علاج المضاعفات الناجمة عن العلاج الإشعاعي بالأكسجين المضغوط

العلاج الإشعاعي من أكثر العلاجات شيوعًا لمُحاربة الأورام السرطانية في مختلف أنحاء العالم، وعلى الرغم من ذلك قد يُسبب مضاعفاتٍ طويلة الأمد، بما في ذلك نخر الأنسجة وتلفها، وخاصة في الحنجرة، والعظم، والجلد، والمثانة، وقد أظهرت الدراسات العلمية أن استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط يُعد خيارًا فعالًا ومهمًا للمرضى الذين يعانون من مضاعفات العلاج الإشعاعي، لا سيّما مع تزايد أعداد المُنشئات التي توفره في السنوات الأخيرة

بحلول عام 2030 يُتوقع وصول عدد مرضى السرطان حول العالم إلى ما يُقارب 26 مليون حالة جديدة، ويتلقّى ما نسبته 30-50 بالمئة من مرضى السرطان العلاج الإشعاعي كعلاجٍ أُحادي أو مترافقًا مع العلاج الكيماوي، ونظرًا لفعاليته بشفاء مرض السرطان بمُختلف أنواعه، أمسى إيجاد طرقٍ فعالة للتخلص من مُضاعفات العلاج الإشعاعي المزمنة حاجةً مُلحّة.[1]

ما هي مضاعفات العلاج الإشعاعي؟

تُصنّف مضاعفات العلاج الإشعاعي:[2][3]

  • المضاعفات الحادة وما دون الحادة التي تحصل مباشرة بعد التعرض للعلاج الإشعاعي، وغالبًا ما تتحسّن تلقائيًا دون الحاجة للتدخل الطبي.
  • المُضاعفات متأخرة الظهور؛ تظهر بعد انقضاء ستة أشهر إلى سنة من العلاج الإشعاعي، وقد تظهر هذه المضاعفات في أي جزءٍ من الجسم، وبالأخص منطقة العُنق والرقبة، أو الصدر، أو منطقة الحوض، وتتميز هذه المضاعفات بخطورتها، إذ تُهدّد حياة المريض وتُقلل من جودتها.

من فوائد العلاج بالأكسجين المضغوط المُساهمة بعلاج المضاعفات متأخرة الظهور الناجمة عن العلاج الإشعاعي، إذ يُسهم بتحسين نوعية الأنسجة، وتعزيز عملية الشفاء، ويمنع من تحلل الأنسجة التي تعرّضت للإشعاع،[3] فقد أظهرت إحدى الدراسات السريرية تحُسنًا ملحوظًا للأعراض التي يُعاني منها المرضى بنسبة 76.7%- 92.6%.[4]

علاج النخر العظمي إشعاعي المنشأ

النخر العظميّ إشعاعي المنشأ (Osteoradionecrosis) هو أحد المضاعفات الخطيرة التي قد يتعرض لها مرضى سرطان الرأس والعنق، ويُعرَّف بأنه تكشُّف للعظم في المنطقة المُعرضة للإشعاع دون شفائها لمدة تتراوح بين 3-6 شهور، وقد تؤدي لتشوهاتٍ في الوجه، وآلام، والتعرض للكسور في منطقة الفك، والنواسير الفموية (Orocutaneous fistulas)، وتُعد الإجراءات الوقائية خير علاج، لكن قد يلجأ الطبيب للجراحة في بعض الحالات.[5]

يسعى الفريق الطبي المُكوّن من جراح الوجه والفكين، وطبيب الأسنان، واختصاصي العلاج بالأكسجين المضغوط معًا لعلاج النخر العظمي، ويُعد العلاج بالأكسجين المضغوط جزءًا لا يتجزأ من الخطة العلاجية، إذ يتلقّى المريض 30 جلسة علاجية بالأكسجين المضغوط قبل إجراء عملية إزالة العظام المُصابة بالنخر، يليها 10 جلسات علاجية بعد إجراء العملية الجراحية.[6]

علاج النخر الجلدي

يهدف العلاج الإشعاعي إلى القضاء على الخلايا السرطانية، ولكن عند تعريض المنطقة المُراد علاجها للأشعة العلاجية فإنها لا تُميّز بين الخلايا السرطانية والخلايا الطبيعية، فتتضرر الخلايا والأنسجة السليمة مُسببةً بعض المشاكل الجلدية، كالنخر الجلدي (Skin Necrosis) الذي يُسبّب جروحًا جلدية مزمنة غير قابلة للشفاء، وتُشير المراجع العلمية - على الرغم من شُحّها- أنّ العلاج بالأكسجين المضغوط يُظهر نتائج واعدة لعلاج هذه المشكلة الصحية ويُقلل من الأعراض المُرافقة لها، ولا تزال هذه التقنية قيد الدراسة لتأكيد فاعليتها في علاج النخر الجلدي.[7]

علاج التهاب المثانة الإشعاعي

إحدى مضاعفات العلاج الإشعاعي لسرطان الحوض أو سرطان المثانة، هو التهاب المثانة الإشعاعي (Radiation Cystitis)، تُقسم الأعراض السريرية لالتهاب المثانة الإشعاعي إلى أعراضٍ حادة تظهر بسبب الاستجابة الالتهابية للجسم نتيجة التعرض للأشعة، والأعراض المُتأخرة التي تظهر بعد سنواتٍ من تلقّي العلاج نتيجة نقص التروية وتليف المثانة،[8] وعمومًا تشتمل أعراض التهاب المثانة الإشعاعي:[8]

  • كثرة التبول.
  • الحاجة المُلحة للتبول.
  • الألم عند التبول.
  • وجود الدم في البول (Hematuria).
  • سلس البول (Incontinence).
  • استسقاء الكلية (Hydronephrosis).
  • البيلة الغازية (Pneumaturia).
  • وجود البراز في البول.

تُحدّد الخطة العلاجية لالتهاب المثانة الإشعاعي بحسب شدّة المرض، إذ يمكن علاجه باستخدام بعض الأدوية كمُضادات الكولين (Anticholinergic Drugs)، أو بعض الإجراءات الطبية كإرواء المثانة (Bladder irrigation)، إضافةً لذلك فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة استخدام تقنية الأكسجين المضغوط في علاج التهاب المثانة الإشعاعي، إذ إنّه يُحسّن من الأعراض المذكورة آنفًا ويُوقف تطور المرض، وتشتمل آلية عمل الأكسجين المضغوط على زيادة عدد الأوردة الدموية في المثانة، الأمر الذي يزيد من التروية الدموية في المنطقة المُتضررة فيحميها من التلف ويحافظ على قدرتها الوظيفية.[9]

ففي دراسة علمية نُشرت في مجلة (International Journal of Urology) عام 2015 ميلادية بعنوان (Hyperbaric oxygen therapy for refractory radiation-induced hemorrhagic cystitis) ثبتت فعالية تقنية الأكسجين المضغوط في علاج التهاب المثانة الإشعاعي المترافق مع النزيف.[10]

علاج التهاب المُستقيم الإشعاعي

يُعرّف التهاب المستقيم الإشعاعي على أنّه التهاب للأغشية المُخاطية المُبطّنة للمستقيم، مُسببًا ظهور تقرحات وحدوث نزيف في المستقيم،[11][12] ويُصاب به مرضى سرطانات الحوض نتيجة التعرُض للعلاج الإشعاعي، كسرطان البروستات، وسرطان عنق الرحم، وسرطان الرحم، وسرطان الخصية، وسرطان المستقيم، وسرطان الغدد الليمفاوية، ويتراوح الضرر الناجم عن العلاج بالأشعة بين حادٍ (يزول تلقائيًا)، ومُزمن (يظهر في حال استمرار الأعراض الحادة لمدة تزيد عن 3 شهور).[11]

تُوصي الجمعية الأمريكية لجراحي القولون والمستقيم (The American Society of Colon and Rectal Surgeons) باستخدام الأكسجين المضغوط لعلاج التهاب القولون الإشعاعي الذي أُثبتت فعاليّته العديد من الدراسات والأبحاث السريرية، فمن فوائد العلاج بالأكسجين المضغوط تزويد الأنسجة المتضررة بالأكسجين، وتكوين أوعية دموية جديدة، ومكافحة العدوى.[13]

يحتاج المريض إلى 30-40 جلسة علاجية لضمان الحصول على نتائج مُرضية، ويخفّف العلاج بالأكسجين المضغوط الأعراض لدى 89% من المرضى المصابين بالتهاب القولون الإشعاعي، وتتلاشى الأعراض لمدة لا تقل عن 6 -12 شهرًا بعد العلاج، ويُستخدم كعلاجٍ مُساند للعلاجات الأُخرى المُتبعة لالتهاب المُستقيم، كحُقن السكرلفات الشرجية (Sucralfate enemas) والفورمالين.[12]

علاج نخر الحنجرة الإشعاعي

يُستخدَم العلاج الإشعاعي منذ أكثر من 20 عامًا في علاج المراحل الأُولى من سرطان الحنجرة، وعلى الرغم من ذلك فقد يُسبّب العلاج الإشعاعي مضاعفاتٍ أُخرى، كتورم الحنجرة، وتلف الجلد، ونخر غضاريف الحنجرة، وتتمثّل الأعراض التي يعاني منها المرضى بعُسر الهضم، وخشونة الصوت، وانسداد مجرى الهواء، وتبدأ الأعراض بالظهور بعد مرور عامٍ على العلاج الإشعاعي، وتُظهر المراجع العلمية تسجيل بعض حالات نخر الحنجرة الإشعاعي (Laryngeal radionecrosis) حتى 50 عامًا من تلقّي العلاج الإشعاعي.[14]

يشمل علاج نخر الحنجرة الإشعاعي؛ استنشاق البخار، النظام الغذائي المتوازن، استخدام المُضادات الحيوية، والأدوية الستيرويدية، وأدوية بروستاغلاندين (Prostaglandins)، وفي حال فشل العلاجات الأولية يلجأ الطبيب لخياراتٍ علاجية أُخرى، كالتدخل الجراحي والعلاج بالأكسجين المضغوط، ويُعد العلاج بالأكسجين المضغوط علاجًا مساعدًا وفعالًا لعلاج مثل هذه المضاعفات وخاصةً مع توفر المَرافق التي تُقدم هذه الخدمة.[15]

كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الإثنين ، 12 حزيران 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Majeed H, Gupta V.. Adverse Effects Of Radiation Therapy. [Updated 2022 Sep 14]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-.. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK563259/
2.
Emi Latham, MD. Hyperbaric Oxygen Therapy, Nov 16, 2020.. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1464149-overview#a10
3.
Bennett MH, Feldmeier J, Hampson NB, Smee R, Milross C.. Hyperbaric oxygen therapy for late radiation tissue injury. Cochrane Database Syst Rev. 2016 Apr 28;4(4):CD005005.. Retrieved from https://doi.org/10.1002%2F14651858.CD005005.pub4

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز