علاج فقر الدم الشديد بالأكسجين المضغوط

يفيد استخدام الأكسجين المضغوط في علاج فقر الدم الشديد الذي يرفض فيه المصاب تلقّي الدم المنقول من متبرّع لأسبابٍ طبيّة أو دينية أو غير ذلك، إذ يساعد على رفع مستويات الأكسجين في البلازما وضمان وصوله إلى الخلايا والأنسجة المختلفة وتخفيف الأعراض المصاحبة لمشكلة فقر الدم الشديد.

تحتوي خلايا الدم الحمراء على بروتين الهيموغلوبين (Hemoglobin (Hb)) الذي يُعدّ الجزيء الأساسيّ المسؤول عن نقل الأكسجين إلى كافّة أنحاء الجسم، إذ تَستخدم الأنسجة والخلايا النّشطة في الجسم الأكسجين لإنتاج جزيء الأدينوسين ثلاثيّ الفوسفات (ATP) -مصدر طاقة يُستخدم ويُخزّن على المستوى الخلوي-، لذلك قد تتضرّر هذه الأنسجة والخلايا عند انخفاض مستويات الأكسجين وحدوث نقص التأكسج، ويُذكر بأنّ فقر الدم (Anemia) قد يكون واحدًا من الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الجسم.[1][2]

فقر الدم الشديد

يحدث فقر الدم أحيانًا بسبب انخفاض مستويات الهيموغلوبين في الدم، وغالبًا ما تظهر الأعراض المُصاحبة لفقر الدم عند انخفاض مستوى الهيموغلوبين في الدم عن 7 غرام/دسل، وحينها قد يعاني المصاب بفقر الدم من مشكلاتٍ عِدة مرتبطة بنقص وصول الأكسجين إلى أنسجة الجسم، كالصداع، وصعوبة التركيز أو التفكير، وفقدان الشهيّة، والشعور بالضعف أو التعب، وحدّة الطبع، وتسارع نبضات القلب.[3][4]

قد يحدث فقر الدم الشديد بسبب خسارة كميات كبيرة وغير مُتوقَّعة من الدم، سواءً كان سببه نزيف بعد الولادة، أو النزيف الناجم عن التعرّض لإصابة معيّنة أو الخضوع للجراحات الطبيّة، ومن المُحتمل أن تُصاحب هذه الحالات ظهور أعراضٍ مختلفة على المصاب، كألم الصدر، وتسارع نبضات القلب، والإعياء، وتغير الحالة المزاجية، وضيق التنفس، وقد تزداد خطورة حدوث الوفاة في حالة رفض تلقّي الدم المنقول للسيطرة على الأعراض.[3][5]

متى يُستخدم الأكسجين المضغوط لعلاج فقر الدم الشديد؟

قد يحتاج المصاب بفقر الدم الشديد الخضوع لعملية نقل خلايا الدم الحمراء المكدّسة (Packed red blood cells) بهدف السيطرة على أعراض وعلامات نقص الأكسجين التي يعانيها،[3] غير أنّ أسبابًا مختلفة قد تمنع البعض من استقبال الدم المنقول أو إحدى مكوناته للسيطرة على أعراض فقر الدم:[3][6]

  • أسباب دينية، إذ تحثّ بعض الأديان أتباعها على ضرورة تجنّب تلقّي الدم المنقول ومكوّناته.
  • أسباب طبيّة، كأن تسبّب تفاعلات نقل الدم تحلل الدم وتكوين الأجسام المضادة.
  • أسباب أُخرى، مثل عدم توفّر دم يمكن نقله للمصاب.

يُفيد الأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم الشديدة التي ترفض تلقّي العلاج بنقل الدم لأيّ سببٍ كان،[3] وتجدر الإشارة إلى أنّ معرفة قيمة الدَّين الأكسجيني (Oxygen debt) تساعد الطبيب على اتخاذ القرار بشأن حاجة المصاب بفقر الدم لبدء العلاج بالأكسجين المضغوط أو مواصلة استخدامه، فمثلًا، تكون فرصة نجاة المصاب ضئيلة أو معدومة في حال تجاوز الدَّين الأكسجيني لديه 33 لتر/متر مربع، بينما يتعافى المصاب بفقر الدم غالبًا في حال كان الدَّين الأكسجيني لديه يعادل 9 لتر/متر مربع أو أقل، ويُذكر في هذا السياق بأنّ الدَّين الأكسجيني التراكميّ يُعبّر عن التكامل الزمني لحجم استهلاك الأكسجين (VO2) الذي يُقاس أثناء وبعد التعرّض للصدمة، مطروحًا منه حجم الأكسجين المُستهلك الأساسي (Baseline VO2) المطلوب خلال الفترة الزمنية ذاتها.[7]

العلاج بالأكسجين المضغوط

يُعرَّف العلاج بالأكسجين المضغوط (Hyperbaric Oxygen Therapy) بأنّه نوعٌ من الطرق العلاجيّة غير الجراحية التي يمكن تطبيقها كعلاجٍ أساسيّ أو إضافي في العديد من المشكلات الصحيّة، كالتسمّم بأول أكسيد الكربون، وداء الغوّاص، وتقرحات القدم السكري، وفيه يُستخدم الأكسجين النقيّ بتركيز 100% تحت تأثير ضغط مرتفع يتراوح تقريبًا بين 2-3 ضغط جوّي مطلق (ATA)، ويُستخدم هذا العلاج بهدف رفع مستوى الأكسجين في الدم وتعزيز كميّة الأكسجين الذائبة في أنسجة الجسم، وعليه فإنّ فوائد الأكسجين المضغوط وتطبيقاته في المجال الطبي تحظى باهتمامٍ بالغ من الباحثين والأطباء.[6][8]

فوائد الأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم الشديد

يساعد الأكسجين المضغوط في تعزيز مستويات الأكسجين في البلازما، ممّا قد يُسهم في تخفيف أعراض وعلامات فقر الدم لدى المرضى الذين لا يمكنهم استقبال الدم المنقول للجسم، وذلك بصرف النظر عن الأسباب التي أدّت إلى إصابتهم بهذه المشكلة.[9]

كيف يُستخدم الأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم الشديد؟

ينطوي العلاج بالأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم الشديدة على استخدام الأكسجين النقيّ تحت تأثير ضغط يتراوح بين 2-3 ضغط جوي مطلق، وقد تصل مدّة الجلسة العلاجيّة الواحدة لـ 3 أو 4 ساعات، ويعتمد الطبيب في تحديده عدد مرات تكرار العلاج على حالة المريض الصحيّة، ولكنه غالبًا ما يُوصي بتكرار العلاج لـ 3-4 جلسات علاجيّة في اليوم الواحد، آخذًا بالاعتبار أنّ التأثير العلاجي للأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم يستمر لفترة قصيرة بعد كل جلسة، قد تتراوح بين بضع دقائق إلى بضع ساعات،[3][7] ويجب مراعاة جوانب عِدة أثناء فترة علاج فقر الدم الشديد باستخدام الأكسجين المضغوط:[3]

  • مراقبة حجم الدم لدى المصاب والمحافظة عليه.
  • الاهتمام بتوفير الدعم الغذائي للمصاب (Nutritional support).
  • تزويد المصاب بفيتامينات ب، وحمض الفوليك، والحديد، والعناصر الغذائيّة الأُخرى اللّازمة لتشكيل خلايا الدم –الهيماتين (Hematinic)-.

يستمرّ العلاج بالأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم الشديدة إلى حين:[7]

  • توفّر إمكانية تزويد المصاب بمكونات الدم المنقولة.
  • عدم ظهور قصور الأعضاء في المراحل المتأخرة.
  • عدم وجود دَّين أكسجيني يُحتَسب.

ما أنواع الحجرات المستخدمة لعلاج فقر الدم الشديد بالأكسجين المضغوط؟

يتوفر نوعين من الحجرات التي يمكن من خلالها توفير العلاج بالأكسجين المضغوط للمصاب بفقر الدم الشديد،[3]

  • الحجرة المتعدّدة (Multiplace chamber):

تُستخدم الحجرة المتعدّدة لعلاج عِدّة مرضى في آنٍ واحد بواسطة الأكسجين المضغوط، لذلك يمكن تزويد المصاب بالأكسجين في هذه الحجرة بواسطة قناع خاصّ، أو أنبوب داخل الرُّغامَى (Endotracheal tube)، أو غطاء بلاستيكي مغلق يُوضَع على الرأس، وتُتيح الحجرة المتعدّدة القدرة على مراقبة الوظائف الحيويّة للمصاب بسهولة أكثر مقارنة بالحجرة المنفردة، لذلك عادةً ما يتواجد مع المرضى في داخل الحجرة ممرّض أو مراقب يمكنه التحكّم بالمعدّات ويقدّم المساعدة في الحالات الطارئة، ولهذا السبب أيضًا قد يفضَّل استخدام الحجرة المتعدّدة لعلاج المشكلات الصحيّة الشديدة.[6][7]

  • الحجرة المفردة (Monoplace chamber):

تُستخدم الحجرة وحيدة المقعد لتوفير العلاج بالأكسجين المضغوط لشخص واحد فقط في كلّ مرة، لذلك تحتوي هذه الحجرة في معظم الحالات على الأكسجين النقيّ، وقد يتوفر في داخلها قناع لتوفير غاز بديل يتنفّسه المصاب بحسب ما تقتضيه الحالة، كالهواء مثلًا، كما يتمكّن الممرض أو الموظّف المسؤول من مراقبة المريض وتقديم العناية اللازمة أثناء التواجد خارج الحجرة.[6][7]

إيجابيات استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط في حالات فقر الدم الشديد

يُعدّ العلاج بالأكسجين المضغوط من الوسائل العلاجيّة المنافسة، لامتلاكه إيجابيات عِدة وفق الدراسة التي نُشرت في مجلة (Undersea hyperbaric medicine) عام 2012 ميلادي:[10]

  • يكافئ العلاج بالأكسجين المضغوط التكلفة الإجمالية لوحدة دم من خلايا الدم الحمراء المكدسة (Packed red blood cells) في العالم الغربي.
  • يقدّم العلاج بالأكسجين المضغوط وسيلة علاجية بسيطة تكنولوجيًّا ومنافسة بتكلفتها لتقليل الدَّين الأكسجيني التراكمي لدى المصاب بفقر الدم الشديد، وتكون الآثار الجانبيّة المصاحبة له قليلة.
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الخميس ، 22 حزيران 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Rhodes CE, Denault D, Varacallo M. Physiology, Oxygen Transport. [Updated 2022 Nov 14]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK538336/
2.
Dunn J, Grider MH. Physiology, Adenosine Triphosphate. [Updated 2023 Feb 13]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK553175/
3.
Johnson-Arbor K, Cooper JS.. Hyperbaric Therapy In Blood Loss Anemia. [Updated 2023 Feb 13]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK459379/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز