عملية البواسير: ما أنواعها ومضاعفاتها؟ وهل هي مؤلمة؟

يحدّد الطبيب نوع عملية البواسير الملائمة للمريض بالاعتماد على طبيعة أعراض البواسير التي يعانيها وموقع البواسير وحجمها، إذ تتوفر أنواع مختلفة من العمليات المستخدمة لعلاج البواسير، منها المعالجة بالتصليب، واستئصال البواسير، وتدبيس البواسير، وربط الشريط المطاطي، وعملية البواسير بالليزر، ولكلّ نوع من هذه العمليات خصائص تميّزها عن غيرها من العمليات الأُخرى.

تُعرف البواسير على أنّها تجمّعات أو وسائد شرجية مكوّنة من الأنسجة الوعائيّة، والعضلات الملساء، والأنسجة الضامّة المُمتدّة على طول قناة الشرج في الجزء الخلفي الأيمن والأمامي الأيمن والجانبي الأيسر منها، وتكون تجمّعات الوسائد الشرجية منفصلة عن بعضها البعض ممّا يسمح لقناة الشرج بالتوسّع أثناء التبرّز دون تعرّضها للتمزّق أو الأذى.[1][2]

ولا يصاحب وجود البواسير عادةً ظهور أيّة أعراض، ومع ذلك قد تظهر أعراض مزعجة في حالة تورّم الوسائد الشرجيّة كنزول الدم، وظهور انتفاخ في منطقة الشرج، والشعور بالتهيّج والحكّة فيها.[1][3]

أنواع البواسير

تُصنّف البواسير اعتمادًا على موقعها بالنسبة للخطّ المشطي (Dentate line) إلى نوعين، نوع يُعرف بالبواسير الخارجية، وهي البواسير الواقعة أسفل الخط المشطي - الخطّ المتعرّج الذي يقسم قناة الشرج إلى ثلثين علويين وثلث سفلي- ومُغطّاه بخلايا الظهارة الحرشفية (Squamous epithelium)، ونوعٌ آخر يُطلق عليه البواسير الداخليّة، وهي البواسير التي تظهر في المنطقة الواقعة أعلى الخط المشطي، وتكون مُغطّاه بالخلايا الطلائيّة العموديّة (Columnar epithelium).[1][4]

كما تُصنَّف البواسير الداخليّة لدرجاتٍ عِدّة بناءً على مظهرها ودرجة تدليها:[5]

  • بواسير الدرجة الأولى، وفيها يحدث نزيف من الوسائد الشرجيّة دون تدلّي هذه الوسائد الشرجيّة عبر فتحة الشرج.
  • بواسير الدرجة الثانية، وهي البواسير التي تمتاز بتدلّي الوسائد الشرجيّة عبر فتحة الشرج عند الشدّ والإجهاد، ولكنّها سرعان ما تتراجع تلقائيًّا.
  • بواسير الدرجة الثالثة، وفيها تتدلّى الوسائد الشرجيّة عبر فتحة الشرج عند الشدّ والإجهاد، ويمكن إرجاعها إلى قناة الشرج يدويًّا.
  • بواسير الدرجة الرابعة، وفي هذه الحالة تتدلّى الوسائد الشرجيّة عبر فتحة الشرج طوال الوقت، ولا يمكن إرجاعها.

علاج البواسير

يُصبح العلاج ضروريًّا بالنسبة لمعظم المصابين عندما تبدأ البواسير في إثارة عدد من الأعراض المزعجة لديهم، وفي هذه الحالة يوصي الأطباء عادةً باتّباع طُرق علاجيّة غير جراحية (المعالجة التحفظيّة) كخطوة أُولى للسيطرة على أعراض البواسير، وقد تتضمّن هذه الطرق التركيز على تناول كميات كافية من السوائل خلال اليوم، والإكثار من تناول الألياف الغذائيّة، والتوصيّة بضرورة تجنّب الشدّ أثناء التبرّز، كما تضم طرق المعالجة التحفظيّة أيضًا استخدام الأدوية الموضعيّة والمُليّنات (Bulk-forming agents)، وفي حال لم يُظهر المريض استجابة لأيٍّ من الطرق التحفظيّة المُستخدمة لحالات البواسير، قد تُصبح عملية البواسير خيارًا مطروحًا للعلاج والسيطرة على المشكلة،[2][6] وفي هذه الحالة تُحدّد نوع العمليّة الملائمة بالاعتماد على طبيعة الأعراض المصاحبة للبواسير، وموقع البواسير، وحجمها.[7]

أنواع عملية البواسير

قد يتّخذ الطبيب قراره بشأن إجراء بعض عمليات البواسير في عيادته الخاصّة، غير أنّ أنواعًا أُخرى من عمليات البواسير تُجرى عادةً في غرفة العمليات المُجهّزة داخل المستشفيات.[7]

إجراءات جراحية لعلاج البواسير

يمكن علاج البواسير بالعمليات الجراحية،[1] وتتضمّن الطريقة الجراحية للتخلص من البواسير:

تدبيس البواسير

عملية تدبيس البواسير (Stapled hemorrhoid surgery)، هي من العمليات المُستخدمة لعلاج البواسير الداخليّة التي لا تستجيب للعلاج غير الجراحي أو التحفظي، خاصّةً البواسير الداخلية الكبيرة، ويمكن إجراء هذه الجراحة في عيادة الطبيب وتحت تأثير المخدّر الموضعيّ للتمكّن من إزالة بعض من أنسجة البواسير المتمدّدة، وتدبيس الأنسجة المُتبقية إلى بطانة الشرج.[3][8]

استئصال البواسير

يلجأ الطبيب لجراحة استئصال البواسير (Hemorrhoidectomy) لعلاج البواسير من الدرجة الثالثة والرابعة التي يتكرّر ظهورها باستمرار، وتتسبّب في ظهور أعراض البواسير المزعجة، وفشل الطرق غير الجراحيّة في السيطرة عليها، وفي الحقيقة، لا تُعدّ هذه الجراحة خيارًا مناسبًا للمصابين بالبواسير ويعانون من مشكلاتٍ أُخرى، كفتق المستقيم (Rectocele)، واضطرابات النزيف غير المسيطر عليها، وسلس البراز (Fecal incontinence)‏، وأمراض الأمعاء الالتهابيّة (IBD)، وفرط ضغط الدم البابي (Portal hypertension)‏ مع ظهور الدوالي في منطقة المستقيم، كذلك يجب تجنب الخضوع لجراحة استئصال البواسير في الحالات التي يصعُب معها استخدام التخدير العام.[9]

تجدر الإشارة إلى وجود نوعين من التقنيات المُستخدمة لاستئصال البواسير بالمقصات ومشرط الجراحة، نوع يُعرف باستئصال البواسير المغلق، وفيه يُترك الجرح مغلقًا كليًّا أو جزئيًّا بعد الجراحة، ونوع آخر يُعرف باستئصال البواسير المفتوح، وفيه يُترك الجرح مفتوحًا بعد الجراحة.[3][9]

عملية البواسير بالليزر

تبقى عملية البواسير بالليزر خيارًا مطروحًا في حالات ظهور البواسير من الدرجة الثانية والثالثة المصحوبة بظهور أعراض على المصاب، وتنطوي هذه العمليّة على استخدام منظار المستقيم لتحديد أطراف فروع شريان المستقيم وتحفيز التخثير الضوئي (Photocoagulation) لهذه الفروع باستخدام الليزر، وعادةً لا يُستخدم التخدير خلال هذا الإجراء، إذ تساعد عملية البواسير بالليزر على تقليص حجم بواسير الشريان العلوي (Superior hemorrhoidal artery).[10][11]

إجراءات غير جراحية لعلاج البواسير

يتضمّن التخلص من البواسير إجراءات غير جراحيّة،[1] لعلّ أبرزها:

المعالجة بالتصليب

تُعدّ المعالجة بالتصليب (Sclerotherapy)‏ من الخيارات العلاجيّة المناسبة لحالات البواسير من الدرجة الأولى أو الثانية التي يصاحبها ظهور أعراض كالنزيف مثلًا، كذلك فهي ملائمة لعلاج المصابين بالبواسير ممّن لديهم مشكلات صحيّة أُخرى، كالإيدز، وارتفاع خطورة التعرّض لنزيف ثانوي، ومن جانبٍ آخر تتعارض طريقة المعالجة بالتصليب مع حالات الإصابة بـ "الباسور المخثور" (Thrombosed hemorrhoid)، وأمراض الكبد، أو القلب، أو القناة البوليّة، كذلك يجب تجنّبها في حالات الإصابة بالربو، واضطراب أهبة التخثّر (Thrombophilia)‏، ومرض الأمعاء الالتهابية (IBD)‏، وأمراض الدم، وعند وجود مشكلة "قابليّة الإصابة بالتحسّس" (Allergic predisposition).[3][12]

تنطوي عملية المعالجة بالتصليب على تمرير منظار المستقيم (Proctoscope) خلال فتحة الشرج بلُطفٍ شديد، ويكون هذا المنظار مزوّدًا في نهايته بإضاءة حتى يتمكّن الطبيب من استخدام المنظار لتفحُّص الأغشية المبطّنة للشرج وحقن محلول سائل في المنطقة المحيطة بالباسور المتمدّد، وعادةً ما يحتوي هذا السائل على مادّة الكينين (Quinine)، أو كلوريد الزنك (Zinc chloride)، أو بوليدوكانول (Polidocanol)‏، إذ تساعد هذه المواد على إتلاف الأوعية الدمويّة في الباسور وتقليل التغذية الدموية فيه ممّا يتسبّب بانكماشه،[3] ويُشار إلى أنّ حقن المعالجة بالتصليب بواسطة المنظار (Endoscopic injection sclerotherapy) تُعدّ واحدةً من أكثر الطرق المُستخدمة لعلاج البواسير الداخليّة.[12]

ربط البواسير

قد يُقرّر الطبيب إجراء عملية ربط البواسير بالشريط المطاطي (Rubber band ligation) في عيادته الخاصّة دون الحاجة لدخول المستشفى مُستخدمًا شريطًا مطاطيًّا ومنظارًا داخليًّا، إذ يُمرَّر الشريط المطاطي باستخدام المنظار ويوضَع على الغشاء المخاطي للمستقيم بالقرب من الخط المشطي، فمن الضروريّ إجراء ربط الشريط المطاطي في المنطقة الواقعة أعلى الخطّ المشطيّ التي تخلو من الأعصاب الحسيّة، وبعد ذلك تتنخّر الأنسجة وتسقط خلال 1-2 أسبوع مُخلّفةً وراءها قرحة قد تظهر فيها أنسجة ليفيّة لاحقًا.[13][8]

تُعدّ عملية ربط الشريط المطاطي واحدةً من أكثر طرق علاج البواسير الداخليّة أهميّة، وعادةً ما تُستخدم لعلاج البواسير من الدرجة الثانية والثالثة، وفي معظم الأحيان لا يصاحبها ظهور المضاعفات.[13][8]

متى يلتئم الجرح بعد عملية البواسير؟

يعتمد وقت التئام الجرح على العديد من العوامل المختلفة، كالعمر، ومستوى الهرمونات في الجسم، وأنواع الأدوية التي يتناولها المريض، وحالته الصحية، وتغذيته، والإصابه بأمراض مزمنة، وتعرّض الجرح للعدوى.[14]

كما يعتمد وقت التئام الجرح والتعافي بعد عملية البواسير أيضًا على نوع العملية المُستخدمة لعلاج مشكلة البواسير، فمثلًا تختلف فترة التئام الجرح بعد استئصال البواسير بالجراحة المفتوحة عن فترة التئام الجرح بعد الخضوع للجراحة المغلقة، ومع ذلك غالبًا ما يُتوقّع التعافي الكامل بعد عملية البواسير خلال بضعة أسابيع بعد الجراحة.[3][15]

يجب اتباع توصيات الطبيب بشأن العناية بالجرح بعد العملية، وسؤاله حول الوقت المناسب الذي يُسمح فيه بالاستحمام دون تأثّر الجرح، وقد يُنصح باستخدام ضمّاد أو شاش معقّم لامتصاص أيّة سوائل تخرج منه خلال الفترة الأُولى بعد الجراحة مع الحرص على تغييره باستمرار، كما يجب مراجعة الطبيب عند ملاحظة ظهور احمرار أو انتفاخ في مكان الجرح، أو الشعور بحرارة عند لمس موضع إجراء العمليّة، أو الإصابة بالحمّى.[15]

هل عملية البواسير مؤلمة؟

لا تُعدّ عملية البواسير بحد ذاتها مؤلمة، إذ يتّخذ الطبيب وطاقم العمليات الإجراء المناسب للسيطرة على الألم أثناء العملية إن استدعي الأمر ذلك، ففي حين أنّ المعالجة بالتصليب، وطريقة ربط الشريط المطاطي، وإزالة البواسير بالليزر لا تحتاج عادةً استخدام التخدير،[3][10] فإنّ عملية استئصال البواسير وعمليّة تدبيس البواسير تستدعي استخدام التخدير العام أو الموضعي أو التخدير النصفي،[3][8] إذ يُعطَى المريض خلال التخدير (Anesthesia) نوع مخدر مناسب بهدف منع إثارة الألم خلال الجراحة أو الإجراءات الأُخرى.[16]

ومع ذلك، قد يعاني المريض من ألمٍ مختلف الشِّدة خلال الفترة الأُولى بعد العملية بالاعتماد على طبيعة الإجراء الذي خضع له، فقد يترتّب أحيانًا على عملية التدبيس، والمعالجة بالتصليب، وربط الشريط المطاطي ألمًا خفيفًا يستمر لفترةٍ قصيرة بعد العملية،[3] ومن جانبٍ آخر، يُعدّ الألم واحدًا من أبرز مضاعفات جراحة استئصال البواسير، والذي قد يعيق المصاب من العودة لممارسة أنشطته الاعتياديّة مدّة تتراوح بين 2-4 أسابيع بعد الجراحة،[8] وفي هذه الحالة يُوصَى باستخدام مسكنات الألم التي وصفها الطبيب مع الحرص على تناول الدواء قبل تفاقم الألم،[15] ومن الطرق الأُخرى التي قد يُوصي بها الطبيب أحيانًا للسيطرة على الألم في المنزل:[15]

  • لف قطعة من الثلج في قطعة من القماش، ووضعها على منطقة الألم مدّة لا تتجاوز 15 دقيقة في المرة الواحدة.
  • عمل مغطس من الماء الدافئ يتراوح ارتفاع الماء فيه بين 7.5-10 سم، والجلوس فيه عِدة مرات خلال اليوم.

يجب التنبيه على ضرورة مراجعة الطبيب في أقرب فرصة ممكنة في حال كان الألم شديدًا لدرجة يصعب السيطرة عليه.[15]

مضاعفات عملية البواسير

قد يترتّب على عملية البواسير ظهور بعض المضاعفات المختلفة:

  • مضاعفات المعالجة بالتصليب: قد تظهر مضاعفات المعالجة بالتصليب على صورة نزيف، أو ألم طفيف، أو ضغط، وفي حالاتٍ نادرة يعاني المصاب بعد العملية من ظهور تورّم، وعدوى، وتكوُّن تجلّط دموي مؤلم في منطقة الشرج، كذلك قد تظهر البواسير مرّةً أُخرى بعد مضي 2-3 سنوات على العمليّة.[3]
  • مضاعفات ربط الشريط المطاطي: من المحتمل أن يعاني المصاب من بعض المشكلات بعد عملية ربط الشريط المطاطي، كالألم، والنزيف، وتكوّن الخثرة (Thrombosis)، وظهور الخرّاج، وصعوبة التبوّل، والمعاناة من الشق الشرجي، وانزلاق الأربطة المثبّتة من مكانها، وحدوث التقرحات المزمنة (Longitudinal ulcers)، وفي العديد من الحالات تنمو البواسير مرّة أُخرى لتظهر أكبر حجمًا بعد هذه العمليّة.[3][13]
  • مضاعفات استئصال البواسير: غالبًا ما يشكو المريض بعد استئصال البواسير من ألم في منطقة الشرج بعد الجراحة، وألم يظهر أثناء التبرّز أو الجلوس، كذلك قد يعاني من مشكلاتٍ أُخرى، كالنزيف، وتعرّض الجرح للعدوى، وتكوُّن الخرّاج، وتضيّق الشرج، وسلس البراز – فقدان السيطرة على عملية التغوّط-.[3]
  • مضاعفات عملية تدبيس البواسير: من أبرز مضاعفات تدبيس البواسير الشعور بالألم أو الحكة، أو المعاناة من النزيف، وفي كثيرٍ من الحالات تظهر البواسير مرّةً أُخرى خلال فترةٍ قصيرة بعد الجراحة.[3]
  • مضاعفات عملية البواسير بالليزر: لُوحظ عدم تأثير عملية البواسير بالليزر على التغوّط لدى المصاب، أو الإصابة بالزحير المستقيمي (Rectal tenesmus)، ولم تتسبّب في ظهور ألم واضح بعد العمليّة، وذلك بحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة (Cureus) للعلوم الطبية في عام 2021 ميلادي، والتي أُجريت على 100 مريض يعاني من بواسير تنتمي للدرجة الثانية والثالثة.[10]
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الإثنين ، 20 تشرين الثاني 2023
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الإثنين ، 20 تشرين الثاني 2023

المراجع

1.
Zhifei Sun, and John Migaly. (2023). Review of Hemorrhoid Disease: Presentation and Management,Clin Colon Rectal Surg. 2016 Mar; 29(1): 22–29.. reference.JournalTitle . . Retrieved from https://doi.org/10.1055%2Fs-0035-1568144
2.
Vassiliki Liana Tsikitis. (2023). Anal Surgery for Hemorrhoids. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1582358-overview#showall
3.
. Enlarged hemorrhoids: What surgical procedures are used to treat hemorrhoids?. (2023) [eBook edition]. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK279465/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري علاج البواسير أونلاين عبر طبكان
احجز