علاج فقدان السمع المفاجىء بالأكسجين المضغوط

غالبًا ما ترجع مُعظم حالات فقدان السمع المفاجئ لأسبابٍ غير معروفة، وقد تمتد من عدة ساعات إلى ثلاثة أيام، إذ يلجأ الأطباء إلى استخدام أدوية الستيرويدات القشرية والأكسجين المضغوط لعلاجها، ويُوصَف الأكسجين المضغوط على أنّه تقنية علاجيّة أثبتت فاعليّتها من خلال عدة دراسات بشرية أجراها عديد الباحثون إلى جانب الستيرويدات القشرية في تحسين نتائج علاج فقدان السمع.

يُشار إلى فقدان السمع بأنه مفاجئ عندما يفقد المريض حاسة السمع في غضون ساعاتٍ قليلة قد تصل إلى 72 ساعة، وغالبًا ما يحدث في إحدى الأُذنين ويُرافقه بعض الأعراض، مثل طنين الأذن أو الشعور بالدوار، وتُعدّ معظم حالات فقدان السمع المفاجئة مجهولة السبب، والبعض منها ينتج عن تلقي ضربة شديدة على الرأس، أو العدوى، أو استخدام بعض الأدوية، ومن الممكن أن تعود حاسة السمع من تلقاء نفسها بعد مرور عدّة أسابيع.[1][2]

حتى هذه اللحظة لا يوجد علاج منهجي مُحدد لعلاج فقدان السمع المفاجئ، إلا أنّ خيارات العلاج الأكثر شيوعًا التي يلجأ إليها الأطباء، هي أدوية الستيرويدات القشرية (Corticosteroid)، وأدوية توسيع الشرايين (Vasodilators)، والأكسجين المضغوط (Hyperbaric oxygen)، وهذا الأخير هو الخيار الوحيد الذي خضع لِما يكفي من دراساتٍ سريرية مُمنهجة.[3]

متى استُخدم الأكسجين المضغوط لأول مرة في علاج فقدان السمع المفاجئ؟

اُستخدمت تقنية الأكسجين المضغوط لأول مرة في علاج فقدان السمع المفاجئ في الستينيات من القرن العشرين، وكان الهدف من استخدامه زيادة إشباع السائل الليمفي المحيطي (Perilymph) بالأكسجين، وهو سائل يقع في الأذن الداخلية، بالتالي زيادة ترويتها،[4] كما أن نقص الأكسجة في قوقعة الأذن الداخلية يؤثر في عملية السمع، لذلك يُسهم الأكسجين المضغوط في زيادة نسبة وصول الأكسجين إلى القوقعة،[5] بالإضافة إلى أن الأكسجين المضغوط يُحسّن مستويات السمع من خلال تثبيط الاستجابة الالتهابية للمرضى الذين يُعانون من فقدان السمع المفاجئ مجهول السبب.[6]

فعاليّة علاج فقدان السمع المفاجئ بالأكسجين المضغوط

أشارت عدّة دراسات إلى أنّ استخدام الأكسجين المضغوط يُسهم في علاج فقدان السمع المفاجئ خلال الأسابيع الأُولى، خصوصًا للمرضى اليافعين الذين لم يستجيبوا إلى علاج الستيرويدات القشرية،[7] ومن أبرز الدراسات في هذا الصدد

  • نشرت مجلة (JAMA Otolaryngol Head Neck Surg) عام 2022 دراسة سريرية أُجريت على البالغين فقط لإثبات فعالية استخدام الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ لوحده أو إلى جانب العلاجات الأُخرى، وقد تبيّن من خلالها أنّ استخدام الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ كان فعّالا إلى جانب العلاجات الأُخرى المُستخدمَة، وقد أظهرت النتائج تحسّنًا كبيرًا في السمع لدى المرضى.[8]

  • أشارت مجلة (Laryngoscope) في فبراير 2023 لأحد الدراسات السريرية التي أُجريت بهدف تحديد القواعد العلاجية والتسلسل الأمثل لتطبيقها عند استخدام العلاج بالأكسجين، إذ اُستخدمت تقنية الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ، وذلك من خلال استخدامه لعلاج 112 مريضًا مُصابين بفقدان السمع خضعوا إلى العلاج بالستيرويدات القشرية وتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، فخضعت المجموعة الأولى لجلسة أكسجين مضغوط بمقدار 2.5 ضغط جوي لمدة ساعة واحدة، والمجموعة الثانية لجلسة أكسجين مضغوط بمقدار 2.5 ضغط جوي لمدة ساعتين، والمجموعة الثالثة لجلسة أكسجين مضغوط بمقدار 1.5 ضغط جوي لمدة ساعة، وكان مجموع الجلسات لجميع المجموعات 10 جلسات، وبعد متابعة المرضى لمدة ثلاثة أشهر كانت نسبة الشفاء للمجموعة الأُولى حوالي 57.6%، والمجموعة الثانية 58.8%، والمجموعة الثالثة 31.3%، واستُدِل من خلالها على مقدار الضغط الأنسب للأكسجين المضغوط إلى جانب علاجات الستيرويدات القشرية لعلاج فقدان السمع المفاجئ.[9]

  • أُجريت دراسة سريرية نُشرت في مجلة (Journal of clinical otorhinolaryngology head and neck surgery) الصينية تهدف إلى كشف فعالية استخدام الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ، وكانت تتضمن 107 مريضًا مصابًا بفقدان السمع، إذ قُسِّموا إلى ثلاث مجموعات، وقد تلقّوا العلاج ضمن آلية مُعينة، وأُثبت من خلالها أنّ استخدام الأكسجين المضغوط إلى جانب العلاج الدوائي في علاج فقدان السمع المفاجئ أفضل من فعالية العلاج الدوائي لوحده.[10]

متى يُعطى الأكسجين المضغوط كعلاج لفقدان السمع المفاجئ؟

يُوصي الأطباء بالخضوع لتقنية العلاج بالأكسجين المضغوط ضمن علاجات فقدان السمع المفاجئ في أقرب وقت، تحديدًا خلال أول 48 ساعة من ظهور الأعراض، للحصول على نتائج إيجابية فعّالة.[11]

كيف يُستخدَم الأكسجين المضغوط كعلاج لفقدان السمع المفاجئ؟

يُستخدم الأكسجين المضغوط للمرضى المصابين بفقدان السمع المفاجئ بنسبة 100% تحت ضغط يُقارب مقداره (200 - 300) كيلو باسكال في حجراتٍ مُخصّصة مزودة بالأكسجين المضغوط، تستغرق الجلسة الواحدة 90 دقيقة، إذ يخضع المريض لجلسة أو جلستين يوميًا بحسب حاجته لمدة 10 أيام على الأقل، وذلك على وفقًا لِما ذُكِر في إحدى الدراسات النقديّة (Narrative study) لمجموعة من الدراسات السابقة.[5]

أجمعت عدّة دراسات على أن خضوع المريض المُصاب بفقدان السمع المفاجئ لعلاج الأكسجين المضغوط خلال أول 14 يوم من ظهور الأعراض له دورٌ كبير في تحسّن الأعراض وتعجيل الشفاء، خصوصًا للمرضى الذين لم يتجاوزوا الخمسين من عمرهم.[12][13]

ما أهمية الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ؟

تتلخّص أهمية الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ بقدرته على زيادة ضغط الأكسجين الجزئي، وتركيز الأكسجين في الأذن الداخلية، وتحسين تدفّق الدم في الأوعية الدموية.[14]

ما مخاطر استخدام الأكسجين المضغوط كعلاج لفقدان السمع المفاجئ؟

حقيقةً يُعدّ استخدام الأكسجين المضغوط آمنًا إلى حدٍ معين، إلا أنّه قد يؤثر في بعض أجزاء وتجاويف الجسم، مثل الأذن الوسطى والجيوب الأنفية، إذ قد يُسبّب إصابة الجيوب والأذن الداخلية بالرضح الضغطي (Barotrauma) أو التهاب الأذن الوسطى.[5]

موانع استخدام الأكسجين المضغوط في علاج فقدان السمع المفاجئ

تُستثى بعض الفئات المرضية من الخضوع لعلاج الأكسجين المضغوط:[15]

  • مرضى الاسترواح الصدري (Pneumothorax) غير المُعالج، إلّا بعد إجراء التنبيب الصدري لهم.
  • المرضى الذين يتناولون أدوية للأورام السرطانية، مثل بليومايسين (Bleomycin) وسيسبلاتين (Cisplatin)، إلا في حال عدم تناولها لفترة طويلة، ودواء دوكسوروبيسين (Doxorubicin)، إلا عند التوقف عن استخدامه.
  • مرضى الربو والانسداد الرئوي المزمن (COPD).
  • الأشخاص الذين يُعانون من رهاب الأماكن المغلقة.
  • مرضى كثرة كريات الحمر الخلقي (Congenital spherocytosis).
  • ضعف قناة استاكيوس.
  • الحمى.
  • المرضى الذين سبق خضوعهم لزراعة أجهزة تنظيم ضربات القلب (Pacemakers).
  • حالات الحمل.
  • نوبات الصرع.
  • التهاب الجهاز التنفسي العلوي.

فوائد الأكسجين المضغوط العلاجية الأُخرى

يُسهم استخدام الأكسجين المضغوط في علاج العديد من المشاكل المرَضية وذلك لاحتواء الحجرة على مقدار من الأكسجين المضغوط يُعادل مرتين ونصف ضغط الأكسجين الطبيعي الموجود في الهواء، وبالتالي يعود بعدة فوائد على الأنسجة، مثل التعافي من العدوى، وتقليل التورّم والوذمة، وتسريع شفاء جروح الأنسجة،[16] من أبرز الأمراض التي يُستخدم الأكسجين المضغوط فى علاجها:[16][17]

  • الانصمام الغازي (الانسداد الهوائي).
  • التهاب العظام والتهاب نخاع العظم.
  • الحروق.
  • التسمّم بأول أكسيد الكربون.
  • قضمة الصقيع.
  • بعض أنواع التهاب الدماغ والتهاب الجيوب الأنفية.
  • داء تخفيف الضغط (داء الغواص).
  • الغرغرينا الغازية.
  • الخرّاج الدماغي.
  • التهاب الأنسجة الرخوة الناخر.
  • قصور الشرايين.
كتابة: . خولة يونس - الإثنين ، 10 تموز 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

2.
Peter C Weber, MD, FACS. Sudden sensorineural hearing loss in adults: Evaluation and management,Apr 2023 . Retrieved from https://www.uptodate.com/contents/sudden-sensorineural-hearing-loss-in-adults-evaluation-and-management#!
3.
Murphy-Lavoie HM, Mutluoglu M. Hyperbaric Treatment Of Sensorineural Hearing Loss. 2023 Jan 9. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan–. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/29083835/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز