF الكشف عنها:

  • التهاب السحايا (Meningitis).[2]
  • اضطرابات المناعة الذاتية، مثل التصلب المتعدد (Multiple sclerosis) ومتلازمة غيلان باريه (GBS).[2]
  • نزف تحت العنكبوتية (Subarachnoid hemorrhage).[2]
  • اضطرابات إزالة الميالين (Demyelinating conditions).[2]
  • أورام الدماغ والحبل الشوكي.[2]
  • تقييم مشاكل الصداع الحاد.[3]
  • الكشف عن أمراض العمود الفقري المُعدية وغير المُعدية.[2]
  • استسقاء الدماغ (Hydrocephalus)، ينتج عن تراكم السائل النخاعي نتيجة مشاكل وراثية، أو عدوى في الدماغ، أو نزيف في الدماغ، أو أورام الجهاز العصبي المركزي.[3]
  • التعرّض لصدمة مُباشرة في الدماغ أو النخاع الشوكي.[4]
  • ظهور بعض الأعراض التي تشير إلى وجود مشكلة في الجهاز العصبي المركزي، مثل،[4]
    • تغيرات في الحالة العقلية والوعي.
    • نوبات الصرع.
    • ارتباك وهلوسة.
    • الخمول والتعب وضعف العضلات.
    • صداع شديد مفاجئ ومستمر، وتصلّب أو تيبُّس الرقبة.
    • أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا، إلا أنّها تزداد سُوءًا لبضع أيام.
    • الحمى.
    • الحساسية للضوء.
    • الدوار.
    • خدر أو رعشة.
    • صعوبة في الكلام.
    • صعوبة في المشي وتنسيق الحركات.
    • تغيُّرات في المزاج.
  • ظهور بعض الأعراض عند الأطفال الرُضّع، مثل البكاء عند اللمس، والتصلب في الجسم، ورفض تناول الطعام، وانتفاخ اليافوخ.[4]

التحضيرات قبل تحليل السائل النخاعي الشوكي

حقيقةً لا يحتاج جمع عينة السائل النخاعي الشوكي أي تحضيراتٍ مُسبقة، كالصيام أو التخدير الكلي، إلا أنّ الطبيب قد يطلب من المريض تفريغ المثانة والأمعاء قبل البدء بالفحص، كما قد يخضع المريض لتقييم الحركة والإحساس في الساقين.[5]

طريقة إجراء تحليل CSF

تُؤخذ عينة (CSF) من خلال إجراء البزل القطني أو الشوكي، وتُجرى من قِبل الطبيب في المستشفى،[6] إذ تتضمّن مجموعة من الخطوات:[4][7]

  1. تحديد موقع أخذ العينة أسفل الظهر، وذلك بجلوس المريض بوضعية الجنين (ضم الساقين باتجاه البطن والصدر لتكون الركبتين قرب الرأس تقريبًا) لفصل فقرات عمود الفقري عن بعضها البعض، ثمّ تعقيم موضع أخذ العينة ووضع المُخدّر الموضعي، ويُطلب من المريض الاسترخاء.
  2. يُدخل الطبيب الإبرة الخاصة في الفراغ بين الفقرات القطنية الرابعة والخامسة في نهاية العمود الفقري.
  3. يبدأ السائل بالتدفق ويُجمّع في ثلاثة أنابيب خاصة مميزة ومرقمة لتحليل (CSF)، إذ قد يتعرّض السائل للتلوث أثناء السحب لذلك يحرص الطبيب على استخدام العينة الأُولى للفحوصات الكيميائيّة، والعينة الثانية لتعداد الخلايا، والعينة الأخيرة لفحص الزراعة، وخلال ذلك يأخذ الطبيب قراءة ضغط تدفق سائل (CSF).
  4. تُسحب الإبرة بعد الإنتهاء ثم يُوضَع ضمّاد مُعقم مكان وخز الإبرة، يُطلب من المريض البقاء مستلقيًا دون رفع رأسه لمدة لا تقل عن 30 دقيقة لتجنب آلام العمود الفقري.


أمّا ما بعد إجراء البزل الشوكي، فيجب إرسال العينات فورًا إلى المُختبر، ويُنصَح المريض بشرب كميات كبيرة من الماء وإعلامه في حال شعر بوخز أو تنميل في الأطراف، أو ألمٍ شديد أو نزيف موضع الفحص بضرورة إخبار الطبيب على الفور.[5]

مخاطر إجراء تحليل سائل النخاعي الشوكي

عادةً يستغرق إجراء البزل القطني ما يُقارب 30 دقيقة، يشعر فيها المريض بعدم الراحة والألم عند إدخال الإبرة،[4] إلا أنّ المريض قد يكون عُرضة أيضًا لبعض المضاعفات المُصاحبة:

  • الصداع لعدة ساعات، قد يمتد لأسبوع.[6]
  • العدوى.[7]
  • ألم حاد أسفل الساق، في حال خدش الجذر الشوكي أثناء سحب سائل (CSF).[7]
  • متلازمة ما بعد الوخز، وتتمثّل بظهور أعراض على المريض، كالغثيان والتقيؤ وحساسية الضوء والصداع.[8]
  • نزيف طفيف موضع الوخز.[8]

قراءة نتائج تحليل CSF

يتمثّل تحليل (CSF) بإجراء عدّة فحوصات مختلفة، ويمكن بيان المستويات الطبيعية وتفسير نتيجة كل فحص على حِدة:

  • ضغط سائل (CSF)، يُقاس ضغط تدفق سائل (CSF) بإرفاق مقياس ضغط مُعقّم مع الإبرة المُستخدمة في إجراء البزل الشوكي، ويدل زيادة الضغط على المشاكل المرَضية التي تزيد الضغط داخل الدماغ أو الجمجمة أو تعيق تدفق السائل الدماغي النخاعي مثل الأورام، واستسقاء الدماغ، والنزيف.[5]
  • اللون، يُشير اختلاف لون سائل (CSF) إلى وجود مشكلة مرَضية.[5]
  • المظهر (Appearance)، يدل المظهر المُعكّر لسائل (CSF) على ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء أو البروتين.[5]
  • خلايا الدم الحمراء (RBCs)، غالبًا ما تحتوي عينة سائل (CSF) على كمية صغيرة من خلايا الدم الحمراء نتيجة ملامسة الإبرة لأحد الأوردة أثناء سحب السائل،[4] إلا أنّه لا يجب أن تظهر في جميع الأنابيب بنفس الكمية، ويدل سائل (CSF) الدموي على وجود نزيف في الجهاز العصبي المركزي.[7]
  • عدد خلايا الدم البيضاء (Cell counts)، يشير ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء عامةً إلى الإصابة بالأورام السرطانية المنتشرة في الجسم، مثل اللوكيميا، أو إصابة رضية على الدماغ، ويدل ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء الليمفاوية (Lymphocyte) إلى وجود عدوى بكتيرية، أمّا العدلات (Neutrocyte) فتُشير إلى الإصابة بالتهاب السحايا الجرثومي، أو الخراج الدماغي، وحيدات النوى (Monocyte) تُشير إلى الإصابة بالتهاب السحايا الفيروسي، أو السل، أو التهاب الدماغ، ويُقابل كل 500 خلية حمراء خلية بيضاء واحدة، أما ما يزيد عن ذلك فهو مؤشر مرَضي.[5][7]
  • الجلوكوز (Glucose)، تُشير المستويات المنخفضة من الجلوكوز في عينة سائل (CSF) إلى العدوى البكتيرية، ويلزم عندها أخذ عينة دم للتأكُّد من مستويات السكر ومقارنتها أيضًا، ويُستحسن الحصول عليها قبل إجراء البزل الشوكي بنصف ساعة.[7]
  • البروتين (Protein)، تُشير المستويات المرتفعة من البروتين إلى الإصابة بالأمراض التنكسية والأورام الدماغية، وقد تدل على وجود مشكلة عصبية خطيرة، مثل أمراض إزالة الميالين، وقد يطلب الطبيب بعدها إجراء فحص الرحلان الكهربائي (CSF protein electrophoresis) المناعي لعينة سائل (CSF) لتحديد نوع البروتين المرتفع.[7]
  • فحوصات تراص اللاتكس (Latex agglutination)، يُستخدم للحصول على تشخيص سريع بالتهاب السحايا الجرثومي الحاد، من خلال تحديد المُستضدات البكتيرية في عينة سائل (CSF)، كما يُسهم في تحديد نوع البكتيريا المُسبّبة.[9]
  • صبغة جرام (Gram stain)، يُستدَل من خلالها على نوع الكائن الحي المُسبّب للمرض الموجود في سائل (CSF).[7]
  • زراعة سائل (CSF)، تُستخدم للكشف عن نوع الكائن الحي المُسبّب للمرض من البكتيريا اللانمطيّة، مثل الفطريات، أو المتفطرة السُليّة (Mycobacterium tuberculosis)، وتحتاج من 24 إلى 72 ساعة لصدور النتيجة.[5]

المستويات الطبيعية لفحص CSF

تتراوح النطاقات الطبيعية لتحليل (CSF)كما هو مُوضّح أدناه:[5][9]

الفحص

المستويات الطبيعية

اللون

شفاف لا لون له

الضغط

أقل من 20 سنتيمتر ماء

خلايا الدم الحمراء

لا يوجد


خلايا الدم البيضاء

البالغين

(0 - 5) خلية/ ميكرولتر

الأطفال من عمر (6 - 18) سنوات

(0 - 10) خلية/ ميكرولتر

الأطفال من عمر (1 - 5) سنوات

(0 - 20) خلية/ ميكرولتر

حديثي الولادة

(0 - 30) خلية/ ميكرولتر

نسب أنواع خلايا الدم البيضاء

الليمفاوية (Lymphocytes)

(40 - 80)%

العَدلات (Neutrophils)

(0 - 6)%

الوحيدات (Monocytes)

(15 - 45)%

الجلوكوز

(50 - 75) ملليغرام/ديسيلتر

البروتين

(15 - 45) ملليغرام/ديسيلتر



الزراعة


لا وجود لكائنات دقيقة

فحوصات تراص اللاتكس

سلبية

النتائج غير الطبيعية لفحص CSF

تظهر النتائج غير الطبيعية في تحليل سائل (CSF) بسبب الإصابة ببعض الأمراض أو الاضطرابات:[5][10]

  • التهاب الدماغ أو السحايا.
  • نزيف داخل الجمجمة.
  • اضطرابات المناعة الذاتية.
  • الأورام الخبيثة في الجهاز العصبي المركزي.
  • الساركوما الميلانوسية السحائية (Meningeal melanosarcoma).
  • تصلّب الشرايين الدماغي.
  • التعرض لإصابة مباشرة على الدماغ.
  • الزهري العصبي (Neurosyphilis).
  • اعتلال الدماغ الكبدي.
  • الغيبوبة.
  • خراج الدماغ.
  • اعتلال الأعصاب.
  • النزيف تحت العنكبوتية.
  • متلازمة راي (Reye syndrome).

موانع إجراء تحليل CSF

يُستثنى بعض الأشخاص ممن يُعانون مشاكل مرَضية مُعينة من الخضوع لإجراء البزل الشوكي، وأبرزها:[3][5]

  • ارتفاع الضغط داخل الجمجمة.
  • الاضطرابات النزفيّة.
  • العدوى القريبة من الفقرات القطنية.
  • الأمراض التنكسية في العمود الفقري.

مرجع الصورة المُرفقة [11]

كتابة: . خولة يونس - الأربعاء ، 26 نيسان 2023
آخر تعديل - الأربعاء ، 26 نيسان 2023

المراجع

1.
Baldev S. Prajapati, Rajal B. Prajapati, Hetal D. Vora. (2015). Analysis of cerebrospinal fluid (CSF) in children, Pediatric Infectious Disease, 7(1): 22-26. Retrieved from https://doi.org/10.1016/j.pid.2015.04.001
2.
Hrishi AP, Sethuraman M. Cerebrospinal Fluid (CSF) Analysis and Interpretation in Neurocritical Care for Acute Neurological Conditions. Indian J Crit Care Med. 2019 Jun;23(Suppl 2):S115-S119. Retrieved from https://doi.org/10.5005%2Fjp-journals-10071-23187
3.
Telano LN, Baker S. (2023 Jan). Physiology, Cerebral Spinal Fluid. [Updated 2022 Jul 4]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK519007/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية