علاج التهاب العظم بالأكسجين المضغوط

يُعدّ العلاج بالأكسجين المضغوط من التقنيات الحديثة التي تُستخدم كأحد الخيارات العلاجية لالتهاب العظم، فعند استنشاق الأكسجين المضغوط بمقدار ضغط يُعادل 2.8 ضغط جوي يرتفع مستوى ضغط الأكسجين الجزئي الناتج عن تشبُّع الشعيرات الوريدية الدموية بالأكسجين في الأنسجة المُصابة، ممّا يُسهم في القضاء على الكائنات الحية الدقيقة المُسبّبة للالتهابات في النسيج أو العظم.

يُعرّف التهاب العظم (Bone infection) الذي يُشار إليه طبيًا بمصطلح التهاب العظام ونخاع العظم (Osteomyelitis) على أنّه التهاب يُصيب العظام ونخاع العظم بسبب بعض أنواع البكتيريا أو الفطريات التي قد تنتقل أثناء العمليات الجراحية، أو الجروح المفتوحة المُعرّضة للملوّثات، أو التعرّض لِرضوض، أو نقصٍ في التروية الدموية وغيرها من الأسباب.[1][2]

يتضمن التهاب العظم نوعين، هُما الحاد والمزمن، وغالبًا ما يلجأ الأطباء لعلاج كِلا النوعين بالمضادات الحيوية أو باستئصال النسيج المُتضرّر جراحيًا،[1] وقد ظهرت في الآونة الأخيرة تقنيات جديدة لعلاج التهاب العظم، مثل الأكسجين المضغوط،[3] فما هي فوائد الأكسجين المضغوط؟ وما مدى فعاليته في علاج التهاب العظم؟

هل يُفيد علاج التهاب العظم بالأكسجين المضغوط؟

يتميّز الأكسجين المضغوط (Hyperbaric oxygen) عن الأكسجين الطبيعي الموجود في الهواء بأنّ مقدار ضغطه أعلى، فعند استنشاق الأكسجين المضغوط بمقدار ضغط يُعادل 2.8 ضغط جوي يزداد تشبُّع الأوردة الدموية الدقيقة بالأكسجين، ممّا يزيد من ضغطه الجزئي،[4] ويُسهم ارتفاع مستوى الأكسجين الجزئي في الأنسجة المُصابة في القضاء على الكائنات الحية الدقيقة المُسبّبة للالتهاب في النسيج أو العظم، كما أنّه يُنشِّط الخلايا الليفية اليافعة (Fibroblast) التي تُعزّز التئام الأنسجة والجروح وتكوين الأوعية الدموية، لذا يمكن أن يكون الأكسجين المضغوط مفيدًا في علاج التهاب العظم، وقد استُخدم سابقًا في جامعة تكساس الطبية (University of Texas Medical) إلى جانب المضادات الحيوية للقضاء على البكتيريا الزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa).[5]

فعالية الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم

أُجريت العديد من الأبحاث والدراسات السريرية التي حاول الباحثون من خلالها إثبات فعاليّة استخدام الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم، من أبرزها:

  • نشرت مجلة تشانغ جونج ميد جي (Chang Gung Med J) الصينية عام 2003 دراسة سريرية للكشف عن فعالية استخدام الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم المزمن المُقاوم للعلاج، تضمنت الدراسة 14 مريضًا مصابًا بالتهاب عظم الساق المُصنّف من النوع الثالث والرابع، وخضع جميع المرضى إلى علاج الأكسجين المضغوط بمقدار ضغط يُقدّر بـ 2.5 ضغط جوي لساعتين يوميًا ولمدة خمسة أيام في الأسبوع، إلى جانب العلاج بالمضادات الحيوية، وبعد متابعة امتدت 15 شهرًا تبيّن أن العلاج بالأكسجين المضغوط كان فعالًا وآمنًا في علاج التهاب العظم المزمن ودون تكرار العدوى، وقُدّرت نسبة نجاح علاج المرضى بالأكسجين المضغوط خلال الدراسة بما يُقارب 79%.[6]
  • أشارت مجلة طب العظام (Orthopedics) عام 2018 إلى عدّة دراسات سريرية استُخدم خلالها الأكسجين المضغوط كعلاج لالتهاب العظم المزمن لِما يُقارب 460 مريض سبق خضوعهم للعلاج الجراحي والمضادات الحيوية، وكانت نتائج علاج الأكسجين المضغوط فعالة لدى 308 مريض من أصل 419 بنسبة 73.5%، وهذا يدعم فائدة استخدام الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم.[7]

كيف يُسهم الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم؟

يُسهم الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم من خلال تنفّس الأكسجين بنسبة 100% تحت تأثير مقدار عالي من الضغط بما يُتيح تحسين معدل تكوين الأوعية الدموية الجديدة، إضافةلامتلاكه خصائص مضادة للكائنات المُمرضة، والمساعدة على التئام الأنسجة المُصابة بنقص التروية وتعزيز شفائها.[8]

متى استخدم الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم لأول مرة؟

اُستخدمت تقنية الأكسجين المضغوط لأول مرة في علاج نخاع العظم عام 1965 ميلادي، وذلك لِما لها من خصائص مضادة لنمو البكتيريا، وقدرتها في زيادة التروية الدموية في الأنسجة.[9]

طريقة استخدام الأكسجين المضغوط لعلاج التهاب العظم

يُوصى البدء بتلقّي علاج الأكسجين المضغوط خلال أول 90 يوم من تشخيص الإصابة بالتهاب العظم المزمن، وذلك لانخفاض فعاليّة العلاج بعد انقضاء هذه المدة،[9] تتضمن الدورة النموذجية العلاجية للأكسجين المضغوط من 20 إلى 60 جلسة، تستغرق الجلسة الواحدة 90 دقيقة وتُقسّم ضمن خمس جلسات في الأسبوع.[10]

كما قد يُقّر الطبيب البدء باستخدام تقنية الأكسجين المضغوط لعلاج التهاب العظم عند فشل جميع التدخلات الدوائية أو الجراحية، ليُعزز الأكسجين المضغوط من اختراق بعض المضادات الحيوية للعظم، مثل السيفالوسبورينات (Cephalosporins)، وأمينوغليكوزيد (Aminoglycosides) إلى جانب تحفيز تكوّن العظام من جديد، بالإضافة إلى أنّ العظام المُصابة بالالتهاب تحتوي على نسبة منخفضة من الأكسجين فيُساهم الأكسجين المضغوط بإعادة مستويات الأكسجين إلى مستواها الطبيعي.[11]

مخاطر الأكسجين المضغوط في علاج التهاب العظم

يُعد علاج الأكسجين المضغوط آمنًا إلى حدٍ ما، إلا أنّه من الممكن أن يُصاحبه بعض الآثار الجانبية التي قد يُصاب بها المريض أثناء جلسات العلاج، ومن أبرزها:[12]

  • رُهاب الأماكن المغلقة، وذلك تحديدًا عند استخدام الحجرة الأُحادية.
  • الرضح الضغطي (Barotrauma)، الذي ينجم عن تأثير الضغط العالي في تجاويف الجسم ويُسبّب فيها الألم، مثل الأذنين، والجيوب الأنفية، والأسنان، والأمعاء، أمّا تأثير الرضح الضغطي على الرئتين فيؤدي إلى تشنّج القصبات، والسعال الشديد، وتمزّق الحويصلات الهوائية.
  • تسمم الأكسجين.
  • مضاعفات في العين، مثل قصر النظر، واعتلال الشبكيّة الخداجي (Retinopathy of prematurity).

الجدير بالذكر أنّ المرضى الذين لديهم أجهزة طبية مزروعة داخل الجسم، كأجهزة تنظيم ضربات القلب، أو العين الاصطناعية، أو الثدي الاصطناعي، لا يمكنهم الخصوع لعلاج الأكسجين المضغوط إطلاقًا.[12]

طرق علاج التهاب العظم الّمتعارف عليها طبيًا

يهدف علاج التهاب العظم إلى التخلّص من العدوى قبل إلحاق الضرر في العظم والأنسجة المحيطة،[13] ويوجد نوعان أساسيان من العلاج:[13][14]

  • المضادات الحيوية:

غالبًا ما يخضع المريض المُصاب بالتهاب العظم للعلاج بالمضادات الحيوية لفتراتٍ طويلة، أي ما يُقارب 4 إلى 6 أسابيع كحدٍ أدنى، والتي يمكن خلالها تناول عدة أنواع من المضادات الحيوية، منها ما يُؤخذ عن طريق الفم ومنها ما يُحقن في الوريد، تُعطى هذه المضادات الحيوية بناءً على نتائج فحص الزراعة والحساسية (Culture and Sensitivity)، وقد يصف الطبيب أحد المضادات الحيوية ذات الطيف الواسع، مثل الفانكوميسين (Vancomycin)، أو سيفترياكسون (Ceftriaxone)، أو بيبيراسيلين (Piperacillin) عند تعذر إجراء فحص الحساسية أو تأخر صدور نتيجة الفحص.

  • العلاج الجراحي:

يلجأ الطبيب إلى الخيار الجراحي في حال فشل علاج الالتهاب باستخدام المضادات الحيوية واستمرار ظهور أعراض العدوى، وذلك لأن المُضادات الحيوية يصعب عليها اختراق الأنسجة والعظام المصابة، وقد تتضمّن الخيارات الجراحية المطروحة الإنضار الجراحي (Surgical debridement) الذي يُزيل من خلاله الطبيب المُختص أنسجة العظام الميتة، أو الصفائح المعدنية في حال وجودها بالقرب من مكان العدوى، كما أن التهاب العظم الناتج عن استبدال أحد المفاصل يستدعي أيضًا إجراءً جراحيًا لإزالة المفصل.

كتابة: . خولة يونس - الأربعاء ، 05 تموز 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب
آخر تعديل - الخميس ، 06 تموز 2023

المراجع

1.
Mouzopoulos G, Kanakaris NK, Kontakis G, Obakponovwe O, Townsend R, Giannoudis PV. Management of bone infections in adults: the surgeon's and microbiologist's perspectives. Injury. 2011 Dec;42 Suppl 5:S18-23. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/22196905/
3.
msdmanuals. Disorders Treated With Hyperbaric Oxygen Therapy. Retrieved from https://www.msdmanuals.com/en-kr/home/multimedia/table/disorders-treated-with-hyperbaric-oxygen-therapy

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز