علاج العدوى والقدم السكري بالأكسجين المضغوط

يُعد العلاج بالأكسجين المضغوط من العلاجات الفعالة لعلاج القدم السكري والعدوى، والذي يتضمن تعريض المصاب بالقدم السكري لجرعات عالية من الأكسجين في غرفٍ خاصة يتراوح الضغط فيها بين 2-3 أضعاف الضغط الجوي الطبيعي، وتتميز تقنية الأكسجين المضغوط بقدرتها على تحسين تدفق الدم والأكسجين إلى الأنسجة المتضررة في القدم، الأمر الذي يُساعد في تعزيز فرص الشفاء وتحسين وظائف الأنسجة.

تُعد المضاعفات التي تُصيب القدم شائعة بين مرضى السكري؛ ومن بين المضاعفات الأكثر خطورة تقرحات القدم السكري (Diabetic Foot Ulcers) التي قد تتفاقم إذا ما أُصيبت بالعدوى، ممّا يزيد من سوء الحالة ويؤثر في سلامة الأنسجة العميقة للقدم، وفي حال لم يتلقَ المريض العلاج المناسب عاجلًا، فقد تصبح غير قابلة للشفاء أو قد تُصاب بالغرغرينا ممّا قد يستدعي بتر القدم.[1]

أُجريت دراسات عديدة حول استخدام الأكسجين المضغوط (Hyperbaric oxygen therapy) في علاج القدم السكري ومضاعفاتها، وأشارت العديد من الدراسات أنّ استخدام تقنية الأكسجين المضغوط قد يُعزز التئام الجروح، ويزيد من التروية الدموية الدقيقة للقدم، ويُقلل احتمالية بترها.[2]

ما هو مرض القدم السكري؟

يُشير مصطلح القدم السكري (Diabetic Foot) إلى المشكلات المَرضية التي تؤثر في القدم لدى المرضى المصابين بمرض السكري كتقرحات القدم، أو بتر القدم، أو الإصابة بالعدوى.[3]

تُعرّف تقرحات القدم (Foot Ulcers) على أنها الآفات التي تُصيب القدم وتشمل الطبقات الخارجية من الجلد، وقد تتطور لتصل إلى الأنسجة العميقة من الجلد، أو العضلات، أو العظم، وتحدث العدوى نتيجة وجود هذه التقرحات، ومن أهم أسباب حدوث تقرحات القدم لمرضى السكري؛ الاعتلالات العصبية ومرض الشرايين المُحيطية (Peripheral Arterial Disease).[3]

أمّا الاعتلالات العصبية (Diabetic Neuropathy) فهي إحدى مُضاعفات مرض السكري التي تُصيب ما نسبته 20% من المرضى، وسببها تلف الألياف العصبية في مختلف أنحاء الجسم، وتشمل أعراضه الشعور بالخدر أو التنميل وفقدان القدرة على الإحساس بالألم وخاصة في الأطراف السفلية، الأمر الذي يُسبب مضاعفات عديدة منها تقرحات القدم، لذا ينصح مقدمو الرعاية الصحية مرضى السكري بتفقد القدم يوميًا للتأكد من عدم وجود جروح أو بثور أو أي أعراض أُخرى غير طبيعية، كما يجب المحافظة على نظافة القدم بغسلها بالماء والصابون بلطف، والمُحافظة على ترطيبها.[4]

كما يُسبب نقص التروية الدموية للأطراف الناجمة عن مرض الشرايين المُحيطية لدى مرضى السكري عامل خطورة للإصابة بتقرحات القدم، ويرتبط مرض الشرايين المُحيطية بنتائج سلبية بما يخص سير المرض، كانخفاض معدلات التئام الجروح، وزيادة خطر بتر الأطراف السفلية، وخطر الموت المُبكر نتيجة التداعيات القلبية.[5]

دور العلاج بالأكسجين المضغوط في تسريع شفاء جروح القدم

يُعاني مرضى السُكري من صعوبة التئام الجروح والتعافي التام منها وخاصةً تلك التي تُصيب القدم، مما يُسبّب تقرّحها، وفي دراسة سريرية نُشرت في مجلة (The International Journal of Lower Extremity Wounds) عام 2019 م أُجريت مقارنة بين علاج تقرحات القدم بالطرق التقليدية على حدة (كالسيطرة على مستوى سكر الدم، وإزالة الأجزاء المتضررة من التقرحات (Ulcer debridement)، واستخدام الضمادات، وتقليل الضغط على القدم)، والعلاج بالأكسجين المضغوط بالتزامن مع الطرق التقليدية، فظهرت نتائج مُبشّرة في علاج تقرحات القدم عند إضافة العلاج بالأكسجين المضغوط للطرق التقليدية، إذ كان معدل انخفاض التقرحات ملحوظًا، وارتفعت نسبة التعافي التام من التقرحات.[6]

ترجع فعالية العلاج بالأكسجين المضغوط إلى قدرته على تزويد الخلايا والأنسجة المُصابة بكمية كافية من الأكسجين اللازم للتعافي، إذ إنّ تعريض المريض لأكسجين نقي بنسبة 100% في حجرات توفر ضغط عالٍ (أعلى من الضغط الجوي بثلاثة أضعاف) يُسبب تغيرات فيسيولوجية في الجسم تُساعد على تسريع التئام الجروح المزمنة.[7]

دور العلاج بالأكسجين المضغوط في مكافحة العدوى

يتعرض مريض السُكري للعدوى في القدم نتيجة حدوث التقرحات، وتُسبب بكتيريا المُكورات العنقودية (Staphylococcus)، وبكتيريا المُكورات العُقدية (Streptococci)، والبكتيريا الزائفة (Pseudomonas) العدوى في القدم السكري، ولأن مرض السكري يُثبط قدرة الجسم على مقاومة العدوى البكتيرية بالإضافة لسوء التغذية التي يُعاني منها مريض السكري، فإن علاج العدوى يُشكّل تحديًا للفريق الطبي.[8]

يُسبّب نقص الأكسجين في الأنسجة خللًا في وظائف خلايا الجسم، فمثلًا تفقد الخلايا المسؤولة عن الدفاع عن الجسم كخلايا العدلات (Neutrophils)، والخلايا البلعمية (Macrophages) قدرتها على محاربة الجراثيم المُمرضة، فيُساعد العلاج بالأكسجين المضغوط على إمداد خلايا الجهاز المناعي بالأكسجين الضروري لأداء وظائفها الطبيعية كمحاربة العدوى، بالإضافة لذلك فإن الأكسجين بحد ذاته يُسبب موت البكتيريا اللاهوائية مباشرة، إذا ما زادت نسبته في الأنسجة المُتضررة.[9]

دور العلاج بالأكسجين المضغوط في زيادة التروية للأطراف

كما ذُكر سابقًا فإنّ الإصابة بتقرحات القدم قد يسببها مرض الشرايين المحيطية (Peripheral Artery Disease) الذي يُؤدي إلى انخفاض في تروية الأطراف السفلية، وتزيد احتمالية الإصابة به إلى الضعف لدى مرضى السكري، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإصابة بتقرحات القدم نتيجة نقص التروية تُعد مشكلة طبية طارئة، لصعوبة شفائها، وارتفاع احتمالية اللجوء لبتر الأطراف لعلاجها.[10]

وتُشير نتائج بعض الدراسات السريرية الحديثة لفعالية العلاج بالأكسجين المضغوط في علاج تقرحات القدم الناتجة عن نقص التروية الدموية إلى قدرته على تقليل تلف الأنسجة وتقليص حجم القرحة في القدم، الأمر الذي يمنع حدوث مُضاعفاتٍ مستقبلية، كالتهابات الأنسجة اللينة أو التهاب العظم، مما يُسهّل التئام الجروح.[11]

وعلى صعيدٍ آخر، فقد ظهرت نتائج مُغايرة، إذ نُشرت دراسة سريرية في عام 2018 م في مجلة (Diabetes Care) بعنوان (Hyperbaric Oxygen Therapy in the Treatment of Ischemic Lower-Extremity Ulcers in Patients With Diabetes: Results of the DAMO2CLES Multicenter Randomized Clinical Trial) توصّل الباحثون من خلالها لنتيجة مفادها أنّ العلاج بالأكسجين المضغوط لا يُعد ذا فاعلية في علاج تقرحات القدم لدى مرضى السُكري الذين يُعانون من أمراض نقص التروية.[12]

مضاعفات العلاج بالأكسجين المضغوط

يُعد العلاج بالأكسجين المضغوط آمنًا نسبيًا لعلاج العديد من المشكلات الصحية، وقد تنجُم بعض المضاعفات بعد التعرض للضغط الكبير أو بسبب تلقي كمية كبيرة من الأكسجين النقي،[13] وتشمل مضاعفات العلاج بالأكسجين عالي الضغط:[13][14]

  • رضخ الأذن الوسطى الضغطي (Middle Ear Barotrauma)، ويُقصد به الضرر الناتج عن اختلاف الضغط في الأذن الوسطى وضغط الهواء في البيئة المُحيطة، وتتراوح أعراضه ما بين بسيطة إلى حدوث تمزق طبلة الأذن.
  • رضخ الجيوب الضغطي (Sinus barotrauma)، ويحدث نتيجة انحباس الهواء في الجيوب الأنفية مُسببًا ألمًا وانتفاخًا في الجيوب.
  • ألم في الأسنان.
  • أضرار في الرئتين؛ كانتفاخ الرئتين أو حدوث نزيف في الرئة، وعلى الرغم من ندرتها إلا أنّها تُعد خطيرة.
  • نوبات صرع؛ نتيجة تغير في النشاط الكهربائي للدماغ.
  • قصر النظر.
كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الإثنين ، 19 حزيران 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Armstrong DG, Lipsky BA. Diabetic foot infections: stepwise medical and surgical management. Int Wound J. 2004 Jun;1(2):123-32. Retrieved from https://doi.org/10.1111%2Fj.1742-4801.2004.00035.x
2.
Wang A, Lv G, Cheng X, Ma X, Wang W, Gui J, Hu J, Lu M, Chu G, Chen J, Zhang H, Jiang Y, Chen Y, Yang W, Jiang L, Geng H, Zheng R, Li Y, Feng W, Johnson B, Wang W, Zhu D, Hu Y. Guidelines on multidisciplinary approaches for the prevention and management of diabetic foot disease (2020 edition). Burns Trauma. 2020 Jul 6;8:tkaa017. Retrieved from https://doi.org/10.1093%2Fburnst%2Ftkaa017
3.
Boulton AJM, Whitehouse RW. The Diabetic Foot. [Updated 2020 Mar 15]. In: Feingold KR, Anawalt B, Blackman MR, et al., editors. Endotext [Internet]. South Dartmouth (MA): MDText.com, Inc.; 2000-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK409609/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز